كتب: محمد بركات
استهدفت العقوبات الأوروبية إيران بزعم تزويدها روسيا بصواريخ وأسلحة تستخدم في الحرب الأوكرانية. ومع ذلك، فقد أضافت تصريحات رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، بُعدا جديدا لهذا الملف الحساس، مما استدعى ردود فعل رسمية من إيران، حيث استغل وزير خارجيتها، عباس عراقجي، هذه التصريحات للضغط على الاتحاد الأوروبي ودعوته إلى رفع العقوبات المفروضة.
خلفية العقوبات الأوروبية على إيران:
في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، أعربت دول الترويكا الأوروبية، فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، في بيان مشترك نشرته وزارة الخارجية الألمانية، عن إدانتها الشديدة لما وصفته بتصدير الصواريخ الباليستية الإيرانية بواسطة روسيا، واعتبرت الدول الثلاث أن هذه الخطوة تمثل تعزيزا للدعم العسكري الإيراني للحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا على حد تعبيرها، مما قد يؤدي إلى وصول الصواريخ الإيرانية إلى الأراضي الأوروبية، ويساهم في زيادة معاناة الشعب الأوكراني، وذلك وفقا لتقرير صحيفة مردم سالاري الصادر في 10 سبتمبر/أيلول.
ووفقا للتقرير، فقد وصفت الدول الأوروبية الثلاث التعاون العسكري المزعوم بين إيران وروسيا بأنه تهديد مباشر لأمن أوروبا، واستنادا إلى هذا التهديد، فقد أقرت حزمة جديدة من العقوبات على إيران. وجاء في البيان الذي نشرته: “سنقوم باتخاذ إجراءات فورية لإلغاء الاتفاقيات الثنائية الخاصة بخدمات الطيران مع إيران. إضافة إلى ذلك، سنفرض عقوبات على الأفراد البارزين المرتبطين بالبرنامج الصاروخي الإيراني، وأولئك الذين لهم دور في نقل الأسلحة إلى روسيا”. وأضاف البيان أن الترويكا تعمل كذلك على فرض عقوبات ضد شركة الطيران الإيرانية “إيران إير”. وفي ختام البيان، طالبت الدول الأوروبية إيران بالتوقف الفوري عن دعمها لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، ووقف تطوير ونقل صواريخها الباليستية.
حينها صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قائلا: “إن الإجراء الذي اتخذته الدول الأوروبية الثلاث استمرار لسياسة الغرب العدائية وأعمال الإرهاب الاقتصادي ضد الشعب الإيراني، وسيواجه إجراء مماثلا ومتناسبا من قبل إيران”، وذلك وفقا لتقرير موقع خبر أونلاين بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول.
ووفقا للتقرير، فقد أكد كنعاني موقف إيران الواضح والمعلن في ما يتعلق بالنزاع في أوكرانيا، قائلا: “مثلما تم تأكيده من قبل، فإن أي ادعاء بأن جمهورية إيران قد باعت صواريخ باليستية إلى الاتحاد الروسي كاذب ولا أساس له من الصحة إطلاقا”، موضحا أن “أمريكا والدول الأوروبية الثلاث هي المصدر الرئيسي للسلاح للكيان الصهيوني، وهم شركاء في المجازر الواسعة والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، وعليهم أن يتحملوا مسؤولية سياساتهم الخاطئة”.
بعدها، وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على 14 فردا وكيانا إيرانيا، منها ثلاث شركات طيران هي “إيران إير”، “ماهان”، و”ساها”، متهمين إيران مرة أخرى بتوريد طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية إلى روسيا، وقد استهدفت هذه العقوبات التي صادق عليها مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الأفراد والكيانات المرتبطين ببرنامج الدفاع الصاروخي الإيراني، من بينهم نائب وزير الدفاع الإيراني، سيد حمزة غلاندري، وممثلون من الحرس الثوري الإيران، وذلك وفقا لتقرير وكالة مهر بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول.
ووفقا للتقرير، فقد جاء في بيان الاتحاد الأوروبي أن العقوبات تشمل 7 كيانات و7 أفراد شاركوا في دعم البرنامج الدفاعي الإيراني. تشمل هذه الكيانات شركات تُعنى بنقل وتوريد الطائرات المسيّرة الإيرانية إلى روسيا عبر شبكات خارجية، إضافة إلى شركتين تعملان في إنتاج المحركات المستخدمة في الصواريخ.
وللمرة الثانية، تخرج الخارجية الإيرانية وتدين تلك العقوبات، الأمر الذي عبرت عنه تلك المرة عن طريق استدعاء سفير المجر، فقد صرح تخت روانجي، مستشار وزارة الخارجية، خلال الجلسة عن اعتراض إيران الشديد على القرار الأخير للاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جديدة. وأكد أن اللجوء إلى وسائل غير قانونية وإجراءات قسرية مثل العقوبات ضد إيران أمر غير مقبول إطلاقا، وأن هذه الأساليب لن تؤدي إلى أي نتائج.
كما خرج إسماعيل بقائي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، وصرح بأن “موقف إيران بشأن النزاع الأوكراني واضح ومبدئي، حيث إنها منذ بداية النزاع أعربت عن رفضها للحرب وأكدت ضرورة احترام جميع الدول للسيادة الوطنية وسلامة الأراضي لبعضها البعض. كما دعت إيران إلى حل دبلوماسي للنزاع بين روسيا وأوكرانيا. ومع ذلك، اتهمت بعض الدول الأوروبية والمملكة المتحدة إيران بالتدخل العسكري في هذا النزاع دون تقديم أي دليل موثق على ذلك، وهو ما تعتبره إيران اتهاما لا أساس له من الصحة”، وذلك وفقا لتقرير موقع دنياي اقتصاد بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول.
ووفقا للتقرير، فقد صرح ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، نافيا تلك الادعاءات: “إننا نسمع العديد من التكهنات حول تسليم بعض الأسلحة إلى الاتحاد الروسي، ولكن جميع هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة”.
تصريحات زيلينسكي حول الصواريخ الإيرانية:
في تصريح غير متوقع، صرح فلاديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، في مؤتمر صحفي مشترك ضمن قمة أوكرانيا والدول الاسكندنافية، بأن إيران وروسيا أجرتا محادثات جدية حول نقل الصواريخ، لكن وفقا لمعلوماتنا، لم تقم إيران حتى الآن بتزويد روسيا بأية صواريخ، وذلك عكس الادعاءات الأوروبية”، وذلك وفقا لموقع تابناك بتاريخ 4 نوفمبر/تشرين الثاني.
وحسب التقرير، فإن الرئيس الأوكراني قد كرر الادعاء أكثر من مرة بشأن إرسال إيران طائرات مسيرة إلى روسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا، وأشار إلى أن إيران قد أصدرت أيضا تراخيص لصناعة هذه الطائرات في روسيا.
رد فعل عراقجي بعد التصريحات:
استغل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تصريحات زيلينسكي، وقام بنشر الفيديو الذي يقول فيه الأخير تلك التصريحات، وعلق قائلا: “استهدف الاتحاد الأوروبي مؤخرا الإيرانيين العاديين والمسافرين الآخرين بحظر شركات الطيران الخاصة بنا من أوروبا. وقد فعل ذلك بناء على الادعاء الكاذب وغير المبرر بأن إيران قد سلمت صواريخ باليستية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا. الآن، حتى الرئيس زيلينسكي نفسه صرح بشكل صريح، بأنه لم يتم تسليم أي صواريخ إيرانية إلى روسيا. لقد حان الوقت للاتحاد الأوروبي لإنهاء هذه المهزلة. استهداف الإيرانيين العاديين بناء على ادعاءات فارغة أمر غير أخلاقي وخطأ بحت. يجب أن يتم التراجع عنه فورا”.