كتبت: شروق السيد
شهدت العلاقات بين إيران وألمانيا تصعيدا ملحوظا في أعقاب إعدام جمشيد شارمهد، المواطن مزدوج الجنسية الإيراني الألماني، بعد اتهامه بارتكاب أعمال إرهابية، مما أثار ردود فعل قوية من الحكومة الألمانية والمجتمع الدولي، حيث استدعت ألمانيا سفيرها من طهران، معربة عن “اعتراضها الشديد” على هذا الإجراء، يتناول هذا التقرير تناول الصحف الإيرانية لهذا التصعيد، إضافة إلى ردود فعل الإيرانيين.
تناول الصحف الإيرانية للتصعيد بين إيران وألمانيا
كتب الموقع الإيراني “أفکار نیوز“: في أول رد فعل ألماني على مقتل جمشيد شارمهد أعلنت ألمانيا استدعاء سفيرها من إيران، وأفادت وزارة الخارجية الألمانية، في منشور على حسابها الرسمي بمنصة التواصل الاجتماعي “إكس”، بأنها أعربت عن “اعتراضها الشديد” على هذا الإجراء للحكومة الإيرانية، ونحتفظ بالحق في اتخاذ مزيد من الخطوات في هذا الصدد.
كما أعلنت الوزارة، في مواقفها المثيرة للجدل، أن السفير الألماني في طهران قد التقى اليوم وزير الخارجية الإيراني، وأعرب عن “أشد الاحتجاج” على وفاة جمشيد شارمهد، بعد ذلك استدعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، السفير للتشاور في برلين.
والأمر الأكثر إثارة للدهشة جاء من الاتحاد الأوروبي، الذي هدد أيضا إيران بإجراءات انتقامية على وفاة جمشيد شارمهد، حيث كتب جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على صفحته الشخصية، أن الاتحاد الأوروبي يدرس اتخاذ تدابير ردا على هذا الإجراء من قبل إيران.
ومع ذلك، لم يوضح المسؤول الأوروبي ما المقصود بالرد على إيران، لكن التطورات الأخيرة في المنطقة تشير إلى أن بعض الدول الغربية تحاول هذه الأيام خلق موجة جديدة من الصراعات ضد إيران.
تحليل موقع “أفکار نیوز” لردود الفعل الألمانية على مقتل جمشيد شارمهد
ليس من الصعب فهم سلوك الأوروبيين هذه الأيام؛ فهم من جهةٍ عالقون في مستنقع حرب أوكرانيا، ومن جهة أخرى يواجهون ضغوطا شديدة من الصهاينة للحصول على مزيد من الخدمات العسكرية والاستخباراتية لإبقاء آلة القتل مستمرة، هذه الأوضاع أصبحت مرهقة للغاية بالنسبة للأطراف الغربية، خاصةً الأوروبيين، الذين يحاولون الآن تحويل مسار الحروب العسكرية نحو معارك أمنية، من بينها إشعال نيران الصراعات السياسية في المنطقة، حيث بدأت شرارتها الأولى في لبنان.
وصل الأوروبيون، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، إلى تحليل مهم، مفاده أن استمرار الحرب في غزة وامتدادها إلى منطقة الضاحية في جنوب بيروت لن يجلب سوى هزيمة متوسطة المدى للطرف الغربي، بل سيعزز قوة المقاومة، من هذا المنطلق، يرون ضرورة أن تكون الحرب العسكرية مصحوبة بعمليات أمنية مكملة لتحقيق النتائج المرجوة.
تتضمن التحركات الحالية محاولة لزرع الانقسامات بين حلفاء المقاومة في لبنان من خلال تحريض المسيحيين من جهة، إضافة إلى عقد اجتماعات ليلية مستمرة في السفارة الأمريكية بهدف خلق اضطرابات داخلية تهدف إلى نزع سلاح حزب الله، هذه التحركات تحمل أيضا أبعادا واضحة ضد إيران.
تهديد الألمان بإخلاء سفارتهم في طهران بحجة وفاة جمشيد شارمهد، المتورط في سجل طويل من الأعمال الإرهابية، وضمن ذلك محاولة تفجير سد سيوند، وفندق جهان، وعملية مسجد شاهجراغ، وحسينية شيراز، وبرج البث التلفزيوني في محافظة فارس، يكشف بوضوحٍ أن هناك تحركات خفية وراء الكواليس تدور رحاها، حيث شكَّل موت هذا المجرم شرارة إضافية لهذه التحركات.
“ركنا”: يُظهر إعدام جمشيد شارمهد موقفا حاسما من إيران في مواجهة الإرهابيين والمجرمين
كتب الموقع الإيراني “ركنا”: بعد إعدام جمشيد شارمهد، أعربت وزارة الخارجية الألمانية عن قلقها بشأن هذا الإجراء واستدعت سفيرها من إيران للتشاور، و أدانت ألمانيا هذا العمل بشدة.
وتابع: تأتي هذه الأحداث في ظل انتقادات وتساؤلات واسعة حول دعم الدول الغربية للجماعات الإرهابية، وتواجه ألمانيا والدول الغربية انتقادات كبيرة بسبب دعمها للجماعات المعارضة والإرهابية.
وأضاف الموقع: يُظهر إعدام جمشيد شارمهد موقفا حاسما من إيران في مواجهة الإرهابيين والمجرمين، وبالنظر إلى سجل الجرائم المرتبطة بهذا الشخص والجماعة التي يقودها، فمن المتوقع أن يستمر هذا الحدث في إثارة النقاشات الساخنة بمجالي السياسة الدولية وحقوق الإنسان.
كما كتب الموقع الإيراني “مشرق“: كتب أحد مستخدمي تويتر تعليقا على الخطوة الأخيرة التي اتخذتها ألمانيا بإغلاق القنصليات الإيرانية:
“ألمانيا يمكنها أن تعترض، وتستدعي السفير، وتطرد دبلوماسيين، وتوقف الاتصالات الدبلوماسية، بل حتى تقطع العلاقات؛ لكنها لا تملك الحق في تجاهل حقوق وتوفير الخدمات القنصلية لنحو 400.000 إيراني لديهم إقامة قانونية في ألمانيا”.
اعتماد: التحلّي بضبط النفس المتبادل هو العنصر المفقود بين إيران وألمانيا
كما كتبت صحيفة “ اعتماد” في تقرير لها بعنوان: التحلّي بضبط النفس المتبادل هو العنصر المفقود بين إيران وألمانيا
الأحداث التي وقعت بين إيران وألمانيا ليست معقولة أو بنّاءة، ومن الضروري إدارتها بحكمة، فألمانيا تُعد المحرّك الأساسي للتنمية الصناعية في أوروبا، ويمكن أن تكون محورا للتقارب الأوروبي، وهو ما لا تتفق معه الولايات المتحدة وبريطانيا كثيرا، بعيدا عن العلاقات التاريخية والقواسم العرقية بين إيران وألمانيا، فإن المكانة المتنامية لألمانيا من الناحيتين الاقتصادية عالميا والسياسية في أوروبا تجعل منها ثقلا أوروبيا يمكن أن يكون داعما للسياسة الخارجية الإيرانية.
رد صحيفة “كيهان” على تقرير صحيفة “اعتماد”
لم تشر صحيفة “اعتماد” إطلاقا إلى سبب التوتر الأخير، وهو اعتراض الحكومة الألمانية الوقح على إعدام زعيم جماعة “تندر” الإرهابية، التي أدت أعمالها إلى مقتل 14 شخصا وإصابة أكثر من مئتي شخص آخر، لماذا لم يتطرق الكاتب إلى هذا الموقف الوقح للحكومة الألمانية (بل حتى يدينه)، وبدلا من ذلك يطالب بتهدئة التوترات؟!
ثانيا، من الغريب أن الكاتب يتجاهل جرائم النظام الألماني في تزويد نظام صدام بالأسلحة الكيميائية، ودعمه للجماعات الإرهابية المناهضة لإيران، وتعاونه في العقوبات الأمريكية ومشاركته في نقض الاتفاق النووي، لكنه يركز بدلا من ذلك على القواسم العرقية المشتركة.
ردود فعل الإيرانيين
علق أحد الحسابات على صحيفة “جوان” دون ذكر اسمه قائلا:
لا يُتوقع من نسل هتلر غير هذا
خطأ أن تُزرَع زهور الربيع في أرض قاحلة
كما كتب حساب باسم محمود زاده: لقد قتلوا ستة ملايين يهودي أحياء في محارقهم خلال الحرب العالمية الثانية، وهم مدينون للشعب اليهودي، لكنهم يدفعون ثمن ذلك من جيوب شعوب الشرق الأوسط.
لنبدأ أولا بأنفسنا، هل يتم تحقيق العدالة؟ لماذا لم يحدث تغيير في وضع العمال؟ هناك تمييز وغلاء في بلادنا.
كما علق البعض على مقال صحيفة همشهري قائلين:
رضا: مع كل هذه الجرائم الفظيعة التي ارتكبها الغرب، يجب الشك في شرف أي شخص لا يزال يقف في صف الغرب.
كامران: الغرب بدأ تدريجيا في الانحدار.
كما علق أحد الاشخاص على مقال صحيفة مشرق قائلا: ألمانيا ليست دولة مستقلة، في مسائل أصغر وأقل أهمية من الحرب القنصلية مع إيران، تطيع أوامر الصهاينة وأمريكا، إن إغلاق القنصليات الإيرانية في ألمانيا لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناة الإيرانيين وغيرهم من الجنسيات الذين يحتاجون إلى خدمات قنصلية، وهذا الأمر سيسبب زيادة الاستياء من قرارات حكومة برلين، في الواقع، فإن هذا الإجراء ستكون له نتائج عكسية.
رواد منصة “إكس”
كتب حساب باسم “محمد رضا سالک“: بعد إعدام جمشيد شارمهد، زعيم جماعة تندر العميلة الذي كان لديه سجل من الجرائم مثل تفجير حسينية شيراز؛ تريد الحكومة الألمانية، الداعمة لصدام خلال فترة الدفاع المقدس، إغلاق قنصلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ألمانيا. من الواضح أن هناك دعما من وراء الكواليس من أوروبا وأمريكا، أليس كذلك؟
كما كتب حساب باسم “عبد المجيد خرقاني“: ابنة جمشيد شارمهد: أبي كان بريئا!
إليكم مثال على جرائم أبيك المدفون في قبره
كما كتب حساب باسم “امير خان“: “بالمناسبة، جمشيد شارمهد كان معارضا لرضا بهلوي، وتم اختطافه بواسطة النظام وقتله!
كما كتب حساب باسم “داريوش زند“: تم اختطاف روح الله زم من العراق، وحبيب أسيود من تركيا، و جمشيد شارمهد من الإمارات، وتم إعدامهم في إيران.
إنها مافيا اختطاف قاتلة