ترجمة: علي زين العابدين برهام
تحتفل إيران هذه الأيام بذكرى انتصار الثورة الإيرانية 1979، وتستمر هذه الاحتفالات عشرة أيام بداية من 1 إلى 11 فبراير/شباط، ويطلقون عليها اسم “عشرة الفجر”. فما قصة هذه الأيام العشرة، ولمَ يحتفل الإيرانيون بانتصار الثورة لمدة عشرة أيام؟
نشر موقع “تابناك” الإيراني، الأحد 2 فبراير/شباط 2025، تقريرا عن هذه الاحتفالات، ذكر فيه أن عشرة فجر الثورة الإسلامية هي إحياء الأيام الحاسمة لشعب إيران، وتُعد هذه الأيام ذكرى أحداث مهمة، منها عودة روح الله الخميني إلى إيران بعد 15 عاما من المنفى، وإعلان تشكيل الحكومة المؤقتة، وانضمام العديد من العسكريين إلى الثورة، وتوقيع القوات الجوية بيعة مع الخميني، إضافة إلى هزيمة الحكومة العسكرية بفضل حضور الشعب المهيب في الساحات بأمر من الخميني، وفتح العديد من المراكز الحيوية مثل الإذاعة والتلفزيون والثكنات العسكرية، مما أسفر في النهاية عن انتصار الثورة الإسلامية.
عودة الخميني وانتصار الثورة
ذكر الموقع أنه في الأول من فبراير/شباط 1979، ورغم كافة المعوقات، عاد الخميني إلى إيران، حيث استقبله الشعب الإيراني بحفاوة غير مسبوقة على مسافة 33 كيلومترا. وبعد وصوله إلى “بهشت زهراء”، ألقى خطابه القوي والحاسم الذي أفقد النظام المستبد القدرة على التخطيط أو الرد على الشعب الثائر.
وأضاف أنه في الفترة القصيرة بين وصول الخميني ونجاح الثورة الإسلامية، حدثت تحولات كبيرة في البلاد، أسفرت عن انتصار الثورة، وأطلق عليها لاحقا “عشرة الفجر”. خلال هذه الفترة، قام الخميني بتقديم الحكومة المؤقتة للشعب الإيراني.
وأوضح أن آخر مؤامرة للنظام الملكي كانت محاولة قمع الثورة عبر فرض حكم عسكري وتنفيذ انقلاب. وكان شابور بختيار، رئيس وزراء النظام المدعوم من قبل الولايات المتحدة، يهدف إلى إخضاع الثورة وإخماد نيرانها عبر تقديم حكومته بشكل قانوني، بهدف قمع الشعب. وقد أعلن معارضته لعودة الخميني وأصدر أوامر بإغلاق المطارات.
وتابع أن فرمان الخميني التاريخي بعدم الاعتراف بالحكم العسكري فشل في إحباط هذه المؤامرة. عقب هذا الإعلان، قام الشعب بتوجيه ضربة قاسية للنظام، حيث نزلوا إلى الشوارع وبنوا المتاريس التي منعت تقدم دبابات الجيش، وصدّوا بقايا النظام، مما أدى إلى حصار مقرات القادة العسكريين، ورئاسة الحكومة، والمراكز الأخرى، وسرعان ما انضم العسكريون إلى صفوف الشعب.
وأخيرا، في 11 فبراير/شباط 1979، سقط النظام الملكي الذي دامَ 2500 عام، وحقق الشعب الإيراني بقيادة الخميني انتصار ثورته، لتزدهر الثورة الإسلامية في إيران.
الأحداث التاريخية التي أدت إلى عشرة فجر الثورة الإيرانية
ذكر الموقع أن الثورة الإيرانية دخلت مرحلة جديدة بعد استشهاد مصطفى الخميني، نجل الخميني قائد الثورة، في مدينة النجف الأشرف، على يد عملاء محمد رضا بهلوي، مما أحدث موجة من الغضب والاستنكار بين الشعب الإيراني. ومع ذلك، اعتبر الخميني أن “هذا الحادث من نعم الله الخفية وفضله، حيث ساعد في إشعال مزيد من الزخم الثوري في الشعب الإيراني وزيادة تفاعلهم مع الثورة ضد النظام الملكي”.
تظاهرات 9 يناير/كانون الثاني في قم
ذكر الموقع أنه في 7 يناير/كانون الثاني 1978، نُشر مقال بعنوان “إيران والاستعمار الأحمر والأسود” في صحيفة “اطلاعات” باسم مستعار “أحمد رشيدي مطلق”، تضمن إساءات لرجال الدين خاصةً الخميني، واعتبرهم أعداء للتقدم والتطور. هذا المقال، الذي كان بتوجيه من البلاط الملكي، أثار احتجاجات واسعة في جميع أنحاء إيران، خاصة في مدينة قم.
وأضاف أن آلاف الطلاب والمواطنين قد خرجوا في مسيرات نحو منازل رجال الدين؛ للتعبير عن غضبهم، وفي 9 يناير/كانون الثاني 1978، وفي أثناء المظاهرات بمدينة قم، سقط عدد من الشهداء والجرحى على يد قوات النظام. نتيجة لهذه المجزرة الوحشية، تم إغلاق الحوزات العلمية وأسواق قم لبضعة أيام، واستمرت المظاهرات المتفرقة.
أحداث 18 فبراير/شباط في تبريز
وأضاف أنه في 18 فبراير/شباط 1978، تحولت الحركة التي انطلقت من قم إلى موجة عارمة في تبريز. كان السكان ينوون المشاركة في مجلس عزاء لشهداء قم، لكنهم فوجئوا بأبواب المسجد مغلقة، ما أدى إلى اشتباكات مع قوات النظام، أسفرت عن سقوط شهداء وجرحى. وعقب ذلك، قام المحتجون بإحراق دور السينما، ومحلات بيع الخمور، والبنوك، ما نقل الحركة إلى مرحلة جديدة.
المطالبة بحكومة إسلامية
وتابع مبينا أنه في 4 سبتمبر/أيلول 1978، أقيمت صلاة عيد الفطر بمنطقة قيطرية في طهران، وازداد زخم الثورة بشكل كبير؛ مما دفع الشعب إلى الخروج في مظاهرات حاشدة في شتى المدن، مطالبين بإقامة حكومة إسلامية. على الرغم من قمع النظام لهذه المظاهرات بالقتل والإجراءات العسكرية، فإن الاحتجاجات استمرت، وطالب الناس بإقامة حكومة إسلامية.
مظاهرات 8 سبتمبر/أيلول
وأشار إلى أنه بعد المظاهرات الكبرى في عيد الفطر، اتسعت الحركة الثورية في طهران وسائر المدن. في 8 سبتمبر/أيلول 2025، وبينما كان الجميع يتهيأ للخروج في مظاهرة جديدة، قرر الشاه الرد بعنف وأعلن حالة الطوارئ في طهران ومدن أخرى، وهاجمت قوات الجيش المتظاهرين من الجو والأرض، مما أسفر عن مذبحة عرفت بـ”الجمعة السوداء”، والتي هزّت عرش النظام الملكي.
الخميني في فرنسا
ذكر الموقع أنه في 5 أكتوبر/تشرين الأول 1978، غادر الخميني إلى فرنسا، حيث استمر في قيادة الثورة من هناك، مما جذب اهتمام العالم إلى الثورة الإيرانية، ومن خلال استخدام وسائل الإعلام العالمية، تمكن من إيصال صوت الشعب الإيراني إلى العالم، وأحبط جميع المؤامرات الداخلية والخارجية ضد الثورة.
مظاهرات عاشوراء
وأوضح أنه بعد هجرة الخميني إلى فرنسا، شهدت الثورة سلسلة من الأحداث المهمة مثل إحراق مسجد جامع كرمان، والهجوم على ضريح الإمام الرضا في مشهد، لكن، كانت مظاهرات عاشوراء نقطة تحوُّل حاسمة في مسيرة الثورة. وفي رسالة له، أكد الخميني أن شهر محرم هو شهر الحماسة والشجاعة، داعيا الشعب إلى مزيد من التوسع في معارضتهم للنظام الملكي، مما جعل الاحتجاجات تتحول إلى ثورة شاملة ضد النظام في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بالاستقلال والحرية وإقامة الجمهورية الإسلامية.
النصر النهائي
وأشار إلى أن آخر محاولات النظام كانت تعيين شابور بختيار، عضو الجبهة الوطنية، رئيسا للوزراء؛ في محاولة منه لإخماد الثورة. ولكن، وبسبب دور الإمام الخميني المؤثر في إيران، أغلقت الحكومة المطارات لتأخير عودته. وفي الفترة بين فرار الشاه وعودة الخميني، حدثت مظاهرات ضخمة في ذكرى الأربعين 20 صفر و28 صفر، إضافة إلى اعتصام العلماء في مسجد جامعة طهران.
وأردف أنه في 1 فبراير/شباط 1979، عاد الخميني إلى إيران بعد 15 عاما من المنفى، حيث استقبلته حشود ضخمة من الشعب الإيراني في طهران ومدن أخرى، وبعد عودته، أعلن في خطابه بحديقة “بهشت زهراء” أن حكومة بختيار غير شرعية، وأنه سيشكل حكومة جديدة بناءً على رأي الشعب وحقه الشرعي.
وتابع أنه في 11 فبراير/شباط 1979 اقتحم الشعب الإيراني المراكز الحكومية والعسكرية، واندلعت الثورة، وبفرار بختيار وإعلان الجيش الحياد، تحقق النصر النهائي للثورة الإيرانية، بعد سنوات من النضال والتضحية.
أهمية وهدف “عشرة الفجر”
أوضح الموقع أن الاحتفال بـ”عشرة الفجر”، خاصةً المسيرات في يوم 11 فبراير/شباط، يُعد تجسيدا لتجديد البيعة مع مبادئ الخميني ورؤية الثورة الإيرانية، ويُعد وسيلة فعالة لمواجهة أعداء الثورة، فضلا عن كونه تجسيدا لتمسك الأمة الإيرانية بالتقاليد الإلهية. إن الاهتمام بـ”عشرة الفجر” يمثل أيضا تجديدا للقوى الحية في صفوف الثوار الأصليين، ويُعتبر احتفالا بالشكر على أعظم معجزة إلهية تمثلها الثورة الإيرانية.
وأضاف أن أحد الأهداف الرئيسية لهذه المناسبة هو تعزيز الأمن العام، وتوضيح الإنجازات العظيمة التي حققها النظام الإيراني في خدمة الشعب، كما أن المشاركة في مسيرة 11 فبراير/شباط ليست مجرد حضور رمزي في ذكرى الانتصار، بل هي إظهار لإصرار الشعب على المبادئ الثورية، وتجسيد للوعي الوطني والصلابة المجتمعية، إلى جانب تأكيد استعداد الشعب للدفاع عن الثورة.
وبيَّن أن “هذه المشاركة تحظى بأهمية بالغة من قِبل القوى الاستعمارية التي تسعى دائما لتقويض الثورة، ومع مرور أربعة عقود من مقاومة الشعب الإيراني أمام المؤامرات والتحديات التي يواجهها من قبل القوى الاستكبارية، أصبح النظام الإيراني يحقق مزيدا من التقدم في مختلف المجالات، بينما يزداد عداء الأعداء له بشكل أكثر تعقيدا”.
واختتم التقرير، بأنه “في مواجهة هذه التحديات، يسعى أعداء النظام الإيراني إلى استخدام أساليب أكثر تعقيدا؛ من أجل محاولة الضغط على إيران لتغيير نهجها الثوري وتبني سياسات تتماشى مع مصالحهم”.