كتبت: يسرا شمندي
أثار قانون العفة والحجاب في إيران موجة انتقادات واسعة، حيث اعتبره المعارضون “الشر المطلق” و”معاديا لإيران”، مؤكدين أنه ينتهك حقوق المرأة. دعا العديد من الناشطين إلى إلغاء القانون بسبب تأثيراته الاجتماعية السلبية، في الوقت ذاته، حاول بعض المسؤولين الدفاع عنه، لكن الانتقادات تتزايد، مما يزيد الانقسام الاجتماعي والسياسي في البلاد.
ووفقاً لتقرير نشره موقع إيران امروز بتاريخ 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، فإن قانون الحجاب والعفة الجديد في إيران يُعتبر خطوة تهدف إلى الحفاظ على “الخطوط الحمراء” التي يفرضها المرشد الأعلى. هذا القانون لاقى انتقادات شديدة من شخصيات مثل السياسي عبد الله ناصري والمهندس بيجان نوبابه، الذي يرى أن التعديلات التي أدخلها رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، قد شوهت النسخة الأصلية للقانون، ودعا العديد من الناشطين إلى مقاومة هذا القانون من خلال توسيع نطاق “العصيان المدني”.
الاحتجاجات ضد قانون الحجاب
والجدير بالذكر أنه في أعقاب احتجاجات واسعة ضد قانون ” العفة والحجاب” في إيران، أصدر أكثر من 100 مخرج إيراني بيانا يرفضون فيه القانون، واصفين إياه بأنه “معادٍ لإيران” و”مهين”، ومؤكدين أنه يشكل “إعلان حرب شاملة على الشعب الإيراني” ويعزز الانقسامات بين المواطنين. وأشار البيان إلى العقوبات الواردة في القانون، وفقا لما ورد بموقع راديو فردا 5 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وبناءً على ذلك تساءل المخرجون، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل مصطفى آل أحمد ورخشان بني اعتماد، عن منطق تمرير القانون في ظل المشاكل الاقتصادية والبيئية والفساد التي تعاني منها البلاد، مؤكدين تضامنهم مع النساء المتضررات من الحجاب الإلزامي.
وفي وقت سابق، أصدرت ثلاث مؤسسات ثقافية إيرانية بيانا عارضت فيه قانون “العفة والحجاب”، مشيرة إلى أنه “معادٍ للوطنية” و”يثير الانقسام”. كما أشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى أن القانون “لا يمكن تطبيقه”، محذراً من العواقب الاجتماعية، بينما أكد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إصدار القانون في 13 ديسمبر/كانون الأول،
وجدير بالذكر أنه قد تزايدت الاحتجاجات والاعتراضات المناهضة لهذا القانون، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي والثقافي في إيران.
رد فائزة هاشمي: قانون الحجاب ليس شريعة ولا قانونا
وفي وقت تصاعدت فيه الانتقادات ضد قانون الحجاب الإلزامي بإيران، وصفت الناشطة السياسية فائزة هاشمي هذا القانون بأنه “غير قانوني وغير شرعي”، كما اعتبرت هاشمي أن هذا القانون يتناقض مع المادة 69 من الدستور الإيراني، بحسب تقرير “بي بي سي” بتاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول 2024.
قانون الحجاب سيُكرر احتجاجات 2022
ينبغي الإشارة إلى أنه مع اقتراب تنفيذ قانون “حماية الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب”، تتصاعد المخاوف من عواقبه، حيث عبّرت مساعدة الرئيس سكينة السادات باد، عن قلقها بشأن تسريع إصدار القانون رغم اعتراضات الفقهاء والمجتمع الأكاديمي، كما أثارت استخدام كاميرات المراقبة والعقوبات المالية ردود فعل قوية على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط أزمات اقتصادية حادة، بحسب موقع برترينها 3 ديسمبر/كانون الأول 2024.
انتقاد منطق رئيس السلطة القضائية في قضية قانون الحجاب
في ضوء ذلك، أثارت تصريحات رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني، حول القانون جدلا واسعا، حيث اعتبره المواطنون والمراقبون مفتقرا إلى المنطق والدعم الشعبي، أما منتقدو القانون فيرون أنه يعمق الانقسامات الاجتماعية ويغذي الكراهية، مشيرين إلى أن الحجاب يُستخدم كرمز للسلطة بدلا من التركيز على قضايا أساسية مثل الفقر والفساد، بحسب تقرير هم ميهن بتاريخ 3 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وبناءً عليه تعلو الدعوات إلى إجراء استفتاء عام حول القضية، وسط توقعات بأن معارضي القانون يشكلون الأغلبية، مؤكدين أن الحلول الفعّالة تكمن في معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بدلا من فرض تشريعات تُقيّد الحريات الشخصية.
الجدل حول قانون الحجاب
ذكرت المراسلة الصحفية الإيرانية شادي مكي، في تقرير لها بصحيفة هم ميهن بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن جدلا واسعا أُثير حول مشروع قانون الحجاب والعفة الذي طرحه النائب العام على النظام القضائي، حيث أشار رئيس المركز الرئاسي للتواصل العام إلى تلقي مطالب بحرية اللباس، لكنه وصف العدد بالقليل، في حين دعا محامون إلى اتخاذ قرارات عقلانية تحترم حق المرأة في اختيار ملابسها باعتباره جزءا من حقوقها المدنية.
ووفقا لذلك، فإن النقاش حول قانون الحجاب الإلزامي يجمع بين من يرونه واجبا دينيا للحفاظ على الهوية الإسلامية، ومن يدعون إلى تغييره استجابة لتطلعات المواطنين. هذه القضية تتعدى الجوانب القانونية لتلامس هوية المجتمع الإيراني، مما دفع محامين ومراقبين إلى المطالبة بإجراء استفتاء عام، وسط محاولات حكومية لإيجاد حلول توافقية.
وبناءً عليه سيعلن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، في 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، عن قانون “حماية الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب” الذي تم تحويله أخيرا إلى قانون بعد العديد من المراجعات بين مجلس صيانة الدستور ومجلس الشورى، يشمل القانون 74 مادة ضمن خمسة فصول ويحدد عقوبات للمخالفين، بحسب موقع أكوا إيران 2 ديسمبر/كانون الأول 2024.
انتقادات قانون الحجاب في إيران
انتقد عدد من المسؤولين والشخصيات البارزة في إيران قانون الحجاب الإلزامي، مشيرين إلى تداعياته السلبية.
في هذا الإطار انتقد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في اجتماع هيئة المتابعة والإشراف على تنفيذ الدستور في 3 ديسمبر/كانون الأول، المواقف تجاه قانون الحجاب، وأكد أن احترام حقوق الإنسان يمكن أن يحل مشاكل البلاد.
كما صرح علي ربيعي بأن السياسات في مجال الحجاب تسببت في أزمة، مشيرا إلى ضرورة إعادة تقييم فهم صانعي السياسة للقضايا.
في حين أعربت نائبة الرئيس السابقة لشؤون المرأة والأسرة، معصومة ابتكار، عن استيائها من تأخير تنفيذ قانون الحجاب.
كذلك فقد علق طباطبائي على قانون الحجاب، مؤكدا أنه تم تحديد مسارات لتعديل القوانين التي تضر بالمصالح العامة للبلاد وتسبب الانقسام الاجتماعي، مشيرا إلى أن النجاح يتطلب التحلي بالصبر.
في السياق ذاته، فقد انتقد السياسي محمد تقي فاضل ميبودي القانون، مشيرا إلى أن تطبيقه بهذه القسوة يتعارض مع مبادئ الإسلام وحقوق الإنسان.
في حين عبر رئيس قسم الدراسات الإسلامية مصطفى محقق داماد في الأكاديمية الإيرانية للعلوم، عن قلقه من قانون العفة والحجاب، منتقدا واضعي القانون؛ لافتقارهم إلى التفكير العلمي والمنطقي.
جدير بالذكر أن قانون الحجاب أثار جدلا كبيرا في الشارع الإيراني، بسبب الخلاف حول بعض بنوده، ورؤية كل من الأصوليين والإصلاحيين للأمر.