ترجمة: شروق السيد
نشرت صحيفة “آرمان ملي” الأربعاء 1 يناير/كانون الثاني 2025، حوارا مع الخبير الاقتصادي حيدر مستخدمين حسيني، تحدث فيه عن وضع السوق الاقتصادية في إيران وتداعيات قرار الحكومة توحيد سعر العملة.
ذكرت الصحيفة أنه في حكومة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، كان حيدر مستخدمين حسيني يشغل منصب مساعد وزير الاقتصاد والمالية وقتها، إضافة إلى رئاسة مجلس إدارة بورصة الأوراق المالية في طهران، وهو مؤسس لوحة المعاملات في بورصة إيران بمبنى البورصة.
وتابعت أن من بين خبراته الأخرى إدارة مجموعة بهشهر الصناعية، وعضوية مجلس إدارة بنك رفاه، ورئاسة مجلس إدارة البورصة السابق، والمدير التنفيذي لمؤسسة التنمية المالية والائتمانية، وغيرها من المناصب.
وورد في نص حوار الصحيفة معه:
لماذا شهدت أسعار العملات والذهب في الأيام الأخيرة زيادة غير مسبوقة؟
الحدث المهم في هذا السياق هو أن الفريق الاقتصادي للحكومة قرر توحيد سعر العملة، وقد تم تمهيد الطريق لهذا القرار في السابق، من خلال المؤتمرات والخطب والمقابلات، كان وزير الاقتصاد الإيراني، عبد الناصر همتي، من بين الذين تحدثوا عن هذا الموضوع.
من جهة أخرى، قام البنك المركزي بالإعلان عن أن توحيد سعر العملة سيحدث قريبا، مما ساهم في خلق الأجواء اللازمة لهذا الوضع الذي دفع السوق نحو توحيد سعر العملة ومنع تباين أسعار العملات، كان هذا حدثا مهما وقع في خضم التوترات السياسية والصراعات الإقليمية.
ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام، خاصةً الإذاعة والتلفزيون الإيراني، لم تعر اهتماما كبيرا لهذا الموضوع، كما أقر نواب البرلمان بهذا القرار الحكومي وأيدوه، وحدث هذا في وقت كان الفريق الاقتصادي للحكومة قد حضر إلى البرلمان لشرح القرار الذي سيتم اتخاذه.
حتى إن البرلمان حدد سعرا معينا وأكد أن سعر العملة يجب أن يكون في هذا الإطار من الناحية العلمية، ونتيجة لذلك، اتخذ الفريق الاقتصادي للحكومة قرارا مدروسا بشأن الأحداث التي حدثت في سوق العملة.
هل تعتقد أن هذا القرار صحيح في الظروف الحالية؟ ألن يفرض هذا القرار ضغوطا إضافية على الناس؟
يجب النظر إلى هذا القرار من عدة جوانب، أولا، لا أحد يعارض توحيد سعر العملة، في الواقع، لا يوجد خبير اقتصادي تقريبا يعارض هذا القرار، ومع ذلك، هناك نقطة مهمة تتعلق بظروف الاقتصاد والوقت الذي يمكن فيه دفع السوق نحو توحيد سعر العملة، هل يجب اتخاذ مثل هذا القرار في أسوأ الظروف الاقتصادية؟ يبدو أن القرار الذي اتخذته الحكومة في هذا المجال تم في وقت غير مناسب.
كان أحد أهداف الفريق الاقتصادي للحكومة من هذا القرار هو منع الفساد في سوق العملة، لكن مع هذا القرار ستظهر أنواع جديدة من الفساد في سوق العملة، حدث آخر في الحكومة هو أن الحكومة الحالية قد وافقت على قرار الحكومة السابقة بشأن حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.
كما أيدت حكومة بزشكيان هذا القرار وأرسلته إلى البرلمان للمراجعة، وهذا القرار تم اتخاذه أيضا في أسوأ الظروف الاقتصادية بالبلاد، النقطة المهمة هنا هي أنه إذا كان من المقرر إجراء إصلاحات اقتصادية، فإن القرارات مثل توحيد سعر العملة وحذف الأصفار من العملة الوطنية يجب أن تتم في المراحل النهائية للإصلاحات وليس في المراحل الأولى.
في حين أن الحكومة الحالية قد بدأت إصلاحاتها الاقتصادية بمثل هذه القرارات، يجب أن يتم حذف الأصفار من العملة الوطنية في وقت يكون فيه التضخم في البلاد أحادي الرقم والاقتصاد في حالة استقرار، ولا ينبغي اتخاذ مثل هذه القرارات ونحن نواجه حالة من عدم الاستقرار التام في المجالات الاقتصادية.
هل فكر الفريق الاقتصادي وصانعو القرار بالحكومة في أن الإصلاحات الاقتصادية يجب ألا تُنفذ في ظل عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية؟
الواقع هو أنه خلال السنوات الأربعين الماضية، لم نشهد حالة من عدم الاستقرار كما نعيش اليوم. يجب توحيد سعر العملة في وقت تكون فيه الظروف الاقتصادية مستقرة، وليس في الوقت الراهن الذي يعاني فيه الاقتصاد من عدم الاستقرار، هذا يثير العديد من التساؤلات حول سبب اتخاذ هذا القرار في الظروف الحالية.
لا شك في أن هذه القرارات ستؤثر على معدل التضخم وضغط المعيشة على الناس، مما سيجعل مائدة الطعام تتقلص يوما بعد يوم.
لذلك، أعتقد أن اختيار توقيت اتخاذ هذين القرارين كان اختيارا سيئا من حيث التوقيت، وهناك العديد من الشكوك حول هذه القرارات.
من دون شك، سيتم الانتباه إلى هذه القرارات والتغييرات عندما تتوافر الظروف المناسبة لها ويشعر المجتمع بالحاجة لاتخاذ قرارات جديدة في هذا المجال، اليوم، أصبحت العملة الوطنية بلا قيمة إلى درجة أن العديد من المعاملات داخل البلاد تُجرى بالعملة الأجنبية.
في مثل هذه الظروف، حيث يُقرر تحديد سعر العملة بشكل توافقي ولا علاقة له بالتوازن بين العرض والطلب، فإن أي خلل في العرض والطلب سيؤدي بشكل طبيعي إلى زيادة في سعر الدولار.
ما حدث هو أن ارتفاع أسعار العملات بالسوق الحرة كان أعلى من ارتفاع العملة الورقية والعملة المتفق عليها، ويبدو أن الفريق الاقتصادي للحكومة ظن أنه بمثل هذا القرار سيكون سعر الصرف في السوق الحرة قريبا من سعر الصرف المتفق عليه، لكن ذلك لم يحدث عمليا.
السبب في هذا هو أن ظروف وتوقيت هذا القرار لم تكن مناسبة، وكان يجب أن يتم اتخاذه في مراحل متقدمة من الإصلاحات الاقتصادية.
بالطريقة نفسها التي هيأت بها الحكومة الأرضية لتوحيد سعر العملة وطبقت ذلك عمليا، فهي في الأشهر الأخيرة تعمل على تمهيد الطريق لزيادة سعر البنزين، هل يسمح الوضع الاقتصادي الحالي للمجتمع بزيادة سعر البنزين أيضا؟
إذا كانت الحكومة تسعى لتوحيد سعر العملة وزيادة سعر البنزين بسبب العجز في الميزانية وتأمين الموارد اللازمة، وتريد أن تقوم بالإصلاحات الاقتصادية عبر تغيير الأسعار، فهي في خطأ كبير.
في الواقع، أي اقتصاد يحاول إجراء إصلاحات اقتصادية دون تمهيد الأرضية فقط من خلال تغيير الأسعار، لن يحقق نتائج إيجابية. للأسف، قرر الفريق الاقتصادي للحكومة الحالية أن يبدأ الإصلاحات الاقتصادية بتغيير الأسعار.
البرنامج الذي وضعته الحكومة لنفسها مثال على المثل القائل “الحركة يمكن أن تأتي بحل”، حيث تعتقد الحكومة أنها ستتجاوز هذه التحديات الآن لتواجه تحديات أخرى في المستقبل.
في حين أن النهج الصحيح هو أن تقوم الحكومة بإجراء الإصلاحات الاقتصادية بشكل جذري وأساسي وفي وقت الاستقرار الاقتصادي، لكن للأسف، لم يحدث ذلك في الظروف الحالية.