ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة أنباء “خبرآنلاين” الإيرانية الإصلاحية، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار علي خامنئي، الأحد 23 مارس/آذار 2025، تقريرا تناولت فيه مسيرة لاريجاني السياسية بدءا من ترشحه للانتخابات الرئاسية وانتهاءا بزيارته لبنان وسوريا لنقل رسائل إيران إلى مسؤولي البلدين.
ترشّح علي لاريجاني للمرة الثانية
ذكرت الوكالة أن علي لاريجاني كان حريصا على تسجيل نفسه كمرشح للانتخابات الرئاسية في إيران في اليوم الثاني من فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة لعام 2024 ، وهو ما برهن على أن محاولاته خوض غمار الانتخابات لم يكن مفاجئا.
حيث أوضحت أنه بدأ مبكرًا في صيف 2024 بأسلوبه السياسي المعروف، حيث نشر صورة لخريطة مسار سيارات الأجرة الإلكترونية(لتحديد أفضل المسارات لسيارات الأجرة عن طريق الذكاء الاصطناعي)، حيث كان نقطة الانطلاق من وزارة الداخلية، والوجهة المراد الوصول لها هي مجمع رئاسة الجمهورية في باستور(طهران).
وتحت الصورة، كُتب: “بدونكم لن نصل إلى الوجهة.” وتابعت الوكالة أن تلك التغريدة التي نشرها علي لاريجاني أثارت ضجة كبيرة، وهجمات من خصومه كالسيل.
وعندما سأله أحد الصحفيين مازحا: “هل أتيت عبر سناب أم تبسي؟”(تطبيقات لطلب سيارات الأجرة)، رد لاريجاني بصوته المعتاد ونبرته الجادة قائلا: “كان هناك أمور أكثر أهمية في تلك التغريدة.”
كما ذكرت الوكالة أنه كان هناك أكثر من شخص من خصوم لاريجاني قاموا بالرد على تغريدته.
أميرحسين ثابتي، النائب في البرلمان والذي يتبنى نفس النهج السياسي لسعيد جليلي، حضر بشكل مفاجئ مع جليلي أثناء تسجيل ترشحه للانتخابات الرئاسية في وزارة الداخلية، وفي رد ساخر على تغريدة علي لاريجاني، كتب: “لم يقبل أي سائق رحلتك”
أما محمدجواد آذري جهرمي، وزير الاتصالات في حكومة روحاني، والذي كان يُعتبر أحد المرشحين المحتملين للانتخابات، فقد أعاد نشر تغريدة لاريجاني، واضعًا حدًا لهذه التكهنات بشأن ترشحه، وفي رد على ثابتي، كتب: “لا تكن من الذين يتربحون من زيادة التكاليف!”
فيما قام مسعود براتي، أحد مستشاري سعيد جليلي، بإعادة نشر تغريدة علي لاريجاني وعلق عليها ساخرًا: “للأسف، سناب وتبسي لا يمكنهما الوصول إلى منطقة رئاسة الجمهورية.”
كما رد عبدالمطهر محمدخاني، المتحدث باسم بلدية طهران وأحد المقربين من عليرضا زاكاني، المرشح الرئاسي للانتخابات ، بتعليق ساخر آخر: “الحمد لله أنك لم تطلب تبسي من منزلك، وإلا لكانت التكلفة أعلى بكثير! لكن الجيد في الأمر أنك كنت ستتمكن من اصطحاب صديقك، حسن روحاني(رئيس جمهورية إيران السابق)، في طريقك.”
مهدي غضنفري، وزير الصناعة في حكومة أحمدي نجاد والرئيس الحالي لصندوق التنمية الوطنية، علّق على تغريدة علي لاريجاني بشأن انتخابات الرئاسة بطريقة ساخرة، مستغلًا أسماء الشوارع التي ظهرت في الخريطة المنشورة، وهما شارعا الثورة والحرية، وكتب: “يجب أن نكون مع الشعب، فالشعب دائمًا حاضر، وهم يسيرون على طريق الثورة والحرية.”
تلميحات لاذعة
ذكرت الوكالة أن هذه التلميحات اللاذعة تجاه علي لاريجاني، استمرت إلى أن جاء خبر استبعاده من السباق الرئاسي، ليضاعف فرحة منتقديه وخصومه.
وتابعت أنه لم يكن هناك شك في أن بعض التيارات الأصولية كانت راضية عن خبر استبعاد علي لاريجاني، لكن الأكثر سعادة وبهجة كانوا المقربين من سعيد جليلي، حيث رأوا في ترشح لاريجاني تهديدًا جديًا لطموح جليلي في الوصول إلى رئاسة الجمهورية في باستور.
كما أضافت أن استبعاد علي لاريجاني من انتخابات الرئاسة لعام 2021، ثم قراره الترشح مجددًا في الانتخابات التالية، عزّز الاعتقاد بأن لاريجاني ربما دخل السباق بعد تنسيق خلف الكواليس ولجوئه إلى استثناءات خاصة للحصول على الضوء الأخضر لتأييد أهليته.
ورغم إشارة المرشد الأعلي في خطابه، الجمعة 2 يونيو/حزيران 2021، دون ذكر اسم علي لاريجاني إلى “الظلم والإجحاف” الذي تعرّض له بعض المرشحين أو أفراد عائلاتهم، مؤكدًا على ضرورة “تصحيحه”، إلا أن قرار استبعاد لاريجاني لم يتغير، وظل مجلس صيانة الدستور متمسكًا بموقفه، معلنًا أنه تصرف وفقًا للقانون.
وتابعت أن الأغرب من ذلك، أنه بعد ثلاث سنوات، تكرّر السيناريو نفسه، وكأن النية لم تتغير، تمامًا كما وصفها لاريجاني نفسه في خطابه لمجلس صيانة الدستور خلال خريف وشتاء 2021: “المسألة أن هناك من يعتقد أن الانتخابات يجب أن تسفر عن النتيجة التي يريدونها… ببساطة، قولوا بصراحة إنكم قررتم استبعادي منذ البداية.”
تفويض خاص للاريجاني
في حين أفادت الوكالة أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية اسم علي لاريجاني، وفي خضم الأيام المضطربة في الشرق الأوسط، انتشر خبر جديد في كواليس السياسة الإيرانية: :”علي لاريجاني، بصفته مستشارًا للمرشد الأعلى، يلتقي بشار الأسد”.
وتابعت أنه في تلك الأيام، كانت حكومة بشار الأسد على وشك السقوط، وكان لقاء علي لاريجاني معه، بصفته مستشارًا للمرشد الأعلى، مختلفًا تمامًا عن أي لقاء سابق بين المسؤولين الإيرانيين والأسد خلال السنوات الماضية.
أوضحت الوكالة أن منتقدو لاريجاني، بلا شك، أصيبوا بالصدمة من اختياره لهذه المهمة، لكن الرسالة كانت واضحة: “ربما يستطيع مجلس صيانة الدستور منعه من رئاسة الجمهورية، لكنه لا يزال محل ثقة، وحاملًا للرسائل التي تصنع التاريخ”.
كما أضافت أنه في الأسابيع الأولى من فوز مسعود پزشکیان، انتشرت تكهنات حول احتمال تعيين علي لاريجاني أمينًا لـ المجلس الأعلى للأمن القومي، وقد جعلت مهمته الأخيرة هذه التكهنات أقرب إلى الواقع، ومع ذلك، أكد لاريجاني في مقابلته الأخيرة مع “خبرآنلاین” أنه لم يتلقَّ أي عرض رسمي للانضمام إلى الحكومة على الإطلاق.
مستوى آخر من العمل السياسي
ذكرت الوكالة أنه عندما قرر علي لاريجاني، رئيس البرلمان لثلاث دورات، عدم الترشح لانتخابات المجلس، فُسِّر هذا القرار من زاويتين: البعض اعتبره نهاية حقبة لاريجاني في السياسة، آخرون رأوا أنه يطمح للرئاسة، ولم يعد البرلمان مغريًا له.
وتابعت أن أدلة الفريق الأول استندت إلى وضعية صادق آملي لاريجاني(عضو مجلس صيانة الدستور)، والصراعات الحادة بينه وبين محمد يزدي(عضو مجلس صيانة الدستور السابق)، إضافةً إلى شائعات عن إصرار صادق لاريجاني على الاستقالة من مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام، والتوجه إلى النجف(العراق).
أضافت أنه في المقابل، رأى البعض أن قرار علي لاريجاني كان خطوة استراتيجية، بمثابة توقف مؤقت لتحديد مساره السياسي بعد البرلمان والتوجه نحو رئاسة الجمهورية.
كما ذكرت في ختام التقرير أن ترشح علي لاريجاني لانتخابات 2021، ثم رفض أهليته مرتين متتاليتين خلال 3 سنوات، يظهر أن أيًّا من التحليلات السابقة لم يكن دقيقًا تمامًا، لاريجاني، بموجب قرارات المؤسسات التي تهيمن عليها بعض التيارات الأصولية، تم إبعاده عن الساحة الانتخابية.
وتابعت أنه رغم هذا الإقصاء إلا أنه لم يؤدِّ إلى تهميشه، بل نُقل إلى مستوى آخر من العمل السياسي؛ مستوى تُحدده الثقة والمعرفة العميقة بشخصيات الجمهورية الإسلامية، حيث يتم تأييد الأفراد أو رفضهم بناءً على تاريخهم في النظام.