كتبت: يسرا شمندي
أرسل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في عام 2024، رسالة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، طالب فيها بإعادة النظر في مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة (باليرمو)، وقد جاءت هذه الخطوة بعد معارضة حكومة روحاني لتمرير تلك المشاريع، مما أدى إلى إدراج إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF) عام 2020، وشدد بزشكيان على ضرورة تحقيق توافق داخلي لحل هذه القضية وتحسين الوضع المالي الدولي لإيران.
يقول نائب الرئيس التنفيذي والقائم بأعمال رئيس المؤسسة الرئاسية محمد جعفر غيمبانه، إن حكومة مسعود بزشكيان أرسلت رسالة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام تطلب فيها إعادة النظر في قضية FATF المثيرة للجدل، وفي عام 2020، عارض أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام إعادة النظر في مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي (FATF)، التي تم وضعها على جدول الأعمال بناء على إصرار الرئيس السابق حسن روحاني، وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول، قال السيد غمبانه إنه “سيكون هناك إجماع داخلي حول هذه القضية”، وذلك بناء على ما جاء في موقع راديو فردا بتاريخ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
والجدير بالملاحظة أن فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية أنشئت في عام 1989 من قبل سبعة بلدان صناعية تعرف باسم “مجموعة السبعة”، في ذلك الوقت، كان الغرض من إنشاء هذه المجموعة هو التحقيق وتقديم حلول لمكافحة غسيل الأموال، وبعد ما يقرب من عقدين من الزمن، وسعت الجماعة نطاق نشاطها لمكافحة تمويل الإرهاب، وهي النقطة الرئيسية لمعارضة انضمام إيران إلى الجماعة.
واستنادا إلى ذلك تقوم هذه المجموعة عبر الحكومة بتصميم وتعزيز السياسات والمعايير الرامية إلى مكافحة الجريمة المالية، وتستهدف هذه المعايير غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهديدات الأخرى للنظام المالي الدولي، وكان من المفترض أن تمرر إيران أربعة مشاريع قوانين لمعالجة أوجه القصور الاستراتيجية، بما في ذلك مشاريع قوانين مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعروفة باسم باليرمو، ومكافحة تمويل الإرهاب، ومشاريع قوانين باليرمو، والاتفاقيات المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويقول معارضو مشاريع القوانين في إيران، إنه في حال إقرارها، فإن المساعدات المالية الإيرانية للميليشيات التابعة لإيران مثل حزب الله اللبناني ستتعرقل، فإن حزب الله جماعة مسلحة، لكنه أيضا حزب سياسي يسيطر على جزء كبير من جنوب لبنان وتعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
والنقطة المهمة هنا أن مجموعة العمل المالي (FATF) أعادت إيران إلى قائمتها السوداء، بسبب رفض إيران اتخاذ تدابير استراتيجية، وأذنت لجميع الدول بالعمل بشكل مستقل في المعاملات المالية مع طهران، وقد أوضحت المنظمة أنها ستبقى على القائمة السوداء إلى أن تعالج إيران أوجه القصور القائمة.
على أثر ذلك، دعا مسعود بزشكيان، في أول مؤتمر صحفي له كرئيس لإيران، إلى حل مشاكل انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي (FATF)، وقال إنه سيكتب نظاما أساسيا إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام في هذا الصدد.
وأضاف بزشكيان: “ليس لدينا خيار سوى حل قضية مجموعة العمل المالي، وسأكتب بالتأكيد رسالة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام في هذا الصدد حتى يتم وضع هذه القضية مرة أخرى على جدول أعمال هذه الجمعية؛ حتى نتمكن من حلها، ويجب علينا حلها”.
وفي وقت سابق، خلال حملة الانتخابات الرئاسية الـ14 في إيران، أدى كشف الأمين العام لجمعية رجال الدين المقاتلين، مصطفى بور محمدي، عن المرشحين وعن منافسة عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام سعيد جليلي، مما منع إيران من الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF) التابعة لحكومة حسن روحاني، إلى ردود فعل واسعة النطاق، وقال بور محمدي إن سبب معارضة جليلي لمجموعة العمل المالي هو أنه لا يريد أن يتم ذلك في ظل حكومة حسن روحاني، فقد كانت هناك مناقشات طويلة في حكومة حسن روحاني للانضمام إلى مجموعة العمل المالي؛ حتى لا يتم إدراج إيران في القائمة السوداء للمجموعة، لكن ذلك لم يتحقق، بسبب المعارضة القوية للمتشددين الحاكمين في البرلمان.
من أين بدأت قصة إيران ومجموعة العمل المالي؟
في واقع الأمر بدأت إيران في عام 2015، مفاوضات مع مجموعة العمل المالي (FATF) لإزالة اسمها من القائمة السوداء، بالتزامن مع حكومة روحاني، قامت بصياغة أربعة مشاريع قوانين تعرف بمشاريع قوانين مجموعة العمل المالي، مما أدى إلى حصولها على ستة تمديدات لتعليق إدراجها في القائمة، كانت مشاريع القوانين ضرورية لإزالة الاسم بالكامل، وفقا لـ37 توصية تنفيذية و4 تدابير تشريعية من مجموعة العمل المالي، من بين الشروط المهمة كانت تعديل قانوني “مكافحة غسل الأموال” “ومكافحة تمويل الإرهاب”، حيث تسارعت الحكومة لإعداد هذين القانونين وتمت الموافقة عليهما من البرلمان ومجلس صيانة الدستور، على الرغم من ذلك، استغرق تمرير تعديل قانون مكافحة غسل الأموال وقتا أطول حتى تمت الموافقة عليه من مجلس تشخيص مصلحة النظام في النهاية، وذلك طبقا لما جاء في موقع اقتصاد نيوز بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول 2024.
العقدة الكبرى للعلاقات بين إيران وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية
إن النقطة الجوهرية هنا أن طريق إيران للانضمام إلى “فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية” لم يكن سهلا، حيث كانت العقدة الرئيسية في القصة تتعلق بمشروعين من أصل أربعة، وهما “انضمام إيران” إلى الاتفاقيتين الدوليتين “مكافحة تمويل الإرهاب” و”مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية (باليرمو)”، وسعت حكومة روحاني إلى تقديم هذين المشروعين إلى البرلمان، لكنه واجه صعوبات في تمريرها، وبعد عدة محاولات، حصلت المشاريع على تصويت إيجابي، لكن تم إصدار مرسوم من مجلس تشخيص مصلحة النظام منع الموافقة عليهما، معتبرا إياهما مخالفين لقوانين أعلى، وعلى الرغم من التبادلات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام، لم تتم الموافقة على المشاريع، وبعد أكثر من عام من إحالتها إلى الجمعية، تم حذفها تلقائيا من جدول أعمال الجمعية بسبب عدم مراجعتها.
العودة إلى القائمة السوداء مرة أخرى
أدى سحب مشروعي قانون “انضمام إيران إلى الاتفاقيات” من جدول أعمال مجمع تشخيص مصلحة النظام إلى إضعاف جهود حكومة روحاني لإزالة اسم إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، في 21 فبراير/شباط 2020، أصدرت مجموعة العمل المالي بيانا أضافت فيه اسم إيران إلى القائمة السوداء بعد فترة من التعليق، رغم ذلك، يحمل بيان مجموعة العمل المالي لعام 2019 بعض الأمل، حيث ينص على أنه يمكن تعليق الإجراءات المضادة إذا انضمت إيران إلى اتفاقيتي “مكافحة تمويل الإرهاب” و”مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية (باليرمو)”.
يشير الخبراء إلى أن عودة إيران إلى القائمة السوداء تعني بدء عملية طويلة للخروج منها، لكن وفقا لبيان مجموعة العمل المالي، لا تحتاج إيران إلى إعادة تنفيذ جميع الخطوات السابقة. بدلا من ذلك، يتعين عليها الانضمام إلى الاتفاقيات المذكورة للبدء في الخروج من القائمة السوداء. هذه المعطيات تعني أن حكومة مسعود بزشكيان قد لا تواجه عقبات خارجية كبيرة للعودة إلى خطة العمل المتعلقة بمجموعة العمل المالي، لكنها تحتاج إلى اتخاذ خطوات للحصول على موافقة المؤسسات المحلية للامتثال لشروط مجموعة العمل المالي وبالتالي الانسحاب من القائمة السوداء.