كتب: محمد بركات
في إطار خطة الانفتاح على دول المنطقة والعالم التي دعا إليها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فقد التقى محمد رضا عارف، نائب الرئيس الإيراني، صباح السبت 9 نوفمبر/تشرين الثاني، سعد بن عبد الله الشريف، السفير القطري الجديد في طهران، وناقش عارف خلال الاجتماع نقاط التقارب في وجهات النظر بين البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية، خاصةً السياسية منها، مؤكدا أنه لا يوجد سقف لتطوير مستوى العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، مشددا على أهمية تعزيز اللجان المشتركة بين البلدين لتجاوز حجم التعاون الحالي، وذلك وفقا لتقرير وكالة تسنيم الإخبارية بتاريخ 9 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير، فقد أوضح عارف أن تعزيز العلاقات بين طهران والدوحة لا يعود بالنفع على الشعبين فحسب، بل يشمل مصالح كافة الدول الإسلامية والمنطقة والعالم، وأن الروابط الثقافية والتاريخية والسياسية العريقة بين البلدين تقتضي رفع مستوى العلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية الرفيعة، مؤكدا أهمية بناء أطول نفق بحري في العالم بين إيران وقطر، مشيرا إلى أن فريقا متخصصا من إيران سيزور الدوحة في الأسابيع المقبلة؛ لبدء المفاوضات.
وخلال اللقاء، خاطب عارف، السفير القطري قائلا إن بلاده تقدر تعيين أحد الدبلوماسيين القطريين ذوي الخبرة في هذا المنصب الجديد، وهو ما يعكس توجهات البلدين نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، معربا عن أمله في أن يتمكن السفير خلال فترة وجوده في إيران من استكشاف إمكانات التعاون في مختلف المجالات، مضيفا أن مهمة السفير لا تقتصر على تطوير العلاقات الثنائية، بل تشمل تعزيز التنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما أكد عارف، أهمية التعاون الفعال في الاجتماعات الإقليمية، معتبرا عضوية إيران في منظمات مثل شانغهاي وأوراسيا وبريكس وإيكو فرصة جيدة لقطر أيضا.
وشدد عارف على ضرورة متابعة مذكرات التفاهم المتبقية حول مشاركة قطر في تطوير ميناء دير بوشهر، معلنا عن إرسال رئيس منظمة الموانئ والملاحة الإيرانية إلى الدوحة لاستكمال الإجراءات في هذا الصدد، كما رحب نائب الرئيس الإيراني بفكرة إعادة فتح القنصلية القطرية في شيراز، مؤكدا أنه سيتم توجيه وزارة الخارجية الإيرانية لتسهيل وتسريع الإجراءات اللازمة.
وخلال الاجتماع، أدان عارف، الهجمات الإسرائيلية على الشعبين اللبناني والفلسطيني، مشيرا إلى تقارب وجهات النظر بين إيران وقطر في مواجهة هذه الجرائم، ومثمّنا دور قطر كوسيط في القضايا الإقليمية.
وفي المقابل، أعرب السفير القطري عن رغبة بلاده في تحقيق تقدم سريع في الاتفاقات الثنائية، خصوصا في ضوء الرغبة المتبادلة في تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وأكد أن العلاقات الاقتصادية يجب أن ترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية، وأن قطر مستعدة للتعاون في مجالات الطاقة، والمشاركة في تطوير ميناء دير، وإنشاء نفق تحت البحر، وفتح القنصلية في شيراز.
وفي إدانته للهجمات الإسرائيلية، شدد السفير على أن قطر تعمل كوسيط لوقف النزاعات الدموية في غزة ولبنان.
النفق البحري بين قطر وإيران:
يعود الحديث عن هذا المشروع إلى شهر يناير/كانون الثاني من العام 2022 عندما تم توقيع اتفاقية بين إيران وقطر، بتوجيه من وزير الطرق والإسكان وقتها رستم قاسمي ونظيره القطري، وذلك كضمان لتنفيذ هذا المشروع الكبير، وذلك وفقا لتقرير موقع تين نيوز الإخباري بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير، فخلال زيارة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي لقطر في فبراير/شباط من العام نفسه، نوقش موضوع حفر نفق يمتد نحو 200 كيلومتر تحت الخليج العربي، وهو مشروع ضخم يهدف إلى ربط قطر بإيران، ومنها إلى أوراسيا وأوروبا، ما سيمكن قطر من التحرر من الاعتماد على الأراضي السعودية للوصول إلى العالم، ففي الوقت الراهن تعتمد قطر على المرور عبر الأراضي السعودية للوصول إلى وجهات أخرى، ومع هذا النفق، ستحقق قطر استقلالية في الوصول إلى إيران ومن ثم باقي دول العالم.
وفي شهر مارس/آذار من العام نفسه، أُعلن عن تشكيل لجنة مشتركة بين إيران وقطر لدراسة الجدوى من إنشاء هذا النفق، والتي وفقا لتقريرها سيتم اتخاذ قرار بشأن التنفيذ، لكن حينها لم يصدر أي تقرير واضح عن ذلك المشروع، ليعود هذا المشروع إلى الواجهة مرة أخرى بلقاء نائب الرئيس الإيراني والسفير القطري في طهران وتأكيدهما استئناف المشروع.
وفقا للتقرير، سيقوم الجانب القطري بإنشاء نفق يبدأ من ميناء دير في محافظة بوشهر الإيرانية، والتي تعد أقرب نقطة إلى الأراضي القطرية بمسافة تصل إلى 190 كيلومترا، بحيث يمتد مساره تحت البحر مثل نفق سيكان في اليابان البالغ طوله 54 كيلومترا ونفق المانش البالغ طوله 52 كيلومترا، وستكون قطر هي المستثمر والمنفذ للمشروع؛ نظرا إلى حاجتها الكبيرة له.
لماذا تريد قطر القيام باستثمار ضخم كهذا؟
تعددت الأسباب التي تفسر جدوى هذا المشروع، وكان من ضمن الفرضيات المطروحة أن قطر، وهي الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 2.8 مليون نسمة وتمتلك موارد غاز ونفط هائلة، تعد واحدة من أغنى دول العالم وتتصدر العديد من المؤشرات الاقتصادية العالمية. وبسبب حجم الصادرات والواردات الضخم إلى جانب الرحلات الجوية القطرية الكثيرة، أصبحت قطر واحدة من أكثر الدول ازدحاما بالموانئ والمطارات في العالم، وأمام تلك المسؤوليات فإن قطر لا يمكنها أن تتحمل الخسائر الاقتصادية الفادحة في حال تكرر سيناريو الحصار الذي وقع في عام 2017، وهو الحصار الذي فرضته السعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة ومصر في يونيو/حزيران من العام 2017، وهذا الأمر دفع القطريين إلى الشروع في هذا الاستثمار الكبير؛ لضمان أمن تجارتهم وتنقلاتها، وذلك وفقا لتقرير موقع خليج فارس الإخباري بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووفقا للتقرير الخبراء، فإن هذا المشروع سيحقق طموح قطر الكبير في تحقيق مشاريع عالمية لافتة، ويساعدها في دخول موسوعة غينيس كصاحبة أطول نفق تحت البحر بطول قد يصل إلى 200 كيلومتر، متفوقة على مشروع الصين المعلن سابقا والذي يهدف إلى إنشاء نفق بطول 124 كيلومترا يربط بين داليان ويانتاي، وذلك وفقا لتقرير موقع تجارت نيوز الاقتصادي بتاريخ 20 مارس/آذار.
كم يمكن أن تبلغ تكلفة إنشاء هذا النفق؟
لم يُعلن بعد عن تكلفة بناء هذا المشروع بعد، إلا أن التقديرات الأولية تفيد بأن هناك مشروعا مشابها يقوده مهندسون يابانيون يقوم على بناء نفق بطول 31 كيلومترا بين جزيرتي هوكايدو وهونشو تحت البحر، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة إنشائه نحو سبعة مليارات دولار، وسيتضمن هذا النفق مسارا للسيارات والقطارات كما الحال في النفق القطري، ومن ثم قد تصل تكلفة بناء كل كيلومتر من النفق تحت البحر إلى نحو 225 مليون دولار، وعند تطبيق هذا الرقم على طول النفق بين قطر وميناء دير في بوشهر، والذي يبلغ نحو 200 كيلومتر، فقد تصل تكلفة المشروع إلى مبلغ هائل يصل إلى 45 مليار دولار، وذلك وفقا لتقرير وكالة أنباء ميزان الصادر في 5 فبراير/شباط.