ترجمة: علي زين العابدين برهام
وصل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، صباح الثلاثاء 25 فبراير/شباط 2025 إلى طهران في زيارة ليوم واحد للقاء كبار المسؤولين في إيران.
نشرت صحيفة “همشهري أونلاين” مساء اليوم الثلاثاء 25 فبراير/شباط 2025 تقريرا ذكرت فيه أن هذه الزيارة، التي جاءت بدعوة من نظيره الإيراني عباس عراقجي، أثارت تكهنات غير مسبوقة بين المحللين ووسائل الإعلام؛ فما الهدف الرئيسي من هذه الزيارة؟ هل يحمل لافروف رسالة تهديد من الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، إلى إيران، أم يحمل عرضا خاصا من فلاديمير بوتين للالتفاف على العقوبات الغربية؟
ذكرت “همشهري” أنه في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاثنين 24 فبراير/شباط 2025 لإدانة الإجراءات الروسية في أوكرانيا، امتنعت إيران مجددا عن التصويت. كانت هذه القرارات تهدف إلى الضغط على موسكو لوقف عملياتها العسكرية، وقد تم تبنيها بأغلبية الأصوات.
وأضافت أن الامتناع الإيراني عن التصويت، إلى جانب الصين ودول أخرى، يعكس مساعي طهران للحفاظ على توازن علاقاتها بين روسيا والغرب وسط تطورات دولية حساسة.
خلفية الزيارة: تطورات عالمية وإقليمية
تابعت الصحيفة أن زيارة لافروف تأتي بعد أسبوع فقط من المحادثات المباشرة بين المسؤولين الأمريكيين والروس في الرياض 18 فبراير/شباط 2025، والتي تطرقت إلى الحرب في أوكرانيا وقضايا الشرق الأوسط.
وذكرت أنه مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتصريحاته الأخيرة حول “إنهاء سريع للحرب في أوكرانيا”، إلى جانب انتقادات الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بشأن “مفاوضات بدون مشاركة كييف”، تصاعدت الشائعات حول صفقة كبرى بين موسكو وواشنطن. ويرى بعض المحللين أن إيران وأوكرانيا قد تكونان جزءا من تبادل جيوسياسي بين الطرفين.
وأوضحت أن العلاقات بين طهران وموسكو في السنوات الأخيرة شهدت تقاربا غير مسبوق، خاصة بعد توقيع اتفاقية استراتيجية شاملة العام الماضي وإرسال طائرات مسيّرة إيرانية إلى روسيا في حرب أوكرانيا. ومع ذلك، فإن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وفراره إلى موسكو دق ناقوس الخطر في طهران، حيث تساءلت الأوساط الإيرانية عما إذا كانت روسيا لا تزال حليفا موثوقا في مواجهة الغرب.
رسالة تهديد من ترامب؟
ذكرت “همشهري” أن التكهنات تتركز حول ما إذا كان لافروف يحمل رسالة مباشرة من ترامب إلى إيران، ويعتقد بعض المحللين أن الولايات المتحدة تسعى لممارسة ضغوط مكثفة على إيران لإغلاق برنامجها النووي بالكامل وإضعاف ما يُعرف بـ”محور المقاومة”.
وأضافت أنه في المقابل، تشير بعض التقارير الإعلامية الغربية إلى أن التقارب المحتمل بين روسيا وأمريكا بشأن أوكرانيا قد يعني تقليص دعم موسكو لطهران، خاصة إذا كانت روسيا تسعى إلى تخفيف التوترات مع الغرب.
وأشارت إلى أن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أكد في مقابلة مع قناة “خبر” في أكتوبر/تشرين 2025 الماضي، أن “العلاقة مع روسيا استراتيجية، لكن هذا لا يعني أننا متفقون في كل القضايا أو لدينا اعتماد كامل عليها”.
هل يحمل لافروف عرضا خاصا من بوتين؟
وتابعت أنه على الجانب الآخر، تشير بعض المصادر إلى أن لافروف ربما جاء إلى طهران بمقترح بديل من بوتين، فقد تحدث الرئيس الروسي مرارا خلال السنوات الماضية عن توسيع العلاقات الاقتصادية مع إيران كوسيلة لمواجهة العقوبات الغربية.
وأضافت أنه قد يشمل هذا العرض صفقات نفطية سرية أو استخدام نظام دفع بديل لنظام “سويفت”، وهو ما سبق أن طرحه مهدي صفري، نائب وزير الخارجية الإيراني السابق عام 2022، إذ قال صفري حينها إن “اتفاقا لاستخدام بطاقة الدفع الروسية (مير) في إيران تم التوصل إليه وسيتم تنفيذه قريبا”.
وأشارت إلى أنه وفي ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة على كلا البلدين، قد يكون هذا المقترح مغريا لطهران، شريطة أن تضمن موسكو عدم التراجع أمام الضغوط الأمريكية.
ردود الأفعال والتحليلات
ذكرت الصحيفة أنه قد تباينت آراء المحللين حول هذه الزيارة، وبينما تروج بعض الأصوات المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة على منصة “إكس”، لفكرة أن “الروس يساومون على أوكرانيا ويمنحون التنازلات في إيران”، نشرت وكالة “إرنا” تحليلا يستبعد أن يكون لافروف قد جاء برسالة مباشرة من واشنطن، لكنه ربما يقدم تقييما للموقف الأمريكي الجديد.
وأضافت أنه في الوقت نفسه، يرى بعض مستخدمي “إكس” أن هذه الزيارة قد تكون بمثابة إنذار نهائي لإيران: إما الاستسلام التام في المفاوضات أو العزلة الكاملة.
لعبة مزدوجة أم نقطة تحول؟
وتابعت بأنه تأتي زيارة لافروف إلى طهران في توقيت حساس، وسط نقاش مكثف حول مستقبل إيران بين خيارين رئيسيين إما الامتثال لمطالب الغرب، بما في ذلك التخلي عن البرنامج النووي وتقليص النفوذ الإقليمي، أو الاعتماد على روسيا، رغم الغموض بشأن مدى التزام موسكو بدعم طهران على المدى الطويل.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أنه فهل ستكون هذه الزيارة نقطة تحول في العلاقات بين طهران وموسكو، أم أنها مجرد خطوة في لعبة سياسية أكثر خطورة في الشرق الأوسط؟ الإجابة قد تتضح في الأسابيع المقبلة، مع انكشاف نتائج المفاوضات السرية بين القوى الكبرى.