كتب: ربيع السعدني
استحوذت السيارات الصينية على حصة كبيرة من السوق الإيرانية خلال الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي انتظره الصينيون قرابة عقد ونصف من الزمان حتى يحدث منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين، لم تكن هناك أخبار كثيرة عن السيارات الصينية على طرق وشوارع طهران، ولكن بعد ذلك اخترقت السيارات الصينية تدريجيا صناعة السيارات وسوقها في طهران حتى صارت تتحكم في نحو 90% من سوق السيارات الإيرانية.
في ذلك الوقت، ونظرا لعدم جودة السيارات الصينية، لم يكن أحد يتصور أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه الصين لاعبا مهما في صناعة السيارات وسوقها في إيران، وقد استخدم الصينيون وفقا لما ذكره موقع صحيفة “دنياي اقتصاد” الإصلاحية في 19 يونيو/ حزيران 2022 تكتيكين لتثبيت وجودهم ونفوذهم في إيران: إن أحدهما يعرض سيارات موفرة للوقود، والآخر يلجأ إلى الإغراق، وهذه الطريقة الأخيرة مستخدمة في بلدان أخرى أيضا وهي ناجحة.
أول سيارة صينية في إيران
وبما أنه لم يُسمح لشركات صناعة السيارات الكبرى في البلاد بالدخول في مشاريع مشتركة مع شركات صينية في الثمانينات، قررت عائلة “باداميس” التوجه أولا إلى القطاع الخاص وغزوه، ثم أصبحا ضيوفا على شركتي “إيران خودرو” و”سايبا”، وكانت أول سيارة صينية يتم إطلاقها في إيران هي سيارة شيري QQ (المعروفة باسم “MVM 110”)، وفقا لتقرير موقع “اپک تایمز فارسی“، والتي تم طرحها في السوق من قبل شركة “ميدينار خودرو”.
وتدخل هذه السيارات إلى السوق بطريقتين: التجميع المحلي: يتم استيراد أجزاء السيارات إلى إيران بشكل فردي ثم يتم تجميعها في المصانع المحلية، والاستيراد الكامل: تدخل بعض السيارات الصينية الفاخرة إلى البلاد كاملة وجاهزة للانطلاق.
ورغم أن الوجود الصيني الجديد في صناعة السيارات الإيرانية بدأ في منتصف الثمانينات، فإن نقطة تحول أخرى تعود إلى عامي 2012 و2013، عندما تسببت العقوبات النووية في وضع صناعة السيارات في البلاد تحت العقوبات، وفي ذلك الوقت، اضطرت الشركات الأوروبية وشركات صناعة السيارات الآسيوية ذات السمعة الطيبة إلى مغادرة البلاد.
خلال تلك الفترة، دخلت عدة شركات صينية جديدة لصناعة السيارات إلى إيران وبدأت التعاون المشترك مع شركات القطاع الخاص وقد أدى هذا الحدث السئ إلى زيادة الحضور الصيني في صناعة السيارات في البلاد، وخلال هذه الفترة تمكن الصينيون أخيرًا من اختراق شركتي “إيران خودرو” و”سايبا” والبدء في تجميع المنتجات على خطوط إنتاجهما.
لقد بدأ الصينيون العمل بشكل جدي في صناعة السيارات الإيرانية، بطريقة ما، وفقا لتقرير صحيفة “دنياي اقتصاد” الإصلاحي بمشاركة مديري السيارات، وبعد ذلك أصبحت شركات صناعة السيارات الأخرى في القطاع الخاص صينية الصنع بطريقة ما كانت شركات “كرمان موتور” و”بام خودرو” و”ريان خودرو”، وغيرها من الشركات تعمل في البداية بعلامات تجارية غير صينية، لكن العقوبات دفعتها نحو الصينيين على سبيل المثال، قامت شركة “بام خودرو” في إحدى المرات بتجميع سيارات “فولكس فاجن جولف”، ثم اضطرت إلى الذهاب إلى شركة صينية غير معروفة وإنتاج منتج يسمى لوبو، كما قامت شركة “راين خودرو” في السابق بتجميع سيارتي “أفانتي” و”فيرنا” لصالح شركة هيونداي، إلا أن ثروات الشركة تحولت إلى سيارة صينية تدعى “جريت وول”، كما لاقت شركة “كرمان موتور” مصيرا مشابها، حيث انتقلت من هيونداي الكورية إلى جاك الصينية.
للوهلة الأولى، بالنظر على سوق السيارات في إيران يتبين أن استيراد السيارات يتم من ثماني شركات صينية و11 علامة تجارية غير صينية، ولكن عندما ندقق تجاه الأسماء والعلامات التجارية المعتمدة، تكتسب القصة زاوية مختلفة.
خطوط التجميع “صينية”
ومن بين 11 علامة تجارية غير صينية تظهر في القائمة التي أعلنتها وزارة الداخلية، توجد خطوط تجميع 9 منها في مدن صينية كبرى مثل بكين وقوانغتشو، وقد شقت موديلات سيارات مختلفة طريقها عبر النظام المتكامل في الأشهر الأخيرة تحت إشراف وزارة الداخلية، انتقلت أسماء السيارات المستوردة رسميا من أصولها الصينية إلى سوق السيارات في طهران، وبحسب تعليمات وزارة الداخلية، فإن استيراد السيارات حالياً ممكن فقط من 19 علامة تجارية مختلفة حول العالم.
ونشر موقع “فرارو” الإصلاحي تقريرا في الأول من فبراير/ شباط 2025 رصد من خلاله أن 90% من ماركات السيارات المستوردة المعتمدة تأتي إلى إيران من الصين .
الشركات الصينية في إيران
تسعى الشركات الصينية دائما إلى الحصول على نفوذ كبير في صناعة السيارات الإيرانية، وفي العام 2023، نشرت أنباء تفيد بأن شركة “شانجان” الصينية بادرت إلى شراء أسهم في شركة “بارس خودرو”، كما تدرس شركة “دونغفنغ” أيضا شراء أسهم في شركة “سايبا-سيتروين”، حسبما جاء في تقرير “اپک تایمز فارسی” يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 2024 ورغم أن هذا الحدث لم يقع، إلا أنه يدل على ما تفكر به الشركات الصينية في إيران.
دخلت العديد من العلامات التجارية الصينية السوق حاليًا من خلال التعاون مع شركات إيرانية، ومنها: شيري، جيلي، بي واي دي، هافال، فاو، وغيرها.
كما تعمل العديد من الشركات الإيرانية على التعاون أو توقيع اتفاقيات الإنتاج المشترك مع شركات صناعة السيارات الصينية، ومن بينهم:
▪︎ إيران خودرو: دونغفنغ
▪︎ سايبا: سايك موتور
▪︎ بارس خوردو: التعاون مع سايبا وشركات صينية
▪︎ مديرو السيارات: شريك شيري الأهم في إيران
▪︎ “كرمان موتور” تتعاون مع “جاك” و”بي واي دي” في الإنتاج والتجميع
▪︎ “باهمان موتورز” تتعاون مع “جريت وول” و”هافال”
▪︎ أزوكو: شركة (Saic Motor) وعلامة (MG) التجارية
▪︎ سيف خودرو: شريك العلامة التجارية (FAW)