ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
أجرت وكالة الأنباء الإصلاحية الإيرانية “خبر أونلاين” يوم الثلاثاء الموافق 11 مارس/آذار 2025 حوارا مع المخرج الإيراني شاهد أحمدلو، والفنان بهرانج علوي، والفنانة نسيم أدابي، حول فيلم “شاه نقش”. تناول الفيلم تاريخ السينما الإيرانية قبل الثورة، وسلط الضوء على تأثيراتها الاجتماعية والثقافية وتحولاتها.
نص الحوار:
في البداية، وجهت وكالة “خبر أونلاين” سؤالًا للمخرج الإيراني شاهد أحمدلو قائلة:
حدثنا عن فيلم “شاه نقش”؟
“شاه نقش” كان دائمًا أحد الأفكار والمشاريع والسيناريوهات التي شغلت ذهني. منذ مراهقتي وحتى اليوم، أثّر هذا الموضوع في حياتي وأفكاري وأخلاقي، ويمكن رؤية آثاره في الأفلام القصيرة والوثائقية التي صنعتها. كان دائمًا يثير اهتمامي أن أروي قصة اجتماعية في الزمان والمكان المناسبين. وأنا سعيد لأن هذه الفرصة تحققت بفضل إنتاج السيد علي قائممقامي، و”شاه نقش” يشارك الآن في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة والأربعين من مهرجان فجر السينمائي.
لماذا شارع أرباب جمشيد؟ لماذا هوليوود السينما الإيرانية؟ ولماذا توجهتم نحو فنانين لم يعودوا بيننا اليوم؟
كان هدفي إبقاء أسماء كبيرة على قيد الحياة، تلك الأسماء التي لعبت دورًا بارزًا في نمو السينما الإيرانية. إذا نظرنا اليوم إلى السينما الإيرانية كجدار شامخ، فعلينا أن ندرك أن هذا الجدار بُني حجرًا فوق حجر على أيدي الفنانين وصنّاع السينما في الماضي. لا ينبغي أن ننظر فقط إلى قمة هذا الجدار، بل علينا أن نأخذ بعين الاعتبار بنيته بالكامل. ماضي السينما الإيرانية جزء مهم من هويتنا، ولا ينبغي لنا أن ننساه.
في فيلمكم، هناك نظرة إلى حقبة الستينيات وأفلام مثل “أسنان الثعبان”. هل يمكن القول إن “شاه نقش” هو تكريم لسينما مسعود كيميايي؟
قد لا يُذكر اسم مسعود كيميايي في الفيلم، لكن روح وأسلوب سينماه يتجسدان في “شاه نقش”. لدي اهتمام كبير بسينما السيد كيميايي، وأعتبر نفسي ابنًا للسينما. ينبع هذا الاهتمام من أعماله وأعمال مخرجين آخرين لعبوا دورًا مهمًا في تقديم السينما الإيرانية إلى العالم، مثل أمير نادري، وبهرام بيضائي، وناصر تقويئي، وداريوش مهرجوئي. كل واحد من هؤلاء الفنانين غيّر ملامح السينما الإيرانية ومهّد لها الطريق.
ما هو الإحساس الذي حمله الشهيد أحمد ليفي من الستينيات، وكيف انعكس هذا الشعور في فيلم “شاه نقش”؟
هذا سؤال مثير للاهتمام. كان من المهم بالنسبة لي أن يشعر الجمهور بهذا الإحساس نفسه—بما جلبته معي من الماضي إلى هذا الفيلم. حاولت أن أعكس روح وأجواء السينما في تلك الحقبة من خلال الشخصيات، وأجواء القصة، وأسلوب السرد. جزء مما تشعرون به هو تمامًا ما كنت أرغب في إحضاره معي إلى “شاه نقش”.
ما الذي جلبته من الماضي إلى هذا الفيلم؟
سؤال رائع. لقد حملت معي الكثير من الأشياء من الماضي، من المشاعر إلى رؤيتي للسينما. لطالما حاولت تكريم الماضي في أفلامي، ولكن مع الاحتفاظ بوجهة نظر مستقلة تجاه القصة والشخصيات. في “شاه نقش”، تظهر هذه العناصر في العناصر البصرية والجوهر العاطفي للفيلم. الشخصيات، القصة، وحتى ظروف إنتاج الفيلم كلها مستوحاة من احترام تاريخ السينما الإيرانية.
آمل أن يعود الجيل الجديد إلى دراسة تاريخ السينما الإيرانية، وألّا يقتصر اهتمامه على اللحظة الراهنة فقط. إن فهم الجذور السينمائية ودراسة أعمال المخرجين العظماء يمنح السينما اليوم هوية أقوى. لا ينبغي أن ننظر فقط إلى الخط العلوي للجدار، بل يجب أن نعرف كيف تم بناء هذا الجدار.
ثم توجهت وكالة “خبر أونلاين” إلى الفنانة الإيرانية نسيم أدابي وسألتها:
إلى أي مدى كان للمسرح دور في مسيرتكِ التمثيلية في السينما؟
للمسرح تأثير كبير لأنه يتيح لك تجربة أدوار أكثر تنوعًا. بالطبع، يعتمد الأمر على كيفية العمل فيه، لكن بشكل عام، التواجد على الخشبة والعمل الحي يعلّم الإنسان الكثير. هناك أشياء كثيرة نراها لاحقًا في السينما وندرك مدى تأثير المسرح فيها. بالنسبة لي، فقد ساعدني كثيرًا لأنني أدّيت أدوارًا مختلفة في المسرح. وحتى الآن، ما زلت أعتقد أن المسرح يحتل الصدارة.
إلى أي مدى يُعدّ فيلم “شاه نقش” تكريمًا لقدامى الفنانين؟
فيلم “شاه نقش” هو بالفعل تكريم لقدامى الفنانين، لكنه يحمل أيضًا رسائل أخرى كثيرة. إنه أشبه بكولاج من الأفلام التي سبقت الثورة الإيرانية، حيث تم جمعها معًا. يعكس الفيلم مدى أهمية الالتزام الفني والسينمائي. كما يتناول شخصيات كانت تعشق السينما، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى المكانة التي تستحقها لأسباب مختلفة. يتحدث الفيلم أيضًا عن أشخاص يمكن أن يتبعوا “تيار الرياح”، فيكونون من أنصار فنان معين، ثم يتحولون لاحقًا إلى دعم فنان آخر.
ثم وجهت الوكالة أسئلتها إلى الفنان الإيراني بهرانج علوي قائلة:
في هذا الفيلم، يظهر مفهوم الحب بشكل بارز. إلى أي مدى تم تجسيد حب السينما والفن والحب الإنساني فيه؟
الحب حاضر تمامًا في الفيلم. منذ البداية، نرى شخصيات تعشق هذه المهنة، تعشق السينما. هذا الحب يجعلهم يتحملون الضرب والإهانة، لكنهم يستمرون رغم ذلك. ثم نرى حب امرأة تترك كل شيء من أجل عشقها للتمثيل، فتأتي إلى طهران. تقع في حب رجل يعشق السينما أيضًا، وكلاهما يصمدان في وجه التحديات من أجل هذا الحب.
في هذا السياق، صرّح السيد علوي مؤخرًا أنه لو لم يكن بهروز وثوقي موجودًا، لتغير مسار حياته. هل هناك فنان أثّر في حياتكِ إلى درجة أنه كان سيغيّر مساركِ لو لم يكن موجودًا؟
لا، لم يكن هناك فنان معين يمكنني القول إن غيابه كان سيغير مسار حياتي. كان حبي للفن حبًا شخصيًا أكثر. ربما تأثرت بالأفلام والممثلين، لكن ليس إلى حد تغيير مسار حياتي بسبب فنان معين. ومع ذلك، هناك العديد من الفنانين الذين أكنّ لهم احترامًا كبيرًا، لا سيما النساء اللواتي واجهن مشكلات عديدة في هذه المهنة في الماضي.
ما هو التحدي الأكبر الذي تواجهه السينما والمسرح حاليًا؟
إحدى المشكلات الرئيسية في السينما والمسرح اليوم هي أن المجال أصبح مفتوحًا، بحيث يمكن لأي شخص الدخول إليه. أعتقد أن هذه من أكبر المشكلات الموجودة حاليًا.
هل فيلم “شاه نقش” تكريم للسينما الإيرانية القديمة أم تشكيك في الفساد الذي كان دائماً موجوداً في الفن والسينما؟
بدايةً، يجب أن أوضح أن سيناريو فيلم “شاه نقش” يسير بشكل متوازٍ مع عدة قصص. إحداها تتناول القضايا الانتخابية، والتي تشير بشكل رمزي إلى موضوعات سياسية. جزء آخر من الفيلم يأتي بأسلوب الكولاج، حيث تمثل كل شخصية فيه وجهاً معروفاً من سينما السبعينيات في إيران. كما أنه يتناول في خلفيته الصعوبات التي يواجهها الفنانون الشغوفون بالسينما في حياتهم الشخصية، والتي غالباً ما تكون مليئة بالتحديات.
وفي الواقع، “شاه نقش” هو نوع من الباروديا التكريمية، حيث يوجد تعمد في بعض المشاهد لتقليد أفلام شهيرة من سينما السبعينيات، وكل هذه الزوايا يمكن النظر إليها من وجهات نظر مختلفة، سواء القضايا السياسية التي يمكن مناقشتها، أو المشكلات التي لا تزال تؤرق السينما والفنانين، والمسائل التي يعرضها الفيلم لا تزال قائمة في عالم السينما وحتى داخل “خانه سينما” (بيت السينما).
لقد ذكرتَ سابقاً أنك لست عضواً بعد في “خانه سينما”. هل سعيت للحصول على العضوية؟
في الحقيقة، لم أنجح بعد في الحصول على عضوية “خانه سينما”. لقد وعدني پژمان بازغي بأنه سيساعدني في الحصول على بطاقتي. كنا زملاء في فيلم “شاه نقش”، وفي أحد مشاهد القتال قلت له: “إذا تلقيت الضربات، فاحصل لي على بطاقة بيت السينما!” بعد انضمامه إلى “خانه سينما”، بذل پژمان جهوداً كبيرة، وكان له دور فعّال في نقابة الممثلين.
لقد قام بعدة خطوات بناءة، ووعدني بأنه سيسلمني البطاقة بعد المهرجان. المشاكل كانت دائماً موجودة، ومع كل إدارة جديدة تأتي، تستمر التحديات. على أي حال، علينا أن نمر بمختلف المراحل الاجتماعية ونتأقلم معها.
لقد تحدثتَ عن “هوليوود السينما الإيرانية”. عندما زرتَ ذلك المكان لأول مرة، إلى أي مدى ذكّرك بالأفلام التي شاهدتها في الماضي؟
كل ذكريات طفولتي ومراهقتي مرت أمام عينيّ بوضوح. كنت أعشق بهروز وثوقي، وكنت أجمع صوره وأفلامه. لو لم أشاهد أعماله، ربما كان مسار حياتي ليأخذ منحى مختلفاً تماماً، وربما كنتُ سأتجه إلى مهنة أخرى. كما قال حافظ، “آن لحظة” التي وقعت فيها في حب السينما، كانت نقطة تحول بالنسبة لي.
ولم أحاول أبداً أن أقلد أساتذة التمثيل، لأنهم لا يُمكن تقليدهم. لكن في “شاه نقش”، ومن خلال شخصية ناصر عشقي—الفنان الذي يعتبر بهروز وثوقي مثله الأعلى—حاولت أن أقترب منه في بعض الجوانب، مثل طريقة الإلقاء، الأسلوب، والسمات الشخصية.
حتى أن مشيتي استلهمتها من الراحل ناصر ملك مطيعي، ونظراتي حاولت أن تعكس شيئاً من أسلوب فردين، لأن “شاه نقش” في جوهره كولاج من شخصيات تلك الحقبة. هذا النهج كان بطلب من المخرج شاهد أحمدلو.