كتبت: زينب بيه
شهدت مسيرة مرتضى آقاتهراني، القيادي المعروف في جبهة ” بايداري” المحسوبة على التيار الأصولي في إيران، والبرلماني الإيراني، تحولًا ملحوظًا في مسيرته السياسية بدعمٍ من محمد تقي مصباح يزدي، الذي كان زعيما لجبهة بايداري، حيث بدأت بفترة تلمذته في مدرسة حقاني وانتهت إلى صعوده في جبهة ” بايداري” وتأثيره اللاحق في السياسة الإيرانية.
وعلى الرغم من الدعم الذي حظي به من مصباح يزدي، زعيم جبهة بايداري، في هذه الفترة، شهد البرلماني الإيراني آقاتهراني صعودًا وتراجعًا متتاليًا في مسيرته، تتجلى في صراعاته مع صادق محصولي، الرمز الآخر في الجبهة، والأزمات التي واجهها مع محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني الأسبق. وقد أثرت هذه الديناميات على موقعه السياسي وساهمت في تراجعه الأخير.
يستعرض هذا التقرير تطور مسيرة مرتضى آقاتهراني، من بداياته تحت رعاية مصباح إلى التحولات التي شهدها بعد وفاة الأخير، والصراعات الداخلية التي واجهها، فضلاً عن تأثير هذه التحولات على علاقاته السياسية ومناصبه المستقبلية.
رحلة مرتضى آقاتهراني تحت رعاية زعيم جبهة بايداري السابق مصباح يزدي
من غير الواضح متى وأين التقى مرتضى آقاتهراني لأول مرة بمحمد تقي مصباح يزدي، لكن من المؤكد أن اليوم الذي غادر فيه مدرسة حقاني كانت بداية لمسار ربط مستقبله السياسي بمصباح يزدي. ووفقًا للسيرة الذاتية المنشورة على موقعه الإلكتروني في سبتمبر 2018… فقد ترك آقاتهراني المدرسة بعد إتمام السنة الثالثة، ويقال إن سبب خروجه كان خلافات مع الأساتذة أو مع التيار السائد في المدرسة، ولكن ذُكر في موقعه أنه غادر المدرسة لأسباب معينة بدون شرح أي تفاصيل، وأنه عاش بعد ذلك مع مجموعة مكونة من 25 زميلا في مبنى تحت إشراف مصباح يزدي.
وعلى مر السنين، أصبح آقاتهراني الناطق باسم مصباح يزدي في العديد من القضايا، وحظي بدعمه دون تحفظ تحت رعايته ومؤسسته، وانتقل آقاتهراني إلى كندا وأمريكا، واستمر دعم مصباح له حتى عندما تعرض للنقد بسبب حصوله على البطاقة الخضراء الأمريكية. ولاحقًا، انضم إلى حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لكن تأثيره على الرئيس كان محدودًا، مما أدى إلى خلافات أسهمت لاحقًا في تأسيس جبهة الاستقلال.
وفي النهاية انصب اهتمام آقاتهراني حول السياسة، وترشح في انتخابات البرلمان الثامن لطهران وفاز بالمقعد، وسعى ليصبح النسخة المصغرة من مصباح يزدي، حيث قاد التيار المعارض لعلي لاريجاني وحسن روحاني في البرلمانين الثامن والتاسع. ولكن بعد وفاة مصباح تغيرت المعادلة السياسية.
تراجع آقاتهراني وصعود محصولي
بعد وفاة مصباح يزدي، حافظت جبهة ” بایداری” على تماسكها الخارجي، لكن ظهرت خلافات داخلية بين مجموعتين: مجموعة آقاتهراني ومجموعة صادق محصولي. ورغم محاولات آقاتهراني ليرث مكانة مصباح يزدي كقائد روحي للجبهة ويحتفظ بمنصب الأمين العام، لم ينجح في ذلك.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، أُزيح آقاتهراني عن منصب الأمين العام بعد عقد من الزمن، وحل محله صادق محصولي، الرجل الذي كان يقدم الدعم المالي الكبير للجبهة.
استمرارية الروابط بين آقاتهراني وأحمدي نجاد
يبدو أنه رغم تباعد آقاتهراني والعديد من الشخصيات السياسية الأخرى التي شكلت النواة الأولى لجبهة ” بایداری” عن محمود أحمدي نجاد، إلا أن الروابط بينهم لا تزال قوية وغير قابلة للتفكيك.
وقد حاول آقاتهراني أن يلعب دور الوسيط خلال فترة اعتكاف أحمدي نجاد التي استمرت 11 يومًا، لكنه لم ينجح في ذلك. وعلى الرغم من تجاوز آقاتهراني ومقربوه فترة أحمدي نجاد، ومحاولة تأسيس جبهة ” بایداری” لتقديم صورة جديدة عن الاستمرارية والثورية، إلا أنهم لم يتمكنوا من قطع جميع العلاقات مع أحمدي نجاد أو التخلص من الأعباء التي فرضها عليهم.
ويزداد الوضع تعقيدًا عندما يبدو أن العلاقة بين صادق محصولي وأحمدي نجاد أقوى من العلاقة بين أحمدي نجاد وآقاتهراني. ومع ذلك، كان على آقاتهراني والدائرة المرتبطة به تحمل التكلفة الأكبر نتيجة تلك الارتباطات.
تقييم قوة تأثير دوائر آقاتهراني ومحصولي
تسبب تعامل آقاتهراني مع محمد باقر قالیباف في انتخابات البرلمان الحادي عشر وما بعده إلى عزلة نسبية له. وخلال الانتخابات، كان آقاتهراني يمثل خصمًا لقالیباف، وحاول بصفته رئيس لجنة الثقافة وقيادة تيار معارض لقالیباف تشكيل جبهة بایداری جديدة متعارضة معه في البرلمان.
وتجسدت هذه المواجهة في النزاعات الإعلامية بين آقاتهراني ودائرته وجوانب قالیباف، خاصة حول قضايا مثل فرض قانون الحجاب. وبالتزامن مع الانتخابات للبرلمان الثاني عشر، انتشرت أخبار عن اتفاق سري بين صادق محصولي وخصوم قالیباف حول قائمة مشتركة، مما أثار احتجاجات الشباب الثوريين تحت قيادة آقاتهراني. ومع ذلك، لم يكن محصولي مستعدًا للتنازل، ولم يسعَ آقاتهراني إلى إثارة الجدل.
وخلال فترة البرلمان الحادي عشر، سعى آقاتهراني ليكون صانع قرار هادئًا، متقدمًا بدوره كأستاذ أخلاق في الحكومة السابقة إلى استخدام المادة 85 من الدستور لاعتماد مشروعاته وقوانينه. وأبرز الاتفاق بين محصولي ومجلس الائتلاف حول القائمة المشتركة تباين قوة التأثير بين دوائر آقاتهراني ومحصولي، ومكانة كل منهما.
خيبة أمل
بعد الانتخابات الأخيرة، ظهرت خيبة أمل في تيار آقاتهراني، حيث فشل في تحقيق أهدافه مع انتخاب محمد باقر قالیباف لرئاسة مجلس النواب ومسعود بزشکیان لرئاسة الحكومة. وشكلت القوى الجديدة في جبهة ” بایداری”، مثل أمير حسين ثابتي وحميد رسائي، قوة جديدة في مجلس النواب، مما قلص دور آقاتهراني. فقد آقاتهراني أيضًا دوره القيادي في التيار الذي كان يحاول توجيهه مع دخول محمود نبويان إلى البرلمان، وأصبح منصب رئاسة لجنة الثقافة هو المنصب الوحيد المتبقي له.
على الرغم من ذلك، فإن عالم السياسة، مثل الحياة الواقعية، مليء بالتغيرات والتطورات غير المتوقعة. لا أحد يعرف كيف ستتغير الأوضاع في المستقبل لكل من محصولي وآقاتهراني، ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن آقاتهراني يعيش فترة من التراجع والضغوط، التي ساهم هو بنفسه في تشكيلها بالإضافة إلى الظروف المحيطة.