لمياء شرف
تجد حكومة طهران نفسها في موقف معقد وصعب بعد الهجمات الجوية التي شنتها إسرائيل على مواقع عسكرية ومنشآت حساسة بإيران.
في الوقت الذي تلقت فيه إيران مسبقاً تنبيهاً عبر وسطاء بشأن توقيت الهجوم والأماكن المستهدفة، يبقى السؤال الأكبر: كيف سترد إيران على هذا التصعيد؟ فعلى الرغم من أن الرد العسكري قد يبدو خياراً يحفظ مكانة إيران أمام حلفائها ويظهر قوة موقفها، فإن التحديات العسكرية والاقتصادية التي تواجهها تبقى عائقاً أمام الرد الفوري.
وفي هذا السياق صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بأن طهران تلقت رسائل وإشارات قبل ساعات من هجوم إسرائيل على إيران، مؤكدا أنه تم تبادل رسائل مع عدة أطراف وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى وقت الهجوم.
وأشار عراقجي إلى أن إيران لديها حق الرد على إسرائيل، وستقوم بذلك في الوقت المناسب.
وحسب “أكسيوس” كشفت ثلاثة مصادر مطلعة، أن إسرائيل أرسلت تحذيرا إلى إيران يوم الجمعة قبل غاراتها الجوية الانتقامية، معتبرين أن الرسالة الإسرائيلية كانت محاولة للحد من تبادل الهجمات المستمر بين إسرائيل وإيران ومنع تصعيد أوسع.
ووفق أحد المصادر لـ”أكسيوس”، فإن إحدى القنوات لنقل الرسائل إلى إيران قبل الضربة الإسرائيلية كانت وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب.
وكتب فيلدكامب على موقع التواصل الاجتماعي “إكس قبل ساعات قليلة من الهجوم الإسرائيلي: “تحدثت مع وزير الخارجية الإيراني حول الحرب والتوترات المتزايدة في المنطقة، وحثثت على ضبط النفس، ويجب على جميع الأطراف العمل لمنع مزيد من التصعيد”.
وأشارت المصادر إلى أن الرسالة الإسرائيلية نُقلت إلى الإيرانيين من خلال عدة أطراف، موضحين مسبقا ما الذي سيهاجمونه بشكل عام.
وذكر مصدران آخران أن إسرائيل حذرت الإيرانيين من الرد على الهجوم، وأكدت أنه إذا ردت إيران، فإن إسرائيل ستنفذ هجوما آخر أكبر، خاصة إذا قُتل أو جُرح مدنيون إسرائيليون.
وأكد مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة لم تشارك في العملية الإسرائيلية ولكن إذا ردت إيران، فإن الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن إسرائيل ضد مثل هذا الهجوم.
وأشار إلى أنه يجب أن يكون هذا نهاية التبادل العسكري المباشر بين إسرائيل وإيران. إذا هاجمت إيران إسرائيل مرة أخرى، فستكون هناك عواقب.
ما الرد المتوقع من إيران؟
أصدرت القوات المسلحة الإيرانية ليلة السبت بياناً بعبارات مدروسة بعناية، مما قد يوفر مساحة ما للجمهورية الإسلامية للتراجع عن مزيد من التصعيد.
وأشار البيان إلى أن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان أكثر أهمية من أي انتقام ضد إسرائيل.
بينما توقع مسؤولون أمريكيون أن إيران سترد على الهجوم الإسرائيلي في الأيام المقبلة، ولكن بطريقة محدودة تمكن إسرائيل من وقف دورة “العين بالعين”.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي شون سافيت، أن الهدف الآن هو تسريع الدبلوماسية وتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وحث إيران على وقف هجماتها على إسرائيل؛ حتى تنتهي هذه الدورة من القتال من دون مزيد من التصعيد.
ونشرت “أسوشيتيد برس” مقالا تحليليا لخبراء عن احتمالية الرد الإيراني من عدمه، و أوضحت سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة تشاتام هاوس بلندن، أن إيران ستتجنب الرد العسكرى بسبب القيود العسكرية والاقتصادية المفروضة عليها، إضافة إلى الغموض حول الانتخابات الأمريكية وتأثيرها المحتمل على السياسة الأمريكية في المنطقة.
وأشارت إلى أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، صانع القرار النهائي في إيران، اتسمت تعليقاته الأولى على الهجوم بـ”الحذر”. وقال إن الهجوم “لا يجب تضخيمه ولا التقليل من شأنه”، وتجنب الدعوة إلى رد عسكري فوري.
وفي سياق متصل، يتوقع علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، أن تمتنع إيران عن الرد حاليا، مشيرا إلى أن أي محاولة إيرانية للانتقام ستواجه حقيقة أن “حزب الله” أهم ذراع عسكرية لها في المنطقة ضد إسرائيل تم إضعافه بشكل كبير.
بينما يرى يوئيل غوزانسكي، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أن قرار إسرائيل التركيز على الأهداف العسكرية فقط يعكس قدرة إسرائيل المحدودة في الرد على إيران، وأنها غير قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية بمفردها، وتحتاج إلى مساعدة من الولايات المتحدة.
وكتب توماس جونو، أستاذ في جامعة أوتاوا ومتخصص بالشأن الإيراني والشرق الأوسط، على منصة “إكس”، أن وسائل الإعلام الإيرانية قللت من شأن الضربات، وهذا دليل على رغبة طهران في تجنب مزيد من التصعيد.
وأوضح أن إيران في موقف صعب، إما أن تلجأ إلى الرد وتخاطر بالتصعيد وتزيد من خسائرها أو عدم الرد الذي يظهرها بـ”الضعف”.