ترجمة: شروق السيد
في مقال بعنوان “رأينا مطركم، فانتظروا سيلنا”، دعا حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان وممثل المرشد الأعلى فيها، إلى ضرورة اتخاذ إيران موقفا حازما وقويا ردا على الهجوم الإسرائيلي الذي وقع فجر السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، محذرا من مغبة التهاون في ردود الفعل، وإليكم نص المقال:
وفقا لتقرير صحيفة “همشهري آنلاين“، كتب حسين شريعتمداري مقالا بعنوان “رأينا مطركم، فانتظروا سيلنا” جاء فيه:
1- بعد “موقعة الجمل” التي تكبّد فيها مثيرو الفتنة هزيمة ساحقة وذُلّوا، بعد كل تهديداتهم وصيحاتهم وتفاخراتهم الفارغة، قال أمير المؤمنين رضى الله عنه، في وصف الجيشين اللذين تجمّعا في ساحة الموقعة: “وَقَدْ أَرْعَدُوا وَأَبْرَقُوا وَمَعَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ وَلَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ وَلَا نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِر” (نهج البلاغة، الخطبة 9).
2- في صباح يوم السبت، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبعد عملية “الوعد الصادق 2” التي ألحقت هزيمة ساحقة وضربة قوية للكيان الصهيوني، استمرت حملة دعائية مشينة لمدة 25 يوما، ومنذ ذلك اليوم وحتى الأمس، لم يخل يوم أو ساعة من تهديدات الكيان الصهيوني وقادته الهمج قتلة الأطفال ضد إيران، وفي هذه الأثناء، كانت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وبعض الدول التابعة للولايات المتحدة، تشارك في هذه التهديدات، حتى جاءت منتصف ليلة أمس عندما هاجمت طائرات الكيان بعض المواقع في طهران، وعيلام، وخوزستان.
3- تصدت قوات الدفاع الجوي، وبصورة رائعة، للهجوم ونجحت في إسقاط عدد من أهداف العدو، حتى إن «الجنرال ماكينزي»، القائد السابق للقيادة المركزية للجيش الأمريكي (سنتكوم)، قال في مقابلة مع CNN: «إن الهجوم الإسرائيلي كان مخزيا، لقد أخبرت الإسرائيليين مرارا، حتى عندما كنت أتولى قيادة سنتكام، بأن أجواء إيران غير قابلة للاختراق، وأفضل طريقة لمهاجمتها هي الاغتيال، كما فعلنا مع قاسم سليماني»، كما استهزأ «روعي كايس»، مراسل قناة كان الإسرائيلية، بهجوم الكيان الصهيوني على إيران، قائلا: «لو كنت مكان خامنئي، لعُدت للنوم وأنظر إلى ما حدث صباحا».
4- رغم أن الهجوم الذي شنه الكيان الصهيوني في منتصف الليلة الماضية لم يحقق ما كان يرجوه ويتوعد به، فإن هذا العدوان من الكيان الوحشي والمزيف على إيران لا ينبغي أن يمر دون رد، وكما تم التأكيد مرارا من قِبل كبار المسؤولين في بلادنا، يجب أن يكون رد إيران على هذا الاعتداء أشد تدميرا وقوة من عملية الوعد الصادق 2، ولدينا الإمكانيات والاستعداد الكامل لتحقيق هذا الهدف وتنفيذه باعتباره عملا حيويا.
5- خلال الحرب المفروضة، وقفنا بيدٍ فارغة في وجه 36 دولة قوية، وخرجنا من معركة كانت تستهدف إسقاط النظام وتدمير إيران العزيزة بانتصار مذهل، في تلك المواجهة، دعمت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والاتحاد السوفيتي السابق، وبعض الدول العربية (غير الإسلامية) في المنطقة صدام بكل قوة، على سبيل المثال – وكمثال – كانت مقاتلات الميغ السوفيتية، والميراج 2000 الفرنسية، تقصف مدننا والمناطق السكنية بتوجيه من طائرات الأواكس الأمريكية، إلى جانب صواريخ السايدويندر والإكسوسيت، والقنابل العنقودية والكيميائية… وكنا تقريبا – إن لم نقل حقيقة – دون عتاد في مواجهتها.
وتابع: أما اليوم، فليست فقط المنطقة بالكامل، بل أيضا كل أراضي أوروبا في مرمى صواريخنا التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، في تلك الأيام، كانوا ينصحون العالم كله بعدم بيع الأسلحة لإيران، أما اليوم فهم يطلبون من إيران عدم بيع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المتطورة لبعض الدول القوية، وكما قال المرشد الأعلى بإيران: «اليوم أصبحنا أقوى مئة مرة مما كنا عليه خلال الحرب المفروضة».
وأضاف: يجب أن يدرك الكيان الصهيوني وحلفاؤه الأمريكيون والأوروبيون والإقليميون أن عدوان هذا الكيان الخسيس الذي بات على حافة الانهيار، لن يبقى دون رد، وأن ردّ إيران سيكون أقسى وأثقل بكثير مما يمكنهم تخيله.
6- وكما قال المرشد الأعلى بإيران، وهو قول حكيم، يجب معرفة العدو ورؤية واقعه الحقيقي، بعيدا عن مظهره الخارجي، في هذا السياق، يمكن القول بوضوح، إن الكيان الصهيوني لا يمتلك هوية مستقلة؛ فهو بمثابة قاعدة عسكرية أمريكية ومزوّد لمصالح الغرب الوحشي في المنطقة، بعبارة أخرى، “إسرائيل” هي قناع لأمريكا، ولا يمكن اعتبار الدعم المالي والعسكري والسياسي الذي تقدمه الولايات المتحدة وأوروبا للكيان الصهيوني كمساعدة خارجية، بل هو ثمن تدفعه أمريكا وأوروبا من أجل قاعدتهم العسكرية في المنطقة، انظر إلى هذا الكم الهائل من الأسلحة والمبالغ الطائلة التي تدفعها أمريكا لدعم إسرائيل، أو على الأقل انظر إلى قائمتها في العام الماضي وأثناء الحرب الحالية.
وأضاف قائلا: أليس من السذاجة أن نتخيل أن لإسرائيل هوية منفصلة ومختلفة عن أمريكا؟! اغتيل سليماني على يد أمريكا مباشرة، وكذلك حال آخرين، منهم السيد حسن نصرالله، وإسماعيل هنية، ويحيى السنوار، والسيد هاشم صفي الدين، وعباس نيلفروشان وغيرهم، الذين قتلوا أيضا على يد أمريكا، أليس من السذاجة، بل الحمق، أن لا نعزو مباشرة مجازر الأربعين ألفا من المدنيين الأبرياء في غزة، وآلاف آخرين في لبنان وغيرها، لأمريكا؟!
وتابع: هل تعتقدون أن المقاتلات التي هاجمت بعض المواقع في بلادنا منتصف ليلة 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024 بصواريخها، كانت أمريكية الصنع فحسب؟ ألم يكن الطيارون الأمريكيون هم من يقودونها؟
7- جميع الأدلة والبراهين والوثائق التي لا يمكن إنكارها تشير بوضوح إلى أن الطرف الأساسي في المعركة الحالية هو أمريكا، التي تقود وراءها أوروبا المنهكة، أليس كذلك؟! لذلك، في الرد على العدوان الأخير للكيان الصهيوني، يجب أن ندرج مصالح ومصادر وقوات الولايات المتحدة ضمن قائمة أهدافنا المشروعة والقانونية.
وأضاف قائلا: نسأل الله تعالى أن يرفع درجات إمامنا الراحل الذي كان يردد دائما: «اصرخوا بکل قوة في وجه أمريكا»، وأن يديم ظل قائد الثورة فوق رؤوس المسلمين والمستضعفين في العالم، فهم لا يعتبرون لهذا الكيان الصهيوني هوية مستقلة عن أمريكا.
8- وأخيرا، هناك من يقول إنه ما دام هجوم الكيان الصهيوني لم يحقق نجاحا يذكر، فمن الأفضل الامتناع عن الرد أو الرد القوي! لكن يجب أن نقول بوضوح: أي تهاون في رد قوي وصاعق يعني دعوة مفتوحة لأمريكا وقاعدتها الإقليمية، أي الكيان الصهيوني، للقيام بهجمات مدمرة على إيران وارتكاب المجازر بحق الشرفاء على الحدود وعلى هذه الأرض.
وتابع: لقد استخدموا هذا الخطاب المهين في القتال ضد داعش أيضا، ورأينا كيف أن عدم التصدي لتلك الجماعات الإرهابية والوحشية كان سيجلب لنا مصيرا مرعبا! وكما تعلمون يقينا، فإن داعش كانت صنيعة أمريكا، وبعض جرحاهم كانوا يتلقون العلاج في مستشفيات حيفا وتل أبيب، ألم تشاهدوا صور وفيديو لقاء نتنياهو بجرحى داعش في أحد مستشفيات حيفا؟! ورغم ذلك، فقد أظهرت أمريكا وعملاؤها الصهاينة في الحرب الأخيرة أنهم الوجه الرئيسي لعملة داعش.