كتبت: شروق السيد
أعلنت ايران، إحدى دول مسار أستانا يوم الأربعاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، عن عقد اجتماعات دبلوماسية جديدة على هامش منتدى الدوحة، بمشاركة وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا؛ وذلك لمناقشة الأزمة السورية الحالية.
كان عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، وعلى هامش جلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، قد قال في تصريحات صحفية: “سأتوجه الجمعة إلى بغداد؛ لإجراء لقاءات هناك، وفي بداية الأسبوع المقبل سأذهب إلى قطر؛ للمشاركة في منتدى الدوحة”، وهي التصريحات التي نقلتها وكالة أنباء “إيسنا” الإيرانية في اليوم نفسه.
وفي ما يتعلق بعقد الاجتماع في الدوحة، قال عراقجي: “سيُعقد اجتماع وزراء خارجية أستانا في الدوحة؛ نظرا إلى وجود وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا في منتدى الدوحة، بالطبع، قطر لن تشارك في هذا الاجتماع، ولكن بما أن هؤلاء الوزراء موجودون في الدوحة، سنعقد الاجتماع هناك”.
ما هي محادثات أستانا؟
بدأت محادثات أستانا في يناير/كانون الثاني 2017 بمبادرة من إيران وروسيا وبدعم من تركيا، بهدف حل النزاعات في سوريا. في الواقع، كان وقف إطلاق النار الشامل الذي تم التوصل إليه في ديسمبر/كانون الأول 2016 بين الحكومة السورية ومجموعة من المعارضة المسلحة مقدمة لبدء محادثات أستانا، حيث جرت خلالها لأول مرة، مشاورات مباشرة بين ممثلي الحكومة السورية وممثلي الجماعات المعارضة المسلحة، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “تابناک“.
يأتي الحديث حول اجتماع مسار أستانا بالدوحة في الوقت الذي بدأ فيه الآلاف من معارضي النظام السوري، ممن يعرفون باسم فصائل المعارضة السورية المسلحة، يوم الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بالتقدم من محافظة إدلب باتجاه حلب، واشتبكت قواتهم مع قوات جيش النظام السوري، في عملية عسكرية مفاجئة، نتج على أثرها تقدم لقوات فصائل المعارضة في بعض المدن مثل حلب وحماة وحمص.
هيئة تحرير الشام
فصائل المعارضة السورية المسلحة تعمل تحت اسم هيئة أحرار الشام، وهي جماعات معارضة للنظام السوري ترتكز في المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا، ولها وجود في محافظة إدلب، التي تبعد نحو 120 كيلومترا عن الحدود الشمالية لسوريا.
وتُعد إدلب آخر معقل رئيسي لفصائل المعارضة السورية، منذ عام 2015. عندما فقدت القوات الحكومية السيطرة على المحافظة، أصبحت إدلب تحت سيطرة عدة جماعات معارضة متنافسة، أما حاليا، فتسيطر هيئة تحرير الشام على معظم مناطق المحافظة.
خلال السنوات الماضية، عززت هيئة تحرير الشام قدراتها العسكرية والتنظيمية بشكل كبير، إلى جانب إدارتها لإدلب.
وأفادت مصادر لصحف إيرانية بمشاركة بعض قوات الجيش السوري في الهجوم الأخير على حلب. يُذكر أن هذا الجيش، الذي كان يُعرف سابقا باسم الجيش السوري الحر، يحظى بدعم كامل من الحكومة التركية، ويسيطر على أجزاء من إدلب وشريط شمال غربي سوريا، إضافة إلى المناطق المتنازع عليها مع المسلحين الأكراد، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “تابناک“.
مسار أستانا وتركيا
خلال زيارة عباس عراقجي لأنقرة ولقائه مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال الأيام القليلة الماضية، تم تأكيد أهمية الحفاظ على مكتسبات مسار أستانا، وفي تصريحاته خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره التركي، أكد عراقجي أهمية التشاور والحوار الوثيق لتحقيق الاستقرار في سوريا، وهي التصريحات التي نقلتها وسائل إعلام إيرانية وتركية.
وصرّح عراقجي قائلا: “أجرينا نقاشا مستفيضا مع السيد فيدان حول هذا الموضوع، وناقشنا سبل تحقيق الاستقرار في سوريا، نحن متفقون على ضرورة الحفاظ على مكتسبات مسار أستانا، وقد اتفقنا على عقد الاجتماع القادم لمسار أستانا على مستوى وزراء الخارجية قريبا، نحن نؤمن بأهمية استمرار هذا المسار وضرورة تجنب أي إجراءات قد تعرقل تقدمه”.
وأشار إلى أن الحفاظ على السلام والاستقرار في سوريا يُعتبر ضروريا لتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة. وأضاف: “مشاورتنا تمت على مستوى عالٍ جدا، كانت المشاورات صريحة ومباشرة، وفي الوقت ذاته ودية وبنّاءة، نحن متفقون على ضرورة دفع سوريا نحو السلام والهدوء، وضمان الحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها، كما يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق حوكمة جيدة في سوريا”، حسبما ذكر الموقع الإيراني “تابناک“.
أما على الجانب التركي، فقد أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع عراقجي، أن تركيا ستعقد قريبا اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين والروس في إطار مسار “أستانا”؛ لمناقشة التطورات في سوريا.
وأضاف فيدان: “اتفقنا مع وزير الخارجية الإيراني على زيادة التعاون في مكافحة الجماعات الإرهابية”. وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن المؤسسات الحكومية في تركيا تتابع التطورات في سوريا بشكل مكثف وبالتنسيق الكامل.
وأكد قائلا: “لا نريد أن يضطر الشعب السوري إلى النزوح أو الهجرة مرة أخرى، حساسيتنا تجاه الجماعات الإرهابية مستمرة، الاستقرار في سوريا أمر مهم، ويجب منع مزيد من سفك الدماء والدمار في المنطقة، وسنواصل جهودنا في هذا الإطار”.، حسبما ذكر الموقع الإيراني “تابناک“.
روسيا ومسار أستانا
وفي السياق ذاته، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، أندري رودينكو، الاثنين الماضي، أن موسكو على تواصل وثيق مع أنقرة وطهران بشأن الوضع في سوريا.
وأكد المسؤول الروسي أن موسكو لا تستبعد إمكانية عقد اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا؛ لمناقشة الشأن السوري، وأنها مستعدة لمثل هذا الاجتماع.
كما أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أكدت فيه أن روسيا ستواصل المشاورات الوثيقة مع ممثلي إيران وتركيا بشأن الأوضاع في سوريا، حسبما ذكر الموقع الإيراني “تابناک“.
كما أدلى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بتصريحات حول تنسيق يجري مع تركيا وإيران لعقد اجتماع وزراء ضمن مسار أستانا.
وفقا لوكالة أنباء “إيسنا“، صرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الخميس 5 ديسمبر/كانون الأول 2024، قائلا: “يجري التنسيق لعقد اجتماع وزراء في إطار مسار أستانا بشأن تطورات سوريا خلال الأيام المقبلة”.
وصرح لافروف للصحفيين بعد اجتماع وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون بأوروبا في مالطا، قائلا: “نعم، نحن نجري محادثات مع شركائنا الأتراك والإيرانيين لتنظيم اجتماع وزراء مسار أستانا في الأيام القادمة”.
وأضاف لافروف أن “التصورات” حول إرسال قوات أجنبية إلى أوكرانيا تزيد الوضع الحالي سوءا، مشيرا إلى أن مبتكري هذه الأفكار يتجاهلون تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
جدير بالذكر أن ما يعرف بمسار أستانا هو مسار سياسي بدأته تركيا وإيران وروسيا بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم 2254 (ديسمبر/كانون الأول 2015)، والذي ألزم فيه الدول الثلاث بعقد محادثات سلام سورية في أستانا، عاصمة كازاخستان التي اعتبرتها جميع الأطراف المعنية، محايدة، وذلك من أجل الوصول إلى اتفاق يفضي لحل الأزمة السورية الحالية.