ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “كيهان“، لسان حال المرشد الإيراني علي خامنئي، مقال رئيس تحريرها حسين شريعتمداري السبت 18 يناير/كانون الثاني 2025، تحت عنوان “ليت الحاج قاسم كان هنا، رغم أنه حاضر ويرى”، في إشارة إلى ربط لبعض ما صرح به الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في أثناء زيارته روسيا بمواقف قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني.
استهل شريعتمداري مقالته بذكر ما أشار إليه مسعود بزشكيان، خلال اجتماعه مع النشطاء الاقتصاديين الروس حول نقطة مهمة جدا يمكن أن تكون واحدة من أكثر الحلول فاعلية للتصدي للعقوبات الظالمة وغير القانونية التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران.
وذكر أن بزشكيان أكد في هذا الاجتماع على الأدوات والقدرات الهائلة التي تمتلكها إيران، إذ قال: “يمكن لإيران وروسيا والصين، من خلال توسيع التعاون الاقتصادي بينها، فرض عقوبات على الولايات المتحدة”.
وتابع بذكر عدد من النقاط على النحو التالي:
ذكر شريعتمداري أنه “في أواخر عام 2017، اتصل السفير الألماني بجريدة كيهان ليخبرنا بأن مستشار وزير الخارجية الألماني سيزور إيران، وأعرب عن رغبته في إجراء حوار معي. وبما أننا نؤمن دائما بأن وزارة الخارجية هي الخط الأمامي للسياسة الخارجية، فقد تواصلنا مع عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية، آنذاك لاستشارته. وقد رحّب عراقجي بهذا اللقاء وقدم بعض المقترحات أيضا”.
وتابع أنه “في اليوم التالي، زار مستشار وزير الخارجية الألماني جريدة كيهان. وفي أثناء الحديث، سألناه: أنتم (الولايات المتحدة وأوروبا) الذين فرضتم عقوبات على إيران وروسيا والصين، ألا تخشون أن تقوم هذه الدول، نظرا إلى ما تمتلكه من إمكانات وأدوات، بتشكيل قطب قوي في مواجهتكم، مما يؤدي إلى تلبية احتياجاتها الخاصة وتضييق الخناق عليكم؟”.
فأجاب المستشار قائلا: “في الواقع، هذه النقطة واحدة من الموضوعات التي نناقشها في وزارة الخارجية الألمانية أيضا”.
ثم انتقل شريعتمداري إلى النقطة التالية، موضحا أن “مضيق هرمز يُعدّ إحدى الأدوات القوية لإيران في مواجهة العقوبات الأمريكية والأوروبية، ويمكن أن يكون إحدى أهم الأوراق التي تستفيد منها إيران في التنسيق الذي أشار إليه بزشکیان مع القوتين روسيا والصين لمواجهة تلك العقوبات”.
وأردف مبينا أنه “من الجدير بالذكر أننا في صحيفة كيهان أشرنا مرارا خلال السنوات الأخيرة، إلى هذه الأداة القوية وأهمية استخدامها، موضحين أن مضيق هرمز هو ثاني أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، حيث يمر عبره يوميا ما يقرب من 18 مليون برميل نفط، وهو ما يعادل 42% من النفط الخام المنقول بحرا على مستوى العالم”.
وذكر أن إيران تستند إلى اتفاقيات جنيف لعام 1958 وجامايكا لعام 1982، التي تُعنى بالنظام القانوني للممرات المائية الدولية وحق عبور السفن، ما يمنحها الحق في إغلاق مضيق هرمز أمام جميع ناقلات النفط وحتى السفن التجارية أو الحربية في حال تعرّض مصالحها الوطنية للخطر.
وأشار إلى أنه لا يوجد أي مبرر للسماح للدول المعادية باستخدام هذا المضيق، الذي يقع داخل المياه الإقليمية لإيران. هذا حق مشروع وقانوني لإيران بمنع ناقلات النفط والسفن التجارية التابعة للدول المعادية من العبور عبر مضيق هرمز.
وتابع شريعتمداري النقطة التالية موضحا أنه من اللافت والمثير للدهشة هو أنه في كل مرة تتناول فيها صحيفة “كيهان” مسألة استخدام هذا السلاح لمواجهة العقوبات والضغوط الأمريكية والأوروبية، نشهد ردود فعل متزامنة من داخل البلاد وخارجها. المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون كانوا يعربون عن غضبهم الشديد من هذا الاقتراح، بينما كان أنصار الغرب وبعض من يدّعون الإصلاح داخل البلاد، والذين عجزوا عن الرد بمنطق أو استناد قانوني على مقترحات “كيهان”، يسخرون من الفكرة المطروحة!
واسترجع في نقطة أخرى أمرا يتعلق بهذا الموضوع وهي أنه في يوليو/تموز 2018، قال الرئيس الإيراني آنذاك، حسن روحاني، مخاطبا الدول الغربية: “من يفهم قليلا من السياسة لن يقول إنه سيوقف صادرات النفط الإيراني. لدينا العديد من المضائق؛ مضيق هرمز مجرد واحد منها”.
وذكر أنه بعد هذا التصريح من الرئيس روحاني، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي، قائلا: “تصريحات الرئيس في رحلته الأخيرة إلى أوروبا، والتي قال فيها: إذا لم يتم تصدير نفط إيران، فلن يتم تصدير نفط أي دولة في المنطقة، هي تصريحات مهمة وتعكس سياسة ونهج النظام. ويتعين على وزارة الخارجية متابعة هذه المواقف بجدية”.
وأشار إلى أنه في ذلك الوقت، كتب الراحل قاسم سليماني رسالة إلى حسن روحاني جاء فيها: “ما انعكس من تصريحاتكم في وسائل الإعلام، حول أنه إذا لم يتم تصدير نفط إيران، فلن يكون هناك ضمان لتصدير نفط المنطقة بأكملها، إضافة إلى كلماتكم القيّمة للغاية بشأن موقف إيران من إسرائيل، هو مصدر فخر واعتزاز”.
واستطرد ما قاله سليماني: “أقبّل يدكم على هذه التصريحات الحكيمة، المناسبة والصحيحة في وقتها، ونحن في خدمتكم لكل سياسة تكون في مصلحة إيران ونظامها”.
وأوضح شريعتمداري في النقطة الهامة من المقال، أن تصريحات بزشکیان خلال اجتماعه مع النشطاء الاقتصاديين الروس تحمل نفس الاتجاه و”الطابع” الذي حملته تصريحات روحاني سابقا. وعلى الرغم من أن متابعة هذا الأمر لم تكن ضمن رؤية ونهج السيد روحاني، فإن ترحيب المرشد الإيراني علي خامنئي والراحل قاسم سليماني بتلك الفكرة يدل على أن تطبيق هذا النهج ليس فقط مسموحا، بل ضروريا.
وأضاف أن هذا النهج يمكن أن يُستخدم كأداة قوية وفعالة لمواجهة العقوبات والتهديدات والابتزازات التي تمارسها الولايات المتحدة وأوروبا. استغلال هذه الأداة حق قانوني لإيران.
وأوضح أنه وفقا للمواد من 14 إلى 23 من اتفاقية جنيف لعام 1958، والمواد 17 إلى 37 من اتفاقية جامايكا لعام 1982، التي تتناول موضوع البحار الإقليمية وحق عبور السفن، نصت المادة 14 من اتفاقية جنيف لعام 1958 على السماح لجميع السفن، سواء تلك التابعة للدول الساحلية أو غير الساحلية، بالمرور عبر البحار الإقليمية، لكنها تؤكد بشكل صريح، أن هذا العبور يجب ألا يلحق ضررا بالدولة الساحلية (في هذه الحالة، إيران).
وأفاد بأنه كما جاء في الفقرة 4 من المادة نفسها، فإن “العبور يُعتبر غير ضار إذا لم يُلحق أذى بالهدوء أو النظام أو الأمن في الدولة الساحلية”.
وبيَّن أنه في المادة 16 من الاتفاقية، فقد منحت الدولة الساحلية الحق في تحديد ما إذا كان عبور السفن ضارا أو غير ضار، وبالتالي يُترك القرار النهائي للدولة الساحلية في ما يتعلق بحماية أمنها ومصالحها.
واختتم شريعتمداري المقال بتقديم الشكر على الموقف الثوري والمناهض للاستكبار الذي اتخذه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وذكر أنه “لو كان الراحل قاسم سليماني بيننا اليوم لكتب في دفاعه عن الموقف الثوري للرئيس بزشکیان قائلا: مواقفكم مصدر فخر واعتزاز”.