ترجمة: شروق السيد
على الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على توليه منصب عمدة طهران، يواجه علي رضا زاكاني تحديات كبيرة في تحقيق الوعود التي وعد بها المواطنين، من تطوير البنية التحتية إلى تحسين الخدمات العامة، لا تزال العديد من المشاريع الكبرى متعثرة، في هذا التقرير، سلطت الصحيفة الإيرانية “هم ميهن” الضوء على فشل زاكاني في تحقيق إنجازات ملموسة، بالإضافة إلى تأثير ذلك على علاقاته مع أعضاء مجلس المدينة والطبقة السياسية في إيران، مما يضعه في موقف صعب في ظل التوترات السياسية الحالية.
كتبت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية: على الرغم من أن وكالة الأنباء تسنيم الأصولية استنتجت من خلال التحيات والمصافحات في نهاية جلسة أمس بين عمدة طهران وأعضاء مجلس المدينة أن المستجوبين قد تم إقناعهم، إلا أن تصريحات جعفر تشكري هاشمي، رئيس لجنة العمران والنقل، الذي طرح الأسئلة الرئيسية، لا تؤكد هذا الادعاء أبدًا؛ لأنه قال بوضوح إن السيد زاكاني لم يجب على العديد من الأسئلة أو لم يقدم إجابات واضحة، ولا يزال هناك غموض، لكنه لم يوضح كيف سيقوم بمتابعتها وأحال الأمر إلى رئيس المجلس.
أما عن سبب التحيات في نهاية الجلسة، والتي استندت إليها الادعاءات بشأن إقناع المستجوبين، فقد أوضح السيد تشكري أن “كنا نريد أن نقول إننا ليس لدينا مشكلة شخصية، ولكننا نقف على حقوق المواطنين ولن نتراجع.”
وبالنظر إلى أن عدد الأعضاء المنتقدين لزاكاني في المجلس ليس كبيرًا بما يكفي لإقالته، بالإضافة إلى أن مهدي تشمران، رئيس المجلس، ليس فقط غير موافق على الإقالة، بل يدعم العمدة عمليًا، ومع بقاء أقل من عام في عمر المجلس الحالي، من غير المرجح أن تصل الأمور إلى الإقالة، ولكن المراقبين يقرون أن انتخابات الرئاسة في يوليو وضعت عليرضا زاكاني في موقف صعب.
وتابعت الصحيفة: تصرفاته المزعجة بالفعل في المناظرات مع وعوده الفارغة والمزاعم بالبقاء حتى نهاية الانتخابات وادعائه بعدم كونه غطاء، ولكن تراجعه المفاجئ بأسلوب غير متوقع من شخص في منصب عمدة طهران كانت واضحة، وبعد الانتخابات لم يتخذ خطوة فعالة لتصحيح هذا المسار، ولهذا يبدو أن بعض أعضاء مجلس مدينة طهران قرروا على الأقل عدم ربط سمعتهم به.
وأضافت: ما يثير الدهشة في القصة هو أن تولي منصب عمدة طهران لم يعزز فقط مكانة أو شعبية أو سمعة عليرضا زاكاني في العلاقات السياسية والعمليات داخل السلطة، بل بالعكس أدى إلى تراجع هذه المكانة في الرأي العام، كما أن وسائل الإعلام التابعة لبلدية طهران لم تساعد في إصلاح ذلك، بل على العكس ساهمت في المزيد من التدمير، حتى أن هذه الوسائل خرجت من نطاق الإعلام المهني وتحولت إلى منشورات يتم تمويلها من خلال عوائد ضرائب الناس.
وتابعت هذه الصحيفة الإيرانية قائلة: وبالنظر إلى أن عليرضا زاكاني الذي دخل انتخابات 2021 كمنافس للراحل إبراهيم رئيسي، ثم تولى منصب عمدة طهران بعد انسحابه لصالحه، يظل محل تساؤل، خصوصًا بعد أن كان قد تم ترشيحه مرارًا كمرشح عن مدينة قم وعضو في البرلمان، وكانت دراسته الجامعية أقل ارتباطًا بالشؤون الحضرية، بالإضافة إلى تعييناته المثيرة للتساؤلات.
وأضافت: مع ذلك، كان العصر عصر التطهير، وفي غياب أغلب الناس في انتخابات 2021 التي شملت الرئاسة ومجلس المدينة، كما هو الحال مع وصول الحكومة إلى أيدي الأصوليين الراديكاليين، كان تشكيل أغلبية المجلس كذلك، وكان نتيجة هذا الاتجاه انتخاب عليرضا زاكاني عمدة لطهران، والذي كان من الواضح أنه يعد نفسه للترشح للرئاسة في 2024، ولكن مع حادثة المروحية في ورزقان، اضطر بشكل غير متوقع للقيام بذلك قبل عام، وبعد إقالة جميع أعضاء حكومة الراحل رئيسي باستثناء قاضي زاده هاشمي، ترشح كخلف لراحل رئيسي، وكان يذكر “رئيسي العزيز” و”الشهيد رئيسي” في مناظراته باستمرار، لكنه كرر نفس الكلام والتصرفات التي أظهرها في عام 2021، مع الاختلاف أن الحكومة كانت وقتها حكومة روحاني وهو كان عضوًا في البرلمان، بينما بقي عبد الناصر همتي في ساحة المنافسة ممثلًا عن حكومة روحاني.
وتابعت: لكن الآن، مر ثلاث سنوات على انتهاء حكومة روحاني، ولم يعد من المناسب الهجوم عليها، بينما في فترة حكومة الراحل رئيسي كان يُتحدث عن أنواع التقدم وبناء مليون مسكن سنويًا وإحياء ألف مصنع في كل رحلة إقليمية، وهو أمر لم يعد له معنى، بل جلب استياء الرأي العام.
في الجبهة المقابلة التي رسمها زاكاني، كان مسعود بزشكيان مستعدًا ليظهر أنه ليس له علاقة بروحاني، بل يذكر ارتباطه بحكومة خاتمي حيث كان وزيرًا للصحة في الفترة من 2001 إلى 2005 ، وعندما رأى زاكاني يصر على أنه المنافس الرئيسي له ويجب عدم تجاهله، قال له فجأة في لحظة تاريخية: “هل ستبقى حتى النهاية؟”
وأضافت الصحيفة قائلة: أما زاكاني، فقد أجاب بشكل معاكس: “سأبقى ولن أسمح لك أن تصبح رئيسًا للجمهورية، بإذن الله وبمساعدة الإمام المهدي.” لكن مؤخرًا، عندما تم تذكيره بهذا التصريح، رد بثقة قد تحمل معنى آخر في اللغة اليومية: “كنت قد قلت بتوفيق الله والله لم يوفق.”
وتابعت: ومع ذلك، من ينكر أن زاكاني ما بعد الانتخابات أصبح مختلفًا تمامًا عن زاكاني قبل الانتخابات، لدرجة أن أحد النشطاء البارزين في البيئة قال إن زاكاني لم يعد يتابع على بناء المساجد في الحدائق كما كان يفعل سابقًا.
وبالمثل، لم يعد هناك توزيع واسع للحوم الحمراء الطازجة في أسواق الخضار والفواكه ليُثبت أنه قادر على الوفاء بوعده الانتخابي، لكن لا توجد أيضًا علامات على أنه يريد التنحي عن منصب عمدة طهران، ولم تُضعف مواقف منتقديه في المجلس عزيمته في هذا الصدد.
ربما يكون جزء من ذلك بسبب استمرار دعم مهدي تشمران، الذي كان قبل 20 عامًا في منصب رئيس مجلس مدينة طهران، والذي كان بمثابة منصة انطلاق لمحمود أحمدي نجاد إلى رئاسة الجمهورية، وربما لو لم يكن هناك خوف من انضمام مصطفى تاج زاده إلى المجلس مع مغادرته، لكان السيد تشمران قد أصبح نائب رئيس أحمدي نجاد، ولربما أصبح بعض الأعضاء الآخرين وزراء في حكومته، لكنه فضل الحفاظ على وحدة المجلس وتمسك به بقوة.
لكن علاقة رئيس المجلس بالعمدة الحالي لا تشبه علاقته بأحمدي نجاد، فقد مر 20 عامًا، وغطت تجاعيد الشيخوخة وفقدان الصبر وجه رئيس المجلس، ورغم أنه لم يكن من داعمي زاكاني في البداية، إلا أنه يبدو الآن من الخارج وكأن دعمه له هو الذي يحافظ عليه في مكانه، وعندما وصل متأخرًا سبع دقائق عن موعده إلى قاعة مجلس المدينة، كان الحضور يحسبون كم من الوقت يستغرق النزول من مكتب العمدة إلى قاعة الاجتماعات.
في تاريخ بلدية طهران، الذي تجاوز الآن 100 عام، يتم تذكر كل عمدة من خلال عمل أو أعمال كبيرة ودائمة، ولهذا السبب، في السنوات التي سبقت الثورة، كانت أسماء ثلاثة عمداء للعاصمة هي الأكثر شهرة: الأول كريم بوزرجمهر في السنوات الأبعد، ثم أحمد نفيسي في الستنيات، وغلامرضا نيكبي في السبعينات.
وتابعت الصحيفة: بعد الثورة، كان أولاً محمد توسلي الذي لا يزال يُذكر بتخطيطه لمرور بمدينة طهران باسم “خطة المرور”، ثم غلام حسين كرباسجي الذي جعل طهران حديثة بمعنى الكلمة على مدار 10 سنوات (1989-1999)، ثم محمد باقر قاليباف الذي كان عمدة طهران من 2005 إلى 2017 أما زاكاني فقد دخل هذا المجال متأثرًا به، حيث كان يسعى أن يصل من البلدية إلى الرئاسة لكنه فشل كل مرة، وهو نفسه جرب هذا الفشل مرتين.
ومع ذلك، فإن وضع اسمه بجانب اسم قاليباف يزعج بعض الأعضاء المقربين من رئيس البرلمان الحالي والعمدة السابق، لأنهم لا يرونه في نفس الحجم، والآن، أريد الوصول إلى النقطة التي كتبت هذه الأسطر من أجلها.
لم تكن فقط عباءة الرئاسة واسعة على جسد السيد زاكاني، بل الآن حتى عباءة عمدة طهران لا تناسبه، ويمكن الشعور بذلك من كل زاوية في المدينة، وأيضًا من المشاريع الكبرى التي لا يُرى لها أثر، والبلدية عمليًا منشغلة في الأمور اليومية وكأن هناك جهدًا داخل البلدية ليظهروا أنفسهم بعيدين عن البلدية التي لا علاقة لها بالبلدية.
وعود لم تُحقق
وتابعت الصحيفة: بهذا الشكل، فإن اسم زاكاني لا يذكر مثل نيكبي الذي خلّد ذكرى جادة شاهنشاهي (طريق سريع)، ولا مثل كرباسجي الذي أضاف للمواطنين والجسور ومعرض الزهور والنباتات، ولا مثل قاليباف الذي أنشأ الأنفاق والطابق الثاني من جسر صدر، بل أصبح يذكرنا أكثر من أي شيء آخر بالوعود التي كانت كما لو كانت تهدف إلى تجاهل عقل الجمهور عن عمد، حل مشكلة الإسكان في 4 سنوات وتوزيع اللحوم الحمراء الطازجة أمام المنازل، وهي الوعود التي بقيت في الذاكرة منذ أيام الانتخابات، وقبل ذلك، في البلدية، كان قد أعلن عن منح تراخيص البناء في غضون شهرين، رغم أن الحصول على موافقة من إدارة الإطفاء كان يستغرق ما يقرب من شهرين!
تحويل أسواق الفواكه والخضروات إلى طابقين، إنشاء محفظة “مدينة المواطن” الإلكترونية، جمع المتسولين المدمنين في غضون شهرين، بالإضافة إلى رقمنة طهران كانت من بين الوعود الأخرى.
هذه الملاحظة لا تهدف إلى استعراض وعوده غير المنفذة، مثل بناء “الآر تي” (القطار المعلّق) أو إتمام خطوط المترو في غضون خمس سنوات، أو افتتاح محطة مترو جديدة كل شهر، أو إدخال حافلات مستعملة، ولكن لا شيء من هذه الأمور يعادل وعد توزيع اللحوم الحمراء الطازجة في المنازل، الذي طغى عليه الضوء في ذلك الوقت.
الواقع هو أنه في الوضع الحالي، لا تأتي بلدية طهران لإنقاذ عليرضا زاكاني سياسيًا، ولا يبدو أن هناك أي شيء يمكن أن يقدمه زاكاني للبلدية.
ومن الطبيعي أن يرغب السيد زكاني بأن يكون على رأس مؤسسة لا تتلقى تمويلاً من ميزانية الحكومة، لها موارد إعلامية ومالية وبشرية، وهذا المنصب هو ما يفضله بدلاً من الانتقال إلى أجهزة خارج الحكومة، لأنه ليس معقولاً أن يكون له مكان في حكومة لم يُرد الله له أن يفوز برئاستها.
الجانب الوحيد الذي يثير الدهشة هو استمرار الدعم من رجل في عقده التاسع، الذي ربط مصداقيته وشهرته بالعمدة الحالي.
على الرغم من أن ابنة القائد سليماني رأت أن الحفاظ على شعبية وسمعة والدها يكمن في الابتعاد عن زاكاني، يبدو أن شقيق الدكتور تشمران لا يرى مانعًا في دعم زاكاني وتحمل دفع الثمن.
العمدة الذي بدلاً من أن يذكر المواطنين بالحدائق والنقل العام وأوقات الفراغ والهواء النقي وكل ما يتعلق بالمدينة، يذكرهم بابتسامات وسخرية مرشح الانتخابات الرئاسية الفاشل، الذي كان يعرض الصور في المناظرات على طريقة محمود أحمدي نجاد، وعوضًا عن أن تكون تصرفاته مذهلة، كانت مقيتة، وفي الأمس لم يكن يمانع في تهديد معارضيه في المجلس بأسلوب تهديدي مبتذل.
لكن الحقيقة أن تقليد أحمدي نجاد لم يعد مجديًا اليوم، لأن الزمن قد تغير، وكان يجب على “سيد الوعود” أن يدرك هذا في منتصف عام 2024، وأن رئيس مجلس طهران الذي في العقد التاسع من عمره كان ينبغي ألا يقع في فخ دعم زاكاني ضد انتقادات بعض الأعضاء.