كتب: محمد بركات
شهد اليوم الأول من تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة تفاعلا واسعا من قبل الصحف الإيرانية التي تناولت تطورات الحدث بتركيز على تأثيراته السياسية والعسكرية، في هذا السياق، أظهرت الصحف المختلفة اهتماما بتداعيات الهدنة على حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، متناولين ردود الفعل حول استمرار الصراع، والانتصارات التي حققتها المقاومة الفلسطينية.
الهدنة تدخل حيز التنفيذ
وقد تناولت صحيفة هم ميهن في عددها الصادر الاثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025، تفاصيل اليوم الأول من الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، حيث كتبت: “بدأت رسميا الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس ظهر أمس الأحد 19 يناير/كانون الثاني، ذلك بعد أن اندلعت الحرب في غزة قبل نحو 16 شهرا عقب تنفيذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وامتدت تداعياتها إلى لبنان واليمن وإيران، وقد تم التوصل إلى هذه الهدنة بعد عدة جولات مفاوضات فاشلة لإنهاء الحرب بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر، والتي عُقدت في الدوحة والقاهرة. وأخيرا، تم الاتفاق على الهدنة الأسبوع الماضي بوساطة الأطراف نفسها، حيث بدأت أمس عمليات تبادل الأسرى وعودة النازحين في غزة”.
ويكمل التقرير: “تُعد هذه الحرب، التي تطلق عليها إسرائيل اسم عملية السيوف الحديدية، واحدة من أطول الحروب في تاريخ النزاع العربي الإسرائيلي. فوفقا لإحصائيات نشرتها قناة الجزيرة، فخلال فترة الحرب قتل نحو 47 ألف شخص من سكان غزة، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 111.500 شخص، أما على الجانب الإسرائيلي، فقد أعلن عن مقتل 405 جنود في قطاع غزة، مع إجمالي عدد القتلى العسكريين في الحرب الأخيرة يتجاوز 800 شخص، فيما لم تحدد لم تُحدد أرقام دقيقة حول خسائر حركة حماس من المقاتلين”.
وعن تفاصيل المرحلة الأولى من الهدنة، ذكر التقرير أنه “يتم تنفيذ الهدنة على ثلاث مراحل، وقد دخلت المرحلة الأولى حيز التنفيذ، فيما استمر الجيش الإسرائيلي في قصف قطاع غزة جويا حتى صدور الأمر الرسمي بوقف العمليات أمس، ووفقا للاتفاق، ستقوم حماس بتبادل 33 رهينة إسرائيلي، أحياء أو أموات، كذلك فقد ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حركة حماس ما زالت تحتجز 97 رهينة إسرائيلي. وقد بدأت عملية تبادل الأسرى منذ أمس، وستستمر المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين خلال فترة الهدنة. المرحلة الأولى من الهدنة، والتي تستغرق 42 يوما، تتضمن وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية. كما سيتراجع الجيش الإسرائيلي شرقا من المناطق المأهولة في غزة، وضمن ذلك محور نتساريم، وسيتم تقليص حركة الطائرات العسكرية والمراقبة بمعدل 10 ساعات يوميا، و12 ساعة خلال أيام تبادل الأسرى”.
وحول تداعيات الهدنة على الحكومة في إسرائيل أضاف التقرير: “انتهت الحرب في غزة، وكما حذّر محللون سابقا، بتأثير كبير على حكومة بنيامين نتنياهو، التي أصبحت على شفا السقوط، فوزراء اليمين المتطرف في الحكومة الائتلافية أعربوا عن غضبهم من هذه الهدنة، حيث اعتبروها فشلا، بينما تعرض نتنياهو لانتقادات لاذعة من وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي اعتبرت أنه لم يحقق أيا من أهدافه المُعلنة، مع استمرار وجود حماس في غزة ومقتل نحو ثلثي الرهائن خلال الأشهر الـ16 الماضية.
أفراح الصمود
كذلك، فقد تناولت صحيفة كيهان، الاثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025، الأفراح التي عاشتها غزة في الساعات الأولى لبدء وقف إطلاق النار، حيث كتبت: “بالأمس، وتزامنا مع بدء سريان وقف إطلاق النار وانسحاب المحتلين، خرج الشعب الفلسطيني وعناصر المقاومة المسلحة التابعة لحركة حماس إلى الشوارع لتنظيم عرض عسكري احتفالي، الأمر الذي أثار غضب الكيان الصهيوني، فقد أثمرت إرادة وصمود الشعب الفلسطيني طيلة 470 يوما مشاهد خالدة، حيث انتشرت صور الاحتفالات والفرحة للشعب الفلسطيني الذي واجه أعقد آلات الحرب العالمية بيدين عاريتين في وسائل الإعلام العالمية، لتصبح رمزا للصمود والإيمان والانتصار على الظلم والقمع. إن الاستقبال الحافل لقوات حماس من قبل الشعب، رغم ادعاءات الاحتلال بالقضاء عليها، أوضح أن المقاومة ليست مجرد فكرة، بل تجري في عروق الشعب الفلسطيني. هذه الوحدة العميقة، كجسد بروحين، أظهرت قوة فشل الاحتلال في القضاء عليها”.
ويكمل التقرير: “إن صور الاحتفالات التي جابت وسائل الإعلام كانت رسالة واضحة وصريحة ضد جميع محاولات الاحتلال الفاشلة للقضاء على المقاومة في فلسطين، وقد نظّم الشعب عرضا عسكريا وسط أنقاض غزة حاملين صور شهداء المقاومة البارزين مثل السيد حسن نصر الله ويحيى السنوار. في الوقت ذاته، باشرت شرطة حماس جهودها لإعادة الأمن والنظام فور بدء سريان الهدنة”.
ويضيف: “وفي الوقت الذي أثارت فيه صور الاحتفالات موجة ردود فعل إيجابية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد العديد من المستخدمين أن هذا الانتصار جاء رغم الحصار الشديد والدمار الواسع، نتيجة إرادة الشعب وتلاحمه وروحه القتالية، فعلى الجانب الآخر، أثارت هذه الصور غضب وإحباط الكيان الصهيوني الذي وجد أنه بعد 470 يوما من القصف والهجمات المتواصلة، الشعب الفلسطيني لم يستسلم، بل احتفل بانتصاره جنبا إلى جنب مع المقاومة، فقد بدأ الكيان الصهيوني الحرب بثلاثة أهداف رئيسية وهي: القضاء على حماس، والعثور على الأسرى وإنقاذهم، واحتلال غزة وسلب إدارتها من يد حماس، لكنه فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي من هذه الأهداف، كل ما جناه الاحتلال كان المزيد من قتل المدنيين وتدمير المنازل والمستشفيات”.
جاء نصر الله
أيضا، فقد صدرت صحيفة همشهري عددها ليوم الاثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025، بصورة لحسن نصر الله، الأمين الأسبق لحزب الله اللبناني، ويحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حيث كتبت: “أخيرا، وبعد 15 شهرا من الحرب المدمّرة، تم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقد بقيت حماس، وغادر الصهاينة، فالصور التي انتشرت عن رفع علم فلسطين في مناطق مختلفة من غزة ومشاركة أعضاء المقاومة الفلسطينية في احتفالات الفلسطينيين بالفرح أثارت غضبا وإحباطا واسعين بين السياسيين والمحللين والشخصيات البارزة الإسرائيلية. وأشار معظمهم إلى أن هذه الصور تعكس هزيمة كاملة لإسرائيل في الحرب المكلفة التي استمرت 15 شهرا”.
وقد تناول التقرير تداعيات تلك الهدنة على الداخل الإسرائيلي حيث كتبت: “قدم يتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ووزراء حزبه استقالاتهم احتجاجا على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، وقد أقرّ بن غفير بأن حماس لم تُهزم، مشيرا إلى أن إسرائيل يجب أن تعود إلى الحرب، وقد كان بن غفير أحد أعضاء حكومة الاحتلال الذين صوتوا ضد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. في الوقت نفسه، هدد سموتريتش، وزير المالية في حكومة الاحتلال، بأنه سيسقط الحكومة بأكملها إذا انتهى الأمر هنا ولم تعد إسرائيل إلى الحرب، مدعيا أن وقف الحرب سيكون مكسبا استراتيجيا لحماس وهزيمة كارثية على إسرائيل”.
كما قدم التقرير ثلاثة سيناريوهات محتملة أمام حكومة نتنياهو في الفترة المقبلة، حيث قال: “وضع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حكومة نتنياهو في موقف هش، لا يترك أمام نتنياهو وما تبقى من حكومته إلا ثلاثة احتمالات، أولها بقاء الحكومة، فعلى الرغم من أن استقالة إيتمار قد قلصت عدد مؤيدي الحكومة في الكنيست من 68 إلى 62 عضوا، فإنها لن تسقط، حيث لا تزال تحتفظ بأغلبية المقاعد 62 مقعدا من أصل 120”.
السيناريو الثاني وهو سيناريو السقوط، فبعد تهديد سموتريتش بالاستقالة إذا لم تستأنف الحرب في غزة، وإذا استقال فعلا، فسيقلص ذلك عدد داعمي الحكومة إلى 55 مقعدا، مما ستؤدي حتما إلى سقوط حكومة نتنياهو، لأن دعمها في الكنيست سيقل إلى أقل من النصف.
أما السيناريو الثالث، فإذا استقال كل من بن غفير وسموتريتش، يمكن لحكومة نتنياهو أن تبقى في حالة واحدة، وهي إذا حصل على دعم حزب “يش عتيد” بقيادة يائير لابيد، حيث يملك حزب لابيد 23 مقعدا في الكنيست، وقد أعلن لابيد مسبقا أنه مستعد لدعم حكومة نتنياهو في حال توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الوزراء المتطرفين من الحكومة، ففي هذه الحالة، سيتجنب نتنياهو سقوط حكومته رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
أبو عبيدة يوجه الشكر لإيران
هذا وقد ألقت صحيفة جام جم في عدده الصادر في 20 يناير/كانون الثاني 2025، الضوء على تصريحات أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، التي جاءت الأحد 19 يناير/كانون الثاني 2025، والتي وجه الشكر فيها إلى إيران، حيث كتبت: “في أحدث تصريحاته بعد تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، أعرب أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن شكره لأعضاء المقاومة، خصوصا إيران، لدعمها المستمر لشعب غزة. وأوضح أن معركة (طوفان الأقصى) قدمت نموذجا فريدا للمقاومة، مؤكدا تقديره لإيران على دعمها الدائم ومشاركتها الفاعلة في هذه المعركة التاريخية”.
ويكمل التقرير: “كذلك فقد وجه أبو عبيدة شكره للمقاتلين في حركة أنصار الله باليمن وحزب الله في لبنان على تضحياتهم الكبيرة التي قدموها دعما للمقاومة، مشيرا إلى أن معركة طوفان الأقصى قد فتحت جبهات قتال جديدة وأجبرت الاحتلال الصهيوني على اللجوء إلى القوى الكبرى للحصول على الدعم. وخلال حديثه، أوضح أن هذه الحرب، التي بدأت من داخل غزة، غيرت وجه المنطقة وفرضت معادلات جديدة في الصراع مع الاحتلال، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني خلال 471 يوما قدم تضحيات غير مسبوقة من أجل الحرية والدفاع عن المقدسات، كما وصف أبو عبيدة الكيان الصهيوني بأنه العدو الأساسي وأصل كل المشاكل والمآسي في المنطقة، داعيا إلى توجيه كل الجهود نحو كبح جماحه. وفي ختام تصريحاته، أكد أبو عبيدة التزام المقاومة الكامل بوقف إطلاق النار، مشددا على أن هذا الالتزام مشروط بالتزام الاحتلال الصهيوني به أيضا”.
كما أشارت الصحيفة إلى محاولة نتنياهو عرقلة تنفيذ الهدنة، حيث كتبت: “في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، حاول نتنياهو عرقلة تنفيذ الاتفاق بسبب الأزمات الداخلية في حكومته، مدعيا أن قائمة الأسرى التي سيتم تحريرهم لم تصل إليه، رغم أن هذا لم يكن صحيحا، إلا أن تحذيرات وتهديدات من ترامب والولايات المتحدة وجهت إليه بشأن تعثر وقف إطلاق النار. لقد كان نتنياهو قلقا من عواقب الاتفاق، معتبرا أنه قد يؤدي إلى سقوط حكومته. كما تم الإعلان عن احتمالية إرسال استدعاءات قضائية لنتنياهو بسبب قضايا مالية، بينما تشكلت لجان لتقييم تقصير الحكومة والجيش في مواجهة عملية طوفان الأقصى”.
النصر الحقيقي
وفي خضم الحديث عن هذا الحدث، كتبت صحيفة جوان الاثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025: “منذ اليوم الأول لبدء القصف على غزة، قال العديدون وكتبوا أن استراتيجية حماس تحت اسم طوفان الأقصى كانت استراتيجية خاطئة، وعندما زادت أعداد الضحايا من النساء والأطفال، اعتبروا ذلك تأكيدا على صحة رأيهم. وعندما دُمرت غزة تماما، لم يتراجعوا عن قولهم. وعندما استشهد قادة حزب الله وسيد المقاومة، لم يتمكنوا قط من الاعتراف بكلمات مثل الانتصار والنصر في سياق المقاومة، ثم جاءت قضايا سوريا لتكمل هذا الرأي وتغلق الملف في نظرهم”.
ويكمل التقرير مستدركا: “لكن الحقيقة هي أن هذه كانت واحدة من أعظم انتصارات المقاومة في التاريخ. ففي العصور القديمة، كانت شهرة دمشق كإحدى أكبر المدن والحضارات في العالم قد انتشرت، وعندما يدخل شخص إليها بسبب هيكل المدينة التي تقع بين التلال، كان يرى جزءا صغيرا منها فقط بجانب التل، ولهذا نشأ مثل يقول: (انظر إلى دمشق من فوق التلة لتكتشف الحقيقة!)، وفي المثنوي، يطلب منا جلال الدين الرومي أن نكون مستعدين لتقبل الآلام والأحزان والمعاناة، لأن هذا هو الحب ومحبة الله لعباده، ومن هنا فإن النصر ليس بعدد القتلى أو الخراب، بل النصر هو لمن لا يتراجع. انظر إلى دبابات إسرائيلية كيف تتراجع في صفوف منظمة كأنها تميل رأسها للخلف، انظر إلى تلك الحكومة المجرمة وكيف تتلوى، انظر إلى أهل غزة كيف يعودون إلى الخراب! لماذا العودة إلى الخراب؟ أليس الخراب مكانا للموت؟ نعم! نحن نعود لقطف زهور النصر!”.