في ظل تصاعد التوترات بالشرق الأوسط، تُخطط إسرائيل لردٍّ وشيك على الهجوم الذي شنته إيران بصواريخ فرط صوتية مساء الأول من أكتوبر/تشرین الأول الجاري، يخشى الإيرانيون أن يؤدي هذا التصعيد إلى مزيد من عدم الاستقرار، وزیادة الاضطرابات التي تواجه الاقتصاد الإيراني، وقلق المواطنين من الرد الاسرائيلي يتفاقم مع انهيار العملة الإيرانية، وارتفاع معدلات التضخم، وأسعار السلع الأساسية، وتدهور سوق العمل، وعجز الميزان التجاري. إضافة إلى ذلك، يواجه قطاع النفط تحديات كبيرة بسبب العقوبات الغربية المفروضة على البلاد، والتي قد تشتد في الفترة المقبلة.
تأثير التوترات السياسية على الريال الإيراني
من الواضح أن الحرب الإسرائيلية أثرت بشكلٍ سلبي على الاقتصاد الإيراني، فكلما زاد احتمال وقوع هجوم عسكري إسرائيلي، زاد ارتفاع سعر العملة، ويراقب الناس أسعار الذهب والدولار، مما أثر بشكلٍ مباشر على حياتهم اليومية.
ألحقت ضربة أبريل/نيسان الماضي ضرراً بالاقتصاد الإيراني، حيث شهدت العملة الإيرانية انهياراً عقب التصعيد مع إسرائيل، وسجلت اليوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، مستوى قياسيا منخفضا عند 42.102.50 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الأمريكي.
وبحسب تقرير “الاقتصاد الإلكتروني” نقلاً وكالة “تسنيم” الدولية للأنباء، الثلاثاء 22 أكتوبر/تشرین الأول الجاري، تم تداول كل فاتورة بالدولار الأمريكي بمعدل 50 ألفا و296 تومان، مع استقرار مقارنةً بيوم العمل السابق، ويتم تداول الحوالات بالدولار بسعر 50 ألف و296 تومان، زیادة بمعدل 48 ألفا و831 تومان مقارنةً بيوم أمس.
أكد موقع “تجارت نيوز” الإيراني في تقرير له، ارتفاع سعر الدولار الأمريكي بسبب الأجواء السياسية غير المستقرة، وأيضاً تصاعد التوتر في المنطقة، أي إن الأوضاع السياسية المتوترة أحد أسباب ارتفاع سعر الدولار في إيران، ويُذكر أن سعر الدولار الواحد تخطى 62 ألف تومان عقب مقتل إسماعيل هنية في طهران.
ووفقا لتقرير وكالة أنباء “خبر أونلاين”، فإنه في الأيام الأخيرة وفي الوقت نفسه الذي اشتدت فيه التوترات السياسية بالمنطقة، ارتفع سعر العملة في السوق، على الرغم من أن الحد الأقصى لارتفاع العملة في ذروة التوترات في المنطقة كان بنسبة 5%.
وبحسب تقرير “الاقتصاد الإلكتروني” نقلاً عن “تسنيم” 16 سبتمبر/أیلول الجاري، فإن السلع الأساسية مثل الدجاج، والفواكه، والسكر، والحلیب… شهدت ارتفاعا في أسعارها، ولا تزال بعض السلع تشهد زيادة في الأسعار. وأثر هذا الارتفاع في الأسعار على الحياة اليومية للمواطن الإيراني.
مخاوف الشعب الإيراني من الرد الإسرائيلي
بحسب مراسل”ليبراسيون” من طهران طبقاً لموقع “آر إف إي” الإيراني، فإن الناس قلقون للغاية من أن تتحول إيران إلى غزة، وقد أصاب هذا الخوف الحياة اليومية بالشلل وخنقها في إيران، فمنذ الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2024، عندما كان الجميع على يقين من أن إسرائيل سوف ترد على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران، فإن إيران، التي كانت في السابق تعاني من أزمة عميقة ومتورطة في تضخم غير مقيد، أصبحت الآن في حالة إغلاق تدريجي، فالقلق بشأن المستقبل غير الواضح قوي للغاية لدرجة أنه أوقف الأنشطة الاقتصادية.
وأضاف أيضاً: “يقوم الناس بتخزين المياه والغذاء والبنزين دون أن يعرفوا الشكل والأبعاد التي سيتخذها الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي للنظام الإيراني، كما أن الجميع يتحدث عن الحرب القادمة في السوق، والمكاتب، والمدارس، والجامعات وحتى الحفلات العائلية”.
طبقا لتقریر “رادیو فردا” عن وضع الشعب الإيراني، الناس يصطفون في محطات الوقود بإيران بعد أي حادث. ويقول أحد المواطنین في الشارع الإيراني، لإذاعة راديو فردا: “إن الطوابير الطويلة أُغلقت أمام محطات الوقود، كما ذهب بعض الناس إلى الصيدليات لشراء بعض الأدویة، وذهب البعض إلى المتاجر لشراء الناقص من الطعام”.
کما أنه نقل أيضاً حدیث أحد المواطنین: “كنا نعيش في خوفٍ وتوتر منذ أشهر، لكنني أعتقد أن ليلة الثلاثاء كانت الأسوأ، لأن إسرائيل هددت بشكل جدي بالهجوم. الآن أعيننا على سماء طهران، متى ستهاجَم؟”.
لكن التصعيد بين إيران وإسرائيل معركة لم تنته بعد، ويزداد تأثيرها على الاقتصاد والمواطن الإيراني. لقد أصبح الاقتصاد الإيراني عملياً رهينة للسياسة الخارجية. وهي سياسة تتجه نحو مزيد من التوتر والصراع مع إسرائيل يوماً بعد يوم.