ترجمة: شروق السيد
تناولت صحيفة “كيهان” الإيرانية أزمة تلوث الهواء المتفاقمة في طهران والمدن الكبرى خلال فصلي الخريف والشتاء.
كتبت الصحيفة الإيرانية “كيهان“يوم السبت 11 يناير/كانون الثاني 2025 : في يوم الأحد، 29 ديسمبر/تشرين الثاني 2024، وبينما كان الناس يتطلعون إلى السماء مترقبين قطرات المطر، أسهمت الرياح بسرعة 25 كيلومترا في الساعة في تحسين جودة هواء طهران إلى مستويات “مقبولة” ثم “نقية”.
وأشارت إلى أنه عقب هذا الحدث، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو أظهر معجزة الرياح وهي تزيل تلوث الهواء عن طهران خلال 30 ثانية فقط، وقد أظهر هذا الفيديو القصير كيف تمكنت الرياح بسرعة 25 كيلومترا في الساعة من إزالة الدخان والتلوث بسهولة، مما أدى إلى تحسن جودة هواء المدينة.
وواصلت: على مدى سنوات، وخلال فصلي الخريف والشتاء، تسببت التقلبات في درجات الحرارة باحتجاز الملوثات على ارتفاعات قريبة من الأرض، أصبحت سماء طهران وبعض المدن الصناعية الكبرى مغطاة بالغبار والملوثات والدخان، وبسبب هذه الظروف، وفي أعقاب حالة الطوارئ، بناءً على قرار لجنة طوارئ تلوث الهواء، سيتم إغلاق الدوائر الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
وذكرت الصحيفة أن هذا يأتي في ظل تأكيد الدستور الإيراني، وتحديدا في المادة الخمسين، ضرورة توفير بيئة نظيفة وصحية كأحد العناصر الأساسية للهواء النقي، وتنص المادة الخمسون على أنه:
“في إيران، تُعتبر حماية البيئة، التي يجب أن توفر للأجيال الحالية والمستقبلية حياة اجتماعية متقدمة، واجبا عاما، ومن ثم، تُمنع الأنشطة الاقتصادية أو غيرها التي تؤدي إلى تلوث البيئة أو تدميرها بشكل لا يمكن تعويضه”.
كما أن قانون العقوبات الإيراني والقوانين واللوائح الأخرى ذات الصلة قد خصصت ضمانات قانونية لتأمين وضمان حق الحصول على هواء نظيف، ورغم ذلك، لم تتمكن السلطات التنفيذية بعد من ضمان هذا الحق للمواطنين.
وبحسب الصحيفة، فإن تلوث الهواء لا يعاني منه سكان إيران فقط، بل إنه مشكلة عالمية تؤرق العديد من البلدان الأخرى، ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO)، يتسبب تلوث الهواء سنويا في وفاة 800.000 شخص بشكل مبكر، بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي وسرطان الرئة، ومن بين هؤلاء، يُسجل نحو 150.000 حالة وفاة في جنوب آسيا.
وتابعت الصحيفة: عادةً ما يؤدي تلوث الهواء إلى قيام لجنة الطوارئ بإعلان تعطيل المدارس، والجامعات، والإدارات، وهو ما يتسبب باضطرابات في حياة الناس اليومية ويؤثر على ازدهار الأعمال.

إحصائيات الطوارئ
ونقلت الصحيفة عن بابك يكتابرست، المتحدث باسم هيئة الطوارئ الوطنية، قوله: “تشير بيانات الأيام العشرة الماضية، إلى ارتفاع عدد مراجعي أقسام الطوارئ في المستشفيات بنسبة 21% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بسبب تدهور جودة الهواء”.
وأضاف يكتابرست، أن عدد مراجعي الطوارئ نتيجة التلوث خلال الفترة نفسها من العام الماضي بلغ 85.247 شخصا، في حين ارتفع هذا الرقم في العام الحالي إلى 95.362 شخصا.
وأوضح أن حالات الأمراض القلبية ارتفعت بنسبة 2%، وحالات الأمراض التنفسية زادت بنسبة 21%، وبالمجمل، ارتفعت حالات الأمراض القلبية والتنفسية بنسبة 12%، مما يعكس الوضع المتردي الذي يعيشه المواطنون حاليا.
جودة الهواء في طهران
وبحسب الصحيفة، إنه خلال عام 2024 وحتى الأيام الأولى من 2025، كان الهواء نقيا في إيران لمدة خمس أيام فقط.
بينما كان الهواء في مستوى مقبول لمدة 175 يوما، وكان الهواء غير صحي للفئات الحساسة لمدة 79 يوما، و8 أيام كان الهواء غير صحي لجميع الفئات العمرية.
وأضافت الصحيفة أنه يجب على السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، أن تتابع أوجه القصور في الأجهزة المعنية والفشل في تنفيذ الحلول.
وذكرت أن مهدي أقراريان، رئيس اللجنة القانونية في مجلس بلدية طهران، صرّح خلال جلسة مجلس بلدية طهران، قائلا: “إذا قال أحد إنه لا توجد مشاكل في البلاد، فهذا غير صحيح، طريق التغلب على هذه المشاكل والتحديات يمر عبر التآزر والتعاون بين أبناء الشعب الإيراني، علينا أن نتوصل معا إلى حلول لتجاوز هذه الأزمات، هذه البلاد، على مدار تاريخها الممتد لآلاف السنين، واجهت صعوبات عديدة، لكن الشعب تمكّن دائما من التغلب عليها”.
وأشار أقراريان إلى الرسالة التي أرسلها المجلس إلى رؤساء السلطات الثلاث في عام 2022 بشأن تلوث الهواء، وقال: “أطلب أن تتم متابعة هذا الموضوع مرة أخرى، وأن يتم تحديث الرسالة وإعادة إرسالها بما يتناسب مع الظروف الجديدة”.
وأضاف: “حل هذه المشكلة هو مطلب الشعب ومطلبنا كممثلين للشعب، جميع أعضاء المجلس الـ21 على استعداد لتقديم الدعم وتسخير أي إمكانيات لازمة لحل هذه المشكلة، لأن حلها ممكن، لذلك، يجب أن تُعاد الرسالة إلى السلطات الثلاث، وعلى رؤسائها اتخاذ خطوات مؤثرة في إطار تحمّل المسؤولية أمام الشعب”.
وفي السياق نفسه قال مهدي شمران، رئيس مجلس بلدية طهران: “في الجلسة السابقة طلبت متابعة الرسالة مرة أخرى وتحديثها، لا يكفي أن نرسل الرسالة فقط كأعضاء مجلس، بل يجب أن نقدم حلولا أيضا، طهران تتصدر قائمة المدن الأكثر تلوثا، ومن الضروري أن نطرح حلولا لمشكلة التلوث الجوي”.
وأضاف: “قامت هيئة التفتيش وديوان المحاسبات بإجراء بعض الدراسات، لكن كونها دورية سنوية قد يجعلها غير محدثة، يجب أن نحصل على هذه التقارير ونراجعها ونقدم الحلول اللازمة”.
هل البقاء في المنزل يُعد حلا؟
وتابعت الصحيفة في تقريرها: على الرغم من أن التلوث الشتوي يهيمن على سماء المدن الكبرى، فإن الهواء داخل المنازل ليس في مأمن من هذه الملوثات، قد تكون نسبة الجسيمات العالقة في المنازل أقل من الخارج، لكنها لا تزال تشكل خطرا.
إلى جانب ذلك، فإن المساحات الداخلية ملوثة بأنواع أخرى من الملوثات، وفقا لدراسة أجراها ساتشين كومار، أخصائي أمراض الرئة، الذي قال في مقابلة مع موقع HT Lifestyle:
“المركبات العضوية المتطايرة موجودة بسهولة داخل منازلكم، هذه الجسيمات الملوثة تأتي من المواد التي تستخدمونها للتنظيف أو من الأدوات الشخصية أو المركبات، وغيرها، ويمكن أن تهاجم الجهاز التنفسي وتؤثر على وظيفة الرئتين، مسببةً الربو لدى الأطفال، ونقص الأكسجين، وأمراض القلب، وانخفاض الوزن عند الولادة، وحتى السرطان”.
الحلول المقترحة
بحسب الصحيفة، فقد اقترح الخبراء عدة حلول لتحسين صحة الأفراد وتقليل مخاطر التلوث، منها:
- الامتناع عن التدخين داخل الأماكن المغلقة.
- استخدام فلاتر الهواء ومراقبة جودة الهواء المنزلي.
- تركيب أجهزة تنقية الهواء، حيث يساعد ذلك في إزالة الملوثات وتحسين جودة الهواء.
- تجنب استخدام المنظفات القوية مثل منظفات الزجاج، والمبيضات، ومزيلات البقع بشكل مفرط.
- ارتداء الكمامات عند استخدامها، ويفضل تجنب استخدامها في وجود الأطفال.
- تجنب استخدام أجهزة البخار أو ترطيب الهواء بشكل مفرط، حيث يمكن أن تؤثر سلبا على الجهاز التنفسي.
- استخدام نباتات مثل الألوفيرا لتنقية الهواء، يمكن أن يكون مفيدا لتحسين جودة الهواء داخل المنازل.
- تجنب استخدام الشموع في الأماكن المغلقة.