ترجمة: يسرا شمندي
كان من المقرر زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لإيران 1 يناير/كانون الثاني 2025، لكن أعلنت صحف إيرانية عن تأجيل زيارة السوداني لإيران حتى نهاية الأسبوع المقبل، وحول تلك الزيارة نشرت صحيفة “شرق”، 1 يناير/كانون الثاني 2025، حوارًا مع المحلل السياسي ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في طهران محمد صالح صدقيان.

هل تعكس التحركات الأخيرة، مثل زيارة السوداني المرتقبة إلى طهران، والاتصال الهاتفي بين فؤاد حسين ونظيره السوري، وزيارة الوفد الأمني العراقي إلى دمشق، سعي بغداد لتقارب أكبر مع سوريا وابتعادها عن طهران؟
أولاً بناءً على تواصلي مع سفارة العراق، تبين أن أخبار زيارة رئيس وزراء العراق إلى إيران في 1 يناير/كانون الثاني 2025 غير صحيحة. يجب انتظار تحديد تاريخ الزيارة. ولا أعتقد أن تحركات العراق تشير إلى تقارب مع سوريا وابتعاد عن إيران.
لقد أشرت إلى نقطة مهمة جداً، لأنه بعد عدة أيام من سقوط نظام الأسد، شهدنا عقد اجتماع في الأردن حضره بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين؛ لكن هذه القضايا لا تعني أن دولة مثل العراق، في غياب إيران، تسعى للتقارب مع سوريا الجديدة. والحقيقة هي أن جميع الدول الإقليمية والدولية، من دول الخليج إلى الأوروبية وحتى أمريكا، لا تمتلك تقويماً دقيقًا ومطلقًا بشأن سوريا، وكل شيء يسير في حالة من الغموض. ولكن بالنظر إلى ما حدث في الأيام القليلة الماضية من قبل العراق، فإن الوضع يختلف عن الماضي.
كيف؟
لقد أشرت إلى زيارة الوفد الأمني العراقي إلى سوريا، فعندما ترسل العراق لأول مرة وفدًا أمنيًا إلى سوريا، فهذا يدل على قلق بغداد بشأن التطورات في سوريا وتأثيرها على الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، خاصة في ظل زيارة وفود دبلوماسية من دول عربية وأجنبية.
لماذا؟
لأن مستقبل سوريا ما زال غير محدد والجولاني صرح بعدم إجراء انتخابات حتى بعد أربع سنوات، مما يزيد من الضبابية والمخاوف بشأن استقرار سوريا.
هل القلق يكمن في احتمال ظهور نوع جديد من الديكتاتورية في سوريا بدعم من تركيا، مما يؤدي إلى زوال الديمقراطية؟
بالضبط، لأن أبو محمد الجولاني، الذي كان مساعدًا للزرقاوي في “القاعدة”، بدأ يتحدث عن سوريا جديدة وديمقراطية رغم أفعاله المعاكسة. وقد أعلن أنه لن تُجرى انتخابات حتى بعد أربع سنوات، مما يثير تساؤلات حول حكمه في سوريا. لذلك، لا يمتلك العراق تقييمًا دقيقًا لمستقبل سوريا، ولا يمكن القول إن تحركات بغداد تجاه دمشق تعني الابتعاد عن طهران.
كيف تفسر التناقضات بين تصريحات الجولاني حول العلاقة مع إيران واتهام وزير خارجية الحكومة المؤقتة لها بخلق الفوضى، وكذلك المطالبات بالتعويضات والسلام مع إسرائيل؟ وما دلالة هذه المواقف بالنسبة لإيران؟
تظهر التناقضات الكبيرة في مواقف الحكومة المؤقتة السورية، مما يجعل من الصعب تحديد استراتيجيتها المستقبلية. هذه التناقضات، خاصة في تصريحات الجولاني والاختلاف مع أداء الحكومة الفعلي، تزيد من تعقيد الوضع في سوريا. هناك تساؤلات عن دور تركيا والولايات المتحدة، خصوصًا مع عودة ترامب للسلطة في يناير/كانون الثاني 2025، وما إذا كانت ستسمح للجولاني بتنفيذ تصريحاته حول الانتخابات والسلاح، أو ما إذا كان الوضع في سوريا سيتبع نموذجًا مشابهًا لطالبان في أفغانستان.
ما الهدف الرئيسي لزيارة رئيس وزراء العراق إلى إيران الأسبوع المقبل؟ وهل سيكون موضوع الحشد الشعبي من بين ملفات الزيارة؟
في رأيي، القضية الأساسية هي التعامل مع ملف الحشد الشعبي والجماعات المسلحة في العراق، والتي تُعد من أولويات السوداني في هذه المرحلة، خاصة في ظل الضغوط المستمرة من إسرائيل والدول المجاورة، وكذلك القلق تجاه سياسات ترامب بعد عودته إلى السلطة. يسعى العراق لتنسيق مواقف مع طهران بشأن هذه الفصائل، مثل النجباء وكتائب حزب الله، قبيل هذه التغيرات السياسية. كما أن الوضع السياسي في العراق يعاني من تعقيدات، وهو ما دفع السوداني لزيارة قادة التيار السياسي وتكثيف اللقاءات مع أعضائه لضمان التنسيق الداخلي.
خلافًا لما ذكرته، يبدو أن السيد محمد شياع السوداني لم يكن خيار تيار الإطار التنسيقي، بل تم اختياره في صفقة خلف الكواليس بين زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني. وقد اعتبر تيار الإطار التنسيقي ذلك مفاجئًا، خاصة أن المالكي خذلهم. في الوقت ذاته، تبنى السوداني مسافة واضحة مع المالكي ويتعرض لانتقادات مستمرة من رئيس وزراء العراق السابق، الذي يهاجم حكومة بغداد بانتظام.
ما تقولونه هو تحليل استنتاجي قد لا أكون معترضًا عليه. ولكن وفقًا لما هو معلوم لديّ، فإن السوداني كان في الواقع أحد الخيارات الجادة ضمن تيار الإطار التنسيقي لتولي منصب رئاسة الحكومة العراقية.
نعم، ولكن في اللحظة الحاسمة، تم التوصل إلى صفقة ليلية بين بارزاني والمالكي لتحديد الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية دون إشعار من التنسيق الإطاري.
نعم، السيد نوري المالكي من الشخصيات المؤثرة في العراق، وله دور كبير في الإطار التنسيقي وتوجيه قرارات الحركة. ومع ذلك، هناك فجوة واضحة بينه وبين السيد محمد شياع السوداني. والنقطة الأهم أن السيد السوداني يجب أن يواجه المخاوف الأمنية في العراق، خاصةً فيما يتعلق بالحشد الشعبي والفصائل المسلحة التابعة للمقاومة.
هناك قضية أخرى تتعلق بإمكانية تحريك تيار السنة في العراق بعد سقوط بشار الأسد وإمكانية إعادة إحياء تنظيم الدولة في العراق؟
نعم، هناك جدل حول إمكانية ظهور “هيئة تحرير العراق” مثل “هيئة تحرير الشام” في سوريا. بينما يرى البعض أن تجربة الحرب ضد تنظيم الدولة عام 2014 قد أغلقت الباب أمام عودة الجماعات المتشددة، ويتوقع آخرون عودة تنظيم الدولة تدريجيًا بعد سقوط بشار الأسد. لذلك، تتابع الحكومة العراقية تطورات سوريا عن كثب، ويُتوقع أن يُبرز ملف العراق والحشد الشعبي بعد 20 يناير/كانون الثاني 2025، إلى جانب قضية اليمن.
ما موقف السلطة العراقية من حل الحشد الشعبي، في ضوء زيارة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسان إلى النجف في ديسمبر/كانون الأول 2024، التي كانت تهدف إلى طلب فتوى من السيستاني لحل الحشد أو دمجه مع الوزارات الأمنية، في حين تم رفض استقبال الحسان من قبل المرجعية؟
في الواقع بسبب تدهور صحة السيستاني، تم إبلاغ ممثل الأمم المتحدة بعدم إمكانية لقائه، وأن المناقشات ستجرى مع ابنه. وكان هدف الزيارة الحصول على موافقة السيستاني لإصدار فتوى لحل الحشد الشعبي تحت ضغط الولايات المتحدة..
لم يكن هذا هو الجواب على سؤالي. هل السيستاني مع أم ضد حل الحشد الشعبي؟
لا يمكن تأكيد ما إذا كان السيستاني يعارض أو يوافق على حل الحشد الشعبي، ولكن رفضه لقاء ممثل الأمم المتحدة لا يعني بالضرورة معارضته لحله.
لقد أردت تجنب الإجابة على هذا السؤال، لكنني أسأل مرة أخرى، هل تعتقد أن السيستاني يؤيد حل الحشد الشعبي، بناءً على رفضه استقبال الحسان في ديسمبر/كانون الأول 2024؟
عندما يكون هناك شك في الخبر الأساسي ولا يمكن القول به بشكل قاطع، من الطبيعي أنه لا يمكن أيضًا إجراء تحليلات دقيقة حوله. لهذا السبب، سأترك هذا السؤال دون إجابة. وأكرر نظرًا لحساسية الوضع الأمني في العراق، يسعى السوداني عبر لقاءاته مع الشخصيات البارزة في إطار التنسيق، وزيارة طهران لمناقشة تحديد مصير الحشد الشعبي والجماعات المسلحة الأخرى.
كيف تقيمون زيارة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي إلى إيران ولقاءه بمستشار المرشد علي لاريجاني؟ وهل لها علاقة بالتطورات الحالية؟
لا، في رأيي، كانت زيارة عادل عبد المهدي إلى إيران أكثر تنسيقًا وودية، خاصة أنه بعد فترة رئاسته للوزراء لا يمتلك مكانة في البرلمان أو الحكومة أو الإطار التنسيقي. كما أن لديه علاقة وصداقة طويلة مع العديد من الشخصيات الإيرانية، مما يجعل الزيارة تبدو كزيارة ودية.
هل تعتقد أن زيارة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إلى طهران في 30 ديسمبر/كانون الأول 2024 مرتبطة بالتطورات الإقليمية أو المفاوضات النووية، رغم نفي عراقجي بشأن أي وساطات من مسقط؟
من المهم فهم دور وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في زيارته إلى طهران والمواضيع المطروحة في رسالته، ومعرفة ما إذا كانت الرسالة مرتبطة بسلطنة عمان أو دولة أخرى مثل الولايات المتحدة. يجب انتظار تصرفات الرئيس ترامب بعد 20 يناير/كانون الثاني 2025 لتحديد ما إذا كان سيتجه نحو المفاوضات أو التصعيد، ومدى شمول المفاوضات للقضايا النووية والإقليمية والأنشطة الإيرانية.