ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” حوارا، السبت 18 يناير/كانون الثاني 2025، مع محسن رفيق دوست، القائد السابق بالحرس الثوري الإيراني، حول عدد من القضايا الإقليمية والاقتصادية والداخلية الهامة.
ذكرت الصحيفة قبل بداية الحوار، أن دوست هو أحد أبرز القادة العسكريين في إيران، كان وزيرا للحرس الثوري منذ عام 1982 إلى عام 1988، وكان مسؤولا عن التجهيزات العسكرية وشراء الأسلحة.
وأضافت أن محاور الحوار دارت بين الحديث عن الوضع في سوريا، والوضع في لبنان، ودور الحرس الثوري في سوريا، إضافة إلى الحديث عن عملية “الوعد الصادق 3″، وملف الحجاب الشائك في إيران.
نص الحوار
يعتقد البعض أنه يجب تنفيذ عملية “الوعد الصادق 3” بأسرع ما يمكن، حتى إن بعض القادة تعرضوا لانتقادات بسبب عدم تنفيذ هذه العملية. ما رأيك في هذا المطلب، خاصة من منظور شخصية ذات خلفية عسكرية؟
أفضل إجابة يقدمها قادة الحرس أنفسهم. الأمر ليس لعبة، العدو قام بتحرك ونحن نريد الرد على هذا التحرك، فهناك اعتبارات كثيرة. من الواضح أننا سنرد، ولكن عكس العدو الذي لا يهتم بالاعتبارات عند الهجوم، نحن لدينا اعتبارات. نختار الأهداف التي تتناسب مع أفكارنا ومبادئنا. ربما إذا ترك العدو غزة، فسنصبر. هدفنا هو إنقاذ البشر وليس أخذ أرواحهم.
في المرتين اللتين قمنا فيهما بتنفيذ عمليتي “الوعد الصادق” أدرك العدو أننا استهدفنا مستودعات الأسلحة والمراكز العسكرية والاقتصادية، ولم نستهدف الأماكن المأهولة بالسكان. لذلك نحن مستعدون، وسننفذ العملية بمجرد توافر الظروف المناسبة.
كيف تحلل صبر وصمت القوات العسكرية في مواجهة الانتقادات؟
إحدى خصائص القوات العسكرية هي أنها ليست مستقلة في قراراتها، بل تعمل تحت إشراف المرشد الأعلى وتسلسل القيادة. قراراتهم الشخصية ليست معيارا. بمجرد صدور الأمر من قمة الهرم القيادي، فإن طبيعة المؤسسة العسكرية تقتضي عدم التشكيك أو التساؤل. لذلك، هم ينتظرون الأوامر من القيادة ليتم إعلامهم بأن كل شيء جاهز ليقوموا على الفور بالتنفيذ.
بعد التطورات الأخيرة التي حدثت في سوريا، يعتقد البعض أن إيران فوجئت في سوريا. هل هذا صحيح؟
سبب القول “إن إيران فوجئت” هو أنهم اعتقدوا أن إيران كانت موجودة في سوريا. ظهرت قصة في العالم، أعتقد أنها كانت في عهد أوباما، عندما سحبت أمريكا قواتها من المنطقة، أعلن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك أننا أنشأنا قوات وكيلة في المنطقة ولا نحتاج إلى إرسال قوات.
وعندما أصبحت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية، أعلنت أن الولايات المتحدة أنشأت قوة دعم في المنطقة بتكلفة 4 ملايين دولار، وأن هدفها الرئيسي هو إيران. لقد أنشأوا تنظيم الدولة من أجل إيران. عندما تشكل تنظيم الدولة تمكنت لأول مرة -بتوفيق من الله- من زيارة الإمام الحسين في كربلاء.
قالوا لي أن أذهب للتنظيف. أعطوني منشفة كبيرة مبللة لأنظف الأرض، وبينما كنت أفرك الأرض، اصطدمت بشخص كان يفرك الأرض على الجانب الآخر. قال بلهجة عربية فارسية: “حاج محسن، هل هذا أنت؟ أنا هادي العامري، قائد الحشد الشعبي في العراق”. الآن هو نائب في مجلس النواب العراقي ونائب قائد الحشد الشعبي.
قال: عندما كان تنظيم الدولة قد سيطر على 90% من سوريا و60% من العراق، وأعلن الرقة عاصمة له، وشكَّل وزاراته، وكان على بعد أربعين كيلومترا من بغداد، جاء قاسم سليماني وكان قائدا علينا. أُصدرت الأوامر بالقضاء على تنظيم الدولة فقاتلنا، وما فعلناه كان دفاعا عن أنفسنا خارج إيران.
وإذا لم نقم بهذا العمل في ذلك اليوم، كنا سنضطر للقتال ضد تنظيم الدولة في إيران. ما حدث كان قرارا صحيحا جدا. بعد ذلك، انتهى عملنا وغادرنا سوريا ولم نكن ننوي احتلالها.
قبل سبعة أشهر من هذه القضية، كانت أجهزة الاستخبارات العسكرية لدينا قد أصدرت تحذيرات. ولكن هذا الكلام من عندي، يبدو أن جيش النظام في سوريا لم يكن على وفاق تام مع الأسد فقد غادر أيضا واستسلم جميع العسكريين.
هل توقعت بنفسك سقوط بشار الأسد بهذا الشكل؟
إطلاقا.
في ضوء الاغتيالات الأخيرة التي حدثت في إيران والمنطقة، إلى أي درجة تعتبر قضية التسلل مقلقة؟
المتسللون موجودون دائما، والتعرف عليهم ليس سهلا أيضا. وهم موجودون من جهات مختلفة. يجب على الأجهزة الاستخباراتية التعامل بحزم مع هذه القضية. لحسن الحظ، في إيران، تم القبض على كثير منهم ولم نتضرر كثيرا. لكنهم موجودون في المنطقة.
كنت قد صرحت في مقابلة سابقة، بأن إيران قد ترسل قوات إلى لبنان والجولان. في ضوء التطورات الأخيرة بالمنطقة، هل ما زلت متمسكا بهذا الرأي؟
لحسن الحظ، بعد أن أصبح نعيم قاسم أمينا عاما وانضمام عدد كبير من الشباب اللبناني إلى حزب الله، فإن حزب الله اليوم في وضع سياسي وعسكري واجتماعي جيد، فحتى الآن، كلما اشتبكت إسرائيل مع لبنان، فقد خسرت وتراجعت.
في سوريا، لا نعرف ما سيحدث. هؤلاء الموجودون، لا يمكنهم البقاء في سوريا، لأن هناك طوائف مختلفة في سوريا، وفي النهاية، ستحدث تغييرات. لكننا لا نشعر بالخطر حيال لبنان، لأن حزب الله يقف بقوة وسيطرة سواء في الجنوب أو في بيروت.
بعض السياسيين يكررون أننا في وضع متأزم. هل نحن حقا في أزمة؟
لا، لسنا في أزمة، وأنا لا أشعر بذلك. ولكن يجب أن نكون في حالة تأهب كامل واستعداد، ليس بالطريقة التي يعلنونها في القوات العسكرية ويذهبون إلى الثكنات. بل يجب أن نكون مستعدين؛ حتى نتمكن من الرد بسرعة إذا حدثت أي مشكلة.
إلى أي مدى يمكن للمتشددين أن يخلقوا أزمة للنظام؟
المتشددون اليوم ليست لديهم قدرة كبيرة في إيران؛ لأننا كنا متشددين ثم أصبحنا معتدلين، ولأن هيكل حكومة إيران هو حكومة معتدلة جيدة، فلن يتمكن المتشددون من فعل شيء.
لكن هذا التيار يعتبر نفسه أكثر قيمة وأكثر ثورية من الثوريين السابقين. ما رأيك في هذا التيار؟
عادةً ما يقولون إن أكثر الأعمال عديمة الفائدة هي أن تكون الكأس أكثر سخونة من الحساء. الحساء مطبوخ ليأكله الشخص. إذا كانت الكأس ساخنة لدرجة أننا لا نستطيع الأكل، فإن هذه الكأس لا تفيد. لحسن الحظ، لدينا قائد حكيم يمكنه إدارة الأمور بشكل ممتاز، وهم يعرفون ذلك.
حينما التقى وزير الخارجية أو رئيس وزراء اليابان بالمرشد الأعلى علي خامنئي، قال: “لقد قابلت العديد من قادة دول العالم، ولم أرَ قائدا يقظا وذكيا وحكيما مثل قائد إيران”. مع وجود مثل هذا القائد، ومع وجود حرس ثوري قوي وجيش قوي وقوات باسيج قوية، لن نواجه أي مشكلة.
يدعي هذا التيار أن الدولار سيصبح بـ200 ألف ريال وأن النمو سيكون 8%. أنت لديك خبرة في العمل الاقتصادي. هل حقا من الممكن أن يصبح الدولار بهذه القيمة؟
قيمة الدولار هي 200 ألف ريال. لكن هناك شك في قدرة هذه الحكومة على القيام بشيء حيال هذا الأمر، لأن هناك العديد من الألغاز التي يجب حلها لتحقيق ذلك. عندما يقول محافظ البنك المركزي للأسف، إن سعر الدولار يتم تحديده في الخارج، فإن هذا يعكس ضعف المتحدث.
لدينا آليات للتعامل مع الدولار، فمن الممكن فصل ارتفاع الدولار في السياسات الاقتصادية عن احتياجات الشعب الأساسية، وأن يصبح الدولار مثل الذهب الذي يتقلب الآن ولا يؤثر على أسعار الاحتياجات الأساسية الشعب.
سعيد جليلي والتيار الفكري الذي ينتمي إليه، يؤكدون بشدةٍ نموا اقتصاديا بنسبة 8%. مؤخرا، أكد بعض أفراد هذا التيار أنه يمكنهم جعل الدولار يصل إلى 200 ألف ريال. هل هذا ممكن؟ مع الأخذ في الاعتبار أنه في السنوات الثلاث الماضية إبان حكومة الراحل إبراهيم رئيسي، شهدنا ارتفاعا في الدولار وظروفا اقتصادية غير مناسبة. هل هذا ممكن أم أنه مجرد ضغط على الحكومة؟
هذا ضغط على الحكومة، ولا يمكن تحقيقه.
هل من الممكن أن تتحول القضايا الثقافية والاجتماعية مثل الحجاب، إذا لم يتم حلها، إلى تحديات في المجتمع؟
الحجاب ليس قضية عسكرية، وليس قضية أمنية، إنه قضية اجتماعية وأكثر من ذلك قضية شخصية يتم حلها من خلال العمل الثقافي والأخلاقي. الآن قانون الحجاب والعفاف أمام مجمع تشخيص مصلحة النظام، ولن يفعلوا شيئا قريبا.