ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، السبت 19 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع علي بيكدلي، المحلل الإيراني في الشؤون الدولية، ناقشت فيه إمكانية استثمار أمريكي ضخم في إيران، والمفاوضات الجارية بين البلدين حول الأموال المجمدة والبرنامج النووي، واستراتيجية الولايات المتحدة في التعامل مع إيران وروسيا والصين، وسعيها لتفريق هذا المثلث.
المفاوضات الإيرانية الأمريكية
ذكرت الوكالة أن الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة تجري الآن في وقت يشهد فيه سوق التكهنات بشأن مستقبل هذه المفاوضات، وتشير بعض الأخبار إلى أن النقاش يتركز حول اقتراح استثمار أمريكي بقيمة ألف مليار دولار في إيران، بينما هناك من يعتقد أن جذب مثل هذه الاستثمارات غير ممكن بالنظر إلى تاريخ العقدين الماضيين.
وتابعت أنه في هذا السياق، يعتقد علي بيكدلي، المحلل الدولي، أن هدف البيت الأبيض هو إبعاد الأضلاع الثلاثة (الصين، وروسيا، وإيران) عن بعضها البعض، بحيث يمكنه التركيز بشكل أكبر على منافسه الرئيسي، وهو الصين، بأقل تكلفة ممكنة.
نص الحوار:
هل من المعقول توقع استثمار أمريكي بقيمة ألف مليار دولار بإيران في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي؟
بالتأكيد لا، وأعتقد أن هذا الموضوع غير مدرج في أجندة أي أحد، ومسألة هذا الرقم الذي يبلغ ألف مليار دولار تعود إلى زيارة قام بها أحد المسؤولين الحكوميين منذ عدة أشهر، حيث التقى مع وفد أمريكي، وفي ذلك الاجتماع تم طرح هذا الرقم المذهل.
والمثير للاهتمام أنه في ذلك الوقت، فوجئ الوفد الأمريكي أيضا وسأل المسؤول الإيراني: “هل اقتصادكم لديه القدرة على ذلك؟” وكما ترون، كانوا هم أيضا يعرفون أن الاقتصاد الإيراني لا يمتلك القدرة على استيعاب هذا الحجم من الاستثمارات.
وفي اقتصاد مثل الاقتصاد الإيراني الذي هو حكومي وتنظيمي، لا يوجد بيئة كافية لجذب هذا الحجم من الاستثمارات، وحتى في مثل هذه الاقتصادات، لا يشعر الاستثمار بالأمان، وهذه واحدة من الموانع الرئيسية، وعلى أي حال، لا توجد القدرة أو البنية التحتية أو الأمن الاستثماري أو القوانين الحاكمة التي يمكن أن توفر هذا الاحتمال.
متى كان هذا الاجتماع الذي ذكرته؟
كان هذا الاجتماع منذ نحو 6 أو 7 أشهر، وكما قلت، أثارت تصريحات المسؤول الإيراني دهشة الأمريكيين، ومن غير المحتمل أن يكون هذا أمرا حقيقيا، وإذا تم طرحه حتى، فإن الهيكل الحاكم في إيران لا يوفر تلك البيئة الاقتصادية التي يمكن أن تستوعب مثل هذا الاستثمار.
ما الذي تعتقد أنه سيحدث إذا تم التوصل إلى اتفاق محتمل؟
من وجهة نظري، الوضع سيكون أفضل من اليوم، ولكن لتقليل التوترات بشكل مستدام، من الضروري أن يتحرر البلد من قيود التحديات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط.
وإذا تم القيام بالجهود اللازمة وتغيرت النظرة الإيديولوجية الحاكمة بشكل نسبي، بحيث تصبح إيران لاعبا تقليديا في المنطقة، فستزداد الاستثمارات الأجنبية بشكل ملحوظ، ولكن أن نتوقع جذب ألف مليار دولار من الاستثمارات بعد جولة واحدة من المفاوضات، فهذا في رأيي ليس نظرة واقعية.
هل تعتبر الاتفاق المحتمل اتفاقا مستداما؟
مهما كان هذا الاتفاق مستداما، فلن يكون قادرا على حل جميع مشاكل إيران والولايات المتحدة في وقت قريب، ولن يحول البلدين إلى شريكين استراتيجيين.
ببساطة، إيران والولايات المتحدة لا يمكن أن يصبحا “أصدقاء” بهذه السرعة، ولن يتحولا من وضعهما العدائي الحالي إلى شراكة استراتيجية.
في هذه الأيام، هناك كثير من التوقعات حول الاتفاق المحتمل، علام تقوم المفاوضات؟ وما الذي يعد معقولا من تلك التوقعات؟
كما هو واضح حتى الآن، فإن وزارة الخارجية الإيرانية تسعى إلى تحرير الأموال المجمدة للبلاد، وكما نعلم، هناك أموال إيرانية مجمدة في بنوك قطر والعراق والهند، وإيران ترغب في الوصول إليها في أقرب وقت ممكن.
ومن ناحية أخرى، إيران وافقت على العودة إلى مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%، وهو نفس المستوى الذي كان موجودا في “الاتفاق النووي”.
هل من المحتمل أن يتم قبول هذه المطالب من قبل الجانبين؟
نعم، ومن المحتمل أن يتم التوصل إلى اتفاق حول هذه القضايا، وإيران حاليا تمتلك 200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء عالية، ومن المرجح أن يتم بيعه، وهذا يختلف عن الوضع في 2015 عندما كان من المفترض أن يودع إيران اليورانيوم المخصب في روسيا.
هل من المحتمل أن تعود الأموال المجمدة؟
نعم، هذا أمر ممكن.
كم هو مقدار تلك الأموال؟
بشكل رسمي، لم يتم الإعلان عن الرقم، لكن الشائعات تتحدث عن 70 مليار دولار من الأموال المجمدة.
مقارنة بـ”الاتفاق النووي”، يبدو أن الدول المجاورة الجنوبية مثل المملكة العربية السعودية، تتخذ موقفا أكثر توافقا مع إيران. ما سبب ذلك؟
السعودية تسعى لتنفيذ البرنامج الطموح الذي وضعه ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان آل سعود، ولإنجاح مثل هذا البرنامج الكبير، يجب السيطرة على التوترات وإرساء الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لأن الاستثمارات الغربية هي من ستسهم في هذه المشاريع، ولا يمكن أن تدخل في مناطق مشحونة بالتوترات.
أعتقد أن اليوم حتى أوروبا وأمريكا لا ترغبان في تصعيد التوترات مع إيران، لأن لديهما مشاكل داخلية يحتاجان إلى التركيز على حلها.
ما الذي يميز المطالب الإيرانية في المفاوضات الحالية مقارنة بالماضي؟
في المفاوضات الحالية، المناقشات تدور حول أن تكون القيود المفروضة دائمة، وهذا لم يكن الحال في “الاتفاق النووي”، حيث كان من المفترض في عام 2020 أن يتم رفع الحظر على بيع الأسلحة إلى إيران، وفي عام 2025 (الذي سيكون في الأشهر القليلة القادمة) كانت القيود ستلغى، والآن يبدو أن ترامب غير مستعد لقبول ذلك ويريد فرض القيود دون تحديد مدة زمنية.
الولايات المتحدة تتجه إلى استقرار نسبي مع إيران وروسيا، ولكن المشاكل مع الصين تتصاعد. ما الاستراتيجية الرئيسية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
يبدو أن البيت الأبيض يسعى بكل قوته إلى تفريق مثلث الصين وروسيا وإيران، من جانب، تم التوصل إلى تفاهم مع روسيا، ومن جانب آخر، يسعى البيت الأبيض إلى إنهاء التوتر مع إيران ليحدث الفاصل بين هذه الأضلاع الثلاثة.
وفي النهاية، يعتبر المنافس والتهديد الرئيسي للولايات المتحدة في العالم اليوم هو الصين، وحتى في قضية الرسوم الجمركية، رأينا أن الصين كانت الوحيدة التي ردت على أمريكا بالمثل، وإن تقوية هذه العلاقة من وجهة نظر البيت الأبيض ستؤدي إلى إضعاف الصين.