كتب: ربيع السعدني
بعد عقد اجتماع غير رسمي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، أصدرت دول مجموعة السبع بيانا مناهضا لإيران، أدان النفوذ السياسي الإيراني بين دول غرب آسيا، وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا” أن كبار المسؤولين من دول مجموعة السبع (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) إلى جانب الاتحاد الأوروبي عقدوا مساء السبت 15 فبراير/ شباط 2025 اجتماعا غير رسمي على هامش “مؤتمر ميونيخ للأمن”، وكان من نتائج هذا الاجتماع صدور بيان مزعوم معادٍ لإيران.
انتقدت دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي في بيانها بحسب ما نشرت وكالة أنباء “تاس” الروسية، النفوذ السياسي لطهران بين دول غرب آسيا، وأدانت أفعالها في مجال الطاقة النووية ومنطقة البحر الأحمر، وجاء في البيان: “أدان أعضاء مجموعة السبع بشكل لا لبس فيه تصرفات إيران المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك تقدمها السريع في تخصيب اليورانيوم دون أدلة مقنعة على استخدامه المدني، ودعمها للمنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط والبحر الأحمر”، وأدان وزراء خارجية مجموعة السبع أيضا هذه القضية وبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين إيران بانتهاكات حقوق الإنسان، وفيما يتعلق بمزاعم دول مجموعة السبع بشأن البرنامج النووي الإيراني السلمي تماما، ينبغي التأكيد على أنه في الأشهر الأخيرة، عقدت إيران والترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) عدة جولات من المحادثات، ووفقا لنواب وزراء خارجية الدول الأوروبية، كانت المحادثات المذكورة بناءة.
من ناحية أخرى، كانت إيران، التي أكدت دائما على الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، وأن أنشطتها النووية السلمية تندرج في إطار القوانين الدولية وتخضع لرقابة صارمة ومستمرة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد أعربت عن استعدادها لإجراء مفاوضات جديدة للتوصل إلى اتفاق نووي، حتى جاءت تصرفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستئناف سياسة الضغط الأقصى ضد إيران، دون أن يتوقع أي حسن نية من البلاد، ومن ناحية أخرى، ينتقد أعضاء مجموعة الدول السبع النفوذ السياسي لإيران، على الرغم من أن طهران اعتمدت دائما سياسة حسن الجوار.
أما فيما يتعلق باتهامات دول مجموعة السبع لإيران بدعم الجماعات الإرهابية، ذكر تقرير وكالة أنباء الطلبة “إيسنا” أن أعضاء محور المقاومة هي مجموعات وطنية وعفوية ومحبة للحرية، والسبب الوحيد لتصنيف هذه المجموعات كإرهابية من قبل الدول الغربية هو معارضتها للاحتلال الإسرائيلي وهو النظام الذي تدعمه دول مجموعة السبع، بحسب نص تقرير إيسنا، ومن جهة أخرى، أصدرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة رسالة في وقت سابق رفضت فيها بشكل قاطع ما وصفته بالاتهامات الفارغة التي أثارها مندوب الولايات المتحدة في اجتماع مجلس الأمن يوم الخميس 13 فبراير/ شباط 2025 بشأن اليمن، مؤكدة أن السياسة المبدئية لإيران كانت دائما تقوم على دعم السلام والاستقرار والحل السياسي في البلاد، وأرسلت ممثلية بلادنا على الفور رسالة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة”.
وأشارت إلى أن “واشنطن لا تستطيع إخفاء مسؤوليتها عن التواطؤ في جرائم النظام الإسرائيلي باتهام إيران، وخلافا للولايات المتحدة التي تعمل من خلال إرسال الأسلحة وتوفير الدعم المالي الواسع النطاق لجرائم هذا النظام على تعزيزه في عدوانه المستمر ضد الشعوب المضطهدة في المنطقة، فإن طهران كانت وستظل ملتزمة بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن”، كما نفت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة أي انتهاك لحظر الأسلحة أو المشاركة في تصعيد الصراع في اليمن، وقالت: “إن موقف إيران تجاه الأزمة اليمنية كان دائما موحدا ومستقرا، ويجب حل هذه الأزمة من خلال عملية سياسية شاملة تضمن استقلال هذا البلد وسيادته الوطنية ووحدته وسلامة أراضيه”.
الخارجية الإيرانية: “اتهامات غير مسؤولة”
وفي سياق متصل، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بشكل قاطع الادعاءات الأخيرة التي أطلقها وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى ضد بلاده ووصف الاتهامات الموجهة لطهران، بأنها “لا أساس لها وغير مسؤولة”، واعتبر بقائي اتهام إيران بالسلوك المزعزع للاستقرار في المنطقة أمراً سخيفا، بحسب وكالة تسنيم للأنباء، يوم الأحد 16 فبراير/ شباط 2025 وفي إشارة إلى تصرفات دول مجموعة السبع، خاصة الولايات المتحدة وكندا وثلاث دول أوروبية، في تقديم الدعم بالسلاح والمال والسياسي للنظام الإسرائيلي الإبادة الجماعية وتدخلاتها العسكرية والسياسية الأخرى في المنطقة، صرح بأن عودة الاستقرار والأمن إلى منطقة غرب آسيا تتطلب وضع حد للسياسات التدخلية لهذه الدول في الشؤون الإقليمية.
وأكد بقائي على الحق المشروع والمسؤولية القانونية للحكومة الإيرانية في الدفاع عن الشعب وسلامة أراضي طهران وسيادتها الوطنية ضد أي تهديد أو عدوان، واعتبر تطوير القدرات العسكرية الدفاعية الإيرانية وفقاً للقانون والمعايير الدولية ضرورة لذلك، وذكر أن القدرات الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالإضافة إلى ضمان الأمن القومي للبلاد، تتوافق مع السلام والأمن في منطقة غرب آسيا.
كما رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أي شكوك حول طبيعة الأنشطة النووية السلمية الإيرانية وبرنامج التخصيب ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة، مؤكدا أن الأنشطة النووية السلمية الإيرانية مصممة ومنفذة وفقا للاحتياجات التقنية والصناعية للبلاد، ووفقا لحقوق إيران والتزاماتها الدولية بموجب معاهدة “حظر الانتشار النووي” و”اتفاقية الضمانات”، مسترجعا الجهود الرائدة التي تبذلها طهران لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وأضاف: “إن العائق الوحيد أمام تحقيق هذا الهدف هو نظام الاحتلال الإسرائيلي الذي واصل، بدعم كامل من دول مجموعة السبع – في حين ارتكب إبادة جماعية في غزة وأثار استياء دول المنطقة – تطوير أسلحة الدمار الشامل وهدد بشكل خطير السلام والأمن الدوليين”.
وفي وقت سابق أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد 16 فبراير/ شباط 2025 خلال مؤتمر صحفي جمعه بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أنه “سينهي المهمة” في إشارة إلى تهديدات إيران بدعم من الولايات المتحدة، ويدعو نتنياهو منذ فترة طويلة إلى اتخاذ موقف صارم ضد طهران التي يرى أنها تشكل تهديدا لوجود إسرائيل.
خامنئي يحذر أعداء طهران
ومن جانبه أكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن طهران لم تعد تواجه أي قلق أو مشكلة، فيما يخص قدراتها الدفاعية والعسكرية، مشددًا على جاهزية البلاد لمواجهة أي تهديد بأعلى المستويات، وأضاف خلال كلمة ألقاها الاثنين 17 فبراير/ شباط 2025 في محافظة أذربيجان الشرقية الإيرانية أن “السبب الرئيسي لغضب القوى المستكبرة – بحسب وصفه – من طهران هو صمود الشعب الإيراني ومقاومته أمام ضغوطهم ومؤامراتهم”، وأشار إلى أن “إيران استطاعت أن تبني قدرة دفاعية رادعة، جعلتها تقف بقوة أمام أي تهديد أو مخطط يستهدف أمنها واستقرارها”.