أثار إعلان بلدية طهران عن مشروع “نفق الشهيد متوسليان” جدلا واسعا بين مؤيديه كحل للمرور، ومعارضيه الذين يرونه هدرا للموارد.
أعلن عليرضا زاكاني، عمدة طهران، عن تفاصيل مشروع نفق جديد يحمل اسم “نفق الشهيد متوسليان”، يهدف إلى معالجة أزمة الازدحام المروري في العاصمة الإيرانية.
وأوضح زاكاني في تصريحات أدلى بها للصحفيين على هامش اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن النفق الذي يبلغ طوله 9 كيلومترات، يمتد من ميدان سباه إلى منطقة آزادكان، مشيرا إلى أهميته كحل عملي لحل مشكلة الازدحام المروري، وذلك حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “مهر“.
وذلك في حين كتب كمال هاديان فر، معاون النقل بوزارة الطرق والتنمية العمرانية، رسالة إلى وزارة الداخلية، بحسب ما ذكره الموقع الإيراني “خبر أونلاين” يوم الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيث تحدث عن ضرورة منع بناء هذا النفق في مدينة طهران، وأهمية إعطاء الأولوية لتطوير النقل العام في المدينة.
حفر نفق بدلا من شراء الحافلات!
أشار كمال هاديان فر، في هذه الرسالة، إلى تكلفة المشروع التي تبلغ 400 ألف مليار ريال، وأشار إلى حالة النقل العام في طهران، قائلا: “تعاني مدينة طهران من نقص يقارب 5000 حافلة، وبافتراض أن سعر كل حافلة يعادل 80 مليار ريال، فإن ميزانية بناء هذا المشروع يمكن أن تكون كافية لتغطية هذا النقص وتحسين وضع النقل العام في المدينة”.
وأضاف أن هذا المثال هو فقط أحد طرق استخدام هذه الميزانية في تطوير النقل العام المستدام والنظيف.
خبراء : المشروع بحاجة لدراسات دقيقة
كما عارض أيضا جعفر تشكري هاشمي، رئيس لجنة العمران والنقل في مجلس مدينة طهران، بناء النفق، حيث قال في تصريح له للموقع الإيراني “خبر أونلاين” 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024: “بعض المشاريع الكبيرة، التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مستوى المدينة، تحتاج إلى دراسات فنية دقيقة، يجب فحص جميع أبعاد هذا المشروع، الظاهرة والخفية، لتجنب هدر الموارد والميزانية في مشروع قد يعطي نتائج عكسية”.
وأضاف : “اليوم نرى أن بعض المشاريع العمرانية لم تحسن حركة المرور فحسب، بل تسببت في خلق مشاكل مرورية خطيرة بتلك المناطق.
وتابع : ” هذا يدل على أننا بحاجة إلى دراسات دقيقة وتغيير في توجهاتنا الفكرية، الحقيقة هي أن توجهاتنا الفكرية تجاه المدن يجب أن تتغير، ولا يجب أن نرى المدينة فقط كمكان لتحرك السيارات بسهولة، يجب أن يتنقل الناس في المدينة بأمان وراحة”.
أما رئيس لجنة العمران والنقل فيرى أن هناك مشروعات أخرى ذات أولوية أكبر من النفق المطروح مشروعه، حيث قال : “التقديرات الأولية لتكلفة بناء نفق الشهيد متوسليان تتراوح بين 400 و500 ألف مليار ريال، بالطبع، هذه التكاليف تعتمد على أسعار البناء في العام الماضي، والتي تغيرت بالتأكيد خلال هذا العام، ومن المحتمل أن ترتفع بشكل كبير بحلول الوقت الذي يُتخذ فيه القرار بتنفيذ هذا المشروع.
وأضاف : ” أليس من الأفضل أن نوجه هذه الميزانية نحو تطوير النقل العام والبنية التحتية الخاصة به، ليتمكن الناس من التنقل بسهولة أكبر، وبطريقة أرخص، وأسرع، وأكثر أمانا؟”.
وتابع : “أصبح استهلاك البنزين في بلدنا وفي مدينة طهران أزمة خطيرة، نحن نحرق مواردنا الوطنية بشكل متهور ونفقد فرصة الاستفادة من هذه الموارد إلى الأبد، والنتيجة هي التلوث البيئي الهائل وفقدان الفرص موارد البلاد.
وأوضح قائلا : ” الموارد الوطنية التي تُستهلك بهذه الطريقة موارد غير متجددة ولا يمكن تعويضها، بينما لو قمنا بتطوير النقل العام لتوفير وسيلة نقل أفضل للناس، ستقل الحاجة إلى استخدام السيارات الخاصة، وبالتالي يقل استهلاك البنزين، ويقل التلوث، وتحافظ البلاد على مواردها الوطنية بشكل أفضل، كما يمكن أن تُستخدم هذه الموارد في مشاريع أكثر فائدة دون الحاجة إلى استيراد البنزين”، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “خبر أونلاين” يوم الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
آراء الخبراء المروريين
قال محمد رضا حدادي، مدير الدراسات لمشاريع التنمية العمرانية والتعدينية والصناعية: “الناس يريدون وسائل نقل عامة، ولكن الجهة المتعاقدة مع بلدية طهران تسعى إلى بيع المدينة وبناء الأبراج لبدء مشاريع عملاقة مثل مشروع نفق الشهيد متوسليان لتسهيل حركة السيارات الخاصة”.
وأضاف: “إذا أصرت بلدية طهران على بيع المدينة من أجل تنفيذ مشروع نفق الشهيد متوسليان، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى هدر موارد المدينة، سيتم فقط نقل الازدحام المروري من السطح إلى باطن الأرض مع تكاليف صيانة أعلى بكثير مقارنة بالطرق السطحية”.
ويقول مهرداد تقي زاده، خبير في مجال النقل والمرور: “لا شك في أن إنشاء النفق سيؤدي إلى تدفق مؤقت في حركة المرور، ولكن هذا التدفق في نقطة معينة سيؤدي إلى ازدحام مروري في مسارات أخرى، وبسبب جاذبية السفر في طرق خالية من الازدحام، سنشهد زيادة في استخدام السيارات الخاصة، وفي النهاية، بعد فترة زمنية، سنواجه ازدحاما مروريا متزايدا مرة أخرى”.
أما مهدي حمران، رئيس مجلس مدينة طهران فيرى أن المشروع محكوم عليه بالفشل، إذ يقول : “لا تستطيع البلدية الاستثمار في هذا المجال بسبب التكلفة العالية، ويجب أن يدخل المستثمرون للمشاركة في المشروع، ومع ذلك، فإن هؤلاء المستثمرين عادةً ما يفضلون الشراكة مع البلدية، ولكن لم يكن هناك نجاح يُذكر في هذا الأمر في السابق”.
ويوافقه في الرأي حميد رضا فوري، الأستاذ الجامعي المتخصص في مشروعات النقل فيقول : “لا نعرف حتى الآن حجم السكان والطلب المتوقع على مشروع نفق الشهيد متوسليان، ولم تُجرَ حتى الآن تقديرات مالية دقيقة للمشروع، من وجهة نظري، فإن تنفيذ هذا المشروع دون إجراء الدراسات اللازمة سيؤدي إلى وضع أسوأ بكثير من الوضع الحالي، كأن الهدف هو ترك بصمة أو تذكار بأي شكل من الأشكال”، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “خبر أونلاين” يوم الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.