لمياء شرف
على مدى العقود الأخيرة، طورت إيران قدراتها الصاروخية خصوصا في مجال الصواريخ الباليستية، مما جعلها واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال على مستوى الشرق الأوسط.
وتشمل هذه التطورات زيادة مدى الصواريخ، وتحسين دقتها، وتعزيز قدراتها التدميرية. وقد أثارت هذه التطورات مخاوف أوربا والولايات المتحدة الأمريكية والدول التابعة لها في المنطقة العربية؛ نظرا إلى الإمكانات العسكرية التي تمتلكها هذه الصواريخ.
ومع تصاعد وتيرة الصراع في المنطقة ودخول إيران وإسرائيل في حرب “الرد” وتهديدات بقصف البنى التحتية والأخرى بقصف منشآت نووية، نقف في هذا التقرير على مدى تطور الأسلحة الباليستية التي تمتلكها إيران في حربها القادمة.
صرح كمال خرازي، مستشار خامنئي ورئيس المجلس الاستراتيجي للشؤون الخارجية لإيران، بأنه من المرجح أن تزيد طهران نطاق صواريخها الباليستية إلى ما يتجاوز الحد الذي فرضته على نفسها وهو 2000 كيلومتر، مشيرا إلى أنه قد يتسع نطاق الصراع بعد ضربات إسرائيل الأخيرة.
وأكد، خلال تصريحاته لقناة الميادين، أنه من الممكن مراجعة عقيدة إيران النووية وسط التوتر المتزايد مع إسرائيل.
وأضاف خرازي أنه على الرغم من أن إيران تملك القدرة من الناحية الفنية على إنتاج الأسلحة النووية، فإنها مقيدة حاليا بفتوى المرشد الأعلى، التي حرم فيها استعمال الأسلحة النووية، مشيرا إلى أن خامنئي له الكلمة الفصل في برنامج طهران النووي.
ويقول مسؤولون إيرانيون، حسب وكالة رويترز، إن طهران ليست بحاجة إلى زيادة مدى صواريخها الباليستية إلى ما يزيد على 2000 كيلومتر؛ لأنها يمكن أن تصل بالفعل إلى القوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة.
وتعتبر إيران برنامجها الصاروخي جزءا من استراتيجيتها الدفاعية، وترى فيه وسيلة لتحقيق توازن في مواجهة التهديدات الخارجية، كما تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة وتوفير دعم لحلفائها عبر تطوير قدراتها الصاروخية
يُذكر أنه مع انحسار وضعف الاتفاق النووي لعام 2015 على مر السنين، رفعت إيران درجة نقاء تخصيب اليورانيوم، مما قلل من الوقت الذي قد تحتاجه لصنع قنبلة ذرية إذا أرادت، على الرغم من أنها تنفي رغبتها في ذلك، نقلا عن وكالة الأخبار الألمانية.
الحرب العراقية الإيرانية
بدأت إيران في تطوير منظومتها الصاروخية في فترة الحرب العراقية الإيرانية “1980-1988” حين قصفت العراق المدن الإيرانية بالصواريخ ولم ترد إيران لعدم توافر أسلحة رادعة.
وتعتبر هذه الحرب نقطة تحول في مسار تطوير صناعة الصواريخ الإيرانية، وحاولت في البداية تطوير نظامها الدفاعي بواسطة مجموعة صواريخ بدلا من تطوير نظامها الهجومي، وشراء المقاتلات الحربية.
وتلقت إيران في البداية مساعدة دولية من كوريا الشمالية وروسيا والصين لتطوير أسلحتها الباليستية، وبعدها اتخذت خطوات نحو الاكتفاء الذاتي وأسست بيئة علمية لصناعة وتطوير الصواريخ، وعملت على إيجاد متخصصين إيرانيين في هذا المجال، وجلب خبرات من خارج إيران.
ركزت إيران في مراحل تطوير أسلحتها على تحسين دقة هذه الصواريخ، حيث يمكن أن تصبح الصواريخ أكثر فعالية في ضرب أهداف معينة بدقة متناهية، مما يعزز من قدرتها العسكرية الردعية.
واعتمدت في بناء ترسانتها العسكرية على الإنتاج المحلي، نظرا إلى العقوبات الدولية المفروضة عليها، مما أكسبها قدرة ذاتية تتيح لها إنتاج كميات كبيرة من الصواريخ دون الاعتماد على الخارج.
وتنقسم أنواع الصواريخ الباليستية، التي عملت إيران على إنتاجها وتطويرها، إلى صواريخ قصيرة المدى مثل صواريخ “فاتح 110” و”زلزال”، إضافة إلى صواريخ متوسطة المدى: كصواريخ “شهاب” و”قيام”، حيث يتم تطويرها من فترة لأخرى لزيادة كفاءتها ومدى وصولها، وأيضا صواريخ بعيدة المدى، تشمل صواريخ “خرمشهر” و”سجيل”، والتي تصل إلى مدى أكبر من 2000 كيلومتر، ما يجعلها قادرة على استهداف مناطق أبعد.
صواريخ “فاتح” قصيرة المدى
اعلنت إيران استعمالها صاروخ “فاتح” في قصفها الأخير على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول. ويعتبر هو أول صاروخ باليستي إيراني فرط صوتي تفوق سرعته سرعة الصوت. فهو قادر على الطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت بـ15 مرة.
كما يُعتقد أنه قادر على حمل رؤوس حربية نووية أو كيميائية أو تقليدية، ما يزيد من قدرته التدميرية.
ويُعَد هذا الصاروخ الذي كشفت عنه طهران رسميا في السادس من يونيو/حزيران 2023، موجها بدقة على مرحلتين، ويعمل بالوقود الصلب.
وتعد عائلة صواريخ فاتح من أشهر الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، والتي أنتجت إيران أجيالا مختلفة منها وشغلتها، ومن أهم ما يميزها هامش الخطأ القليل جدا مقارنة بأنظمة صواريخ أرض-أرض الأخرى.
وكشفت إيران عن النموذج الأولي لصواريخ فاتح عام 2002، وهي نظائر لسلسلة صواريخ شهاب لكنها تعمل بالوقود الصلب.
صاروخ فاتح 110 يعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، ويبلغ طوله 8.86 متر، ويبلغ مدى النموذج الرئيسي لهذا الصاروخ 300 كيلومتر، كما يزن 3450 طنا، من ضمنها نصف طن للرأس الحربي.
وأعلنت إيران عام 2012 عن الجيل الرابع من صواريخ “فاتح 110″، والذي يقدر هامش خطأ إصابة صاروخ فاتح 110 لأهدافه بأقل من 10 أمتار، أيضا من ميزاته امتلاك نظام تحكم.