كتبت: يسرا شمندي
بعد مرور المئة يوم الأولى على رئاسته، أجرى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حواره التليفزيوني الثاني منذ توليه الرئاسة، والذي بثته قناة “سيما” الأولى في 2 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وتناول فيه العديد من الملفات الداخلية الإيرانية، إضافة للملفات المشتبكة مع إيران في الساحة الدولية.. التقرير التالي يستعرض تصريحات الرئيس الإيراني في ملفات تشكيل الحكومة والطاقة والأطباء والأزمات الاقتصادية الإيرانية.
أزمات الطاقة في إيران
قال بزشكيان: “الحقيقة هي أننا نتعامل مع اختلالات سيئة في الكهرباء والغاز والطاقة والمياه والمال والبيئة، وكلها إلى الحد الذي يمكن أن تخلق أزمة”.
وأضاف: “كان من المفترض أن يزداد الإنتاج هذا العام، لكن هذا لم يحدث، ومحطات توليد الكهرباء لدينا لا تكفي لاستهلاك الكهرباء، التي نستهلكها أكثر من متوسط عدة دول أوروبية وكندا؛ مما أدى إلى التخطيط لانقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعة إلى ساعتين؛ لأن احتياجاتنا الآن لا تتماشى مع الطاقة الإنتاجية”.
وحول زيادة أسعار البنزين، أشار بزشكيان إلى أن الحكومة تتشاور مع الخبراء حول زيادة أسعار البنزين بحذر، بهدف تجنب التأثيرات السلبية على الطبقات الضعيفة. وأوضح أن استيراد البنزين بأسعار مرتفعة وبيعه بسعر منخفض يشكل عبئاً على الميزانية الإيرانية ويسهم في زيادة التضخم.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران تواجه أزمة طاقة خانقة؛ حيث يعاني قطاع الكهرباء من صعوبة في تلبية الطلب، خاصة في أوقات الذروة، إضافة إلى نقص الاستثمارات في البنية التحتية، كما أن التشريعات الاقتصادية غير الكافية تساهم في تعميق الأزمة، بحسب صحيفة دنياي اقتصاد الإيرانية، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
كما أنها تواجه أزمة في البنزين بسبب زيادة الاستهلاك اليومي الذي يتجاوز قدرات الإنتاج المحلي المحدودة، ورغم جهود الحكومة لزيادة الإنتاج، فإن الطلب المستمر، خاصة خلال فترات العطل الرسمية، يؤدي إلى تفاقم العجز في تلبية احتياجات البنزين. الطاقة 26 يناير/كانون الثاني 2024.
أزمات الاقتصاد الإيراني
أشار بزشكيان إلى أن الحكومة لم تعالج الاختلالات الاقتصادية بشكل فعّال حتى الآن، بل اعتمدت على حلول مؤقتة قدمتها الحكومات السابقة، وأضاف أن الوضع أصبح في مرحلة حرجة، ما يستدعي تدخلاً جاداً.
وفيما يتعلق بالبنية الاقتصادية، صرَّح بزشكيان وضعت أربع خطط رئيسية لتحسين الوضع الاقتصادي، هي: تعزيز النمو الاقتصادي، معالجة الاختلالات، استقرار معيشة المواطنين، وضمان الأمن الغذائي.
وأكد أن الأولوية يجب أن تكون لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، خصوصاً في ظل التحديات التي تواجهها البلاد مثل التضخم الكبير وعدم التوازن في إمدادات الطاقة.
وفي الواقع تواجه إيران أزمة مزدوجة في قطاعي الغاز والاقتصاد، حيث تعاني من زيادة استهلاك الغاز وسوء إدارة الموارد، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة في فصل الشتاء، وفي الوقت ذاته، تواجه البلاد تحديات اقتصادية مثل التضخم والبطالة، حسب موقع تابناك 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وفي إشارة لبعض الأزمات الاقتصادية الإيرانية، قال بزشكيان إن الحكومة الإيرانية اضطرت لسحب الأموال من صندوق التنمية الوطني لتسديد مستحقات مزارعي القمح بسبب نقص الموارد المالية، وأوضح أن حل الاختلالات الاقتصادية يتطلب توافقاً بين الخبراء، مؤكداً أنه يجب طمأنة المواطنين بأنهم لن يواجهوا مشاكل معيشية، وأن الحكومة ستتدخل لحل أي أزمات معيشية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإيرانية أصدرت قراراً يسمح بسحب أموال من صندوق التنمية الوطني لتسديد مستحقات مزارعي القمح، وذلك لدعم القطاع الزراعي الذي يعاني من أزمة مالية، وجاء القرار بموافقة من المرشد الإيراني علي خامنئي، حسبما ذكرت وكالة أنباء مهر بتاريخ 2 سبتمبر/أيلول 2024.
الخطط الاقتصادية
انتقد بزشكيان ما وصفه بالوعود غير الواقعية المتعلقة بالخطط الاقتصادية الإيرانية، مثل الوعد ببناء مليون منزل، حيث تم تسجيل 800,000 شخص فقط، وحصل 400,000 منهم على قروض غير كافية، وأضاف أن الحكومة يجب أن تعتمد على خبراء لمعالجة المشاكل الاقتصادية خلال الأربع سنوات القادمة، معترفاً بعدم الوفاء بالوعود التي قدمت للشعب الإيراني.
وفيما يتعلق بالوضع المالي، أشار بزشكيان إلى أن الحكومة جمعت 12 مليار دولار مع الاقتراب من نهاية العام 2024، إلا أن هناك عجزاً قدره 3 مليارات دولار، ولتعويض العجز، تم سحب الأموال من مصادر أخرى وتمت تغطيته من صندوق احتياطي النقد الأجنبي، وأضاف أن المشاكل المالية ستظل قائمة في العام المقبل.
وأضاف بزشكيان أن الميزانية تتوقع زيادة الرواتب بين 20% و40% رغم التضخم بنسبة 30%، وأكد أن العجز المالي البالغ حوالي 210 مليون دولار يعوق دفع رواتب للمتقاعدين والممرضات، كما دعا لتحسين التخطيط لتجنب أزمات أكبر في المستقبل وإعادة توزيع دعم الطاقة بشكل أكثر عدلاً.
تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، اندلعت احتجاجات في إيران من قبل الممرضات والمتقاعدين الإيرانيين، بسبب تدني الرواتب وظروف عمل الممرضات في مدن مثل يزد وزنجان وبوشهر.
حيث طالبوا بتحسين الأجور، بينما خرج المتقاعدون في مدن مثل أصفهان وكرمانشاه وشيراز مطالبين بتعديل الرواتب التقاعدية، وتعكس هذه الاحتجاجات استياءً عاماً من الحكومة لعدم الوفاء بالوعود المتعلقة بتحسين الأوضاع المعيشية.