ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشر موقع “عصر إيران“، مساء الأحد 2 مارس/آذار 2025، تقريرا تناول إقالة وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، مستعرضا فيه تحليلا دقيقا لهذه الإقالة، والدروس المستفادة منها، وتوقعات بالفترة القادمة.
ذكر الموقع أنه بنظرة تفاؤل، أراد النواب أن يكون لديهم إجابة أمام المواطنين في دوائرهم الانتخابية، خاصة في ليالي رمضان وأيام عيد النيروز؛ حتى لا يُقال إنهم يهتمون فقط بقانون الحجاب وتشجيع الإنجاب، بل يفكرون أيضا في معيشة الناس. لذلك، حمّلوا همتي مسؤولية ارتفاع أسعار العملات وجعلوه كبش فداء. إضافة إلى ذلك، وبما أن القضية اقتصادية، فلا يُقال إنهم حصلوا على امتيازات.
وأضاف أنه إذا كانت النظرة واقعية، فإن التوجه العام للبرلمان هو كذلك، وجاءت الثقة بالحكومة تحت تأثير الصدمة التي أعقبت التطورات السياسية، واغتيال إسماعيل هنية في طهران، ودعم المرشد الأعلى للحكومة. وإلا فإن البرلمان الحالي ليس على وفاق مع حكومة بزشكيان، وكان الأجدر الاستغراب من نيل جميع الوزراء المقترحين الثقة، وليس من سحبها من وزير الاقتصاد.
وأشار إلى النظرة التشاؤمية، موضحا أن هذه ليست سوى الخطوة الأولى، وبعد وزير الاقتصاد سيأتي الدور على وزراء آخرين، بدءا بوزير العمل، ثم وزير الصحة، وبعده وزير العلوم، وربما بعد ذلك وزيرة الطرق والتعمير.
وأوضح الموقع أنه بعد مرور 192 يوما فقط على منح 192 نائبا في البرلمان الثقة لعبد الناصر همتي ليكون وزيرا للاقتصاد والمالية في حكومة مسعود بزشكيان، صوّت 182 نائبا لصالح استجوابه، ما يعني أن عدد مؤيدي توليه الوزارة انخفض من 192 إلى 89 فقط (وهم معارضو الاستجواب). وهذا يدل على أن التصويت السابق جاء نتيجة ضغوط أو التزام بتوجيهات الرئيس أكثر منه عن قناعة.
وذكر أن عبد الناصر همتي ليس أول وزير اقتصاد يواجه سحب الثقة سواء عند تعيينه أو من خلال الاستجواب، لكنه أول من أُقيل بهذه السرعة. فالحكومة لم تُكمل ستة أشهر بعد، ومع ذلك فقد تم عزله، بينما في حكومة خاتمي، تم منح وزير الداخلية عبد الله نوري تسعة أشهر قبل أن يُطاح به.
وأضاف أنه “الآن يبقى أن نرى كيف سيتعامل مسعود بزشكيان مع الوضع. فإذا قرر تعيين همتي رئيسا لمنظمة التخطيط والميزانية، ورشح حميد بور محمدي لمنصب وزير الاقتصاد، فسيكون ذلك إشارة واضحة إلى أنه لا يعتزم إجراء تغييرات جوهرية في المثلث الاقتصادي”.
وتابع: “أما إذا خرج همتي تماما من الحكومة وجلس شخص يرضى عنه البرلمان على كرسي الوزارة، فسيكون ذلك بمثابة تراجع من بزشكيان، رغم أن تصريحاته السابقة لم تكن توحي بمثل هذا التنازل”.
وأشار إلى أن تجربة همتي باتت درسا لكل من سيتولى هذا المنصب، إذ يدرك الآن أن البرلمان، عندما لا يستطيع الضغط على الرئيس أو رئيس منظمة التخطيط والميزانية أو محافظ البنك المركزي، فإنه يستهدف وزير الاقتصاد مباشرة، وأي تبرير يتعلق بالعوامل الخارجية لن يكون مجديا.
وذكر أنه على أي حال، أولئك الذين توقعوا أن ينجو همتي من الاستجواب، كما نجا عطا الله مهاجراني، وزير الثقافة والإرشاد بحكومة محمد خاتمي، في أبريل/نيسان 1999، خاب ظنهم، إذ انتهى به المطاف بمصير مشابه لعبد الله نوري، الذي أُقيل في استجواب مايو/أيار 1998.
وأضاف أن النواب المحسوبين على جبهة “بایداري”، الذين كانوا يسعون لرئاسة البرلمان، ووجدوا أنفسهم فجأة أمام تحولات كبرى، مثل سقوط مروحية إبراهيم رئيسي، وهزيمة سعيد جليلي، والتصعيد العسكري، وعودة دونالد ترامب، يمكنهم الآن اعتبار إقالة همتي خطوة لاستعادة زمام المبادرة. وربما سيقول بعضهم علنا أو سرا: “لقد انتقمنا”.
وأردف الموقع أنه يبقى السؤال: هل سيعيد مسعود بزشكيان تعريف التوافق السياسي، أم أنه سيواصل النهج ذاته، مما يفتح الباب أمام البرلمان لاستهداف أربعة وزراء آخرين؟
ذكر الموقع أنه خلال الأشهر المقبلة، سيعمّ الهدوء السياسي، على الأقل حتى موعد الاستجواب التالي، أيا كان. لكن من الخطأ افتراض أن منح الثقة الأولي لجميع الوزراء المقترحين كان يعني تقبّل نتائج انتخابات يونيو/حزيران 2024 دون مقاومة.
وأضاف أن المسألة ليست فقط أن همتي لم يعد وزيرا، بل الأهم هو كيف انتقل 192 نائبا من منحه الثقة إلى 89 نائبا فقط خلال 192 يوما؟ البعض يرى أن القرار لم يكن سياسيا بحتا، بل خطوة لتبرير موقفهم أمام الناخبين، ليقولوا إنهم يتحركون لحل الأزمات الاقتصادية وإن همتي كان السبب، وهي مصادفة سيئة له، إذ قد لا يكون من السهل تمرير استجواب مماثل ضد وزيري العلوم أو العمل.
وأشار إلى أنه “يجب ألا ننسى أن يد البرلمان مكبّلة في كثير من المجالات؛ فقراراته تُواجَه بالفيتو في مجلس صيانة الدستور، وإذا تحوّلت إلى قانون، يمكن إحالتها إلى جهات أخرى أو إفراغها من مضمونها عبر مجالس موازية تضع سياسات بديلة. لذلك، يبقى له حق وحيد غير خاضع لأي سلطة أخرى: منح أو سحب الثقة من الوزراء، سواء في حكومة رئيسي، حيث استُهدف فاطمي أمين وزير الصناعة، أو في حكومة بزشكيان، حيث كان همتي الضحية هذه المرة.
وأوضح أنه لو كان البرلمان الحالي ممثلا حقيقيا للأغلبية الشعبية، ولو لم تكن الظروف الاقتصادية بهذه الحدة، ولو كان وزير الاقتصاد هو المسؤول الوحيد عن الملف المعيشي، ولو لم تكن هناك مجالس عليا تسنّ سياسات اقتصادية موازية، ولو استطاع الوزير الحديث بوضوح عن مشكلات الاقتصاد، من التهريب إلى سماسرة العقوبات وأصحاب الامتيازات، عندها فقط كان يمكن الترحيب بهذه الإقالة باعتبارها استجابة حقيقية للأزمة.
وتابع أنه ورغم كل شيء، فإن هذا الاستجواب يحمل ثلاثة دروس مهمة:
- الرئيس أصبح أكثر صراحة وإدراكا بأن التوافق وحده لا يكفي.
- أي وزير قادم سيدرك أن المنصب محفوف بالمخاطر، ولن يُفرد له السجاد الأحمر.
- باقي الوزراء باتوا يعلمون أنهم قد يكونون الضحايا التاليين في أي لحظة.
وذكر أنه من المفارقات أن همتي يرحل بينما يبقى فرزين محافظا للبنك المركزي، رغم أنه شغل المنصب ذاته في عهد رئيسي. وربما لحرصه على صداقته، لم يصرّح بأن سياسات البنك المركزي لم تتغير، مما قد يضعه لاحقا في دائرة التغيير مع أي وزير جديد.
وأضاف أن الرسالة الأبرز، هي أن الاقتصاد والمعيشة لم يعودا ملفّين قابلين للتجاهل أو المساومة، مما يستوجب تركيز جميع الجهود عليهما، حتى لو تطلّب الأمر بعض الصدامات السياسية. فالرئيس، في النهاية، هو من ستُحمَّل له المسؤولية، وسيُلقى باللوم على وزير الاقتصاد، كما حدث مع همتي.
واختتم الموضع التقرير، بالقول أنه وبغضّ النظر عن نتيجة الاستجواب وما دار فيه، فإن أهم مخرجات هذا الاجتماع ربما تكون نبرة الرئيس التي بدت أكثر حدة وصراحة، وهو أمر قد تكون له تبعات في الفترة القادمة.