كتبت: شروق السيد
تشهد الساحة السياسية الإيرانية جدلا متزايدا حول الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF) وحل القضايا المتعلقة بالاتفاق النووي (برجام)، في الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أهمية التعاون مع المجتمع الدولي لتحسين الاقتصاد الإيراني وتخفيف العقوبات، يعارض التيار الأصولي هذا التوجه، معتبرين أن الانضمام إلى مجموعة العمل المالي FATF سيزيد من العقوبات ويعرض الأمن الاقتصادي للخطر، نستعرض في هذا التقرير آراء الأطراف المختلفة حول هذه القضية وتأثيرها على الاقتصاد والسياسة الإيرانية.
ما هي مجموعة العمل المالي (FATF):
مجموعة العمل المالي (FATF) هي منظمة حكومية دولية تضع وتعزز سياسات ومعايير لمكافحة الجرائم المالية، وضمن ذلك غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وإيران مدرجة على القائمة السوداء لديها.
بزشكيان: علينا حل مشاكلنا مع العالم، وضمن ذلك (FATF) والاتفاق النووي (برجام)
صرح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال مؤتمر صحفي نقلته وكالة أنباء “إيسنا” الإيرانية، بضرورة حل القضايا العالقة مع المجتمع الدولي، وضمن ذلك تلك المتعلقة بمجموعة العمل المالي (FATF) والاتفاق النووي (برجام)، وأكد بزشكيان أهمية الوصول إلى رؤية مشتركة ووضع برنامج متكامل، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل حاليا على تنفيذ هذا البرنامج، حيث يتم إعداد الخطط التنفيذية في كل وزارة وفقا لمهامها.
ورد بزشکیان على سؤال مراسل صحيفة “دنياي اقتصاد” حول كيفية مساهمة الحكومة الحالية في معالجة الاختلالات الاقتصادية والتخفيف من الفقر وتحسين الاقتصاد، قائلا: “لا خيار أمامنا سوى حل قضية FATF، سأكتب بالتأكيد رسالة إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام؛ لكي يتم إعادة هذه المسألة إلى جدول أعمال المجمع؛ حتى نتمكن من حلها، ويجب علينا حلها”.
وأضاف: “خلال زيارتي للعراق وإقليم كردستان ومدن عراقية أخرى، توصلنا إلى اتفاقات بشأن تنفيذ مشاريع مشتركة، ويمكننا القيام بالشيء نفسه مع جيراننا الآخرين”.
وأكد الرئيس الإيراني أن “النمو الاقتصادي يتطلب إنشاء سوق حر لنقل الاستثمارات الخارجية إلى الداخل، وسنتحرك بالتأكيد، على أساس الحكمة والمصلحة”.
في حين يؤكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أهمية التعاون مع المجتمع الدولي لتحسين الاقتصاد الإيراني وتخفيف العقوبات، يعارض بعض الأصوليين هذا التوجه.
لماذا يرفض الأصوليون رغبة بزشكيان في الانضمام إلى مجموعة العمل المالي؟
علق سيد محمود نبويان، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، على تصريحات الرئيس الإيراني في ما يتعلق بمجموعة العمل المالي (FATF)، قائلا: “من خلال الاتفاق النووي (برجام)، لن تُرفع العقوبات، لأن السيد ظريف في الاتفاق النووي تعهّد بأن جميع العقوبات الأولية الأمريكية، وجميع العقوبات المتعلقة بالصواريخ، وجميع العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان، وجميع العقوبات الإقليمية الإلكترونية وغيرها من الأمور ستبقى”. وهذا بحسب ما ذكرته صحيفة “دنياى اقتصاد” الإيرانية.
وأضاف: “النقطة التالية هي أنه في عام 2016 وقّعت إيران على اتفاقية FATF، هل تم رفع أي عقوبات؟ المثير للاهتمام أنه في الوقت نفسه أصدرت FATF بيانا قالت فيه إن إيران ممولة للإرهاب، والنقطة التالية هي أنه طُلب من إيران أن تعلن أن فيلق القدس وجميع قوات المقاومة منظمات إرهابية، بإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم إبلاغ أمريكا والدول الأخرى بجميع المعلومات المالية لإيران وجميع التعاملات التجارية، بمعنى آخر، يجب تحديد جميع طرق التجارة الخاصة بالشعب الإيراني وإغلاقها بالكامل، هل الذين يكتبون لبزشکیان أخبروه بهذه الأمور أم لا؟”.
وتابع: “حاول أن تقرأ أولا نص الاتفاق النووي وFATF مرة واحدة، ولا تثق فقط يوساوس أولئك الذين لديهم عائلات وأبناء في الخارج، وثانيا، خذوا العبرة من الحكومة السابقة، حكومة السيد روحاني، التي اعتمدت على الأعداء بدلا من الثقة بالشعب الإيراني العظيم”.
ميرسليم: الانضمام إلى FATF في ظل وجود العقوبات يسبب أضرارا أكبر
قال ميرسليم، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام: “الجميع يعتقد أن عدم الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF) يلحق بنا أضرارا، ولكن الانضمام إليها دون رفع العقوبات يسبب أضرارا أكبر، ومن الطبيعي أنه بين السيئ والأسوأ يجب ألا نختار الأسوأ”، بحسب ما نقلته عنه صحيفة “دنياى اقتصاد” الإيرانية.
– كما قال غلام رضا مصباحي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام: “رغم أن بعض وسائل الإعلام تطرقت بالخطأ إلى موضوع انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال، فإن النقطة المهمة هي أن ايران قد نفذت 39 من أصل 41 توصية من هذه المجموعة، وموضوع الانضمام موضوع مضلل وغير كامل”.
ويرى الخبراء أن سبب عدم قبول التوصيتين المتبقيتين هو أن قبولهما سيؤدي إلى فرض عقوبات داخلية على إيران وسيمنع العديد من المعاملات المالية الإيرانية، كما أن اقتراح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إرسال رسالة إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام لإعادة هذه المسألة إلى جدول الأعمال، سيؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد والفضاء السياسي في البلاد، حسب ما ذكرته صحيفة “كيهان” الإيرانية.
وأضافت الصحيفة: “في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تنظيم اقتصاد البلاد، فإن موضوع FATF لا يعتبر أمرا مهما، وطرحه سيترك آثارا سلبية كبيرة على السوق”.
رد مصطفى هاشمي طبا على رفض الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (FATF)
قال السياسي الإيراني مصطفى هاشمي طبا، الذي شغل منصب مساعد الرئيس في حكومة رفسنجاني: “في رأيي، هناك علاقة بين المتشددين والمستفيدين من العقوبات، هؤلاء يقولون إذا انضممنا إلى مجموعة العمل المالي، فلن نتمكن من تقديم المساعدة لحزب الله، بينما في الواقع، لا يمكننا فقط مساعدة المنظمات التي تم تصنيفها رسميا كإرهابية من قبل الأمم المتحدة، وفي رأيي، هذه مجرد ذريعة لعزل أنفسنا، في الوقت الحالي، نحن نضع مبالغ ضخمة في جيوب بعض الأفراد بسبب عدم قبولنا FATF”، وهذا حسبما ذكر الموقع الإيراني “خبر أونلاين“.