كتب: ربيع السعدني
أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2025، مقتل قائدها العام محمد الضيف إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة. يعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة في حماس، الذي أطلق عليه أعداؤه لقب “الشبح” بسبب نجاته مرات عديدة من الموت، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود.
نشرت صحيفة “دنياي اقتصاد” الأصولية مقطع فيديو بعنوان: “لحظة اغتيال محمد الضيف قائد كتائب القسام”، وأعلن الجيش الإسرائيلي في الفيديو أنه نجح في اغتيال قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، في غارة جوية يوم 13 يوليو/تموز 2024، وكان هذا القصف هو المحاولة التاسعة التي تقوم بها إسرائيل لاغتيال القائد الفلسطيني الكبير.
حماس تنعى الضيف
وكتبت وكالة أنباء “إيرنا” الرسمية تقريرا بعنوان: “محمد الضيف ورفاقه استشهدوا في ساحة المعركة”، نقلت من خلاله بيان حركة حماس حول استشهاد الضيف، حيث أكد المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، أن الحركة ستبقى ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار حتى يلتزم به الكيان الإسرائيلي، وأعلن أن قيادات حماس لم يتم اغتيالها بل استشهدوا خلال المعركة.
كما أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2025، استشهاد محمد الضيف القائد العام لهذه الألوية خلال حرب غزة إلى جانب عدد من قياداتها، وأكد القيادي في حركة حماس، حازم قاسم، في تصريح نقلته وكالة “إيرنا”، أن “قادة حركة حماس الشهداء صنعوا ملحمة في معركة عاصفة الأقصى ولم يتم اغتيالهم؛ بل استشهدوا في ساحات الوغى، وبعد تنفيذ وقف إطلاق النار والتأكد من هويات الشهداء من قبل الكوادر المتخصصة، تم الإعلان عن استشهاد قيادات حماس”، وأكد أن “الاحتلال ظن أنه سيضعف حركة حماس من خلال الاغتيالات، لكن هذا لم يحدث ولم يحدث أي تعطيل إداري، ورغم استشهاد القادة فإن النشاط الميداني استمر، وواصلت المقاومة عملها حتى اللحظة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، وتتمتع الحركة الآن بوضع جيد ويمكنها تعويض الخسائر التي حصلت إثر استشهاد قادتها”.
واعتبرت أم خالد، زوجة القائد العام للجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، ردا على تأكيد نبأ استشهاد زوجها، أن هذا الحدث مصدر شرف وفخر لعائلتها حسبما نشرت وكالة “إيرنا” نقلا عن قناة إعلام كتائب القسام، وأضافت: “لقد أمضى معظم حياته داخل أنفاق غزة لأسباب أمنية، وأفراد عائلته باستثناء منطقتي رفح وبيت حانون جنوب قطاع غزة لم يذهبوا إلى أي مكان آخر بسبب الأوضاع الأمنية”، وتابعت: “والله لقد تلقينا نبأ استشهاد أبو خالد الضيف بكل فخر واعتزاز، لأنه كان رمزا للمقاومة الفلسطينية، لقد كان أبا ومحبا للناس وشخصا متواضعا للغاية”.
من هو محمد الضيف الملقب بـ”ابن الموت”؟
تحت هذا العنوان كتب موقع “تابناك” تقريرا يوم الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2025، عن حياة قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس محمد ذياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، الذي حصل على لقب “زيف” بسبب تنقلاته المستمرة؛ لتجنب هجمات الكيان الإسرائيلي الذين قالوا عنه: “إنه لم ينم في بيت أكثر من مرة واحدة، ولم يبق في مكان بشكل دائم”.
وُلِد محمد الضيف عام 1965 بمخيم للاجئين في خان يونس بقطاع غزة، درس علم الأحياء في الجامعة وقام أيضا بأنشطة مسرحية لفترة من الوقت، على مدى الأعوام العشرين الماضية، شارك في عدد لا يحصى من العمليات ضد المحتل، وفي المحاولة الخامسة لاغتياله من قبل إسرائيل أصيب عموده الفقري بأضرار بالغة، مما أدى إلى إصابته بالشلل. ومنذ ذلك الحين، سلم الضيف قيادة الجناح العسكري لحركة حماس إلى نائبه أحمد الجعبري، الذي استشهد على يد النظام الإسرائيلي في عام 2012.
من تصميم صواريخ القسام إلى حفر الأنفاق في غزة
انضم محمد الضيف إلى حركة حماس في عام 1989، ومقاتلي كتائب عز الدين القسام في عام 1993، وكان من المقربين من يحيى عياش المُلقب بـ”المهندس” أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، تم تعيينه قائدا لهذه الكتيبة بعد استشهاد صلاح شحادة عام 2002، اعتبرته إسرائيل أحد مخططي العمليات الانتحارية الفلسطينية ضد الإسرائيليين منذ عام 1996.
ويعد الضيف أيضا أحد المصممين الرئيسيين الثلاثة لصواريخ القسام، ومن أعماله أيضا، حفر شبكة من الأنفاق تحت الأرض في غزة، وكانت تربطه علاقة جيدة ووثيقة مع عماد مغنية، والجنرال قاسم سليماني، وبمشورتهما بنى العديد من الأنفاق في غزة، واستغرق بناؤها 10 سنوات، وتوقع البعض أنه كان يقود العمليات العسكرية لـ”حماس” من هناك.
7 محاولات اغتيال
وكان محمد الضيف، بحسب تقرير “تابناك“، العدو رقم 1 للكيان الإسرائيلي، ولقد حاولوا اغتياله 7 مرات على الأقل، 4 منها كانت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصيب بجروح خطيرة في غارة جوية على منزل أحد أعضاء حماس في عام 2006 حتى إنه فقد عينه وساقه، ومع الإعلان عن استشهاد الضيف، نشرت وسائل الإعلام الفلسطينية فيلما قديما له يعلن فيه أسر جندي إسرائيلي ويدعو إلى إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين عام 1994، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها أمام الكاميرا.
الحرس الثوري يقدم تعازيه
وقدم الحرس الثوري الإيراني تعازيه باستشهاد ما وصفه بـ”القائد الأسطوري والشجاع والصانع التاريخي لكتائب القسام ومجموعة من قادة المقاومة في المعركة مع جنود الكيان الصهيوني”، واعتبر إرثهم المشرق مشعل طريق المجاهدين المؤمنين الذين لا يقهرون في جبهة المقاومة الإسلامية من أجل تحرير القدس واستئصال الغدة السرطانية إسرائيل، وأصدر الحرس الثوري الجمعة 31 يناير/كانون الثاني 2025، بيانا نشرته وكالة الأنباء الرسمية “إيرنا“، أكد فيه: “حيوية ونمو وتعزيز مستمر للمقاومة، وتسجيل أحداث وإنجازات عظيمة في طريق تحرير القدس، إن هذه الإنجازات ترجع إلى نضال وإبداع رجال عظماء صنعوا التاريخ، والذين بفضل حضورهم المخلص والأسطوري في ساحة المعركة ضد محتلي الأرض المقدسة فلسطين، حققوا المجد الأبدي وجعلوا من أنفسهم قدوة ومنارة نور لمجاهدي القدس”.
جوانب من حياة الضيف
كما تناول موقع “ألف” جوانب من حياة محمد الضيف ترويها زوجته، حيث قالت الزوجة في بيان نشرته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”: “ستتحرر فلسطين بأبو خالد وأتباع أبو خالد وأبناء الشهداء”، وفي لقاء خاص مع وكالة شهاب للأنباء أجري داخل منزله في مدينة غزة بعد الإعلان عن استشهاد الضيف، قالت إن الضيف كان رمزا للمقاومة الفلسطينية، وكان إنسانا يحب فلسطين والأمة العربية والإسلامية كلها، وكان متواضعا، ومتواضعا معهم جميعا.
وأضافت: “الحمد لله الذي شرفني بهذا القائد العظيم، كانت ظروف معيشته صعبة حيث كان معظمها تحت الأرض، لم يعد هناك مكان في غزة لم يتم نقلنا إليه سوى بيت حانون ورفح، لكن في مناطق أخرى من غزة، كنا ننتقل من مكان إلى آخر كل ثلاثة أو ستة أشهر، ولم تكن أمتعتنا سوى بعض المراتب وخزانة مكسورة قمنا بإصلاحها، كان هذا كل ما لدينا”.
وتابعت زوجة الشهيد الضيف: “كان هدفه وأمله الوحيد أن يتحد الشعب الفلسطيني من أجل قضية عادلة، وهي قضية تحرير فلسطين، ويجب أن تكون الأمة الإسلامية كذلك، لأن هذا هو هدفنا، ليست قضية خاصة بالأمة الفلسطينية، بل هي قضية الأمة العربية، ويجب على الإسلام وأحرار العالم تحرير القدس من الاحتلال”.
حزب الله يهنئ حماس
وفي بيان له هنأ حزب الله، الشعب الفلسطيني وقدم التعازي له ومقاومته باستشهاد القائد العام للجناح العسكري لحركة حماس ورفاقه، محمد الضيف، وبحسب تقرير وكالة أنباء “إيرنا” الصادر يوم الجمعة 31 يناير/كانون الثاني 2025، نقلا عن وكالة أنباء الحرب اللبنانية التابعة لحزب الله، جاء في بيان حزب الله: “يشكر حزب الله الإخوة المجاهدين في حركة حماس، وكل فصائل المقاومة الفلسطينية الحبيبة، وشعب فلسطين الصابر المجاهد على استشهاد محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، ومجموعة من كبار الرفاق أعضاء المجلس العسكري لحركة حماس”، وتابع البيان: “دماء القادة الشهداء وكل الشهداء الذين سقطوا في معركة طوفان الأقصى أدت إلى النصر الذي أجبر العدو على وقف الحرب والإفراج عن عدد كبير من الأسرى والمعتقلين، إن الشعب الفلسطيني الصبور سيواصل مسيرته مهما بلغت التضحيات”.
وفي هذا الصدد قال إسماعيل رضوان أحد قيادات حركة حماس، مساء الجمعة، إن “الشهيد (الضيف) كان نموذجا يحتذى به لقادة العالم الإسلامي”، وأضاف في حديث لشبكة الجزيرة مباشر، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا): “إن طريق المقاومة سيستمر على خطى القادة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل المسجد الأقصى والقدس، ودماؤهم لن تذهب سدى، ونحن فخورون بقادتنا العظماء، لأنهم يضربون المثل في الارتباط العميق والحقيقي بالشعب”.
فصائل فلسطينية تعلق على استشهاد الضيف
بعد الإعلان عن استشهاد محمد الضيف قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ومجموعة من قادتها، أصدرت العديد من الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، بيانات بهذا الشأن. وبحسب وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء “إيسنا“، نعت حركة حماس في بيان لها، استشهاد محمد الضيف (أبو خالد)، وعدد من القادة الشهداء العظام والشجعان الذين كانوا برفقته إلى الشعب الفلسطيني العظيم في قطاع غزة والأراضي المحتلة والضفة الغربية والقدس ومخيمات اللاجئين، ومختلف المناطق، والأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم، يتقدمون بالعزاء.
اسم الضيف كان يرعب إسرائيل
وأضافت الحركة في جزء من بيانها الذي نقلته “إيسنا“: “كان محمد الضيف مقاوما عنيدا وشجاعا وبطلا ومبدعا، لقد أذهل صوته وصورته وظله، في كل مراحل نضاله الشريف، قادة العدو وأجهزة الأمن والمخابرات في الكيان الإسرائيلي وفشلوا جميعا في كل محاولاتهم لاغتياله، لقد أرعب اسمه القادة في إسرائيل وضمن ذلك ساستهم وجنرالاتهم، حتى استشهد في أعظم وأشرف معركة بتاريخ الشعب الفلسطيني المقاوم”.
واختتمت حماس بيانها في حق استشهاد الضيف: “إن المحتلين لن ينجحوا في كسر إرادة المقاومة وصمود الشعب والمقاومة الفلسطينية، وإن اغتيال قادة هذه الحركة سيزيدهم إصرارا وقوة على مواصلة مسيرة المقاومة حتى تحرير فلسطين الأرض ومقدساتها”، وأعلنت أن “هذه الحركة التي قدم قادتها الشهداء لن تهزم أمام أي قوة غاشمة على وجه الأرض، ومهما قدمت من تضحيات فإن شعلة المقاومة لن تنطفئ”.
كما هنأت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية إخوانها في حركة حماس بمناسبة استشهاد القادة الشجعان، وقالت في بيان نشرته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا“: “إن الإعلان عن استشهاد هؤلاء القادة في الوقت الذي تجري فيه عملية تبادل الأسرى رسالة للكيان الصهيوني”. ويؤكد أنصاره أن استشهاد القادة في الميدان يعطي المقاتلين دافعا قويا وشجاعة لا مثيل لها، وأكدت الحركة ثباتها وصمودها، وحركة حماس، إلى جانب فصائل المقاومة، من أجل استكمال عملية تبادل الأسرى وتحقيق أهداف أهل غزة.
انتفاضة حب ووفاء
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خبر استشهاد الضيف بالفخر والعزة، وتناقلوا صوره وأبنائه وزوجته وبيتهم البسيط، وكتبت “خانم فردوس“: “هذه هي الحياة المتواضعة والبسيطة لقائد حماس! القادة أنفسهم الذين ظل الإعلام المضاد للثورة يقول إنهم يعيشون في الفنادق والقصور في قطر والإمارات، ويتركون الناس تحت قصف الحرب”.
كما أن ابني الشهيد الضيف من حفظة القرآن كاملا، وتم تكريمهما العام الماضي في حفل حفظة القرآن، وبفضل هذا النمط من الحياة الإلهية فقط، يستطيع الإنسان أن يقف خالي الوفاض في مواجهة مثل هذا العدو الشرس، وينتصر، وتناقلت “سيدة راضيه تشكري” و”مرضيه هوشجان” عبر منصة إكس، صورة الشهيد محمد الضيف، عبر مقطع فيديو “برومو” يستعرض أبرز صور وعمليات القائد العسكري لحركة حماس محمد الضيف، ثم علقوا عليه بهذه العبارات: “هذا قائد لا ينام ليلتين أبدا، ولا يبقى في مكان واحد”.
ونشر حساب آخر باسم “نميره زمان سعيد” في 30 يناير/كانون الثاني 2025، مقاطع فيديو تعريفية بالشهيد محمد الضيف ورسالة من الجنرال قاسم سليماني إلى قائد عملية عاصفة الأقصى، ودوَّن رضوان حسن بور على حسابه بمنصة إكس، أن جيش النظام الإسرائيلي المزيف أعلن من خلال نشر مقطع فيديو قديم، أنه تمكن في غارة جوية يوم 13 يوليو/تموز، من اغتيال قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، وكان هذا القصف هو المحاولة التاسعة التي يقوم بها النظام الإسرائيلي لاغتيال هذا القائد الفلسطيني الكبير.. ثم علق في نهاية رسالته: “إن مقاومة أمتكم حية وستبقى حية”، وكتب محمد شيرازي ينعى الشهيد: “هكذا هي نهاية حياة المجاهدين، هي الشهادة، وانضم القائد في كتائب عز الدين القسام محمد الضيف إلى رفاقه من شهداء المقاومة”.