ترجمة: علي زين العابدين برهام
التقى محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، مع تاجسي تشافو، رئيس مجلس النواب الإثيوبي، وناقش توسيع العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والبرلماني، واستعراض القدرات المشتركة بين البلدين.
نشرت صحيفة “كيهان“، لسان حال المرشد الإيراني علي خامنئي، تقريرا الجمعة 17 يناير/كانون الثاني 2025، أفادت فيه بأن محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، وصل إلى إثيوبيا على رأس وفد برلماني الخميس 16 يناير/كانون الثاني 2025 بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، وعقد اجتماعا مع رئيس مجلس النواب الإثيوبي، تاجسي تشافو، لبحث سبل التعاون المشترك.
ذكرت الصحيفة أن قاليباف أكد، خلال لقائه، أهمية افتتاح سفارة إثيوبيا في طهران، مشيرا إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تكون بداية لتعزيز العلاقات في المجالات الاقتصادية والسياسية. وأضاف أن القضايا بين الدول، خاصة على المستويين الإقليمي والدولي، تترك آثارا سريعة وملحوظة.
وقال مشيرا إلى الإفراج عن أربعة بحارة إثيوبيين من السجون الإيرانية، إن هذه الخطوة تمت بمتابعة داخلية في إيران، وكان من الممكن أن تُحل بشكل أسرع في حال وجود سفارة إثيوبية في طهران.
وأوضحت ما صرح به من أن موقع إثيوبيا في شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي، يحظى بأهمية كبيرة، خاصة في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين. وتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمن الإقليمي سيكون له تأثير كبير في هذا السياق. وأكد أن السياسات الثابتة لإيران تركز على توسيع العلاقات مع دول القارة الأفريقية، لا سيما إثيوبيا، مع الأخذ في الاعتبار الروابط الثقافية التاريخية بين البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى تأكيده أن إثيوبيا حققت نموا اقتصاديا جيدا في السنوات الأخيرة وتسير نحو التنمية المستدامة. ومع عدد سكان كبير وموقع اقتصادي مؤثر، فإن إثيوبيا لديها قدرة كبيرة على توسيع العلاقات الاقتصادية مع إيران. لكن للأسف، لم يتم تشكيل اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين منذ أكثر من عشرة أعوام، مما حال دون تعزيز القضايا الاقتصادية. وأوضح أن أحد أهداف هذه الزيارة هو اتخاذ خطوات لإحياء هذه اللجنة.
وتابع قاليباف أن إيران تمتلك قدرات كبيرة في مجالات التكنولوجيا المعتمدة على المعرفة، والصحة والرعاية الصحية، والذكاء الاصطناعي والمعدات الطبية، ويمكنها التعاون مع إثيوبيا في هذه المجالات.
وأشار إلى أنه “يمكننا الاستفادة من إمكانات مجموعة البريكس لتطوير العلاقات الاقتصادية والمالية”. كما أكد أن إنشاء خط جوي بين طهران وأديس أبابا يعد من الضروريات لهذه التعاونات، ويجب على شركات الطيران في البلدين اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه.
وبحسب الصحيفة تحدث قايباف حول التحديات التي يواجهها رجال الأعمال الإيرانيون في شرق أفريقيا وإثيوبيا، مؤكدا أن من بين العقبات الموجودة المشكلات الضريبية، والعملات، والاتصالات البنكية، والنقل البحري والجوي. وشدد على ضرورة بذل الجهود لحل هذه القضايا وتوفير بيئة مناسبة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين تجار البلدين. وأضاف أن الاستفادة من إمكانات مجموعة البريكس يمكن أن يساعد في معالجة المشكلات البنكية.
وأشار في ختام حديثه، إلى أن إيران وإثيوبيا يمكنهما التعاون بشكل جيد ضمن إطار منظمات دولية أخرى. ومع أن كلا البلدين عضو في لجنة حقوق الإنسان، فإنهما قادران على اتخاذ خطوات مؤثرة لمواجهة أحادية الموقف الأمريكي. وأضاف أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على الدول المستقلة التي تقف في وجه طموحاتها، ومن ثم يجب على الدول المتحالفة التعاون في هذا المجال.
تاجسي تشافو: مستعدون لتوسيع علاقاتنا الدبلوماسية
ذكرت الصحيفة أن تاجسي تشافو رحب بزيارة قاليباف والوفد المرافق له، معربا عن شكره لهم. وقال: “العلاقات البرلمانية بين البلدين يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على الجوانب التجارية أيضا. إثيوبيا دولة نامية ولديها فرص كبيرة لتواجد التجار والنشطاء الاقتصاديين الإيرانيين، لذلك نطلب منكم تشجيع المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين على الحضور إلى هذا البلد والاستفادة من إمكانياته. كما أننا مهتمون بإعادة تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة، وسنواصل متابعة هذا الموضوع بجدية”.
وأكد أن هذه هي أول زيارة على أعلى مستوى من مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية في السنوات الأربعين الماضية، وأنها ستكون ذات أهمية وتأثير كبيرين على العلاقات العامة بين البلدين. وقد أضاف قائلا: “نحن مستعدون لتوسيع علاقاتنا التجارية والبرلمانية والدبلوماسية، وسنسعى للاستفادة من إمكانيات مجموعة البريكس لتعزيز التعاون”.
وأشارت الصحيفة إلى قوله: “يجب أن نتعاون معا ليس فقط ضمن إطار مجموعة البريكس، بل في المنظمات الدولية الأخرى”. وأعرب عن شكره لإيران على الإفراج عن أربعة بحارة إثيوبيين، معربا عن أمله في أن يتم حل مسألة الإفراج عن البحارة الآخرين قريبا.
وتابعت أنه بعد نهاية اللقاء، قام قاليباف مع نظيره الإثيوبي بالتوقيع في دفتر الذكريات بمجلس النواب الإثيوبي، حيث كتب ملاحظة وأكد تعزيز العلاقات الودية بين البلدين.
وذكرت الصحيفة أنهما توجها بعد ذلك إلى ساحة البرلمان في إثيوبيا، حيث زرعا شجرتين من الصنوبر كرمز للصداقة والتعاون المستدام بين إيران وإثيوبيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قد رافق قاليباف في هذه الزيارة كل من منوتشهر متكي، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية بين إيران وإثيوبيا، والناظبئ عالية زماني كياسري، ورمضان علي سنجدويني، ووحيد جلال زاده، نائب وزير الخارجية لشؤون البرلمان.
على هامش الزيارة
ذكرت الصحيفة أن محمد باقر قاليباف، خلال زيارته التي استمرت يومين لإثيوبيا، التقى الشيخ إبراهيم طوفا، رئيس المجلس الأعلى الإثيوبي، حيث تم بحث سبل التعاون المشترك.
وصرح قاليباف في هذا الاجتماع، مؤكدا أهمية الوحدة بين المذاهب الإسلامية ومبينا أنه في إيران، توجد مذاهب مختلفة، وفي البرلمان الإيراني لا يقتصر التمثيل على النواب من الشيعة والسنة فقط، بل يشارك أيضا أتباع الديانات الأخرى مثل المسيحيين، واليهود، والزرادشتيين.
وأوضح أن أهل السنة يشاركون في الهياكل الحكومية بإيران، قائلا: “حاليا، يوجد 26 نائبا من أهل السنة في البرلمان، وتم الاستفادة من أهل السنة في المناصب الإدارية المختلفة مثل نائب رئيس الجمهورية، والمحافظين، ونواب الوزراء”.
وأشار قاليباف أيضا إلى تصريحات آية الله السيستاني بشأن ضرورة الدفاع عن أهل السنة في الوقت الذي كان فيه تنظيم داعش يواصل تقدمه وقتل المسلمين، وقال: “لقد أكد سماحته أن أهل السنة ليسوا فقط إخواننا، بل هم أرواحنا، ويجب الدفاع عنهم”.
فلسطين حاضرة
أفادت الصحيفة بأن قاليباف أشار في حديثه، إلى دعم إيران لفلسطين كأحد الأمثلة على نهج إيران في دعم المسلمين السنة، قائلا: “الشهيد قاسم سليماني كان أحد القادة الذين استشهدوا في هذا الطريق.” وأضاف: “كما أن عمليتين كبيرتين نفذتهما إيران للدفاع عن الشعب الفلسطيني، الذي هو من أهل السنة، في الوقت الذي لم تقدم فيه بعض الدول الإسلامية أي مساعدة، بل لم تدن حتى هذه الجرائم”.
وأضاف: “إيران دائما وقفت ضد الظلم، وأظهرت أنها الدولة الوحيدة التي تدعم جميع المسلمين بغض النظر عن مذهبهم. بلا شك، إذا كانت الأمة الإسلامية موحدة ووقفت ضد عدوانية الولايات المتحدة، فإنها ستنتصر، وهذه وعدة من الله تعالى”.
إبراهيم طوفا وحديثه عن مسلمي إثيوبيا
ذكرت الصحيفة أن إبراهيم طوفا أشار بدوره إلى وضع المسلمين في إثيوبيا، قائلا: “في الماضي، كان المسلمون في هذا البلد يواجهون العديد من المشاكل، ولكن مع تغير الظروف السياسية وصعود رئيس الوزراء الحالي، أصبح المسلمون يعلنون دينهم بحرية، وقد شهدوا تحسنا في أوضاعهم”.
وأضاف مبينا أن أكثر من نصف سكان إثيوبيا مسلمون، ويوجد بإثيوبيا أكثر من 100 ألف مسجد. كما تم انتخاب 7 وزراء في الحكومة وأكثر من 250 عضوا بالبرلمان من بين المسلمين.
وأوضحت أن طوفا أشاد بدور إيران في دعم المسلمين في العالم، وقال: “نحن نعتبر إيران رمزا للمسلمين في العالم. إيران مثل القلب الذي يمنح الحياة لجميع العالم الإسلامي. وقوف إيران في وجه أمريكا ودعمها لفلسطين ولبنان فخر لجميع المسلمين. تحيا إيران”.
لقاءات اقتصادية
ذكرت الصحيفة أن قاليباف خلال زيارته التي استمرت يومين لإثيوبيا، عقد جلسة عمل مع مجموعة من النشطاء الاقتصاديين المقيمين بإثيوبيا، حيث تم مناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأضافت أنه تم عقد هذا اللقاء بهدف دراسة التحديات والفرص المتاحة للتعاون الاقتصادي بين إيران وإثيوبيا، وتم تخصيصه لتحديد العقبات التي تواجه التجار الإيرانيين في هذا البلد.
وأشارت إلى تأكيد قاليباف ضرورة الاستفادة من الإمكانات الدولية مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي، قائلا: “على الرغم من العقوبات، فإن حضور إيران في هذه المنظمات قد أتاح فرصا هامة لتطوير التعاون الاقتصادي”.
وأردف مستدركا: “لكن للأسف، القطاع الخاص وحتى العديد من النشطاء الاقتصاديين الإيرانيين ليس لديهم دراية كافية بهذه الإمكانات، ولا يستفيدون منها بشكل صحيح. يجب بذل الجهود لتوفير معلومات دقيقة وشاملة حول هذه الفرص”.
تحديات الاستثمار في أفريقيا
أوضحت الصحيفة ما أشار إليه قاليباف من تحديات اقتصادية، فقد اعتبر أن أحد التحديات الرئيسية في توسيع العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا هي مشكلات النقل، وأضاف: “إن نقص البنية التحتية المستدامة في مجال النقل قد جعل عملية التجارة مع هذه القارة صعبة. علاوة على ذلك، فإن مشاركة القطاع الخاص في هذا المجال محدودة، حيث تقوم الكيانات العامة غير الحكومية في الغالب بالأنشطة. يجب أن يتم توفير بيئة تتيح للقطاع الخاص الدخول بشكل مستقل ونشط في هذا المجال ومتابعة تطوير التعاون”.
وتابعت الصحيفة مبينةً أنه في هذا اللقاء، أشار النشطاء الاقتصاديون الإيرانيون إلى مشاكلهم في الاستثمار والتجارة بإثيوبيا. وقد ذكروا أن من أهم العوائق التي تواجه تطوير التجارة والعلاقات الاقتصادية مع أفريقيا هي التغييرات المتكررة في السياسات المالية والضريبية، وصعوبة تصدير النفط والغاز، إضافة إلى التكاليف المرتفعة للنقل في المسارات المختلفة عبر قارة إفريقيا.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أنه على الرغم من هذه العوائق، أشار النشطاء الاقتصاديون إلى إمكانيات تصدير المنتجات البتروكيماوية، والخدمات الفنية والهندسية، والمشاركة في بناء محطات الطاقة الكهربائية باستخدام الموارد المائية في إثيوبيا. كما طالبوا بدعم أكبر من الحكومة وتسهيل العلاقات الاقتصادية.