كتب: محمد بركات
تتجه الأنظار نحو المفاوضات المرتقبة بين إيران والترويكا الأوروبية (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا)، المزمعة إقامتها في جنيف، يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فتأتي هذه الجولة في ظل تحديات سياسية إقليمية ودولية معقدة وترقب قائم من كل الأطراف بشأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تبحث الأطراف عن حلول للقضايا العالقة، خصوصا الملف النووي الإيراني والعلاقات الثنائية مع أوروبا.
وفي سياق متصل، لفتت زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، للنرويج الأنظار، حيث تهدف الزيارة إلى تمهيد الأرضية لحوارات أوسع بين إيران والأطراف الغربية. وبينما تُظهر المصادر الرسمية أن هذه الرحلة تُركز على تعزيز التعاون الثنائي ومناقشة قضايا إقليمية ودولية، تثار التكهنات حول دور النرويج كوسيط محتمل في مسارات دبلوماسية جديدة قد تشمل الولايات المتحدة.
حيث سافر تخت روانجي إلى العاصمة النرويجية أوسلو؛ وذلك لإجراء عدد من اللقاءات الخاصة بالمفاوضات بين إيران وأوروبا تمهيدا للمحادثات التي ستعقد في العاصمة جنيف يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني، وسيتوجه مباشرة بعدها إلى جنيف لرئاسة وفد المفاوضات الإيراني، وذلك حسبما جاء في تقرير موقع دنياي اقتصاد الإخباري بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وقد علق إسماعيل بقائي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، خلال مؤتمر صحفي عند سؤاله عن زيارة روانجي وعلاقتها بالمحادثات المرتقبة بين إيران والترويكا الأوروبية في جنيف، قائلا: “إن زيارة نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية للنرويج هي مهمة عمل دبلوماسية طبيعية تهدف إلى البحث وتبادل الآراء بشأن العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية”، وذلك حسبما ذكرت وكالة أنباء جماران الإخبارية بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
هل تلعب أوسلو دور الوساطة بين طهران وواشنطن؟
وبهذا الشأن، فقد صرح عبد الرضا فرجي راد، السفير الإيراني السابق لدى النرويج، مجيبا عن أسباب تلك الرحلة، قائلا: “لقد تمت دعوة السيد تخت روانجي، بصفته نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، إلى أوسلو لإجراء محادثات مع المسؤولين هناك، فالحكومة النرويجية دائما ما لعبت دور الوسيط بيننا وبين الأوروبيين، مثل الدور الذي لعبه العمانيون بيننا وبين الأمريكيين. وعلى المستوى العالمي، فقد لعبت النرويج دورا أكبر، كما في اتفاقية أوسلو بين فلسطين، والولايات المتحدة، وإسرائيل، وكذلك في حل القضايا في أفريقيا وسريلانكا، وهم مهتمون بمواصلة هذا الدور”، وذلك وفق ما جاء في تقرير صحيفة همشهري أونلاين بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وأضاف فرجي راد: “يبدو أن السيد تخت روانجي دُعي إلى أوسلو؛ لمعرفة ما إذا كانت إيران مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة. فالنرويج تعمل وسيطا للحوار المباشر، حيث سبق أن قامت بهذا الدور، وتم إجراء محادثات في السابق. من المحتمل أن الظروف الحالية لا تسمح بمفاوضات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، لكن هذه الخطوة قد تكون تمهيدا لجولات تفاوضية مستقبلية بين الطرفين. علينا الانتظار حتى عودة السيد تخت رواني لمعرفة نتائج المحادثات. قد يتم خلال هذه المفاوضات مناقشة ما إذا كانت إيران والولايات المتحدة على استعداد لإجراء محادثات مباشرة”.
ويكمل فرجي راد موضحا أن محتوى المحادثات التي بدأت في أوسلو يختلف عن تلك التي ستُجرى يوم الجمعة في جنيف، قائلا: “إن المفاوضات مع أوروبا منفصلة عن هذه المحادثات، فكما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن مفاوضات يوم الجمعة في جنيف ليست ذات صلة بالولايات المتحدة، وأننا لن نشارك فيها. حاليا، ليس من الضروري أن تُجرى مفاوضات مشتركة بين أوروبا وأمريكا. ينبغي أن تكون هناك مفاوضات مع أمريكا وأخرى مع أوروبا، وإذا أردنا إحراز تقدم في المفاوضات، يمكن دمج هذه المسارات لاحقا”، وتابع: “إن أحد أسباب انفصال مسارات المفاوضات هو أن ترامب يسعى للعمل بشكل منفرد ويريد أن يُنسب أي نتائج للمفاوضات إليه شخصيا، فهو لا يؤمن كثيرا بالمفاوضات الجماعية أو المنظمات الدولية، ولهذا يبدو أنه يفضل إجراء مفاوضات مباشرة مع إيران. ولا يُظهر اهتماما بمتابعة المفاوضات عبر قنوات مثل عُمان أو قطر أو حتى سويسرا. ربما اختار النرويجيين كوسيط لربط إيران والولايات المتحدة معا”.
كما أشار إلى أنه من غير المحتمل وجود ممثل أمريكي حاليا في النرويج، حيث صرح: “لا أعتقد أن هناك ممثلا أمريكيا موجودا الآن، فالنرويج تحاول في الوقت الحالي معرفة موقف الإيرانيين، وما إذا كانوا مستعدين للتفاوض أم لا، وإذا تبين استعداد الطرف الإيراني، فسيعمل النرويجيون على هذا المسار، نحن لدينا تجربة سابقة مع النرويج وكانت ناجحة”.
وأضاف أن احتمالية بدء المفاوضات مع الولايات المتحدة قد تتجاوز القضايا النووية فقط، حيث قال: “إن ترامب ذكر في حملته الانتخابية أنه لا يهتم بالشؤون الداخلية لإيران، وقال إنه يريد فقط ضمان عدم امتلاك الإيرانيين أسلحة نووية. ومع ذلك، ستُطرح بالتأكيد قضايا أخرى، مثل أمن القوات الأمريكية، وهو أمر ذو أهمية بالنسبة لترامب، أيضا وجود القوات الأمريكية في العراق وسوريا وسفنهم في الخليج يمكن أن يُسبب عدم استقرار في المنطقة، وستُناقش هذه القضايا بالتأكيد”.
وحول تناول قضايا الشرق الأوسط مثل فلسطين ولبنان خلال اجتماعات النرويج، فقد أوضح قائلا: “قد تُطرح هذه القضايا، ولكن إذا تم فرض هدنة (كما أُمر نتنياهو بأن تكون هناك هدنة في غزة ولبنان حتى مجيء ترامب للبيت الأبيض، فلن تكون هذه القضايا محل نقاش. ترامب سيتعامل مع هذا الأمر مباشرة مع إسرائيل. لا أعتقد أن الإسرائيليين سيبدؤون هجوما إذا عاد ترامب؛ لأنه يريد الحفاظ على الهدنة. ترامب يريد أن يُظهر للناخبين أنه يجلب السلام”.