كتبت: لمياء شرف
أعلنت إيران أنها ستجري محادثات جديدة في مدينة جنيف بسويسرا بشأن برنامجها النووي مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا يوم الجمعة المقبل 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وذلك بعد أن أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا ضد طهران الأسبوع الماضي.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الأحد 24 نوفمبر/تشرين الثاني، بأن نواب وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث سيشاركون في المحادثات، التي قال إنها ستتناول قضايا إقليمية إلى جانب الملف النووي.
وحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء، فإن حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تسعى إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني المقبل.
يأتي ذلك الاجتماع بعد انهيار اتفاق الأسبوع الماضي، الذي كان من شأنه أن يحد من تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى يقل بقليل عن العتبة اللازمة لصنع الأسلحة النووية، بحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية .
وتضيف الصحيفة: “تعتبر هذه المحادثات خطوة ستنتهي بها فجوة دامت عامين لم تُجرَ خلالهما أي محادثات مباشرة ومفصلة بشأن الاتفاق النووي المتعثر مع إيران، ولا يتوقع الجانب الأوروبي تحقيق تقدم كبير فيها”.
واعتبرت إيران أن هذه الخطوة لإعادة بناء الثقة بينها وبين الغرب في الملف النووي، حيث تتزايد المخاوف من أن التوترات الأوسع في الشرق الأوسط قد تدفع طهران إلى تكثيف جهودها للحصول على سلاح نووي.
العرض الإيراني
عرضت إيران كبح تخصيب اليورانيوم عند نسبة 60% كخطوة لإعادة بناء الثقة مع الغرب بشأن برنامجها النووي، الذي صنفته بأه برنامج نووي مدني، وعلى الرغم من ذلك، رفض كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة هذا العرض، وصوتت لصالح قرار في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين إيران، بسبب عدم تعاونها مع المفتشين الدوليين.
وأيد القرار الذي اتخذته الوكالة 19 صوتا بالموافقة وامتناع 12 عضوا عن التصويت و3 أصوات معارضة، وألزمت الوكالة بإعداد تقرير شامل خلال ثلاثة أشهر عن مدى التزام إيران بالاتفاق النووي على مدار السنوات الخمس الماضية.
ويعتبر هذا التقرير خطوة تمهيدية نحو قرار في الأمم المتحدة لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران عند انتهاء خطة العمل الشاملة المشتركة في أكتوبر/تشرين الأول القادم.
ورحبت كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة بقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معربين عن قلقهم البالغ بشأن إعلان إيران توسيع برنامجها النووي.
وردت إيران على قرار الوكالة الدولية بالإعلان عن تسريع وتيرة برنامجها النووي. وأكد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الأحد 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أن إيران قامت بتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة، وذكر أنها ستشغل نحو 5000 جهاز من الجيل الجديد وستزيد من قدرات التخصيب.
وفي خطوة متطورة للبرنامج النووي الإيراني، أصدر رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، توجيهاته بتشغيل عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة، مؤكدا أن هذه الإجراءات تأتي في إطار حقوق إيران النووية، وأن التعاون الفني مع الوكالة سيستمر كالمعتاد.
ومن جانبه، اتهم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، القوى الأوروبية بأنها تعمل على تسييس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار عراقجي إلى أن المسار الدبلوماسي مع أوروبا لم يصل إلى طريق مسدود، ملمحا إلى إمكانية استئناف المحادثات لإحياء الاتفاق النووي، ومؤكدا أن العودة الكاملة إلى اتفاق 2015 ليست واردة حاليا.
وكان الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”، والذي عُقد بين إيران و6 دول كبرى، يهدف إلى تخفيف العقوبات على طهران مقابل ضمانات بعدم تطويرها أسلحة نووية.
لكنه سقط في عام 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة منه خلال رئاسة دونالد ترامب، وإعادة فرضها عقوبات قاسية على إيران، مما دفعها إلى تجاوز الاتفاقات النووية وزادت مخزونات اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء انشطارية أعلى، وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع الإنتاج.
وفي ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تفلح كل محاولات إيران لإحياء اتفاق نووي جديد.
يذكر أن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أجرى الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، زيارة شاملة لإيران؛ لمناقشة القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وزار خلال جولته اثنتين من أهم المنشآت النووية الإيرانية وهما: “نطنز” و”فوردو”.
لقاء سري أمريكي
وفي سياق متصل، تحدثت وسائل إعلام أجنبية عن محادثات سرية تجري بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

وقالت شبكة “سي بي إس” شريكة “بي بي سي” في الولايات المتحدة، إن رجل الأعمال إيلون ماسك ألتقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة قبل يوم واحد من تعيينه رئيسا مشتركا لقسم خفض التكاليف الجديد في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحسب الشبكة، فإن الاجتماع جرى في مقر إقامة السفير الإيراني، أمير سعيد إيرواني، في نيويورك، بهدف مناقشة كيفية تخفيف التوترات بين البلدين، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز التي كانت أول من نشر القصة.
ونفت إيران بصورة قاطعة، حصول أي لقاء بين إيلون ماسك وسفيرها لدى الأمم المتحدة، معربة عن استغرابها نقل وسائل إعلام هذا الخبر، بحسب ما نقلته وكالة إرنا الرسمية.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن طهران تنفي نفيا قطعا مثل هذا اللقاء، وتبدي استغرابها إزاء التغطية الإعلامية الأمريكية، بينما انقسم الإعلام الإيراني بين اعتبار هذا اللقاء خطوة إيجابية أو خيانة، مع الدعوة إلى عدم المبالغة في قراءة أبعاده.