ترجمة: أسماء رشوان
نشرت صحيفة “فرهيختكان” تقريرا، 19 يناير/كانون الثاني 2025، ذكرت فيه تصريحات علي عبد العلي زاده، ممثل الرئيس في الاقتصاد البحري، والتي أثارت جدلا واسعا، حيث صرح بأن عدد ضحايا العقوبات يفوق عدد الشهداء والمحاربين القدامى، كما أضاف أن إيران تخسر بسبب العقوبات أكثر مما تخسره الولايات المتحدة.
ذكرت الصحيفة أنه في الوقت الذي شدد فيه العديد من المسؤولين في إيران، وضمن ذلك رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، مرارا وتكرارا، على ضرورة إجراء المفاوضات بين إيران والدول الغربية بما يضمن حماية المصالح الوطنية، جاءت تصريحات علي عبد العلي زاده، ممثل الرئيس في الاقتصاد البحري، لتتناقض مع هذا النهج. في مقابلة مع وكالة “إنصاف نيوز”، أكد عبد العلي زاده أهمية المفاوضات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن “التوصل إلى اتفاق بين الطرفين قد يستغرق شهرين إلى ثلاثة أشهر”.
صرح عبد العلي زاده بأن “عدد ضحايا العقوبات يفوق عدد الشهداء والمحاربين القدامى”، و”إيران تخسر بسبب العقوبات أكثر مما تخسره الولايات المتحدة”.
وقد ذكرت الصحيفة أن هذه التصريحات ترسل إشارة ضعف للغرب بدلا من تعزيز الموقف الإيراني في المفاوضات.
أوضحت أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها علي عبد العلي زاده بشأن ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، تعد أمرا مثيرا للدهشة، خصوصا في ظل أنه لم يتم تشكيل إطار رسمي لهذه المفاوضات حتى الآن. إذ إن هذا التوجه قد يدفع الطرف الآخر إلى الاعتقاد بأن إيران، تحت وطأة أزمتها الاقتصادية، غير قادرة على تحمل الضغوط الدولية، مما يجعلها مجبرة على القبول بالشروط الأمريكية.
وقد ذكرت الصحيفة أن تصريحات مثل “عدد ضحايا العقوبات أكبر من عدد الشهداء والمحاربين القدامى”، و”نحن نخسر من العقوبات أكثر من الولايات المتحدة” تضيف مزيد من القلق، حيث تبدو وكأنها تعزز هذا الانطباع. وبدلا من تعزيز الموقف التفاوضي لإيران، إلا أن مثل هذه التصريحات قد تعطي انطباعا بأن إيران في موقف ضعف، وأنها مجبرة على المفاوضات للخروج من أزماتها.
هذا النهج يتعارض مع المبدأ الأساسي القائم على الدخول في المفاوضات من موقع قوة. ومع عدم بدء المفاوضات بعد، فإن إثارة مثل هذه القضايا من قبل مسؤولين محليين قد يُضعف موقف إيران التفاوضي ويمهد الطريق لتغيير أجواء المحادثات لصالح الطرف الآخر، خاصةً أن الولايات المتحدة أثبتت في أكثر من مناسبة، قدرتها على استغلال أي فرصة أو تصريح لممارسة مزيد من الضغوط على إيران.
وأعلنت الصحيفة أنه في سياق اتهام الولايات المتحدة بالانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي، صرح علي عبد العلي زاده بأن إيران، بعد توقيع الاتفاق النووي، فتحت المجال للتعاون الاقتصادي مع جميع الدول باستثناء الولايات المتحدة. واعتبر أن هذا النهج دفع إدارة ترامب إلى إلغاء الاتفاق، مدعيةً أن إيران تمارس ازدواجية في التعامل.
وبينت أن هذا التصريح يثير التساؤلات، ومما لا شك فيه أن انسحاب الولايات المتحدة كان قرارا أحاديا تماما ويناقض التزاماتها الدولية. ومع ذلك، فإن مثل هذه التصريحات قد تُستخدم في خطاب واشنطن لإلقاء اللوم على إيران بشأن فشل الاتفاق النووي، وإظهار أن هناك داخل إيران من يعزو الأزمة الحالية إلى سياسات بلاده.
فبدلا من تعزيز موقف إيران في المفاوضات المحتملة، تسهم هذه التصريحات في إضعافه، حيث توفر للولايات المتحدة أداة جديدة لاستغلالها في أي مفاوضات مقبلة، مما قد يضع إيران في موقف المدين ويمنح الطرف الآخر فرصة للمطالبة بمزيد من التنازلات.
وأضافت الصحيفة أنه كان بإمكان إيران تعزيز موقفها التفاوضي من خلال تسليط الضوء على خروقات الولايات المتحدة وتعهداتها غير المنفذة والخسائر التي تحملتها إيران بسبب انسحاب واشنطن من الاتفاق. ولكن مثل هذه المواقف التحليلية، إذا استمرت، قد تقلب المعادلة لصالح الولايات المتحدة، وتضع إيران في موقف دفاعي بدلا من الهجومي.
واستطردت الصحيفة مبينةً أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها علي عبد العلي زاده حول المفاوضات مع الولايات المتحدة لا تقتصر آثارها على الساحة الدولية فقط، بل قد تؤدي إلى إثارة حساسيات داخلية كبيرة. فالتفاوض كان دائما موضوعا حساسا في السياسة الداخلية الإيرانية، مما يجعل مثل هذه التصريحات محفوفة بالمخاطر، إذ إنها قد تعزز مواقف التيارات المعارضة لأي مفاوضات.
أوضحت الصحيفة أن تصريحات مثل “سنخسر من العقوبات أكثر من الولايات المتحدة” أو “التوصل إلى اتفاق لن يستغرق سوى شهرين إلى ثلاثة أشهر” قد تُفسر على أنها مؤشر لاستعداد الحكومة لقبول اتفاق بأي ثمن، حتى لو كان ذلك في صورة تقديم تنازلات كبيرة. فمثل هذا الانطباع قد يدفع واشنطن إلى تكثيف الضغوط على إيران خلال أي محادثات مستقبلية، مما قد يؤدي إلى نتائج غير مواتية.
وأضافت أنه إضافة إلى ذلك يفتح هذا التوجه الباب أمام زيادة الانتقادات الداخلية للمفاوضات، ويضعف موقف الحكومة، في حين يرسل إلى الجانب الآخر رسالة بأن إيران ليست في موقف قوة. وفي ظل هذه الأجواء، قد تصبح ظروف التفاوض أكثر تعقيدا، وتتصاعد مطالب الجانب الغربي، مما يزيد من صعوبة تحقيق نتائج تحمي المصالح الوطنية الإيرانية.
وأكدت أن إدارة التصريحات الرسمية بدقة، خاصة في مثل هذه الأوقات الحساسة، تعد أمرا ضروريا لتجنب خلق انطباعات خاطئة تعزز موقف الطرف الآخر وتضعف الموقف الإيراني.
وذكرت أن تصريحات علي عبد العلي زاده الأخيرة بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة وتقديم مبررات لقبول نتائج العقوبات لا تمثل مجرد رأي شخصي فحسب، بل تعكس توجها واضحا لتيار سياسي يعمل على تقويض موقف الحكومة داخليا وخارجيا. هذا النهج يحمل تأثيرين سلبيين متزامنين: من جهة، يُفاقم الحساسيات الداخلية تجاه المفاوضات، ومن جهة أخرى، يمنح الجانب الأمريكي دافعا لاتخاذ مواقف أكثر تشددا.
وتابعت الصحيفة أنه برغم التداعيات السلبية الواضحة لهذه التصريحات، فإنها تُبرز احتمال وجود تيار داخل الحكومة يعمل، بقصد أو دون قصد، على إضعاف موقفها. فمن خلال خلق حالة من الضغط الداخلي وإرسال إشارات ضعف للخارج، يُسهم هذا التيار في تعقيد مسار المفاوضات ويقلل من قدرة الحكومة على الحصول على تنازلات تُعزز مصالحها الوطنية.
وأضافت أنه على الحكومة أن تكون أكثر يقظة في التعامل مع هذه التصريحات، وأن تبادر إلى تصحيح الأخطاء غير المقصودة فورا، مع الانتباه لأي محاولات متعمدة لإضعاف موقفها. وإذا استمر أي شخص عمدا، في اتخاذ مواقف متطرفة تقوض المصلحة الوطنية، فإن هذا لن يؤدي إلا إلى إبطاء عجلة العمل الحكومي وإلحاق الضرر بالمفاوضات. التصدي لمثل هذه التحركات بحزم ووضوح مسؤولية أساسية لضمان الحفاظ على قوة الموقف الإيراني داخليا وخارجيا.
وأوضحت أن علي عبد العلي زاده أثار جدلا بتصريحه بأن أزمات البلاد مرتبطة بالمفاوضات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزعمه أن النظام قد توصل إلى ضرورة إجراء مفاوضات معه. المشكلة الأساسية في هذا الموقف هي تعارضه الواضح مع تصريحات المرجع الدينى لإيران، الذي حذر مؤخرا من الوقوع في فخ السياسات التي تهدف إلى تحقيق المصالح الأمريكية على حساب المصلحة الوطنية.
وأكدت أن الربط بين قضايا البلاد والمفاوضات مع الولايات المتحدة يعد انحرافا عن المبادئ العامة للنظام، ويُسهم في تعزيز استراتيجية تتعارض مع مبدأ الاعتماد على الذات. علاوة على ذلك، فإن هذا التوجه يمنح الطرف الآخر حافزا إضافيا لتشديد مطالبه وشروطه في أي مفاوضات محتملة، مما يضعف الموقف التفاوضي الإيراني.
وأشارت إلى أن الأخطر من ذلك هو أن هذا النهج يزرع نوعا من التبعية الذهنية بين بعض المسؤولين، حيث يتم تصوير العقوبات والمفاوضات على أنها الحل السحري لكل المشكلات، مما يؤدي إلى تقليل التركيز على الجهود المحلية لتحسين الأوضاع. فعندما يخرج مسؤولون مثل رئيس الحملة الانتخابية لبزشكيان وممثل الرئيس في الاقتصاد البحري لإعلان أن أزمات البلاد ناتجة عن غياب المفاوضات مع أمريكا، فإن هذا السلوك يصبح نموذجا يُحتذى من قبل القادة التنفيذيين والمتوسطين.
وأضافت أن هذه الديناميكية قد تؤدي إلى التهرب من المسؤولية وتحميل العقوبات الخارجية كامل العبء عن المشاكل الداخلية، مما يعفي المسؤولين المحليين من المساءلة عن أدائهم وضعف كفاءتهم. في النهاية، مثل هذا التوجه لا يضعف فقط الموقف التفاوضي الإيراني، بل يعوق أيضا الإصلاحات الحقيقية التي تحتاجها البلاد للتعامل مع تحدياتها بفعالية.
بينت الصحيفة أن هذا النوع من الخطاب يُسهم في خلق حالة من الجمود لدى المسؤولين، حيث يدفعهم إلى تأجيل اتخاذ قرارات جريئة ومبتكرة لحل مشاكل البلاد، مع الاعتماد المفرط على المفاوضات كحل وحيد. لا يمكن إنكار أن العقوبات تلعب دورا في تفاقم الأزمات الاقتصادية، ولكن في الوقت نفسه، فإن سوء الإدارة المحلية والتخطيط الضعيف يُعدان من الأسباب الرئيسية التي لا يمكن التغاضي عنها.
وأشارت إلى أنه إذا تم تصوير المفاوضات مع الولايات المتحدة كحل وحيد للخروج من الأزمات، فإن ذلك لا يهدد فقط الاستقلال الاقتصادي للبلاد، بل يحجم أيضا الجهود المبذولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الإنتاج الوطني. مثل هذا النهج يعزز ثقافة الانتظار بدلا من المبادرة، ويحول تركيز المسؤولين من مواجهة التحديات المحلية إلى انتظار نتائج المفاوضات.
وأخيرا، أوضحت أنه من الضروري أن يتحلى المسؤولون برؤية شاملة في هذا الوقت الذى تحتاج فيه البلاد إلى إدارة قوية ومستقلة للتغلب على التحديات. كما أن ربط جميع المشاكل بالتفاوض أو انتظار رفع العقوبات يترك البلاد في حالة من الجمود، مما يُضعف قدرتها على بناء نموذج اقتصادي مستدام بعيدا عن الضغوط الخارجية.
وأضافت أنه في تحليله للوضع بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أشار إلى أن إيران تتحمل جزءا من المسؤولية في هذه الأزمة. وأوضح أنه بعد توقيع الاتفاق النووي، فتحت إيران المجال للتعاون مع جميع الدول باستثناء الولايات المتحدة، مما دفع إدارة ترامب إلى اتخاذ قرار الانسحاب.
وعلقت الصحيفة بأن هذه التصريحات تُظهر إيران كأنها مسؤولة جزئيا عن الجمود الحالي، وتبدو كأنها تبرئة ضمنية لواشنطن من مسؤوليتها عن خرق معاهدة دولية.