كتب: علي زين العابدين برهام
تسببت تصريحات كمال خرازي، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الخارجية الايرانية، و مستشار المرشد الأعلى، علي خامنئي، حول العقيدة النووية لإيران، في جدل جديد في الساعات القليلة الماضية.
إذ قال خرازي في حوار مع قناة الميادين اللبنانية، حول نية إيران الذهاب إلى إنتاج القنبلة النووية والإعلان عن ذلك بشكل علني: “لدينا القدرة على صنع السلاح النووي، وننتظر فتوى المرشد”.
لطالما كان المشروع النووي الإيراني هو الأبرز في كل المفاوضات بين إيران ودول الغرب، فالجميع يخشى أن تمتلك إيران أسلحة نووية، فتصبح قوة غاشمة لا يقف في وجهها أحد، مما يهدد الاستقرار في العالم بشكل عام، والاستقرار في المنطقة بشكل خاص.
إذ إنه في عام 2003، أصدر المرشد الأعلى، علي خامنئي، فتوى تحريم السلاح النووي، وبعد عامين تم إعلان ذلك من قبل الحكومة الإيرانية في بيان رسمي، باجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
تناقلت وكالات الأنباء تصريحات خرازي واعتبرتها خطوة تصعيدية تهدد بها إيران، فهل تغير إيران عقيدتها تجاه امتلاك السلاح النووي؟
أجاب خرازي بأن ذلك ممكن إذا تعرضت إيران لتهديد وجودي، وفقا لقناة الميادين اللبنانية.
نقلت الصحف الإيرانية هذه التصريحات على صفحاتها، وما بين من يطالب بتغيير العقيدة النووية ومن يطالب بعدم امتلاكها تتأرجح آراء الإيرانيين أنفسهم، فبعضهم يريد الرد المباشر والحاسم على كل التهديدات التي تواجهها إيران، والبعض الآخر يريد الخروج من عنق الزجاجة لتنطلق إيران وتتعامل مع العالم الخارجي كأي دولة أخرى.

ليست المرة الأولى
ليست هذه هي المرة الأولى التي يصرح فيها كمال خرازي بهذا التهديد، فقد هدد به قبل عامين، وكرره مرات عديدة بعد ذلك، وفقا لموقع “إيران واير”.

ووفقا لوكالة أنباء “خبر أونلاين”، فإن كمال خرازي صرّح في حوار مع قناة الجزيرة، في 18 يوليو/تموز 2022، قائلا: “لدينا القدرة التقنية لصنع قنبلة نووية، لكننا لم نقرر أن نفعل ذلك”.

إذن هذا التهديد ليس جديدا، لكنه يأتي بالتزامن مع قرب اندلاع حرب وشيكة قد تشعل المنطقة في أي لحظة، وربما تكون إيران قد صنعت القنبلة النووية بالفعل، ويفاجأ الجميع بإعلان هذا.
الحديث عن تغيير عقيدة إيران النووية، كان مثار نقاش كبير بالشارع الإيراني في الشهور القليلة الماضية، ومطلبا كبيرا من أطراف كثيرة محسوبة على الأصوليين وحتى بعض الإصلاحيين، الذين نادوا كثيرا بضرورة الذهاب إلى تغيير العقيدة النووية لإيران؛ من اجل ردع الاحتلال الإسرائيلي.
ومن جملة هذه الاشتباكات مع العقيدة النووية الإيرانية، ما طالب به في أكتوبر/تشرين الأول 2024، نواب بالبرلمان الإيراني، في رسالة لهم إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
حيث طالب 39 نائبا في البرلمان الإيراني المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بإعادة النظر في العقيدة النووية الإيرانية.

تأتي هذه المطالب بعد التهديدات الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ مما دفع كثيرين إلى المطالبة بامتلاك سلاح نووي للردع.
إذ صرّح ساعتها حسن علي أخلاقي أميري، عضو اللجنة الثقافية بالبرلمان، لموقع “ديده بان إيران”، قائلا: “كتبنا رسالة ووقع عليها 39 عضوا حتى الآن ورفعناها لمجلس الأمن القومي، وموضوعها إعادة النظر في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية في ما يخص صناعة السلاح النووي”.

في حين قال نائب مدينة مشهد في ما يخص تغيير العقيدة الدفاعية في أعقاب التهديدات الإسرائيلية: “بالنسبة لعقيدتنا الدفاعية، فهي مبنية على فتوى السيد القائد، لكن الكيان الصهيوني لا يلتزم بأي عهد، ولا يمكن للأمم المتحدة ولا الدول الغربية ولا الولايات المتحدة إلزامه بشيء، لذا قمنا بالتوقيع على هذا المطلب ليتم رفعه إلى مجلس الأمن القومي”.

أما النائب منان ريسي، فقد طالب بضرورة اتخاذ التدابير التي تضمن لطهران ردع تل أبيب، وقال: “لا بد من تغيير العقيدة النووية الإيرانية”، بحسب موقع إيران أوبزرفر.
أما موقع “خبر أونلاين”، فقد نشر رأي محمد جواد ظريف في تغيير العقيدة النووية الإيرانية، ووفقا لما ورد بالتقرير فإن ظريف يرى أن هناك موقفين في إيران تجاه الأسلحة النووية منذ العقود الماضية؛ ومع ذلك، ربما تكون التطورات الأخيرة قد أعطت زخما أكبر لهذه القضية.
وأضاف التقرير أن ظريف قال: “حينما أصدر المرشد الأعلى فتوى تحريم الأسلحة النووية، بنى هذه الفتوى على وجهة نظر فقهية، إضافة إلى وجهة نظر استراتيجية، لقد أعلن وجهة النظر الفقهية، لكن على مستوى المجتمع والمستوى العالمي فهناك اتجاهان متفاوتان، هل هذه الأسلحة من حيث المبدأ تعزز الأمن أم تهدده على نطاق واسع”.

في سياق متصل، فإن التفاعل الإيراني مع ضرورة تغيير العقيدة النووية لإيران لم يكن فقط على مستوى الساسة والمسؤولين والتنفيذيين وحتى المشرعين، بل تشابك مع ذلك كثير من الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي ومنها على سبيل المثال:
كتب عبد الرضا غيايى شاملو: “جميع الأخبار تتعلق بالصواريخ والحرب والدفاع والهجوم والانتقام والقنبلة النووية والحليف والعدو والتجسس وأشياء من هذا القبيل، فهل من أخبار جيدة ومبشرة؟”.

في حين رد حساب آخر معلقا: “حسنا، أنت مخطئ، لو كان لديكم القدرة فلتصنعوه ولتضعوه على رأس صاروخ باليستي عابر للقارات ولتعلنوا عن ذلك، وإن لم يكن لديكم فلتحاولوا صنعه حتى تنتهي الحرب في غزة”.

وعلق حساب باسم كورش قائلا: “يجب أن تصبح إيران دولة نووية، يرجى عدم التدخل في القضايا الاقتصادية والسياسية وغيرها. إيران هي القضية وليست الجمهورية الإسلامية”.
نقل موقع “تابناك” الإيراني تصريح خرازي، مهددا بشكل مباشر: “لو تعرضت إيران لتهديد وجودي، فسنغير عقيدتنا النووية، لدينا كل ما يلزم لصنع سلاح نووي”.

تأتي هذه التصريحات مع زيادة التوتر والتصعيد بين إيران وإسرائيل، وقد صرحت إسرائيل من قبل على لسان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، بأنها ستكون حائط الصد الذي يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
هذا الأمر ترفضه إيران، ودائما ما تعلن أنها لا تسعى لامتلاك السلاح النووي، وفقا لفتوى دينية من المرشد الأعلى، لكن هذه اللهجة جديدة على المستويين السياسي والعسكري، فالتهديد أصبح مباشرا، والخطة التالية هي الإعلان عن امتلاك السلاح النووي بالفعل.