كتب: ربيع السعدني
استمرارا لحملة الضغوط القصوى التي تشنها إدارة دونالد ترامب ضد طهران، استهدفت وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتان، العديد من الأفراد والكيانات والسفن المرتبطة بطهران، ووضعتهم على قائمة العقوبات للمرة الثانية بعد عودته للبيت الأبيض. وتفصيلا، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) الأمريكي عقوبات على أكثر من 30 شخصا وسفينة في عدة ولايات قضائية، لدورهم في شراء وإرسال مكونات أساسية للطائرات المسيّرة إلى إيران في إطار “حملة الضغط الأقصى” التي أطلقها دونالد ترامب ضد النظام الإيراني.
وبحسب وكالة أنباء “إرنا” الرسمية، فإن العقوبات الجديدة التي فرضتها وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتان، الاثنين 24 فبراير/شباط 2025، على تجارة النفط الإيرانية هي الخطوة الأولى المشتركة في حملتهما الجديدة للضغوط القصوى ضد طهران، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تومي بروس، إن وزارة الخزانة فرضت عقوبات على 16 كيانا وسفينة، في حين فرضت وزارتا الخارجية والخزانة عقوبات مشتركة على 22 فردا و13 سفينة آخرين.
شركات ومسؤولون إيرانيون بارزون على قائمة العقوبات الأمريكية
ومن بين الأفراد والكيانات التي شملتها العقوبات سماسرة نفط في هونغ كونغ، ومشغلو ومديرو ناقلات في الهند والصين، ورئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية، وشركة محطات النفط الإيرانية، التي تساهم عملياتها في تمويل الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران؛ وفقا لبيان “الخزانة الأمريكية”، أما السفن التي شملتها العقوبات فهي مسؤولة عن شحن عشرات الملايين من براميل النفط الخام التي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، وقال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت: “تواصل إيران الاعتماد على شبكة غامضة من السفن وشركات الشحن والسماسرة لتسهيل مبيعاتها النفطية وتمويل أنشطتها المزعزعة للاستقرار”، وأضاف: “ستستخدم الولايات المتحدة جميع الأدوات المتاحة لاستهداف جميع جوانب سلسلة إمداد النفط الإيرانية، وأي شخص يتعامل مع النفط الإيراني يعرض نفسه لخطر العقوبات الكبيرة”.
ووفقا لبيان وزارة الخزانة الأمريكية، يتم اتخاذ هذا الإجراء اليوم وفقا للأمرين التنفيذيين 13902 و13846، اللذين يستهدفان قطاعي النفط والبتروكيماويات في إيران، ويعد هذا الإجراء ثاني جولة من العقوبات التي تستهدف مبيعات النفط الإيرانية منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي المذكّرة الرئاسية للأمن القومي رقم 2 في 4 فبراير/شباط 2025، التي تأمر بحملة ضغط قصوى على إيران وتقضي بتقليص صادراتها النفطية إلى الصفر.
الإشراف على صادرات النفط الإيرانية
يشغل حميد بوَرد منصب نائب وزير النفط الإيراني والرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC)، التي تتولى مسؤولية استكشاف وإنتاج وتكرير وتصدير النفط والمنتجات النفطية الإيرانية، كما أورد بيان “الخزانة الأمريكية”، ومن خلال إشرافها المباشر على قطاع النفط الإيراني، تلعب (NIOC) دورا رئيسيا في تمويل الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها القوات العسكرية الإيرانية والجماعات التابعة لها، وضمن ذلك فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني (IRGC-QF)، وتخصص الحكومة الإيرانية مليارات الدولارات من النفط سنويا لقواتها المسلحة كإضافة إلى ميزانياتها السنوية، وقد تم تصنيف شركة النفط الوطنية الإيرانية وفقا لسلطة مكافحة الإرهاب بموجب الأمر التنفيذي 13224، بصيغته المعدلة، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020، لتقديمها دعما ماديا أو ماليا أو تكنولوجيا للحرس الثوري الإيراني – فيلق القدس.
أما شركة محطات النفط الإيرانية (IOTC) التي تتخذ من إيران مقرا لها، ويديرها عباس أسدروز، فهي شركة تابعة لـ(NIOC) تشرف على جميع العمليات في محطات النفط الإيرانية، وضمن ذلك محطة جزيرة خارك النفطية، التي يمر عبرها معظم النفط الإيراني، ومحطة مكثفات جنوب بارس، التي تمثل 100% من صادرات المكثفات الغازية الإيرانية، ويشرف سيد علي ميري وغلامحسين كارامي على محطتي جزيرة خارك ومكثفات جنوب بارس، على التوالي، بينما تتولى المحطة الشمالية للنفط على بحر قزوين، التي يديرها علي معلمي، تصدير باقي النفط الإيراني، وقد تم تصنيف حميد بوَرد وشركة محطات النفط الإيرانية وفقا للأمر التنفيذي 13902 لعملهم في قطاع النفط الإيراني، كما تم تصنيف سيد علي ميري، وعلي معلمي، وغلامحسين كارامي، وعباس أسدروز بموجب الأمر التنفيذي ذاته، لعملهم نيابة عن أو بالنيابة عن شركة محطات النفط الإيرانية، بشكل مباشر أو غير مباشر.
سفن غير خاضعة للعقوبات
وأضاف البيان، أن الناقلات الإيرانية التي شملتها العقوبات تعتمد على عمليات نقل من سفينة إلى أخرى خارج الحدود الملاحية الرسمية، باستخدام سفن غير خاضعة للعقوبات، لإخفاء المصدر الإيراني للنفط، وفي سبتمبر/أيلول 2024، قامت الناقلة “URGANE I”، التي ترفع علم بنما (IMO: 9231901) وتديرها شركة “Nycity Shipmanagement Co Ltd” في الصين، بتحميل النفط الإيراني الخام من طراز “Pars” عبر نقل من سفينة إلى أخرى مع ناقلة مملوكة للشركة الوطنية الإيرانية لناقلات النفط.
نتيجة لهذا الإجراء، يتم تجميد جميع الممتلكات والمصالح في الممتلكات العائدة للأفراد والكيانات المحددة أعلاه، والتي تقع داخل الولايات المتحدة أو في حيازة أو تحت سيطرة أشخاص أمريكيين، كما يجب الإبلاغ عنها إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية. إضافة إلى ذلك، تُعتبر أي كيانات مملوكة بنسبة 50% أو أكثر، بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل شخص أو أكثر من الأشخاص الخاضعين للعقوبات، محظورة أيضا، وفقا لبيان “الخزانة الأمريكية”.
سياسة الضغط الأقصى
خلال ولايته الأولى (2017-2021)، طبّق ترامب سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران، مما أدى إلى انخفاض كبير في صادرات النفط الإيرانية وتأثير شديد على اقتصاد البلاد، لكن بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض وإنهاء هذه السياسة، ارتفعت إيرادات النفط الإيراني بشكل ملحوظ. وفي هذا السياق، ذكرت “فايننشال تايمز“، في 17 أبريل/ نيسان 2024 أن صادرات النفط الإيرانية وصلت إلى أعلى مستوى لها في ست سنوات، حيث كان الصين هي المشتري الرئيسي لهذه الشحنات.
ترامب الذي أعرب مرارا وتكرارا عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال ولايته الثانية، ادعى في 4 فبراير/شباط 2025، من خلال توقيع مذكرة لمواصلة سياسة الضغوط القصوى ضد طهران، أنه مستعد للتحدث مع الرئيس الإيراني، وأضاف أنه “تردد” في التوقيع على المذكرة، وقال: “هذا أمر صعب للغاية بالنسبة لإيران، آمل أن لا نضطر إلى استخدامه كثيرا، علينا أن نرى ما إذا كان بوسعنا التوصل إلى اتفاق مع إيران”. وفي 7 فبراير/شباط 2025، ادعى في رسالة على موقع التواصل الاجتماعي “Truth Social”، “أريد أن تكون إيران دولة عظيمة وناجحة، ولكن دولة لا ينبغي أن تمتلك أسلحة نووية“. وأضاف أن “التقارير التي تزعم أن الولايات المتحدة تخطط لتدمير إيران بالتعاون مع إسرائيل مبالغ فيها إلى حد كبير، أفضل أن يكون لدينا اتفاق نووي سلمي وقابل للتحقق ويسمح لإيران بالنمو والازدهار سلميا، علينا أن نعمل على هذا الأمر فورا ونقيم احتفالا شرق أوسطيا كبيرا عندما يتم توقيع الاتفاق.. حفظ الله الشرق الأوسط!”.
كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت في وقت سابق من الشهر الجاري، عقوبات على شبكة دولية، قالت إنها “تسهّل شحن الملايين من براميل النفط الخام الإيراني بمئات الملايين من الدولارات إلى الصين”، وأدانت وزارة الخارجية الإيرانية العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات طهران النفطية، واصفة إياها بأنها “غير مبررة وتنتهك القانون الدولي”. واعتبر خامنئي أن من الضروري الاستفادة من تجربة “عامين من المفاوضات والتنازلات ولكن دون الوصول إلى نتيجة”، وأضاف: “الولايات المتحدة انتهكت المعاهدة نفسها، رغم نواقصها، وانسحبت منها (الاتفاق النووي مع إيران في 8 مايو/أيار 2018)، لذلك فإن التفاوض مع مثل هذه الحكومة أمر غير حكيم وغير ذكي وغير مشرف، ولا ينبغي التفاوض معها”.