كتب: ربيع السعدني
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة مرتبطة بإيران، مشيرة إلى أن هذه العقوبات تستهدف شبكة دولية تسهل نقل ملايين من براميل النفط الخام الإيراني بقيمة مئات ملايين الدولارات إلى الصين، وتستهدف العقوبات عددا من الأفراد والكيانات في دول، من بينها الصين والهند والإمارات العربية المتحدة، كما تشمل أيضا العديد من السفن.
وذكرت الوزارة الأمريكية في بيان لها مساء الخميس 6 فبراير/شباط 2025، أن “النفط تم شحنه نيابة عن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية وشركتها الخاضعة للعقوبات (Sepehr Energy)”، مضيفةً أن “العقوبات تستهدف أفرادا وشركات في دول، من بينها الصين والهند”.
وتمنع العقوبات الأفراد والكيانات من الوصول إلى أي من أصولهم في الولايات المتحدة وتحظر المساعدات الأجنبية الأمريكية، وأكدت الوزارة أنها فرضت عقوبات على ناقلة النفط “سي إتش بيليون” التي تحمل علم بنما، وناقلة النفط “ستار فورست” التي تحمل علم هونغ كونغ؛ بسبب دورهما في شحن النفط الإيراني إلى الصين.
إيران تهدد استقرار العالم
بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس: “سنستخدم كل الأدوات المتاحة لنا لمحاسبة النظام على أنشطته المزعزعة للاستقرار والسعي للحصول على أسلحة نووية تهدد العالم المتحضر”، وفقا لما نقلته وكالة أنباء “رويترز”، ادّعت وزارة الخارجية الأمريكية أن “هذه الشبكة تنتج عائدات غير مشروعة للجيش الإيراني، مما يسمح له بتمويل الجماعات الإرهابية مثل حماس وحزب الله”، ونقل البيان عن وزير الخزانة الأمريكية سكوت بيسنت قوله: “لا يزال النظام الإيراني يركز على الاستفادة من عائداته النفطية لتمويل تطوير برنامجه النووي، وإنتاج صواريخه البالستية الفتاكة والطائرات المسيّرة، ودعم مجموعاته الإرهابية الإقليمية بالوكالة”، وأكد أن “الولايات المتحدة ملتزمة استهداف أي محاولة من جانب إيران لتأمين التمويل لهذه الأنشطة الخبيثة”.
“تكتيك وليس استراتيجية”
وقد استهدفت العقوبات كلا من المواطن الإيراني آراش لافيان، الذي قالت الولايات المتحدة إنه ساعد في دعم “سبهر إنرجي”، إضافة إلى شركة مارشال لإدارة السفن الخاصة المحدودة، كما تم إدراج شركتي “يونغ فولكس للتجارة الدولية المحدودة” و”لاكي أوشن شيبينغ المحدودة” بسبب عملهما في قطاع النفط الإيراني.
ومن جانبه قال جيريمي بانر، المحقق الرئيسي السابق في العقوبات بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية: “قد تكون هذه الأنواع من العقوبات فعالة، لكنها لن تؤدي إلى خفض الصادرات إلى الصفر”، وأضاف محامي العقوبات، بحسب “رويترز”، أن هذه الخطوة كانت “تكتيكا وليس استراتيجية” في رغبة ترامب في تقليص صادرات النفط بشكل كبير؛ لأنها لم تلاحق البنوك في الصين التي تسمح بمعاملات الطاقة، وأوضح بانر، الشريك في “هيوز هوبارد”، أنها مماثلة لسلسلة من العقوبات التي فرضها الرئيس السابق جو بايدن، على مدار العامين الماضيين.
أولى عقوبات إدارة ترامب الثانية
وكان ترامب أعلن الثلاثاء 4 فبراير/شباط 2025، أنه يعتزم استئناف سياسة “الضغوط القصوى” على إيران بسبب مزاعم عن محاولة طهران تطوير أسلحة نووية، وينص المرسوم التنفيذي الأمريكي على توجيه وزارة الخزانة بفرض “أقصى قدر من الضغط الاقتصادي” على إيران من خلال العقوبات المصممة لشل صادرات النفط في البلاد، هذا وتؤدي العقوبات إلى تجميد الأصول التي تحتفظ بها الشركات المستهدفة بشكل مباشر أو غير مباشر في الولايات المتحدة، فضلا عن حظر الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، ومنع المواطنين الأمريكيين من التعامل مع الشركات المستهدفة بالعقوبات، تحت طائلة التعرض للعقوبات بدورهم.
وتعد هذه أول عقوبات أمريكية على النفط الإيراني بعد أن تعهد الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع، بخفض صادرات النفط الخام الإيرانية إلى الصفر، بينما تحاول الولايات المتحدة منع طهران من الحصول على سلاح نووي.
إدانة شديدة من طهران
ولم تستجب بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك على الفور لطلب التعليق على القرار الأمريكي، وحث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، هذا الأسبوع أعضاء “أوبك” على الاتحاد ضد العقوبات الأمريكية المحتملة.
كما أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الجمعة 7 فبراير/شباط 2025، بشدة، العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على عدد من الكيانات والأفراد الإيرانيين، واصفا إياها بأنها “غير مبررة ومخالفة للقوانين الدولية”، وفقا لوكالة أنباء الطلبة “إيسنا”.
وأكد بقائي، في بيان صحفي نشره موقع وزارة الخارجية، أن “هذه العقوبات تُعد استمرارا للسياسات العدائية الأمريكية ضد إيران، وتتنافى مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي”، وأشار إلى أن “هذه الإجراءات لن تثنيها عن مواصلة تطوير قدراتها الدفاعية وبرامجها النووية السلمية”، مؤكدا أن طهران ستتخذ الخطوات اللازمة لحماية مصالحها الوطنية، داعيا المجتمع الدولي إلى الوقوف في وجه هذه السياسات الأمريكية الأحادية التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
زعزعة استقرار الطاقة
وفي وقت سابق؛ حذّر وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد، من أن فرض عقوبات أحادية على منتجين كبار من شأنه أن يزعزع استقرار أسواق الطاقة، وأبلغ الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” هيثم الغيص، أن “نزع الطابع السياسي عن سوق النفط قضية حيوية لأمن الطاقة، وفرض عقوبات أحادية الجانب على كبار منتجي النفط٠، والضغط على أوبك من شأنه أن يزعزع استقرار أسواق النفط والطاقة، فضلا عن الإضرار بالمستهلكين حول العالم”.
وفي إشارة إلى شروط العقوبات وإمكانية تصعيدها، أضاف باكن جاد يوم الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025: “نحن مستعدون في أي موقف لتقديم الحلول وتحقيق الأهداف، وإذا استمرت العقوبات فإن استراتيجياتنا ستستمر أيضا وفقا للشروط”، وتابع وزير النفط: “لن نجلس مكتوفي الأيدي بينما يتحدثون عن أقصى الضغوط في العقوبات، أعتقد أن الضغوط القصوى نظرية فاشلة، وإذا أرادوا اختبار هذه النظرية مع الشعب الإيراني فإنها ستفشل”.