ترجمة: أسماء رشوان
تناول موقع “ديده بان ايران” الإيراني الأصولي، في تقرير نشره يوم الاثنين 24 فبراير/شباط 2025، شحنة الحافلات الكهربائية التي تم استيرادها من الصين وما أُثير حولها من وجود فساد مالي فيها.
ذكر الموقع أن عقد الصين يُعد واحدا من أكثر الإجراءات غموضا في مجلس البلدية الحالي، حيث يؤكد أعضاء المجلس أنهم، رغم كونهم ممثلين عن الشعب، إلا أنهم لا يزالون غير قادرين على فهم أي جزء من العقد سواء تم توقيعه أو أي جزء لم يُوقع بعد.
في البداية، أُعلن أن العقد تم توقيعه بقيمة 13 مليار يورو، لكن فيما بعد تبين أن المصادقة كانت على 2.16 مليار يورو فقط، ثم قيل مؤخرا إن المبلغ يصل إلى نحو 9 مليارات يورو، مما يجعل الفروقات في الأسعار غير واضحة. بل إن بعض التصريحات أشارت إلى رقم 5 مليارات يورو، مما زاد الغموض.
ليست كهربائية
وأضاف أنه رغم هذا الالتباس، قام علي رضا زاكاني، رئيس بلدية طهران، يوم الخميس 21 فبرایر/ شباط، خلال العرض الإعلامي بحضور رئيس الجمهورية، بالكشف عن أسطول النقل العام الكهربائي. ورغم أن المبادرة تبدو إيجابية، إلا أن الغموض حول التفاصيل يدفع الجميع إلى إبداء آراء مؤيدة حتى تُكشف الحقائق. وبالفعل، عند الكشف عن الحافلات الكهربائية الصينية، تبيّن أنها ليست كهربائية بالكامل كما كان يُروج لها. إذ تم تزويدها بمحرك ديزل لاستخدامه في الشتاء لتشغيل التدفئة، وهو أمر غريب أكده المتحدث باسم البلدية نفسه.
ومن خلال تحقيق أجراه موقع “دیده بان ایران” كشف أن محرك الديزل في الحافلات الكهربائية مخصص فقط لحالات التدفئة، بينما أكد بعض السائقين أن نظام التدفئة يعمل بمحرك ديزل منفصل. ومع تصريح المتحدث باسم البلدية بذلك، يظل السؤال مطروحا حول كيفية التعامل مع هذه القضية.
من جانبه، صرح جعفر تشكري هاشمي، عضو مجلس البلدية، لـ “دیده بان ایران” بأنه تلقى تقارير تؤكد أن الحافلات التي كان يُفترض أن تكون كهربائية بالكامل مزودة بمحركات ديزل لتدفئة الركاب. وأشار إلى أن استيراد حافلات كهربائية ثم تشغيل محركات ديزل في الشتاء، تحديدا خلال موسم التلوث الهوائي، هو أمر غير منطقي.
وأضاف هاشمي أن التقارير تفيد بأنه عند تشغيل نظام التدفئة، ينبعث دخان كثيف من الحافلة، وإذا صح ذلك، فهو أمر مؤسف. فكيف يمكن دفع ضعف ثمن حافلة الديزل لشراء حافلة كهربائية، ثم تشغيل محرك ديزل فيها خلال الشتاء؟!
وأكد أنه في حال التأكد من هذه المعلومات، فهناك حاجة إلى تحقيق فوري لكشف الحقيقة وراء هذه المحركات. كما شدد على ضرورة إصلاح أي عيوب محتملة قبل وصول بقية الشحنة إلى البلاد، إذ يجب أن تكون الحافلات الكهربائية كهربائية بالكامل، سواء في التبريد أو التدفئة. وفي حال ثبوت هذا العيب، لا بد من تصحيحه في عمليات شراء الشحنة المستقبلية وإيجاد حلول للحافلات التي وصلت بالفعل.
ما الجدوى من الحافلات الكهربائية؟
وأضاف: “إذا صحّ هذا الأمر، فهو مؤسف للغاية، إذ يمكن أن يقضي هذا القرار على جميع الجهود المبذولة. لقد اشترينا حافلة كهربائية، ولكن إذا تم تشغيل نظام التدفئة فيها بمحرك ديزل، وفي الوقت نفسه يتم شحنها باستخدام الوقود الأحفوري، فما الجدوى إذن من استخدام الحافلات الكهربائية؟! في الواقع، هذه ليست سوى حافلة ديزل! وإذا كان من المقرر تشغيل محرك الديزل خلال فصل الشتاء، وهو الموسم الذي نشهد فيه أعلى معدلات تلوث الهواء، فلماذا دفعنا ثمنها بما يعادل مرتين ونصف سعر الحافلة العادية؟!”
وأشار رئيس لجنة التخطيط العمراني والنقل في مجلس بلدية طهران، في حديثه لموقع “دیده بان ایران”، إلى أن “هذه الزيادة الكبيرة في السعر ليست المشكلة الوحيدة، فقد تم إنفاق نحو 100 مليار ريال على كل محطة شحن، كما أن مدى المسافة التي يمكن لهذه الحافلات قطعها محدود للغاية.
وأضاف هاشمي إن تقنية هذه الحافلات تم استيرادها بالكامل على شكل (CBU) – أي منتج نهائي جاهز – وهو ما يتعارض مع سياسات دعم الإنتاج الوطني التي لطالما أكد عليها المرشد الأعلى. فبدلا من تعزيز الصناعة المحلية، تم استيراد أسطول كامل من الحافلات الجاهزة. وعلى عكس الادعاءات القائلة بأن هذه الحافلات صديقة للبيئة، فإنها لا تزال تنتج انبعاثات ملوثة.”
وفيما يتعلق بالعقود المبرمة في هذه الصفقة، أوضح قائلا: “لا أريد إصدار حكم نهائي في الوقت الحالي، لكن إن صحّت هذه المعلومات، فعلى البلدية أن تقدم تفسيرا مقنعا حول سبب اتخاذ هذا القرار. لماذا لم يتم تصميم هذه الحافلات منذ البداية بنظام تدفئة كهربائي؟ نحن بحاجة إلى تحقيق أعمق، وإذا تبيّن وجود هذه المشكلة فعلا، فلا بد من إيقافها فورا.”
وأضاف في حديثه لموقع “دیده بان ایران”: “لا يحق للبلدية إبرام عقود جديدة دون الامتثال للإجراءات القانونية اللازمة، وسنناقش هذه المسألة في جلسة علنية للمجلس. كما أن لمترو الأنفاق أهمية كبيرة، لكنه لا ينبغي أن يُدار دون رقابة، لذا يتوجب على البلدية الحصول على موافقة المجلس والالتزام بالقوانين المعمول بها.”
وانتقد تشكري هاشمي أسلوب شراء الأسطول الجديد قائلا: “في الوقت الذي تمتلك فيه شركات تصنيع السيارات المحلية آلاف المركبات غير المباعة في مستودعاتها، أقدمت البلدية على استيراد سيارات جديدة ودفع ثمنها بالكامل!
في المقابل، هناك نحو 50 ألف سيارة تاكسي قديمة في طهران تفتقر إلى معايير السلامة وتشكل خطرا على حياة المواطنين، ورغم ذلك، نجد أن البلدية تستورد سيارات دفع رباعي! والسؤال المطروح هنا: كيف يمكن لسكان الأحياء الفقيرة في جنوب المدينة الاستفادة من هذه السيارات الفاخرة؟!”
وأضاف تشكري هاشمي أن بعض هذه الإجراءات ليست سوى دعاية إعلامية، قائلا: “شاهدنا اعتراضات من سائقي سيارات التاكسي على هذه السيارات الكهربائية، حيث يواجهون مشكلات في تأمين الكهرباء، فضلا عن أن الدعم المالي الموعود بقيمة 4 مليار و500 مليون ريال لم يُصرف لهم حتى الآن!
وفي الوقت نفسه، يتم استيراد سيارات جديدة إلى البلاد دون أي دراسات دقيقة أو حسابات واضحة.”
وختم حديثه مؤكدا: “بغض النظر عن الظروف، سنواصل في المجلس الدفاع عن حقوق المواطنين، فمن حق الناس أن يعرفوا أن طرحنا لهذه القضايا نابع من قلق حقيقي على المصلحة العامة. ونأمل أن يوضع حد لهذا الهدر في موارد البلدية وللإجراءات التي لا تخدم سوى الدعاية الإعلامية.”