ترجمة: علي زين العابدين برهام
أوقفت الحكومة اللبنانية رسميًا الرحلات الجوية القادمة من طهران إلى بيروت، في قرار برز إلى العلن بعد منع طائرة تابعة لشركة “ماهان إير” من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي يوم الخميس 13 فبراير/شباط 2025. أثار هذا الإجراء موجة من الاحتجاجات في الطرق المؤدية إلى المطار.
ونشرت صحيفة “هم ميهن” يوم السبت 15 فبراير/شباط 2025 تقريرًا عرضت فيه تفاصيل هذه الأزمة وتطوراتها، مشيرة إلى دور إسرائيل في هذه الأحداث.
وذكرت الصحيفة أنه بعد التطورات التي شهدتها بيروت، أصدرت الحكومة اللبنانية بيانًا أكدت فيه أن هيئة الطيران المدني اتخذت إجراءات لضمان سلامة وأمن مطار رفيق الحريري الدولي والمجال الجوي اللبناني، بالإضافة إلى حماية المواطنين وشركات الطيران، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية في المطار.
وأضافت الصحيفة أن البيان أشار إلى أن هذه الإجراءات جاءت وفقًا للقوانين الدولية ومعايير منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) والتشريعات اللبنانية، مؤكدة أن تطبيق هذه القوانين يتطلب وقتًا إضافيًا لبعض شركات الطيران.
وأوضحت أنه تم تعديل جدول الرحلات مؤقتًا، خاصة لبعض الرحلات القادمة من إيران، حتى يوم 18 فبراير/شباط 2025، حيث تم إبلاغ شركات الطيران بهذه التعديلات منذ يوم الخميس لإعلام المسافرين ومنحهم فرصة لتعديل حجوزاتهم.
وتابعت الصحيفة موضحة أنه في الأسابيع الماضية، شهدت الرحلات الجوية القادمة من إيران إلى بيروت إجراءات تفتيش مشددة، مما أثار جدلًا واسعًا. وتفيد تقارير بأن هذه الخطوات جاءت تحت ضغوط أمريكية، بزعم منع نقل الأموال والأسلحة إلى لبنان.
وفي سياق متصل، ترددت أنباء غير رسمية عن نية الحكومة اللبنانية منع دخول المواطنين الإيرانيين للمشاركة في مراسم تشييع ودفن هاشم صفي الدين والسيد حسن نصر الله، الأمينين العامين الشهيدين لحزب الله.
إسرائيل في الخلفية
ذكرت الصحيفة أن تقارير حديثة أفادت بأن إيران رفضت طلب لبنان بإرسال طائرات لإجلاء مواطنيها أو استخدام الخطوط الجوية اللبنانية لتنفيذ الرحلات. وأكد مجتبى أماني، سفير إيران في بيروت، هذا الموقف خلال تصريحاته في نشرة ظهر الجمعة 14 فبراير/شباط 2025. وحتى الآن، لم يطرأ أي تغيير على القرار الإيراني، فيما لا تزال المشاورات بين طهران وبيروت مستمرة.
وأضافت الصحيفة أن قضية منع طائرة “ماهان إير” من الهبوط في بيروت تعود إلى ادعاءات إسرائيلية أطلقها المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، يوم الأربعاء 12 فبراير/شباط 2025. فقد زعم أدرعي عبر منصة (إكس) أن فيلق القدس الإيراني حاول خلال الأسابيع الماضية نقل أموال نقدية إلى حزب الله عبر رحلات جوية مدنية إلى مطار بيروت الدولي، مشيرًا إلى أن بعض هذه الأموال وصلت بالفعل إلى الحزب.
وأردفت الصحيفة بأن مصادر إسرائيلية وعربية زعمت مؤخرًا أن بعض الرحلات الجوية القادمة من تركيا والعراق إلى لبنان تُستخدم لنقل الأموال إلى حزب الله. ورغم عدم وجود تأكيد رسمي لهذه الادعاءات، فقد أسفرت حتى الآن عن تفتيش إحدى الرحلات القادمة من العراق.
وبيّنت أن تزامن هذه المزاعم مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية أثار رد فعل من وزارة الخارجية الإيرانية. فقد ندّد إسماعيل بقائي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهذه التطورات، مشيرًا إلى أن تهديد طائرة مدنية تقلّ مواطنين لبنانيين من قِبل إسرائيل تسبب في اضطرابات في الرحلات الجوية إلى مطار بيروت.
وأشارت الصحيفة إلى وصف بقائي هذا السلوك بأنه استمرار للانتهاكات الإسرائيلية السافرة للقانون الدولي وسيادة لبنان، مطالبًا المنظمات الدولية المعنية، وعلى رأسها منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التصرفات الإسرائيلية التي تهدد أمن وسلامة الطيران المدني.
التزام بوقف إطلاق النار
ذكرت الصحيفة أن سوريا كانت دائمًا الجسر الاستراتيجي بين إيران وحزب الله، حيث لعبت دورًا محوريًا في إيصال الدعم المالي والعسكري للحزب. ويرى معارضو محور المقاومة أن سقوط نظام الأسد أو عدم رغبة أي حكومة انتقالية مستقبلية في دمشق بمواصلة هذا الدور قد أدى إلى تقليص هذا الدعم بشكل كبير.
وأضافت أن لبنان يحدّه سوريا وإسرائيل فقط، فيما يمتد ساحله الغربي على البحر المتوسط، مما جعل سوريا تشكل نقطة عبور حيوية لحزب الله. ومع التطورات الأخيرة، بات مطار رفيق الحريري في بيروت المنفذ الأساسي لدخول لبنان، فيما تشير المعطيات إلى أن الحكومة اللبنانية، سواء بقرار مستقل أو تحت ضغوط أمريكية، لا تبدو مستعدة لإعادة فتح المسارات السابقة، خاصة أن واشنطن تعدّ الضامن الرئيسي لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وبيروت.
وأشارت إلى أنه خلال الحرب الأخيرة والقصف الإسرائيلي المكثف على لبنان، عبّر مسؤولون لبنانيون، في لقاءاتهم وتصريحاتهم العلنية، عن اعتراضهم على الدور الإيراني ودعمه لحزب الله. وتعدّ مراقبة المعابر الحدودية اللبنانية أحد البنود الأساسية في اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وهو ما يضع الحكومة اللبنانية أمام التزامات دولية واضحة.
وأوضحت أنه رغم أن الاتفاق لم يشر صراحةً إلى مسألة التمويل، إلا أن الإجراءات الإسرائيلية المزعومة، التي تتم خارج نطاق سيطرة الحكومة اللبنانية، تنسجم عمليًا مع مقتضيات الاتفاق.
وبحسب البند الثاني من المادة السابعة لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن الحكومة اللبنانية ملزمة بتنفيذ القرار 1701 وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مما يمنح الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة لمنع دخول أي أسلحة أو معدات عسكرية إلى لبنان، بما في ذلك عبر المعابر الحدودية، وذلك للحيلولة دون تسليح الجماعات المسلحة.
احتجاجات غاضبة في لبنان
ذكرت الصحيفة أن قرار الحكومة اللبنانية الأخير أثار موجة واسعة من الاحتجاجات الغاضبة من قبل المقاومة الإسلامية اللبنانية وأنصارها، حيث لم تقتصر المظاهرات على الطرقات المؤدية إلى مطار بيروت الدولي، بل امتدت إلى عدة أحياء داخل العاصمة، وفقًا لتقارير إعلامية محلية.
وأضافت أن المحتجين الغاضبين قطعوا الطريق الرئيسي المؤدي إلى المطار، معلنين أنهم لن يسمحوا بأي حركة طيران ما لم يُسمح للطائرة القادمة من طهران بالهبوط.
وأوضحت أنه في السياق ذاته، أصدر إبراهيم الموسوي، النائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله، بيانًا شديد اللهجة، أكد فيه أن اللبنانيين الذين يعوّلون على مؤسسات الدولة القانونية ينتظرون من الحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها.
واختتمت الصحيفة تقريرها بقول الموسوي إنه يجب على الحكومة أن تفرض سلطتها على جميع المؤسسات والمرافق العامة، وعلى رأسها المطار، حتى لا يظن العدو أنه قادر على انتهاك سيادة لبنان كما يشاء. وشدد على أن الحكومة ومؤسساتها مطالَبة بالتحرك العاجل لإنهاء الأزمة، وإعادة المواطنين اللبنانيين فورًا، ورفض أي ضغوط أو تهديدات خارجية.
جدير بالذكر أن الموسوي دعا اللبنانيين إلى التعامل مع الوضع بحكمة، والتعبير عن احتجاجهم بشكل سلمي ومسؤول.