كتب: ربيع السعدني
قام الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر، بزيارة رسمية لطهران، الأربعاء 19 فبراير/شباط 2025، بهدف لقاء وتبادل وجهات النظر مع المرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس مسعود بزشكيان، وكبار المسؤولين الإيرانيين الآخرين، وفي لقائه بأمير قطر، وصف خامنئي قطر بأنها “دولة صديقة وشقيقة”، وأشار إلى وجود “مسائل غامضة وغير محلولة من جانب الدوحة”.
كما أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن سروره باستضافة طهران لأمير قطر، وأعلن عن “تبادل مثمر للآراء” حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، مؤكدا في منشور بحسابه على منصة “إكس”، أن “الجيران بالنسبة لإيران يمثلون أولوية قصوى”.
ونظرا إلى العلاقات الوثيقة بين الدوحة وواشنطن، فإنه عندما ظهرت الأنباء الأولية عن زيارة آل ثاني الوشيكة لإيران، اتجهت الأذهان بطبيعة الحال إلى احتمال أن يكون أمير قطر يحمل رسالة إلى أعلى السلطات في طهران، ففي 8 فبراير/شباط 2024 أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، استعداد البلاد للتوسط بين طهران وواشنطن، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت الرسالة وصلت إلى طهران.
وتظل هذه القضية محاطة بالغموض، وفي 18 فبراير/شباط 2025، أي قبل يوم واحد من زيارة تميم بن حمد لطهران، قال عراقجي إن أمير قطر لا يحمل رسالة من الولايات المتحدة، مع ذلك، وعلى الرغم من كل الجهود، لم تسفر صفقة الإفراج عن السجناء الأمريكيين مقابل الأموال المجمدة عن النتيجة المرجوة بالنسبة لإيران، مما دفع خامنئي إلى التعبير عن استيائه من هذا الأمر خلال لقائه بالأمير تميم.
الملفات المسكوت عنها
وعلى هامش اللقاء قال خامنئي خلال لقائه مع أمير دولة قطر والوفد المرافق له: “إننا نعتبر دولة قطر دولة صديقة وشقيقة، رغم أن هناك قضايا لا تزال غير واضحة وغير محلولة، مثل إعادة المطالب الإيرانية التي نقلت من كوريا الجنوبية إلى الدوحة، ونحن نعلم أن العائق الرئيسي أمام تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في هذا الصدد هو الولايات المتحدة”، وأشار إلى أنه “لو كنا مكان قطر فلن نلتفت إلى الضغوط الأمريكية وسنرفض مطالب الطرف الآخر، وما زلنا نتوقع مثل هذا الإجراء من قطر”، وأضاف: “لا فرق بين الرؤساء الأمريكيين”.
في منتصف أغسطس/آب 2023، وبعد 8 جولات من المفاوضات بين الوفود الإيرانية والأمريكية في الدوحة، والتي جرت في فنادق منفصلة عبر ما يُعرف بـ”الدبلوماسية المكوكية“، ونقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤولين أمريكيين قولهم: “إن اتفاق تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران، الذي توسطت فيه قطر، استمر عامين ونصف العام، وتقرر في النهاية الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، وتم تحويل هذا المبلغ إلى البنوك القطرية مقابل إطلاق سراح خمسة أمريكيين محتجزين في إيران”.
وفي مايو/أيار 2022، التقى أمير قطر مع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، خلال زيارة بطهران، وجاء هذا اللقاء بعد أن قام رئيسي بزيارة قطر لأول مرة منذ 11 عاما. في ذلك الوقت، تكهنت وسائل الإعلام بدور قطر كوسيط في محادثات إحياء الاتفاق النووي، ومع ذلك، تبيّن بعد الإفراج عن الأمريكيين المحتجزين أن طهران لا تستطيع الوصول إلى 6 مليارات دولار من أصولها في قطر.
يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة مقطوعة منذ 43 عاما، ليس لدى البلدين علاقات رسمية وليس لديهما سفارات في عاصمتيهما، وقطعت الحكومة الأمريكية، برئاسة جيمي كارتر، العلاقات مع طهران في أبريل/نيسان 1970، عقب الهجوم على السفارة الأمريكية في طهران واحتلالها.
خامنئي: لن نرضخ للضغوط الأمريكية
وأضاف خامنئي خلال لقائه مع أمير قطر، بحضور بزشكيان: “لو كنا مكان قطر، لم نكن لنستجيب لضغوط الولايات المتحدة وسنعيد الأموال للطرف الآخر، وما زلنا نتوقع مثل هذا التصرف من الجانب القطري”.
توسيع العلاقات مع الجيران
وبحسب الموقع الإعلامي لمكتب خامنئي، أكد المرشد الإيراني خلال اللقاء، أن توسيع العلاقات مع الجيران سياسة أكيدة لطهران، وقال: “إن إحدى السياسات المعلنة لحكومة بزشكيان هي أيضا توسيع العلاقات مع الجيران”، معربا عن أمله في أن تعود الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في طهران بالنفع على البلدين، وأن يتمكن الجانبان من أداء واجباتهما تجاه جيرانهما بشكل أفضل من ذي قبل.
وفي هذا اللقاء أعرب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، عن سروره بلقاء المرشد الإيراني، وأشاد بمواقف طهران في دعم ومؤازرة الشعوب المقهورة في العالم والشعب الفلسطيني، وقال مخاطبا خامنئي: “إن وقوفكم إلى جانب الشعب الفلسطيني لن يُنسى أبدا”، وفي إشارته إلى الظروف الخاصة والصعبة التي تمر بها المنطقة، اعتبر أمير قطر أن هذه الظروف تتطلب مزيدا من التعاون بين دول المنطقة.
وأشار تميم أيضا إلى الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين إيران وقطر، وضمن ذلك بناء نفق تحت الماء بين البلدين، وقال: “بناءً على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، سيتم تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين قريبا، وسيزداد حجم التبادلات الاقتصادية في المستقبل القريب”.