ترجمة: شروق السيد
في حوار أجراه موقع “خبر أونلاین” مع الخبير الاقتصادي محمد تقي فياضي، أُثيرت العديد من التساؤلات حول مشروع موازنة إيران لعام 2025 الذي قدمته الحكومة للبرلمان، يرى فياضي أن الموازنة الحالية تمثل استمرارا لسياسات الحكومة السابقة، مع التركيز على خفض الاعتماد على النفط وزيادة الإيرادات الضريبية، رغم أن هذه الإجراءات قد تشكل ضغطا على المواطنين، وأعرب الخبير الاقتصادي عن قلقه من استمرار العجز المالي المتزايد واحتمالية وصول التضخم إلى معدلات مرتفعة، مما قد يضعف القدرة الشرائية للمجتمع ويزيد من الضغوط الاقتصادية عليهم، وإليكم نص التقرير:
كتب موقع “خبر أونلاین”: إن أهم ما يميز موازنة عام 2025 هو تكامل جميع قطاعات الموازنة، ففي السنوات السابقة، كانت بعض الفقرات والجداول المرتبطة بالموازنة، مثل الملاحظة المتعلقة بالإعانات المستهدفة، قد أُخرجت من نطاق الموازنة العامة، إلا أن هذه المشكلة تم حلّها في مشروع القانون المقترح حاليا، حيث تم تقديم مشروع موزانة موحّد إلى البرلمان.
ومع ذلك، يبدو أن هذا التغيير لا يعتبر كافيا بالنسبة لبعض الخبراء؛ إذ يعتقدون أنه على الرغم من تغيير الحكومة وتولي مسعود بزشكيان المسؤولية، لا يزال النهج السائد في نظام اتخاذ القرار، خاصة في الجهاز التنفيذي، هو نفسه النهج الذي كان سائدا في عهد حكومة رئيسي.
وصف محمد تقي فياضي، خبير الاقتصاد الكلي، في حديثه لموقع “خبر أونلاین”، آفاق الموازنة المقترحة لعام 2025 بأنها مقلقة، وصرح قائلا: “يمكننا اعتبار هذه الموازنة بمثابة أول اختبار للحكومة الرابعة عشرة، لكنها في الواقع ليست سوى استمرار لطريقة إعداد الموازنة في الحكومة السابقة.
فعلى وجه الخصوص، إذا أخذنا تصريحات الدكتور مسعود بزشكيان كمرجع، فقد أكد ضرورة أن تكون نفقاتنا بحجم ايراداتنا، ولكن الموازنة المقدمة للبرلمان تحمل عجزا كبيرا، بل أكثر من عجز موازنة عام 2024″.
وأشار هذا الناقد الاقتصادي إلى أن مشروع هذا العام هو في النهاية مشروع موزانة موحدة، لكنه أوضح قائلا: “مع ذلك، من الناحية الجوهرية، لا يبدو أن هناك تغيرا كبيرا بين مشروع عام 2025 وموازنة 2024.
بعبارة أخرى، كُتاب هذا المشروع هم أنفسهم الذين أعدوا موزانة 2024 في منظمة التخطيط والموازنة، وقد كُتب هذا المشروع بحيث يبدو كأن أي تغيير مهم لم يحدث في الهيكل التنفيذي للبلاد”.
وقد طرح هذه النقطة خبراء آخرون مرارا خلال الشهر الماضي، حيث يرى بعض منتقدي حكومة بزشكيان أن حكومته تتقدم “بخطى حكومة رئيسي”. وفي المقابل، يدعم رجال الدولة هذا التعاون “المحايد” تحت عنوان “الوفاق الوطني”.
وحذر فياضي عند حديثه عن الضرائب في الموازنة المقترحة لعام 2025 قائلا: “ارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 40%، لكن يبدو أنه لن يتم جمع هذه الموارد من الكبار أو من القطاعات غير الرسمية التي وُضعت تحت مظلة الضرائب، بالنظر إلى التضخم الحالي، فإن هذه الزيادة في الإيرادات الضريبية ستتحقق من خلال الضغط المتزايد على المواطنين وقدرتهم الشرائية، مما سيؤدي إلى إضعاف القوة الشرائية بشكل مضاعف”.
وفي حديثه عن تقليل الاعتماد على النفط، أشار فياضي إلى أنه “على الورق، هذا الاعتماد يبلغ 44%، ولكن إذا تعمقنا أكثر، فسنجد أن الاعتماد يتجاوز 50%. على سبيل المثال، فإن مبيعات الشركات أو الأصول الحكومية هي أيضا ذات طبيعة نفطية، ذلك لأن الحكومة لم توفر هذه الموارد من خلال الإيرادات الضريبية، بل هي في الواقع عائدات نفطية بيعت في السنوات الماضية، والذي تنوي الحكومة إنفاقه عند الحاجة إليه”.
نمو اقتصادي بنسبة 2% وتضخم بنسبة 45%
أشار خبير الاقتصاد الكلي إلى زيادة بنسبة 20% في رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين قائلا: “في الواقع، يعاني المجتمع من ضغوط متزايدة وصعبة منذ خمس سنوات، خاصةً مع تضخم يتجاوز 45%، بينما ارتفعت أجور العمال ورواتب الموظفين بنسبة تقارب 20% فقط.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار ضريبة القيمة المضافة بنسبة 10% التي تؤدي تلقائيا إلى إضعاف القدرة الشرائية للمجتمع، إضافةً إلى ضريبة الدخل المفروضة على الرواتب، وعلى الرغم من أن الإعفاء الضريبي قد تضاعف، فلا ينبغي أن نتوقع أن يتجاوز تأثيره 2 إلى 3% للأسف، لا يبدو أن هناك تغييرا كبيرا في سياسة التعامل مع الأجور مقارنةً بحكومة رئيسي”.
وأشار خبير إعداد الميزانيات الاقتصادية إلى تصريحات حميد بور محمدي، رئيس منظمة التخطيط، الذي توقع معدل تضخم بنسبة 30% لعام 2025، قائلا: “من غير المرجح أن تمنع هذه الموازنة التضخم المتزايد أو التراجع المستمر للقدرة الشرائية، فكل زيادة في التضخم تؤدي سريعا إلى انخفاض القدرة الشرائية لأغلبية المجتمع”.
وقال بور محمدي، رئيس منظمة التخطيط، في مقابلة له مع وكالة فارس، إنه وفقا للنموذج المقدم، فإنه إذا تم تنفيذ موازنة عام 2025 على هذا النحو، فسيتم تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4.4%، وأوضح بشأن التضخم قائلا إن الاستمرار في الوضع الحالي سيبقى التضخم نحو 33%، لكن إذا تم تنفيذ موازنة عام 2025 بالشكل المخطط، فإن معدل التضخم سينخفض بنحو 3%.
وفي ما يتعلق بالإعانات المستهدفة، قال فياضي: “ما يُلاحظ بوضوح هو أن كل شيء صوري شبيه بميزانية 2024، رغم أن التضخم قد قلّل من قيمته الحقيقية فعليًا”.
وأضاف قائلا: “في ما يتعلق بموازنة المشاريع العمرانية، التي تشكل 10% من الموارد العامة للدولة، أرى أنه من غير المرجح أن تتجاوز الموارد المخصصة أكثر من 5 آلاف مليار ريال، ومن المحتمل أن لا يتم توفير أكثر من 300 ألف مليار تومان منها، أما في ما يخص بيع السندات، الذي يعتبر نوعا من بيع المستقبل، فقد استمر النهج الذي اتبعته الحكومة الثالثة عشرة (حكومة إبراهيم رئيسي)”.
في تحليله لعجز الموازنة في مشروع القانون المقترح، أكد فياضي: “فقط في بند الإعانات المستهدفة، لن يتم تحقيق 25% من الموارد، وهو ما يعادل 200 ألف مليار ريال، في مجال بيع النفط، وبالنظر إلى حصة صندوق التنمية الوطنية وتعزيز القدرات الدفاعية، تم تقدير الموارد بنحو 2648 ألف مليار تومان، ويبدو أن أكثر من نصف هذا المبلغ لن يتحقق.
في قطاع الرسوم الجمركية، أتوقع أن يتم تحقيق نحو 600 ألف مليار ريال فقط، كما حدث هذا العام. طبعا، يعتمد كل شيء في هذا المجال على واردات السيارات، وإذا لم تكن هناك إمكانية لاستيراد السيارات، فقد يصل العجز في هذا القطاع إلى 1500 ألف مليار ريال”.
وأشار فياضي إلى أنه في مجال تعزيز القدرات الدفاعية والمشاريع الخاصة؛ نظرا إلى أنهم يبيعون النفط بأنفسهم، يجب خصم عدم تحقق مواردهم من عجز الموازنة، مضيفا: “بهذه الطريقة، فإن العجز الورقي سيصل إلى أكثر من 16000 ألف مليار ريال، في المقابل، ستتجه الحكومة لإدارة المصروفات، وربما يتم توفير 2600 ألف مليار ريال في موازنة المشاريع العمرانية، حيث يجب استبعاد البنود المتعلقة بالدفاع والمشاريع الخاصة، لأنهم يتكفلون ببيع النفط الخاص بهم”.
وأضاف: “سيتم توفير التكاليف بما يصل إلى 10%، ومع هذا، وحتى في أفضل الأحوال، سيبقى عجز الموازنة العام القادم بين 9000 ملیون إلى 10 تريليونات ريال، وهذا هو الجزء من العجز الذي لا يمكن خفضه، وكما رأينا لسنوات، يتم تغطيته باستخدام موارد البنك المركزي”.
وحذر فياضي بشأن التدابير المحتملة للحكومة قائلا: “إذا استمرت الحكومة الرابعة عشرة في مواجهة العجز بنفس طريقة الحكومة السابقة، فيجب أن نتوقع عدم تخصيص جزء من الموارد وتأجيلها إلى العام المقبل.
إذا تأجلت التكاليف المخصصة للكوادر الصحية أو توحيد رواتب المتقاعدين أو حتى تعزيز القدرات الدفاعية، فسيصبح هذا عجزا مزمنا، في الأدبيات الاقتصادية، يُعتبر العجز المزمن المحرك الأساسي لنوبات التضخم المتسارعة”.
وأكد هذا الخبير الاقتصادي أن العجز المؤكد في الموازنة الذي يبلغ 500 تریلیون ريال، والذي سيتم تغطيته باستخدام موارد من النظام المصرفي، أمر لا مفر منه.
ردا على سؤال حول وضع المؤشرات الاقتصادية في ظل مشروع الموازنة المقترح، أجاب فياضي: “يجب أن يكون في حسباننا أن الاقتصاد الذي يعاني من تضخم مزدوج الرقم لن يصل أبدا إلى نمو اقتصادي بنسبة 8%. لذلك ينبغي لنا، في الوقت الحالي، أن نتخلى عن هدف البرنامج السابع؛ على الأقل حتى يتم تغيير جوهري في نوعية الحكم في بلدنا، وفقا لهذا المشروع، سيكون النمو الاقتصادي للعام القادم بين 2 إلى 3%، رغم أن رئيس منظمة التخطيط قد توقع تضخما بنسبة 30% للعام المقبل، إلا أنني أتوقع أن يصل التضخم إلى نحو 45%”.
وأوضح تقديراته بشأن التضخم بنسبة 45% لعام 2025، قائلا: “طريقة إعداد الموازنة في البلاد لا تختلف كثيرا عن الحكومة السابقة، ولا يزال هناك عجز كبير في الموازنة، إلى جانب ذلك، يضغط سعر الصرف المرتفع بالفعل على مستوى الأسعار العام، ويبدو أيضا أن الحكومة تسعى إلى رفع أسعار الطاقة، مما سيكون له تأثير نفسي كبير على الأسعار، وبالتالي، من وجهة نظري، لم تعد هناك إمكانية لخفض التضخم أو الحفاظ على مستواه الحالي”.
بدوره، أشار رحيم زارع، المتحدث باسم لجنة ضبط الميزانية، إلى المناقشات حول المؤشرات الاقتصادية مثل التضخم، وعجز الميزان التجاري، وصادرات العام المقبل، وتقييد الواردات، وسعر الصرف، وكما توقع تخصيص 15 مليار دولار كعملة تفضيلية لتأمين السلع الأساسية، ووفقا لمشروع الموازنة للسنة المقبلة، فقد تم تقدير معدل التضخم عند 28.3%، وهو أقل من العام الماضي.