ترجمة: نوريهان محمد البهي
نشرت وكالة برنا، الأحد 26 يناير/كانون الثاني 2025، حوارا مع محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تناول فيه أهمية التوافق الوطني، وأكد أن إنقاذ البلاد ممكن، من خلال الحوار البناء، وفي ما يلي نص الحوار:

في عهد الرئيس مسعود بزشكیان، نلاحظ أن الخطاب السياسي للإصلاحيين يختلف عن فترة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، هل تعتقدون أن هذه التغيرات تعكس تحولا عميقا في نهج الأحزاب السياسية تجاه القضايا الوطنية، أم أنها تعبير عن قلق حقيقي بشأن مستقبل إيران؟
إذا لم يعترف الإنسان بقدرته على التغيير، فإنه يفقد جوهر إنسانيته، ميزة الإنسان تكمن في هذا العمل البشري، والتكيف مع الظروف دون أن يُعتبر ذلك انتهازية.
إضافة إلى أن الإصلاحيين دائما ما كانوا يتمتعون بهذه المرونة، وقد برهنوا عليها عبر التاريخ.
ففي عهد الرئيس روحاني، قدم الإصلاحيون كل ما لديهم لدعم حكومة التدبير والأمل، وخلال 8 سنوات من حكومة التدبير والأمل، بذلنا جهودا كبيرة سواء في دعم الحكومة أو في البرلمان، وفي المجلس العاشر للبرلمان استخدمنا كل إمكاناتنا لدعم هذه المسيرة، ومع ذلك، لم نحصل على النتائج المتوقعة، ولم يتحقق التغيير الذي كنا نسعى إليه.
كما أننا نحرص على عدم توجيه النقاش نحو الجانب الشخصي، ولكن من خلال متابعتكم لأعمال المجلس العاشر للبرلمان، يبدو واضحا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات تتعارض مع المصالح الوطنية.
بينما اعتمدت استراتيجيتنا، سواء داخل المجلس أو خارجه، على مبدأ الحوار والتوافق مع الأطراف الأخرى داخل النظام، حتى في حال وجود خلافات في الرأي.
وقد شمل ذلك عقد سلسلة من الجلسات تحت عنوان “الحوار الوطني” منذ المجلس العاشر للبرلمان، والتي استمرت حتى اليوم.
فقد كان هدفنا الأساسي هو التركيز على النقاط المشتركة كخطوة أولى لتحقيق نتائج إيجابية. ومع ذلك، ندرك أن هناك قضايا خلافية جوهرية تحتاج إلى مناقشة وطرح حلول عملية، إذ يجب علينا أن نتخذ من أوقاتنا للحديث عنها والبحث عن سبل حلها.
وبكل تأكيد، نحن سعداء بالمسار الذي نسير عليه، كما أننا نعقد جلسات منتظمة دون إضفاء طابع إعلامي عليها، رغم أن بعض الأخبار تتسرب من حين إلى آخر، عن عقد هذه الاجتماعات، وهذا أمر طبيعي ولا يعيبنا، فإن الهدف الأساسي هو أن نكون فاعلين ونحقق تأثيرا إيجابيا.
والخبر السار هو أننا حققنا إنجازات ملموسة على هذا الطريق؛ فإن حكومة الرئيس الإيراني بزشكيان تعكس بوضوحٍ هذه الرؤية، حيث إن الوفاق الوطني الذي ننشده اليوم كان دائما في صميم نهجها القائم على الحوار.
علي الرغم أن الرئيس بزشكيان لم يعلن صراحة خلال حملته الانتخابية عن سعيه للحوار أو الوفاق، فإن أسلوبه وخبرته وتجربته كانت تشير إلى أن هذا هو الطريق الذي يسلكه.
وفي تقديري، نجحت هذه الحكومة في خلق بيئة عمل مناسبة لكل الأطراف، سواء الإصلاحيون أو الأصوليون الذين يختلفون معهم.
وبمعنى آخر، إذا تم استبعاد المتطرفين من المعادلة، يمكن للقطاع المعتدل أن يعمل معا بفاعلية، لقد عملنا معا في الماضي، واليوم نحن فخورون بأن نرى التيارين السياسيين الرئيسيين يعملان معا بشكل أفضل من أي وقت مضى.
كما تضم حكومة الرئيس بزشكیان مجموعة من الكفاءات العالية، حيث تم اختيار الوزراء والمسؤولين بناءً على كفاءتهم وقدراتهم وخبراتهم العملية، وليس انتماءاتهم السياسية.
هذا النهج، سواء في جلساتكم أو في نهج الحكومة تجاه انتخاب المسؤولين، يركز على التوافق والحوار، وقد حقق بعض النتائج الإيجابية؛ فعلى سبيل المثال، تم دعم رفع الحظر عن ضرغامي وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية الإيراني سابقا، ويبدو أن محمد رضا باهنر السياسي الأصولي يقف خلف الحكومة في قضية FATF. هل تعتقد أن الوفاق يساعد في تعزيز قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات التنفيذية؟
بالتأكيد، لطالما كانت قضية الحوار الوطني ركيزة أساسية بالنسبة لنا منذ مطلع التسعينيات، كأحد أهم السبل لتحقيق الاستقرار والحكم الرشيد، ولم نكن نرى أي مخرج لإنقاذ البلاد أو تحقيق برامج التنمية إلا من خلال الحوار.
ومع ذلك، واجهنا في التسعينيات تقلبات وتراجعات عديدة، كان بإمكاننا تحقيق تقدم أكبر، لكننا للأسف تراجعنا في العديد من المجالات.
اليوم، نأمل أن تستفيد حكومة الوفاق من دروس الماضي، وأن تسير قدما بخطى أكثر حكمة لتحقيق إنجازات ملموسة.