كتبت/ يسرا شمندي
مثلت عودة نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف ضربة للمحافظين في إيران، الذين انتقدوا بزشكيان لاختياره ظريف، كما أن عودة ظريف إلى منصبه ليست محصورة فقط بمراعاة التوازنات الداخلية (القومية والطائفية) التي طالب بها عند انضمامه إلى حكومة بزشكيان، بل على الأغلب أنها محاولة لإعادة التوازن في السياسات الخارجية.
ووفقًا لتقرير نشرهموقع خبر آنلاين بتاريخ 30 أغسطس/ آب كتبت سيما بروانه جوهر: قوبلت عودة ظريف، إلى الحكومة ال14 بردود فعل مختلفة. ففي اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء، 29 أغسطس، أعلن عودته من خلال حضور الاجتماع. ومع ذلك، بعد اجتماع أعضاء الحكومة ال14 مع المرشد الأعلى، صرَّح ظريف أنه عاد إلى منصب النائب الاستراتيجي بعد “المتابعة والتشاور” و”التعليمات المكتوبة” من قبل مسعود بزشكيان. وفي المقال نفسه، اعتذر أيضاً عن “الحضور المتأخر في اجتماع المرشد الأعلى”.
ضغوط على ظريف وبزشكيان/ بالرجوع إلى القانون
وبناءً على ما ذكرته جوهر في تقريرها: استمر غياب ظريف عن الحكومة قرابة أسبوعين. وفي 22 أغسطس/آب، أعلن استقالته عبر موقع “إكس” الاجتماعي، وكتب أن “بعض الأشخاص حوَّلوا عملي في وظائف حساسة إلى ذريعة للضغط على الحكومة الرابعة عشرة. ومن أجل تجنب أي شبهات أو أعذار لتعطيل عمل حكومة عزيزي بزشكيان، كنت قد استقلت من منصب نائب الرئيس الاستراتيجي الأسبوع الماضي في رسالة.
ومما هو جدير بالذكر أن رواية الضغوط التي تعرض لها ظريف وبزشكيان استناداً إلى القانون رقم “1401” المعتمد الخاص “بالعمل في الوظائف الحساسة”، هي نفس قصة رئيس مجلس الشورى الإيراني السابق علي لاريجاني خلال الانتخابات الرئاسية عام 2021. ورغم أن معارضي ظريف بدأوا بكتابة قانون جديد لإخراجه من الدائرة الرئيسية للحكومة الحالية، إلا أن وضع ظريف وإدراج القانون المذكور كان له الكثير من الغموض القانوني والسياسي لدرجة أنه كان من الواضح أن هذا القانون كان ذريعة. ورغم أن استقالته خلال فترة بداية مراجعة المؤهلات أدت إلى إزالة اسمه من الحكومة خلال فترة مراجعة مؤهلات وزراء الحكومة في البرلمان، إلا أن عودته إلى الحكومة وحضوره اجتماع مجلس الوزراء ال14 بوجه حازم يدل على التجربة الجديدة في الحكومة ال14، تجربة انتصار “جماعات الضغط الخفية” على شبكة التطهير والتطرف المتأصلة.
بزشكيان؛ رجل جماعات الضغط الخفية والمتسامحة
وبصدد ما ذكرته جوهر في التقرير: أنه مع بداية أيام عمل الحكومة ال14، أصبح كل ما هو غامض حول الوعود والمطالب واضحاً: لقد قام بزشكيان بإعادة تشكيل حكومته بطريقة تمكنه من المساومة على التصويت على الثقة. على طول هذا الطريق، ويبدو أن مشكلة ظريف قد تم حلها من خلال جماعات الضغط الخفية مع الطبقات العليا من النظام والمؤسسات ذات الصلة في هذا المجال. ومن الواضح أن بزشكيان اتبع مسار عودة ظريف إلى الحكومة بهدوء وحزم. فمنذ 12 أغسطس، عندما استقال ظريف، حتى 28 أغسطس، عندما تم نشر خبر عودته، لم يوافق مسعود بزشكيان على هذه الاستقالة. كما تم الإعلان عن خبر الاجتماع بين ظريف وبزشكيان على الملأ. ومع ذلك، لم يرد بزشكيان علنًا، ولم يرسم خطًا، ولم ينتقد الضغط الممارس من أجل رحيل ظريف.
خصائص معاداة ظريف في البرلمان والسياسة الداخلية
من الجدير بالذكر : أن عضو البرلمان حميد رسائي كان من أوائل الذين كتبوا عن عودة ظريف إلى الحكومة على منصة إكس قائلاً: “إذا كان ادعاء السيد ظريف صحيحًا وظل في منصب النائب، وفقا للقانون، أولًا، سيكون حكم النائب الاستراتيجي هذا باطلاً وثانيًا، سيُحكم على الجاني بزشكيان بالحرمان من الحقوق الاجتماعية بناءً على المادة 19 من قانون العقوبات الإسلامي (من 5 إلى 15 سنة)”.
لماذا ظريف مهم؟
تعد أهمية ظريف في كونه رمز تصويت الشعب في الحكومة ال14 إلى جانب مسعود بزشكيان نفسه. إنه رمز المقاومة دون أي هامش ضد تيار يعتقد أن كل انتخابات الحكومة يجب أن تكون مزيجًا مما يريدون. ولا شك أن قضية ظريف ووجوده في الحكومة والضغط من أجل استقالته هو البداية فقط. عندما يبدأ البرلمان عمله، سترتفع بعض الأصوات في هذا الصدد، لكن من غير المرجح أن يكون لها أي نتائج.
ومن المرجَّح أن ما حدث في حالة ظريف في حكومة بزشكيان هو تجربة لأهمية “الضغط الخفي”. وبطبيعة الحال، يجب أن يتم استخدام أسلوب الضغط الخفي في الصفقات السياسية، وينبغي على الرئيس اللجوء إلى استعمال تلك الوسيلة حتى يتمكن من استخدامها لأمثال ظريف في الوقت المناسب.