ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025، تقريرا استعرضت فيه التحولات البارزة في فريق الرئيس مسعود بزشكيان، بدءا من استقالة محمد جواد ظريف تحت ضغط التيارات المتشددة، وصولا إلى إقالة شهرام دبيري وتعيين محسن إسماعيلي. كما ناقشت أبعاد هذه التغييرات وانعكاسها على شعبية الحكومة واستقرارها الداخلي.
ذكرت الصحيفة أن نهاية طريق محمد جواد ظريف مع الحكومة الحالية باتت مؤكدة، مشيرة إلى أن تأثيره الكبير في فوز مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية لا يمكن إنكاره، وأن من الصعب فصل هذا الفوز عن دور ظريف الفاعل.
وأكدت أن فوز بزشكيان لم يكن محض شعارات ووعود وانتقادات للوضع القائم، بل جاء نتيجة جهود شخصيات مؤثرة كرّست نفسها لهذا الهدف، وفي مقدمتها محمد جواد ظريف، النائب الاستراتيجي السابق لرئيس الجمهورية ووزير الخارجية الأسبق.
والذي لعب دورا محوريا في تعبئة الرأي العام لصالح بزشكيان، سواء من خلال حضوره في الحملات والمهرجانات الانتخابية، أو عبر نشاطه الواسع على شبكات التواصل الاجتماعي، ساعيا إلى إقناع الناس بضرورة المشاركة في الانتخابات من أجل التغيير والتصويت لبزشكيان.
وأردفت الصحيفة أنه على الرغم من التوقعات التي أشارت إلى احتمال تولي ظريف حقيبة الخارجية في حكومة بزشكيان بعد فوزه، فإن ظريف رفض المهام التنفيذية، مكتفيا بمنصب النائب الاستراتيجي لرئيس الجمهورية بهدف تنسيق التعاون مع مراكز التفكير الوطنية للمساهمة في حل مشكلات البلاد.
وتابعت أن هذا التوجه لم يَرُق للتيارات المتشددة، التي أزعجها تأثير ظريف في فوز بزشكيان، فعمدت إلى ممارسة أقصى درجات الضغط من أجل إقصائه من محيط الرئيس. وبالفعل، وبعد أشهر من هذا الضغط وغياب الدعم الحكومي، استقال ظريف بناءً على توصية من رئيس السلطة القضائية، لتتوالى استقالات الشخصيات المؤثرة في حكومة بزشكيان. وبعد انسحاب محمد جواد آذري جهرمي، وعلي طيب نيا، وعبد الناصر همتي، جاء الدور على ظريف، ما أدى إلى تآكل الرصيد الاجتماعي للحكومة.
غموض التعيينات
وأوضحت الصحيفة أن ظريف رد على ذلك برسالة عبر حسابه على إنستغرام، أرفقها ببيت من شعر سعدي قال فيه: «يا شعب إيران العزيز، لنا عهد معكم، إن وقف العالم كله في وجوهنا وسقطت رؤوسنا، فذلك العهد باق فينا. قلتَ إن أهل العشق أكثر من التراب، ونحن لا أكثر من التراب بل أقل منه».
وتابعت بالإشارة إلى أن ظريف كان قد صرّح سابقا في معرض تعليقه على استبعاده، بأنه رغم صعوبة الأشهر الستة الماضية، فإنه لم ولن يندم يوما على دعمه لبزشكيان، ولا على خلع سترته من أجل العمل لصالحه.
وقالت صحيفة إنه بقدر ما كان خروج محمد جواد ظريف من الحكومة تحت ضغط الانتقادات مؤلما وأثار موجة من الاعتراضات ضد الحكومة ورئيس الجمهورية، بقدر ما جاءت إقالة شهرام دبيري، النائب السابق لرئيس الجمهورية لشؤون البرلمان، عكس ذلك تماما، حيث قوبلت بالدعم والإشادة من قبل المؤيدين والمعارضين ووسائل الإعلام التي أثنت على قرار مسعود بزشكيان.
وأضافت الصحيفة أن دبيري، الذي لم يكن يتصور أن رحلة إلى القطب الجنوبي قد تكون سببا في إقالته من منصبه، وجد نفسه معزولا بسبب ما وُصف بالتستر وعدم الشفافية، الأمر الذي دفع بزشكيان إلى تفضيل القوانين والضوابط الرسمية على العلاقات الشخصية والصداقات، ما أدى إلى إقالته. وتابعت الصحيفة أن هذه الخطوة كانت محل ترحيب وتقدير من المجتمع ووسائل الإعلام وحتى داخل أوساط الحكومة نفسها.
وأردفت أن دبيري، رغم إقالته، نشر بيانا لم يعترف فيه بأي خطأ، مؤكدا: «لم أرتكب أي خطأ في أدائي». ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن رئيس الجمهورية، وجه إليه رسالة منفصلة عبّر فيها عن شكره لجهوده. وجاء في رسالة مسعود بزشكيان الموجهة إلى دبيري: «إن التقدم المستمر لإيران الإسلامية يعود بلا شك إلى الجهود المضنية للعاملين المخلصين الذين بعزمهم وإرادتهم الراسخة عملوا على تحقيق أهداف إيران وتنفيذ توجيهات قائد الثورة (مدّ ظله العالي)، ولم يدخروا جهدا في خدمة الشعب الإيراني العزيز.
وعليه، نقدم لكم ولأسرتكم الكريمة خالص التقدير والشكر على جهودكم القيمة والصادقة خلال فترة توليكم منصب نائب رئيس الجمهورية لشؤون البرلمان في الحكومة الرابعة عشرة. ونأمل أن تواصلوا نجاحكم وتألقكم في خدمة إيران وشعبها تحت رعاية الله تعالى وتوجهات الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)».
تعيين مفاجئ
وانتقلت الصحيفة إلى الحديث عن تعيين الشخصية الجديدة، مشيرة إلى أنه بعد كثير من التحركات والمشاورات حول مصير منصبي نائب الشؤون الاستراتيجية ونائب الشؤون البرلمانية، أعلن رئيس الجمهورية عن تعيين محسن إسماعيلي، العضو الحقوقي السابق بمجلس صيانة الدستور، ليشغل منصب نائب الشؤون الاستراتيجية وشؤون البرلمان في رئاسة الجمهورية.
وأكدت أن هذا التعيين جاء مفاجئا وأثار انتقادات، حيث تساءل البعض: كيف انتقل بزشكيان من الاعتماد على شخصية مثل محمد جواد ظريف، ذات الثقل السياسي والدولي والشعبية الكبيرة في الأوساط السياسية والمجتمعية، إلى شخصية مثل محسن إسماعيلي، الذي يملك خلفية قانونية بحتة؟
وتابعت الصحيفة أن محسن إسماعيلي أستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران، وكان ممثل محافظة طهران في الدورة الخامسة لمجلس خبراء القيادة. كما انضم في عام 2001 إلى مجلس صيانة الدستور كأصغر عضو حقوقي، وواصل عضويته في المجلس لثلاث دورات متتالية.
وأضافت أن من أبرز المناصب التي تولاها إسماعيلي رئاسة كلية الحقوق بجامعة الإمام الصادق علي بن أبي طالب، مشيرة إلى أن سجله الأكاديمي يضم نشر العديد من الكتب والمقالات، من بينها كتاب كليات علوم القرآن الصادر عام 1995، وكتاب القوة القاهرة الصادر عام 2000، الذي تم اختياره كتاب العام. كما حصل إسماعيلي على عدة جوائز تكريمية بصفته باحثا متميزا، في أكثر من مناسبة.