ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيرنا“، الجمعة 11 أبريل/ نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه أزمة انعدام الثقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بسبب تجارب الماضي، خاصة انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي سنة 2018.
أزمة الثقة
ذكرت الوكالة أنّ موقع “آسيا تايمز” ( موقع إخباري باللغة الإنجليزية مقره الصين) نشر تقريرا تناول فيه إعلان التخطيط لبدء المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان، واعتبرته تحولا مهما، خاصة في ظل تاريخ طويل من انعدام الثقة والعداء بين البلدين.
وتابع الموقع بأنّ الولايات المتحدة أعلنت أنّ ستيف وِيتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، سيلتقي بعباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنّ: “إيران ستكون في خطر كبير إذا فشلت هذه المفاوضات.”، وفي هذه الأثناء أعلنت إيران أن المفاوضات ستجري عبر وسيط.
وصرّح عراقجي، قائلا: ” أن المفاوضات غير المباشرة فرصة واختبار في الوقت نفسه، والكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة”.
وواصل موقع “آسيا تايمز” تقريره بالقول إنّ هذا التباين الواضح في الرسائل الإعلامية، قبل حتى بدء المفاوضات، لا يُعدّ مؤشرا إيجابيا لنجاحها.
وقال إنّ ممثلين عن إيران والصين وروسيا عقدوا اجتماعا في موسكو في 8 أبريل/نيسان 2025، وذلك قبيل انطلاق المفاوضات.
وأضاف أن وزارة الخارجية الصينية أصدرت بيانا أكّدت فيه أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي التي انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق النووي، ما أدّى إلى الوضع الراهن.
كما شددت الصين علي ضرورة أن تُظهر واشنطن صدق النية السياسية، وأن تتصرف في إطار الحوار والتشاور، مع التوقف عن التهديد باستخدام القوة وممارسة سياسة الضغط الأقصى.
وأوضح الموقع أن هذا الموقف الصيني جاء ردا على الرسائل الأخيرة الصادرة عن واشنطن، والتي شددت بوضوح على احتمال اللجوء إلى القوة واستمرار سياسة الضغط الأقصى ضد إيران.
وذكر أنّ ترامب، وبعد لقائه مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، صرّح خلال مؤتمر صحفي قائلا: “يجب ألا تمتلك إيران السلاح النووي، وإذا لم تنجح المفاوضات أعتقد أنّ ذلك اليوم سيكون يوما سيئا للغاية بالنسبة لإيران”.
وتابع أن نهج ترامب المعروف في الدبلوماسية، والقائم على أسلوب الصفقات والمساومة، والذي يمثّله حاليا ستيف وِيتكوف في هذه المفاوضات، من المرجّح أن يكون له تأثير كبير على مسار المحادثات.
وأضاف أنّ الطموحات الجيوسياسية لترامب في منطقة الشرق الأوسط تتركز على توسيع ما يُعرف بـ”اتفاقيات إبراهيم”، وهي سلسلة اتفاقيات تهدف إلى تطبيع العلاقات بين الإحتلال الإسرائيلي وعدد من الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان.
كما أوضح أنّ توقيع هذه الاتفاقيات في سنة 2020، اعتُبر واحدا من أبرز إنجازات السياسة الخارجية للإدارة الأولى لترامب، خاصة من منظور الجهود الأمريكية الرامية لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة.
وأشار إلي أنّ الولايات المتحدة تبذل في الوقت الراهن جهودا نشطة من أجل إدخال المملكة العربية السعودية في هذه الاتفاقيات، ويعتبر حضور الرياض في هذه الاتفاقيات بمثابة تغيير جذري في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط.
ذكر الموقع أنّ ترامب يخطط لخلق تبعيات اقتصادية عبر اتفاقيات تجارية ومشروعات استثمارية ضخمة، وذلك بهدف تحفيز الدول على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الإحتلال الإسرائيلي.
وتابع أنّ من أبرز القضايا المؤثرة في سير المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية هو المستوى المنخفض جدا من الثقة المتبادلة بين الطرفين، وقد أدي تدخل واشنطن في الصراع الدائر في قطاع غزة، ومن ذلك المقترح المثير للجدل الذي أعلنه ترامب بخصوص “تطهير” غزة من الفلسطينيين بهدف إعادة إعمارها مستقبلا، زاد الوضع تعقيدا وأدى إلى تعميق أزمة الثقة.
وأكد أنّ الحملة العسكرية الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة ضد قوات حركة “أنصار الله” اليمنية، أدّت إلى تصعيد التوترات بشكل أكبر في المنطقة، ومن المرجح أنّ مثل هذه التهديدات المتواصلة من جانب واشنطن، أن تراها إيران سلوكا عدائيا.
وأضاف أنّ التصريحات الأخيرة لترامب لم تُسهم في تهدئة هذا المناخ المتوتر، بل ساعدت على تعميق أجواء انعدام الثقة بين الطرفين، وتعود جذور تشاؤم إيران إلي تجاربها السابقة مع الولايات المتحدة، حيث لم يتم تنفيذ الوعود الأمريكية بشأن تخفيف الضغوط الاقتصادية.
وبيّن أنّ انسحاب ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، هو مثال واضح على هذا الخرق للثقة، وقد دفع هذا الشعور بالخيانة إيران إلي توخي الحذر الشديد بشأن الدخول في اتفاقات جديدة دون ضمانات ملموسة.
وأوضح أنّ الأوضاع الإقليمية المعقدة تُضيف المزيد من التعقيدات على مسار المفاوضات، ومن المرجح أنّ الدعم الأمريكي المتواصل لأفعال الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بنتائج عكسية.
وأكد أنّ معظم شعوب دول الخليج العربي يناصرون حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويشعرون بالغضب الشديد من الموقف الأمريكي، خاصة بعدما منح ترامب الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي لانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف العمليات العسكرية والاعتداءات على قطاع غزة.