ترجمة: أسماء رشوان
نشر موقع “فرارو” الإصلاحي حوارا يوم السبت 22 فبراير/شباط 2025، مع حشمت الله فلاحت بيشه، المحلل البارز في السياسة الخارجية ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان العاشر، وتحليله مسألة تحديد دولة كوسيط بين إيران والولايات المتحدة ومستقبل السياسة الخارجية الإيرانية.
وقد صرح فلاحت بيشه عن مسألة تحديد دولة كوسيط بين إيران وأمريكا، والتكهنات المتداولة حول مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية، قائلا:
“أعتقد أن دول المنطقة تسعى أكثر إلى درء المخاطر بدلا من لعب دور الوسيط. بعبارة أخرى، هذه الدول تشعر بالقلق من أن أي حرب في المنطقة قد تهدد مصالحها. فقد أظهرت التجارب السابقة أن الحروب التي نشبت أثرت على الممرات المائية بالمنطقة، حتى في الحالات التي لم تكن إيران طرفا رئيسيا فيها، حيث طالت تداعياتها العديد من الدول الأخرى. لذلك، إذا كانت إيران طرفا رئيسيا في أي حرب، فمن الطبيعي أن يثير ذلك قلقا جديا لدى دول الخليج، خاصةً السعودية”.
وبحسب ما نقلته وكالة إيلنا، أضاف فلاحت بیشه:
“لهذا السبب، فإن الوسطاء يسعون بشكل أساسي إلى تجنب المخاطر أكثر من محاولتهم فتح مسار دبلوماسي بين إيران وأمريكا، لأن الظروف الحالية لا تسمح بذلك. فالمبادرات التي طرحها ترامب تجاه إيران كانت في الواقع تعني إنهاء أي فرصة للتفاوض، ولم تكن مقترحات قابلة للتفاوض من الأساس. خاصةً أن العلاقة بين إيران وأمريكا أصبحت ذات طابع أيديولوجي إلى حد كبير، والخلاف بينهما بات أيديولوجيا بشكل كبير. ومن بين كل الصراعات التي أشعلها ترامب، يبدو أن التوتر بين إيران وأمريكا هو الوحيد الذي لا يمكن إصلاحه، لأن كلا الطرفين ينظر إليه من منظور أيديولوجي. إضافة إلى ذلك، فإن دخول لاعب جديد إلى المعادلة كإسرائيل، التي لا ترضى بأقل من الحرب، زاد من تعقيد المشهد وجعل التحديات الإقليمية أكثر خطورة”.
وقد أضاف الخبير في الشؤون الدولية، في أثناء مناقشته مسألة أن دول المنطقة أصبحت الآن أكثر رغبة في خفض التوتر بين إيران وأمريكا مقارنة بالفترة الأولى لترامب، موضحا أنه “في الفترة الأولى من ولاية ترامب، كانت بعض دول المنطقة، خاصةً السعودية، غير راضية عن دخول إيران في مرحلة خفض التصعيد خلال الاتفاق النووي، لأن مخاوفها واهتماماتها لم تكن مأخوذة بعين الاعتبار في مفاوضات إيران مع الغرب.
لكن الآن، أعتقد أن هذا العامل قد يساعد في السيطرة على التوترات، لأن السعودية وغيرها من الدول تسعى لتجنب التصعيد. فالخطط المطروحة لدول المنطقة يتم تنفيذها في بيئة هشة للغاية، مما يجعلها عرضة لمشكلات أمنية بسرعة. ولهذا، فإن هذه الديناميكية قد تسهم في تعزيز الدبلوماسية، خاصةً أن ترامب يحاول إقناع السعودية بالاستثمار في مشاريع واتفاقيات تصل قيمتها إلى تريليون دولار.
ومن جانبها، طلبت السعودية من الولايات المتحدة توفير غطاء دفاعي مماثل للمادة 5 من ميثاق الناتو، بحيث يُعتبر أي هجوم على أراضي السعودية بمثابة هجوم على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات بقيمة 500 مليار دولار بين ترامب والسعودية في الماضي، فإن الولايات المتحدة لم تقدم أي دعم للسعودية عندما تعرضت منشآت أرامكو لهجوم”.
وأكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط:
“أعتقد أن السعودية لديها الآن مطالب محددة، على رأسها الحصول على غطاء دفاعي مماثل للمادة 5 من ميثاق الناتو. وهذا الأمر يمكن أن يعزز الدبلوماسية، لأن ترامب نفسه يدرك أنه إذا ترك موضوع إيران بالكامل بيد إسرائيل، فستواجه علاقات أمريكا مع الدول العربية مشكلات كبيرة، مما سيدفع الأمور نحو الحرب. والتوجه نحو الحرب يعني تقويض الأسس الأمنية اللازمة للتعاون بين الولايات المتحدة والدول العربية”.
وأشار إلى أن البعض يعتقد أن الدول العربية تسعى إلى إضعاف إيران، لكنه يرى أن “هذا الطرح أصبح قديما ولم يعد دقيقا”. وأضاف:
“لدينا تحليلات مشابهة في مواضيع أخرى، مثل الادعاء بأن إيران يجب أن تستفيد من الخلافات بين أوروبا وأمريكا في سياق الأزمة الأوكرانية. لكن هذا أيضا تحليل سطحي وعفى عليه الزمن، لأنه حتى لو واجهت أمريكا وأوروبا تحديات في أوكرانيا، فإن الأوروبيين سيظلون يواجهون خلافات عميقة مع إيران”.
وقد أشار فلاحت بیشه إلى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية بشأن دول الخليج، حيث قال:
“صرّح السيد عراقجي، وزير الخارجية، مؤخرا، بأن الخليج إما أن يكون آمنا للجميع أو غير آمن للجميع. وأرى أن هذا النوع من الخطاب قد يؤدي إلى إضعاف الجهود الدبلوماسية ومساعي الوساطة في المنطقة. وهذه قضايا يجب أخذها بعين الاعتبار ضمن الإطار الدبلوماسي، لكن للأسف، عند النظر إلى الصورة الأشمل، نجد أن مثل هذه المسائل يتم تجاهلها تماما. وقبل كل شيء، فإن القضية التي لا تحظى بالاهتمام الكافي في إيران هي احتمال وجود تواطؤ بين روسيا والولايات المتحدة بشأن إيران”.
واختتم حديثه قائلا: “كنت قد تنبأت سابقا بأن إحياء الاتفاق النووي ضُحي به بسبب حرب أوكرانيا، لكن السيناريو الأسوأ هو أن تصبح إيران ضحية للسلام في أوكرانيا أيضا. بمعنى آخر، قد يتم التضحية بإيران لصالح التسوية هناك. فأنا أرى أن الروس لا يعتبرون إيران أكثر من مجرد ورقة تفاوضية يستخدمونها لمصالحهم. لذلك، يجب الانتباه إلى هذه الحقائق، بدلا من الانشغال بالتحليلات السطحية. فللأسف، كثير من الدبلوماسيين الإيرانيين تم تهميشهم بسبب هذه التحليلات المكررة والتقليدية، مما أدى إلى هيمنة وجهات نظر سطحية وغير مجدية على المشهد السياسي”.