ترجمة: شروق السيد
نشرت صحيفة “همشهري” الإيرانية، 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، تقريراً عن أبرز قضايا الفساد الاقتصادي في إيران، وأفادت بأنه في العقود المختلفة، كانت معالجة قضايا الفساد الاقتصادي مصحوبة بالكثير من الجدل، بدءاً من قضية محاكمة كرباسجي، رئيس بلدية طهران في التسعينيات، وصولاً إلى قضية “شاي دبش”، التي يجري التحقيق فيها حالياً، والتي يُشار إليها باعتبارها أكبر قضية فساد اقتصادي في التاريخ.
واستعرضت الصحيفة، في تقريرها، ما وصفته بقضايا المفسدين الاقتصاديين في السنوات الأخيرة التي أدت إلى إدانتهم وسجنهم.
بابك زنجاني
كتبت الصحيفة: لأول مرة، أصبح اسم “بابك زنجاني” حديث الجميع، بعد مقابلة له مع إحدى المجلات الأسبوعية في البلاد، حيث تحدث عن كيفية تحقيقه للثروة، ومع ذلك، تم نفي بعض أجزاء من هذه المقابلة، مثل ادعائه أنه كان سائقاً لنوربخش، رئيس البنك المركزي آنذاك.
وذكرت أن التهمة الرئيسية ضد زنجاني هي أنه خلال فترة العقوبات المفروضة على إيران، قام ببيع أكثر من 2 مليار دولار من النفط، ولكنه لم يعِد الأموال إلى الحكومة، كما تم اتهامه بالفساد من خلال التلاعب بالنظام الاقتصادي للبلاد، والاحتيال على شركة النفط الوطنية، وبنك المسكن، والتأمين الاجتماعي، وغسيل الأموال، وتزوير 24 وثيقة وحساباً مصرفياً، وتزوير حوالات مالية وتزوير أوامر التحويل بين البنوك.
وأوضحت: حضر بابك زنجاني واثنان من المتهمين الآخرين في هذه القضية، 26 مرة في جلسات المحكمة، وفي نهاية المطاف، في ديسمبر/كانون الأول 2015، تم الحكم عليهم بالإعدام بتهمة “الإفساد في الأرض”.
وأضافت: تم إرسال قضيتهم إلى المحكمة العليا، حيث تم تأكيد حكم الإعدام بحق زنجاني، بينما تم نقض حكم المتهمين الآخرين. ومع ذلك، حاول زنجاني لاحقاً تسوية ديونه، وتم النظر في طلبه لتخفيف الحكم، ليتم نقض حكم الإعدام وتحويله إلى 20 عاماً من السجن.
رجل أعمال في الـ29 من عمره
كتبت الصحيفة: شهرام جزايري هو واحد من أشهر الأشخاص الذين ارتبط اسمهم بالفساد الاقتصادي، فقد تمكن في سن الـ29 من تأسيس 50 شركة تجارية، وتم تقديم 50 مديراً إلى المحكمة كشركاء في الجريمة.
وأوضحت: كانت التهمة الرئيسية ضده هي تأسيس شركات تجارية متعددة، والحصول على سمعة مزيفة من خلال المناورات الاحتيالية، وسحب 38 مليار و10 ملايين ريال في مرات مختلفة ودفعها لأشخاص على شكل رشوة وتزوير مستندات.
وأضافت: من التهم الأخرى التي وُجهت إليه: كسب المال بطرق غير مشروعة، دفع رشوة لعدة أشخاص في أوقات مختلفة، الحصول على إعفاء من الخدمة العسكرية بطرق احتيالية، ممارسة النفوذ بشكل مخالف للقانون واللوائح، والتصرف غير المشروع في الأموال والممتلكات المحجوزة.
وتابعت: حكم قاضي القضية على شهرام جزايري بالسجن 27 عاماً، ومصادرة جميع الأموال التي حصل عليها بطرق غير قانونية، و50 جلدة في الأماكن العامة، ومصادرة أموال الرشوة.
إلا أن هذا الحكم تعرض للاعتراض من قِبله ومن قِبل محاميه، قبل أن تنتهي القضية، وفي مارس/آذار 2007، ووقت تقديم بياناته المالية، تمكن من الهرب.
وتابعت: كانت ردود الفعل على هذا الحدث كبيرة، لدرجة أن رئيس السلطة القضائية آنذاك أقال مدير سجن إيفين وأربعة قضاة كبار في النظام القضائي بسبب هذا الإهمال.
وأضافت: رغم هروب جزايري، استمرت المحكمة في النظر في قضيته غيابياً، وفي النهاية تم الحكم عليه بالسجن 14 عاماً، وعشر سنوات من النفي، وعشر سنوات من الحرمان من الأنشطة التجارية، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 122 مليوناً و840 ألفاً و200 دولار، إلا أنه تم القبض عليه في عمان بعد 20 يوماً من إصدار الحكم.
من البلدية إلى السجن
وتابعت الصحيفة: في ربيع عام 1997، انفجر خبر اعتقال غلام حسين كرباسجي، عمدة طهران آنذاك، كقنبلة، ولا يزال الكثيرون يعتبرون محاكمة كرباسجي التي تم بثها على التلفزيون هي الأكثر إثارة للجدل.
وأضافت أن جلسات محاكمته كانت تُبث يومياً على التلفزيون، وقد تمت محاكمة عمدة طهران بتهم عامة تتضمن: المشاركة في اختلاس مبلغ 14 ملياراً و530 مليون ريال، وحيازة الممتلكات العامة دون ترخيص، وإهدار أموال بلدية طهران، والمشاركة في الرشوة.
وأضافت الصحيفة: “في أواخر أبريل/نيسان 1997، خلال محاكمة كرباسجي، كتب رئيس الحكومة الإصلاحية رسالة إلى المرشد طالباً منه الإفراج المؤقت عن عمدة طهران، ووافق المرشد على الإفراج المؤقت عن كرباسجي، لكنه في نفس الوقت أكد لرئيس السلطة القضائية ضرورة استمرار التحقيق في هذه القضية بقوة.
وتابعت: في النهاية، تمت محاكمة كرباسجي من قِبل القاضي غلام حسين محسني إيجي بتهم ارتكاب جرائم مالية، وتم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات، و60 جلدة مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها مليار ريال، قضى حوالي عامين في السجن قبل أن يطلب العفو، وبالنظر إلى خدماته السابقة، تم الإفراج عنه.
أكبر قضية فساد في تاريخ إيران
تابعت الصحيفة: تعتبر قضية “شاي دبش” التي يجري التحقيق فيها حالياً بمبلغ 3.4 مليار دولار، أكبر قضية فساد في تاريخ البلاد، بدأت هذه القضية في أواخر عام 2022 بعد تلقي تقارير عن فساد مالي في مجموعة “كشت وصنعت دبش”.
وكما تشير الأدلة الأولية، كان مديرو هذه المجموعة، بالتعاون مع عدد من المديرين في البنوك ووزارة الجهاد الزراعي ووزارة الصناعة والتجارة، قد حصلوا على قروض ضخمة تصل قيمتها إلى حوالي 3.7 مليار دولار من بنوك مختلفة بحجة تطوير صناعة الشاي، وكان من الواضح أن القوانين المتعلقة بإصدار هذه القروض لم يتم الالتزام بها.
وبناءً على ذلك، بدأت تحقيقات واسعة النطاق، وحجم هذا الفساد تسبب في الاستعانة بـ 33 خبيراً في مجالات مختلفة، كان لكشف هذه الفضيحة المالية صدى إعلامي واسع، وكان هناك تكهنات لعدة أشهر حول الأشخاص المتورطين في القضية.
وأوضحت: مع مرور الوقت، تم نشر مزيد من المعلومات حول ما حدث، حتى كشف المسؤولون القضائيون تدريجياً عن المزيد من التفاصيل حول الفساد، والتي أظهرت أن هناك ارتباطاً لشخصين من الوزراء السابقين في هذه القضية.
وفقاً لاكتشافات منظمة التفتيش العامة، التي اكتشفت الفساد في هذه المجموعة لأول مرة، حصلت مجموعة دبش في الفترة من 2019 إلى 2022 على ما يعادل 3 مليارات و370 مليون دولار من العملات الأجنبية لاستيراد الشاي والآلات، كان منها مليار و472 مليون دولار من العملة الحكومية، وكان هذا المبلغ كافياً لتغطية احتياجات إيران من الشاي لمدة 14 عاماً.
ووفقاً للتحقيقات التي أجرتها الأجهزة الاستخباراتية، يتكون المتهمون في هذه القضية التاريخية من ثلاث فئات، بعضهم موظفون في البنوك، وبعضهم موظفون في وزارة الجهاد الزراعي، ووزارة الصناعة والتجارة، ومنظمة التنمية والتجارة، بالإضافة إلى عدد من المديرين والعاملين في مجموعة دبش والشركات التابعة لها، هؤلاء الأشخاص تعاونوا معاً لتقديم تسهيلات مصرفية بدون ضوابط أو قوانين لهذه المجموعة.
وأضافت الصحيفة: أكبر رحيمي هو المتهم الرئيسي في هذه القضية، واتهاماته تشمل التلاعب في النظام الاقتصادي، وتهريب العملة، والرشوة.
ومنذ أوائل ديسمبر/كانون الأول من هذا العام، بدأ التحقيق في هذه القضية التي تحتوي على 350 مجلداً وأكثر من 70 ألف صفحة، بتوجيه لائحة اتهام مؤلفة من 613 صفحة في المحكمة الخاصة بالنظر في جرائم المتسببين في اضطراب النظام الاقتصادي، وما زال التحقيق مستمراً.
حسين هدايتي دولابي
كتبت الصحيفة: حسين هدايتي دولابي، المعروف بـ “صرّاف كرة القدم”، يُعد واحداً من أبرز الفاسدين الاقتصاديين في السنوات الأخيرة.
وأضافت: قام عبر 8 شركات بالحصول على قروض مصرفية، ومن خلال وضع الفقراء والمعاقين في مناصب إدارية في هذه الشركات، تمكّن من الاستيلاء على مبلغ 5860 مليار ريال من أموال بنك “سرمايه” على شكل قروض أو ضمانات.
بالإضافة إلى ذلك، وبالتواطؤ مع أحد مديري صندوق الادخار الخاص بالمعلمين، تمكّن من الحصول على مبلغ 660 مليار ريال إيراني، ووفقاً لما صرح به ممثل النيابة العامة، فإن أصل ديونه يبلغ 5860 مليار ريال، ومع احتساب فوائد الأموال، وصل المبلغ إلى 15,006 مليار ريال، في النهاية، وبعد محاكمات متعددة، صدر حكم بالسجن بحقه.
أكبر طبري
وتابعت الصحيفة الإيرانية: كان أكبر طبري يشغل مناصب مختلفة في المجالات المالية والخدماتية بالقضاء خلال السنوات الماضية، من بينها مدير الشؤون المالية ومدير الشؤون الخدمية والرفاهية، ومدير عام الشؤون التنفيذية، ثم معاون الشؤون التنفيذية في مكتب الرئاسة القضائية.
إلا أن الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي أقاله بعد 7 أيام من توليه رئاسة القضاء، ثم تم فتح ملف قضائي بحقه، تضمنت الاتهامات الموجهة إليه: “تشكيل شبكة رشوة بقيادته”، “غسل الأموال”، “تزوير الوثائق”، و”التأثير على القضايا القضائية”.
وأضافت: في 23 يوليو/تموز 2019، تم اعتقال طبري، وبعد صدور لائحة الاتهام وإحالة الملف إلى المحكمة، عُقدت أول جلسة للنظر في اتهاماته في 7 يونيو/حزيران 2020، برئاسة القاضي بابائي في الفرع الخامس من محكمة الجنايات بمحافظة طهران.
وفي النهاية، اتُّهم طبري بتشكيل شبكة رشوة وحُكم عليه بالسجن 31 عاماً مع مصادرة أملاكه، بالإضافة إلى الإقالة الدائمة من الوظائف الحكومية، وغيرها من العقوبات.
محمد رضا رحيمي
ذكرت الصحيفة في تقريرها أن محمد رضا رحيمي، النائب الأول لأحمدي نجاد، هو أيضاً من الأسماء المدرجة ضمن قائمة المتهمين بالفساد الاقتصادي، شملت التهم الموجهة إليه تلقي الرشوة والاستيلاء على أموال بطرق غير مشروعة.
في سياق التحقيقات بقضية الفساد والاختلاس في شركة التأمين الإيرانية، صرح أحد المتهمين الرئيسيين بأن مبلغاً كبيراً تم إيداعه في الحساب الشخصي لرحيمي، ومن هنا أُطلق عليه لقب “الصندوق الأسود لقضية اختلاس التأمين الإيراني”.
وأضافت: خلال المحاكمة، حكمت المحكمة الجنائية الفرعية 76 بمحافظة طهران على رحيمي بالسجن 15 عاماً، بالإضافة إلى إلزامه برد مبلغ 18.5 مليار ريال إيراني، وغرامة مالية قدرها 100 مليار ريال إيراني.
وتابعت: في فبراير/شباط 2015، نُقل رحيمي إلى سجن أوين، وفي مارس/آذار 2018، وبعد قضاء حوالي 3 سنوات في السجن، نال إطلاق سراح مشروط.
محاكمة المنتج
وأضافت الصحيفة: محمد إمامي، أحد المنتجين البارزين في السينما، ارتبط اسمه خلال السنوات الأخيرة بفضيحة فساد مالي كبيرة في صندوق الادخار الخاص بالمعلمين وبنك “سرمايه”، وهو معروف بشكل خاص بإنتاجه المسلسل الشهير “شهرزاد” من إخراج حسن فتحي، لاحقاً، تم اعتقاله ومحاكمته بتهمة الفساد الاقتصادي.
في جلسة المحكمة، أعلن ممثل النيابة العامة اتهاماته قائلاً: “محمد إمامي متهم بالتأثير على مديري بنك “سرمايه” وصندوق الادخار الخاص بالمعلمين والشركات التابعة لهما، ومن خلال تقديم الرشاوى، استطاع أن يحصل على مبالغ كبيرة تحت غطاء قروض، وضمانات، أو عقود سمسرة لصالح الشبكة المرتبطة به”.
في النهاية، وبعد محاكمات عديدة، أُدين إمامي من قِبل المحكمة وحُكم عليه بالسجن، ولكن مؤخراً، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أن إمامي أُفرج عنه مؤقتاً بعد قبول المحكمة العليا لإعادة النظر في قضيته وتأمين الكفالة اللازمة.
فساد بنك “سرمايه”
أحد المتهمين في قضية بنك “سرمايه” المثيرة للجدل كان هادي رضوي، الرئيس التنفيذي لمجموعة اقتصادية تُسمى “فاطمي”. محاكمته إلى جانب محمد إمامي، منتج مسلسل “شهرزاد”، شهدت العديد من الجدل والضجة الإعلامية، وبعد عدة جولات من المحاكمة في المحكمة الخاصة، أُدين في هذه القضية وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً.