ترجمة: نوريهان محمد البهي
في ظل توتر العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تشهد إيران موجة غير مسبوقة من استجوابات الوزراء، حيث سجلت حكومتا الرئيس الايراني الراحل حسن روحاني رقماً قياسياً، بينما تواجه حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تحديات مبكرة تهدد استقرارها.
نشرت وكالة خبر أونلاين تقريراً مفصلاً، 21 يناير/كانون الثاني 2025، عن موجة الاستجوابات التي شهدتها الحكومات الإيرانية، مع تسليط الضوء على حكومتي حسن روحاني اللتين سجلتا رقماً قياسياً في عدد استجوابات الوزراء، كما كشف التقرير أيضاً عن الحملات المبكرة لاستجواب وزراء حكومة مسعود بزشكيان، والتي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية.
وأوضح تقرير الصحيفة، وفقاً لمصادرها، أنه في سابقة لم تشهدها الحكومات الإيرانية السابقة، سجلت حكومتا الرئيس الراحل حسن روحاني (الحادية عشرة والثانية عشرة) رقماً قياسياً في عدد استجوابات الوزراء، حيث وصلت 9 اقتراحات استجواب إلى مرحلة التنفيذ.
وبناء على ذلك، فإن هذا الرقم قد جعل حكومتَي روحاني في صدارة الحكومات الإيرانية الـ 11 من حيث تعرض الوزراء للاستجواب.
وأضاف التقرير أن هذا الرقم القياسي من الاستجوابات إلى الخلافات السياسية بين المجالس النيابية والحكومة القائمة في قصر باستان، أدى إلى عدم التوافق بين الحكومات ومجالس النواب في الجانب السياسي.

حملات استجواب مبكرة في حكومة بزشكيان
وفي سياق متصل، أوضح التقرير أنه رغم مرور بضعة أشهر فقط على بداية حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الحكومة الرابعة عشرة، بدأ بعض أعضاء مجلس النواب (البرلمان) في الدورة الثانية عشر حملة استجواب ضد بعض وزراء الحكومة، حيث تم تسجيل استجواب وزير النفط باقر نجاد، مع جمع 23 توقيعاً لاستجوابه، بينما تجاوزت توقيعات وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي أكثر من 70 توقيعاً في نظام مجلس النواب، وكانا في انتظار الإعلان الرسمي في جلسة البرلمان.
وأفاد التقرير بأنه لم تمر هذه الاستجوابات المبكرة دون انتقادات، فكان محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، من أبرز المنتقدين، حيث حذر من أن مثل هذه القرارات قد تحقق مكاسب سياسية للبرلمان، لكنها في النهاية تضر بالاقتصاد وحياة المواطنين.
وأشار التقرير إلى تصريح عباس گودرزي، المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان، حيث أكد أن استجواب همتي قد تم إحالته رسمياً، بعد جمع 80 توقيعاً لاستجوابه.
تاريخ الاستجوابات في إيران
في تحليل لتاريخ الاستجوابات البرلمانية في إيران، تبين أن المجالس النيابية الأحد عشر شهدت تقديم 32 اقتراح استجواب، لم ينجح منها سوى 10 في إقالة الوزراء المستهدفين، بينما تمكن الوزراء الآخرون من استعادة ثقة النواب والحفاظ على مناصبهم.
غير أن اللافت في هذا السياق هو توقيت بدء أولى موجات الاستجواب في كل حكومة، فتاريخيّاً، لم يبدأ النواب في تقديم اقتراحات الاستجواب إلا بعد مرور عام على الأقل من تشكيل الحكومة.
بينما الاستثناء الوحيد كان في الحكومة الثانية لحسن روحاني، حيث شهدت أول استجواب بعد 7 أشهر فقط من توليها.
وفي هذا الإطار، إذا تم تنفيذ اقتراحات الاستجواب المقدمة ضد وزراء حكومة بزشكيان، فإن حكومته ستسجل رقماً قياسياً جديداً في سرعة استجواب الوزراء، متفوقة بذلك على جميع الحكومات السابقة منذ قيام الحكومة الإيرانية.
كشفت الصحيفة أن حكومات إيران منذ تولي علي خامنئي وهاشمي رفسنجاني الرئاسة شهدت استجواب عدد من الوزراء، وكان إيرج فاضل، وزير الصحة في حكومة رفسنجاني الأولى، أول من تمت إقالته بعد الاستجواب.
وفقاً لما ذكر في التقرير، فإنه من بين 32 اقتراح استجواب وُجهت إلى وزراء في البرلمان الإيراني، تعرض 7 وزراء فقط للاستجواب خلال حكومات خامنئي ورفسنجاني. ومن بين هؤلاء الوزراء، كان إيرج فاضل هو الوحيد الذي تمت إقالته.
كما أشار التقرير إلى أن شهاب گنابادي، وزير الإسكان والتنمية العمرانية في حكومة خامنئي، كان أول وزير يتم استجوابه في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى الرغم من استجوابه، تمكن من الحصول على ثقة النواب والاحتفاظ بمنصبه.
كما أبرز التقرير أن كلاً من علي أكبر ناطق نوري، وزير الداخلية في حكومة خامنئي، وبهزاد نبوي، وزير الصناعات الثقيلة في حكومة رفسنجاني، نجحا في الحصول على ثقة البرلمان بعد استجوابهما.
وفي عهد رفسنجاني، تعرض كل من محمد علي نجفي، وزير التربية والتعليم، ومحمد سعيدي كيا، وزير النقل، للاستجواب، لكنهما حصلا على ثقة النواب.
كما نجح حسين محلوجي، وزير المعادن والفلزات في حكومة رفسنجاني، في الاحتفاظ بمنصبه بعد استجوابه.
أرقام قياسية
كشف التقرير أن حكومتي حسن روحاني (الحادية عشرة والثانية عشرة) سجلتا رقماً قياسياً في عدد استجوابات الوزراء، حيث تم الإعلان عن وصول 9 اقتراحات استجواب إلى مرحلة التنفيذ.
وفقاً للتقرير، فإنه من بين الوزراء التسعة الذين تم استجوابهم، تمت إقالة ثلاثة وزراء هم: رضا فرجي دانا، وزير العلوم في حكومة روحاني الأولى (الحادية عشرة)، وعلي ربيعي، وزير العمل، ومسعود كرباسيان، وزير الاقتصاد، في حكومة روحاني الثانية عشرة.
وأشار التقرير إلى أن بعض الوزراء تمكنوا من الاحتفاظ بمناصبهم رغم استجوابهم. على سبيل المثال، علي أصغر فاني، وزير التربية والتعليم، وعباس آخوندي، وزير النقل، اللذان تم استجوابهما مرتين في عامي 2015 و2016، حصلا على ثقة النواب.
كما أوضح التقرير أن عباس آخوندي، وزير النقل، تعرض للاستجواب مرة أخرى عام 2017 في حكومة روحاني الثانية عشرة، ونجح في الحصول على ثقة البرلمان.
وأوضح التقرير أن علي ربيعي، وزير العمل، حصل على ثقة النواب بعد استجوابه عام 2016، لكنه تمت إقالته بعد استجواب آخر عام 2018.
كما أشار التقرير إلى أن محمود حجتي، وزير الزراعة، انتهى استجوابه بحصوله على ثقة النواب.
وفي سياق تاريخي، أشار التقرير إلى أنه بعد حكومتي روحاني، تأتي حكومات محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، حيث تم الإعلان عن وصول 7 اقتراحات استجواب في كل منهما خلال فترة ولايتهما التي استمرت 8 سنوات لكل رئيس.
ففي حكومات خاتمي (السابعة والثامنة)، تمت إقالة وزيرين هما: عبد الله نوري، وزير الداخلية، وأحمد خرم، وزير النقل.
بينما تمكن خمسة وزراء آخرين من الحصول على ثقة النواب، هم: عطاء الله مهاجراني، وزير الثقافة، وعلي عبد العلي زاده، وزير الإسكان، ومسعود پزشكيان، وزير الصحة، ومرتضى حاجي، وزير التربية والتعليم، وسيد أحمد معتمدي، وزير الاتصالات.
إلا أن التقرير أوضح أنه في فترتي رئاسة أحمدي نجاد (التاسعة والعاشرة)، قد تمت إقالة ثلاثة وزراء هم: علي كردان، وزير الداخلية، وحميد بهبهاني، وزير النقل، وعبد الرضا شيخ الإسلامي، وزير العمل.
في حين حصل أربعة وزراء آخرين على ثقة النواب، هم: محمد رضا إسكندري، وزير الزراعة، ومحمود فرشيدي، وزير التربية والتعليم، ومجيد نامجو، وزير الطاقة، وشمس الدين حسيني، وزير الاقتصاد.
وأضاف التقرير: في ظل الفترات الانتقالية التي تشهدها الحكومات الإيرانية، تتوالى الاستجوابات كأداة برلمانية لمراقبة أداء الوزراء، ووفقاً لتقرير الصحيفة، تعرض سيد رضا فاطمي أمين وزير الصناعة والتجارة والتموين لاقتراحي استجواب في عامي 2022و 2023 في ظل حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي (الحكومة الثالثة عشرة).
كما تمكن فاطمي أمين، في المرة الأولى، من الحصول على ثقة النواب والاحتفاظ بمنصبه، غير أن المرة الثانية كانت مختلفة، حيث قرر مجلس النواب (البرلمان) في عام 2023 سحب الثقة منه، مما أدى إلى إقالته من منصبه.
وبهذا، أصبح فاطمي أمين الوزير الوحيد في حكومة رئيسي الذي تمت إقالته بعد استجواب.
جدير بالذكر أنه في خضم هذه الاستجوابات المتتالية، تبرز تساؤلات حول تأثيرها على الاستقرار السياسي والاقتصادي في إيران، بينما تُعتبر هذه الأداة البرلمانية وسيلة لتعزيز الشفافية، فإن تكرارها قد يحمل في طياته مخاطر تُهدد مسار التنمية وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.