كتب: ربيع السعدني
في مقابلة تلفزيونية أجراها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مع شبكة (NBC) نيوز الأمريكية بثت مساء الأربعاء 15 يناير/كانون الثاني 2025، وجه رسائل للمجتمع الدولي بشأن رغبة بلاد في إحلال السلام والاستقرار بالمنطقة والعالم واستعداد طهران بدء المفاوضات، إضافة إلى تناول قضايا إقليمية ودولية حساسة، من ضمنها اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والتوترات مع الولايات المتحدة، والاتهامات الموجهة لإيران.
آفاق السلام
وقال بزشكيان في المقابلة الحصرية التي أجراها مع “ليستر هولت” المذيع الأمريكي الشهير في طهران ونشرت مقتطفات منها وكالة أنباء “إيرنا” الرسمية: “إن إيران ملتزمة بالسلام وخفض التصعيد في المنطقة والعالم، وهي مستعدة لمفاوضات مشرفة ومتكافئة، وتدين حرب الكيان الصهيوني وعدوانه وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها”.
ودعا بزشكيان باستمرار “إلى السلام الإقليمي والعالمي، حيث يواجه حلفاء إيران من فصائل المقاومة في جميع أنحاء المنطقة تحديات متزايدة”، موضحاً: “لسنا في حرب مع أي بلد لكننا نحافظ على أراضي بلدنا ولن نسمح لأي أحد بانتهاك حدودنا وأراضينا، لأن الأعداء لا يريدون لنا أن نعيش حالة الاستقرار والهدوء والتقدم، ولكن كونوا على يقين بأننا لو نكون مع بعض ونسير خلف القائد في تنفيذ خطة الآفاق المستقبلية (الخطة العشرينية)، حينذاك تكون جميع المشاكل قابلة للحل”.
الرد على اتهامات ترامب
كما نفى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال المقابلة، أن تكون بلاده تآمرت لاغتيال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، رافضا اتهامات سابقة من ترامب والحكومة الأمريكية، وقال ردا على سؤال المذيع عن تلك الاتهامات: “لم يحدث على الإطلاق، لم نحاول القيام بذلك ولن نفعل ذلك أبدا”.
وأضاف: “كل الاغتيالات التي نراها في المنطقة وأوروبا وأماكن أخرى، هل هناك أي أثر للإيرانيين فيها؟ هل كانت هناك أي علاقة؟ أبدا”، ونفى بشكل قاطع، أي علاقة لطهران بمحاولات اغتيال الرئيس الأمريكي المنتخب ردا على سؤال المذيع: “هل تقول إنه لم تكن هناك قط خطة إيرانية لقتل ترامب؟”، فقال: “إطلاقا”.
وتابع ردا على سؤال آخر وهو: “هل تعدون بعدم اتخاذ أي إجراء لاغتيال ترامب؟”، فأعلن بشكل قاطع: “لم تكن لدينا مثل هذه النية منذ البداية ولن تكون لنا”.
في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات لإيران في ما يتعلق بمؤامرة مزعومة للحرس الثوري، لاغتيال ترامب المرشح المنتمي للحزب الجمهوري، ونجحت أجهزة إنفاذ القانون في إحباط المؤامرة قبل تنفيذ أي هجوم.
وقال ترامب أيضا في 26 سبتمبر/أيلول 2024، خلال حملته الانتخابية، إن إيران ربما كانت وراء محاولات اغتياله، ولم يجد المحققون أي دليل على تورط طهران في أي من المحاولتين.
رسالة لترامب وأمريكا
خلال المقابلة حذّر الرئيس الإيراني، نظيره الرئيس المنتخب ترامب من خطر اندلاع حرب ضد إيران، مؤكدا أن “طهران لا تسعى للحصول على السلاح النووي” ، مضيفا: “أفعالنا كانت سلمية دائما”.
وقال پزشكيان: “آمل أن يقود ترامب إلى السلام الإقليمي والعالمي، وألا يسهم، على العكس من ذلك، في حمّام دم أو حرب”.
وعن سبب مشاركته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، رد بزشكيان: “بسبب المشاكل في البلاد والدول المجاورة قررت حل المشكلة”.
الحوار مع أمريكا
أما في ما يتعلق بتهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بزيادة الضغط على إيران وجه بزشكيان رسالة إلى الرئيس الأمريكي الجديد: “منذ بداية حياتنا في إيران، سعت الولايات المتحدة إلى الإطاحة ببلادنا، وآمل أن تؤدي عودة ترامب إلى السلام وليس إلى الحرب وإراقة الدماء في المنطقة والعالم”.
وردا على سؤال حول إمكانية إجراء حوار مباشر ومفتوح مع واشنطن، قال الرئيس الإيراني: “مشكلتنا ليست الحوار، بل هو التزام يأتي من الحوار والتفاوض، وقد أجرينا مفاوضات طويلة مع مجموعة 5+1 والتزمنا بجمیع تعهداتنا، لكن للأسف، كان الطرف الآخر هو الذي لم يلتزم بتعهداته”.
“لا نخشی من الحرب”
وردا على سؤال المذيع الأمريكي بشأن رد الفعل على العمل العسكري المحتمل للاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة لوقف البرنامج النووي الإيراني، قال بزشكيان: “بطبيعة الحال سنرد على أي إجراء، نحن لا نخشی من الحرب، لكننا لا نسعى إليها أيضا”.

وسأل المذيع الأمريكي: “هل تعتقدون أنه من الممكن مهاجمة إيران في ظل الوضع الراهن؟”، فرد قائلا: “أتمنى ألا يحدث ذلك؛ لأنه لن يكون على حسابنا فقط، بل على حساب جميع الجهات الفاعلة، فالتوترات القائمة ليست في مصلحة أي من الطرفين”.
وأضاف: “كل ما قمنا به حتى الیوم، كان سلميا ولم نسعَ للحصول على أسلحة نووية، لكنهم يتهموننا بصنع القنابل، وهذه مؤامرة يحاولون اتباعها ويبحثون عن نوع من الذریعة، وهذا غير صحيح”.
وفي ما يتعلق بالتطورات الأخيرة بغزة ولبنان وسوريا والمزاعم بشأن إضعاف موقف إيران، قال: “لا أرى أي صلة، قد يرى بعض الأصدقاء وجود صلة ولكن مقارنة بالعام الماضي، زاد تضامننا وقوتنا ومشاركة شعبنا وأصبح الأمن في البلاد أقوى”.
وفي ما يتعلق بدور إيران في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإطلاق سراح الرهائن، قال رئیس الجمهورية: “إننا نبذل كل ما في وسعنا لإحلال السلام بالمنطقة وإطلاق سراح الأسرى”.