كتب: محمد بركات
نشر موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي تقريرا حول الهجوم الإسرائيلي الأخير على الأراضي الإيرانية والذي وقع في 26 أكتوبر/تشرين الأول، ذكر فيه أنه وفقا لتصريح لثلاثة مسؤولين أمريكيين، ومسؤول إسرائيلي حالي وآخر سابق، فقد دمر الهجوم الإسرائيلي الأخير على طهران منشأة سرية مخصصة للأبحاث النووية في منطقة بارتشين جنوب شرقي العاصمة، وذلك وفقا لتقرير الموقع الصادر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
فيذكر التقرير أن “أحد أهداف الهجوم الإسرائيلي في 25 أكتوبر/تشرين الأول كان منشأة طالقان 2 النووية في مجمع بارتشين العسكري، والذي يبعد نحو 20 ميلا جنوب شرقي طهران، ذلك الهجوم، الذي استهدف موقعا كان يُعتقد سابقا أنه غير نشط، قد ألحق ضررا كبيرا بجهود إيران على مدار العام الماضي لاستئناف أبحاث الأسلحة النووية، وذلك حسب تصريح المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، حيث أكد مسؤول إسرائيلي سابق مطلع على الهجوم، أن الهجوم دمر معدات متطورة كانت تُستخدم لتصميم المتفجرات البلاستيكية التي تحيط باليورانيوم في جهاز نووي والتي تُستخدم لتفجيره، كذلك أظهرت صور الأقمار الصناعية عالية الجودة التي حصل عليها معهد العلوم والأمن الدولي بعد الهجوم أن مبنى (طالقان 2) دُمِّر بالكامل. وقد كانت المنشأة جزءا من برنامج الأسلحة النووية الإيراني (أماد) حتى توقفت إيران عن برنامجها النووي العسكري في عام 2003، وكانت تُستخدم كذلك لاختبار المتفجرات التي تحتاج لتفجير جهاز نووي، حسبما ذكر معهد العلوم والأمن”.
ويتابع التقرير: “قال المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون إن النشاط الذي جرى مؤخرا في منشأة طالقان 2 كان جزءا من جهد داخلي في الحكومة الإيرانية لإجراء أبحاث قد تُستخدم لتطوير الأسلحة النووية، لكن يمكن تقديمها أيضا على أنها أبحاث لأغراض مدنية، ووفقا لتصريح أحد المسؤولين الأمريكيين، (لقد أجروا نشاطا علميا يمكن أن يُمهد الطريق لإنتاج سلاح نووي. كان أمرا سريا للغاية. جزء صغير من الحكومة الإيرانية كان يعلم بهذا، لكن أغلب الحكومة لم تكن تعلم). وكانت الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية قد بدأت في اكتشاف النشاط البحثي في بارتشين في وقت سابق من هذا العام، وضمن ذلك العلماء الإيرانيون الذين كانوا يجرون نمذجة حاسوب، وأبحاث في علم المعادن والمتفجرات التي يمكن استخدامها للأسلحة النووية”.
ووفقا للتقرير، فإنه في يونيو/حزيران الماضي، حذر المسؤولون بالبيت الأبيض الإيرانيين في محادثات مباشرة بشأن الأنشطة البحثية المشبوهة، حيث كانت تأمل أمريكا أن تجعل هذه التحذيرات الإيرانيين يوقفون نشاطاتهم النووية، لكنهم استمروا، وقد قال مسؤول أمريكي إنه في الأشهر التي سبقت الهجوم الإسرائيلي “كان هناك قلق عام” بشأن النشاط الإيراني في منشأة “طالقان 2”.
ويضيف التقرير: “عندما استعدت إسرائيل للانتقام من الهجوم الصاروخي الإيراني الضخم في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وقع الاختيار على منشأة (طالقان 2) كهدف أول، وعلى الرغم من طلب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عدم مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية لتجنب نشوب حرب مع إيران، فإن إسرائيل استغلت أن (طالقان 2) لم تكن جزءا من البرنامج النووي الإيراني المُعلن، لذلك لم يكن بإمكان الإيرانيين الاعتراف بأهمية الهجوم دون الاعتراف بانتهاكهم معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وبهذا الخصوص قال مسؤول أمريكي: كان الهجوم رسالة غير دقيقة، مفادها أن الإسرائيليين لديهم رؤية كبيرة للنظام الإيراني حتى عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي كانت سرية للغاية ومعروفة لمجموعة صغيرة جدا من الأشخاص في الحكومة الإيرانية”.
ويختتم التقرير بقول: “تأتي أنباء الهجوم على ذلك المجمع في الوقت الذي من المقرر أن تضم فيه إدارة ترامب الثانية القادمة العديد من كبار المسؤولين في الأمن القومي والسياسة الخارجية المتشددين تجاه إيران، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط من واشنطن تجاه طهران، ومع ذلك، فخلال زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي، لموقعين نوويين إيرانيين يوم الجمعة، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن طهران مستعدة لحل النزاعات العالقة بشأن برنامجها النووي لكنها لن تستسلم للضغوط”.
ما هو مبنى “طالقان 2″؟
يقع مبنى “طالقان 2” للأبحاث النووية في مجمع بارتشين العسكري جنوب شرقي العاصمة طهران، ويعتبر من المنشآت التي أثارت الكثير من الجدل في المجتمع الدولي، بسبب دورها المحتمل في تطوير الأسلحة النووية، حيث كان هذا المبنى جزءا من برنامج “أماد” الإيراني، الذي تم توقيفه في عام 2003 بعد ضغوط دولية، وذلك وفقا لتقرير موقع راديو فردا الإخباري بتاريخ 27 مايو/أيار 2022.
ووفقا للتقرير، يشتهر موقع “طالقان 2” بكونه منشأة كانت تُستخدم لاختبار المتفجرات اللازمة لتفجير جهاز نووي، وهي عملية حيوية في تصميم الأسلحة النووية، فمن خلال هذه المتفجرات، يتم إحداث الضغط والحرارة اللازمين لبدء تفاعل الانشطار النووي.
وبهذا الشأن صرح ديفيد ألبرایت، رئيس مجموعة الأبحاث في “مؤسسة العلوم والأمن الدولي”، بأنه وبعد سرقة ملفات مشروع “أماد” من قبل وكالة الاستخبارات الإسرائيلية في عام 2018، تمكن من الوصول إلى الوثائق المتعلقة بالمشروع وذلك لإتمام كتابه، وأشار إلى أن هذه الأرشيفات أظهرت أن إيران كانت تحتفظ بمعدات اختبار أساسية في مجمع “طالقان 2″، مضيفا أنه على الرغم من أن المبنى قد لا يحتوي على معدات حاليا، فإن المبنى نفسه كانت له “قيمة” من حيث الأنشطة المستقبلية المتعلقة بالأسلحة النووية، وذلك وفقا لتقرير موقع الجزيرة الإخباري الصادر بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول.
وكان ألبرايت قد نشر مؤخرا على حسابه بمنصة إكس صورا تظهر تدمير موقع طالقان 2 بالكامل.
وتعتبر هذه المنشأة واحدة من عدة مواقع في إيران كانت هدفا للاستخبارات الدولية، حيث تتنوع الأنشطة الإيرانية بين البحث في تقنيات صواريخ باليستية وتحسين القدرة على تخصيب اليورانيوم. بعد الهجوم، تم نشر صور فضائية أظهرت دمارا كبيرا في المبنى، ما يثير تساؤلات حول قدرة إيران على استعادة أنشطتها البحثية بهذا الموقع، خاصةً في ظل تزايد الضغوط الدولية عليها.
وجدير بالذكر أن مجمع بارتشين بالكامل كان واحدا من القضايا العالقة بين الوكالة الدولية للطاقة النووية وإيران، حيث طالبت الوكالة عدة مرات بالسماح بالوصول إلى الموقع لتفحصه، حيث أشارت تقاريرها إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن هناك أنشطة بناء في الموقع، وضمن ذلك إعادة بناء أو تعديل هياكل في المباني الرئيسية، حيث رأت أن هذا النشاط يمكن أن يؤثر على قدرتها في التحقق من الأنشطة النووية الإيرانية بشكل فعّال. ومع ذلك، فقد رفضت إيران عدة مرات، السماح للمفتشين بالدخول إلى الموقع؛ وذلك بداعي أن الموقع على قدر عال من الحساسية العسكرية، وذلك وفقا لتقرير وكالة إيسنا الإخبارية بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2014.